الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقة الجدلية بين العزلة الداخلية ، والعزلة الخارجية للنظام المغربي .

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2021 / 6 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


لم يسبق لنظام سياسي من الأنظمة التي تعاقبت على حكم الدولة المخزنية العلوية ، ان تعرض للعزلة الداخلية الشعبية الجماهيرية ، والعزلة الخارجية الدولية ، مثلما تعرض له نظام محمد السادس بصفة عامة ، وتعرض له محمد السادس بصفة خاصة ..
ولم يسبق في تاريخ العلاقات الدولية ، ان تعرض شخصيا ملك المغرب ونظامه ، للإدانة مثل الإدانة التي أصدرها البرلمان الأوربي في حق شخص الملك ، وفي حق نظامه ..
كما لم يسبق لنظام من الأنظمة التي حكمت المغرب ضمن الدولة المخزنية العلوية ، ان تعرض للتلاعب ، مثل ما تعرض له محمد السادس عندما اخرج العلاقات مع إسرائيل الى العلن ، مقابل اعتراف Trump المقلب والفخ بمغربية الصحراء ، وهو الاعتراف الذي تراجع عنه John Biden ، نزولا عند طلب الأصدقاء ، والحلفاء الاوربيين ، ضمن الاتحاد الأوربي . والخطورة ان إسرائيل اخذت كل شيء ، والنظام خسر كل شيء ، ولم يأخذ أي شيء .. إسرائيل لا تعترف بمغربية الصحراء ، وتتهرب من ثم حين تركز على الشرعية الدولية ، ولا تعتبر جبهة البوليساريو منظمة إرهابية ، كما حاول النظام مرات وفشل .. ولو كانت البوليساريو منظمة إرهابية . هل كان ان يكون لها مكاتب بجميع عواصم ومدن الاتحاد الأوربي ، وبواشنطن ، وبنيويورك بالأمم المتحدة .. كما ان إسرائيل مثل الاتحاد الأوربي تعترف بإسبانية سبتة ومليلية ، وتعتبرهما الحدود الاوربية الافريقية . أي ان الدولة العبرية لا تعترف بمغربية سبتة ومليلية ..
كما لم يسبق لأية دولة اوربية قبل انشاء الاتحاد الأوربي ، ان تجرأت وعارضت جهرا مغربية الصحراء ، ووقفت ضدها ،مثلما فعلت كل الدول الاوربية ، من خلال اطارها الاتحاد الأوربي ، ودعت الى التشبث بالاستفتاء وتقرير المصير ، رغم انها تعرف ان نتيجة الاستفتاء ستكون بنسبة 99 في المائة لصالح الانفصال . ورغم ان الاتحاد الأوربي وأمريكا يعرفون ، ومتيقنين ان انفصال الصحراء عن المغرب ، سيؤدي الى اسقاط النظام في أربعة وعشرين ساعة ، وسيتسبب في تفكيك كل المغرب ، وليس فقط انفصال الصحراء ، ومع ذلك يواصلون مخططهم ، لان النظام ، ولا رأس النظام لم يعد مرغوبا فيهما ..
كما لم يبسق في تاريخ العلاقات الدولية ، ان خرج البرلمان الأوربي بقرار ادانة للملك ولنظامه .. لكنه وهنا وجه الخطورة في قرار الإدانة ، انه يعتبر ثغرتي سبتة ومليلية مدنا اسبانية ، وانهما اوربيتين تشكلان حدود اوربة ، وليس فقط حدود الاتحاد الأوربي وافريقيا .. وزاد قرار الإدانة امعانا في إهانة النظام ، عندما اعتبر حل نزاع الصحراء ، هو المشروعية الدولية التي تنص على الاستفتاء وتقرير المصير ..
كذلك لم يسبق لنظام من الأنظمة السياسية التي حكمت ضمن الدولة المخزنية ، ان اصبح اكثر عزلة من قبل الشعب الصامت .. لكن صمته ليس سلبيا .. بل صمت يسجل لحين حصول الانفجار الآتي لاريب فيه ، ووقته منتظر ، و مختلف حوله .. وكل المعطيات المتوفرة تدل انه سياتي بغتة ، ودفعة واحدة . وانْ كان لم يكن منظما ، فأكيد سينتظم بشكل سريع في كل الجهات ، والعمالات ، والاقاليم ، والقرى ، والمداشر .. بحيث لا قوة تستطيع الوقوف في وجهه .. فالنزول الى الشارع كالنمل جماعات ، مع نوع المعارضة التي ستنبثق سريعا من قبل العموم ، وهم كلهم خريجو جامعات معطلون ، سيتحول الى عصيان مدني سيكون النقطة التي ستفيض كأس التغيير المرغوب فيه .. فالنظام ورأس النظام اضحيا غير مرغوب فيهما .. لان العالم تغير والنظام يصارع ضد التغيير حتى لا يتغير .. ويكون البديل ضمن نفس الدولة مع استمرارها ، مهيأً ومحضرا له .. وقد تذهب التطورات الى الدولة نفسها ، ما دام المخطط هو تجزيئ المغرب الذي يعمل عليه بعض الخونة ( المغاربة ) ، الذين طعنوا المغرب في وحدته في الصحراء ، وتنكروا لمغربية سبتة ومليلية .... فما معنى عندما تطبل لجنرالات الجزائر، وللجيش الجزائري ، وللرئيس تبون .. وتفتخر بالجزائريين ، وتدم الشعب المغربي .. وماذا عندما يتسابقون للظهور بالفضائيات الجزائرية التي تستعملهم كخونة ، وغدا حين ستبلغ مرادها منهم ، ستنفضهم انتفاض برغوت التلّيس .. وماذا ومن دون خجل ترديد اسبانية في سبتتها ومليليتها ، وسبتة ومليلية في اسبانيتهما ... خيانة لم يسبق لتاريخ الخيانات ان عرفها ...
سنقسم الدراسة عن عزلة النظام المغربي ، بسبب الفشل المتسبب في هذه العزلة ، الى محورين . المحور الأول هو العزلة الداخلية ، والمحور الثاني العزلة الدولية .. والعزلتين معا تسبب فيهما الإخفاق والفشل ..
المحور الأول : العزلة الجماهيرية الشعبية الداخلية للنظام المخزني .
هنا سنركز على الفشل الذي أصاب منظومة الحكم ، في شقها الدولتي السياسي ، وفي شقها الاجتماعي ، وفي الشق الاقتصادي ، وفي شق الفشل في تدبير ملف الصحراء ... لكن قبل ان نبدأ في تحليل هذه الجوانب سنتطرق لجانب اكثر من اهم ، ويتعلق باستراتيجية النظام لإدامة الوضع دون تغيير ، حيث ان التحول انتقل من نظام بتريمونيالي ليصبح نيوبتريمونيال ،وتحول من نظام بتريركي الى نظام نيوبتريرك ، كما تحول من نظام رعوي الى نظام نيورعوي . لكن النظام المخزني لم ينتقل الى نظام نيومخزن . بل ظل النظام مخزنيا ، غارقا في الطقوس المحنطة للفكر النقدي ، لديمومة نفس الطبقة تسيطر على الحكم ، و الجاه ، والثروة ، والنفود ..
1 ) الربط بين التنظير الرجعي ، وبين التكتيك لديمومة النظام المخزني : ان فهم واستيعاب التكتيك السياسي الذي مارسه النظام كمخزن ، تحت تغطية ما يسمى بالديمقراطية التي لن تكون غير مخزنية ، يستلزم استحضار الاستراتيجية الدائمة المطابقة لطبيعة النظام كنظام مخزني ، فريد بطقوسه ، وبجدبته في العالم ، من بين الأنظمة السياسية السائدة . نظام يجسد استمرارا للنظام المخزني العتيق ، الذي ساد في المغرب طوال قرون عديدة ، ويمثل مصالح الطبقة الاقطاعية / الرأسمالية التي نمت وترعرعت ، في ظل التبعية والعمالة للإمبريالية .
فمنذ ان تمكنت هذه الطبقة من التحكم المطلق في مقاليد السلطة ، منذ السنوات الأولى من استقلال " ايكس ليبان " الشكلي ، وضعت لنفسها استراتيجية دائمة ، يشكل عمودها الفقري وبشكل اكثر بشاعة مع محمد السادس : الاستغلال الفاحش للشعب المفقر ، الذي تحول الى شعب من المتسولين ، مقابل اغتناءها هي المتزايد ، من خلال خدمة المصالح الأجنبية فرنسا / إسرائيل .. ووصل الامر بثروة المغاربة ان تم تهريبها الى الابناك الاوربية بأسماء حقيقية ، وبأسماء غير حقيقية ..وبطرق احتيالية على القانون . فما يحللونه لنفسهم يحرمونه على غيرهم ..
وبما ان النظام الذي نحن بصدد تحليله ، هو النظام المخزني الغارق في الاقطاع ، فإننا سنكشف بسهولة ، انّ هذه السياسة القروسطوية ، تركزت على محاور مستمدة من الأيديولوجية الاقطاعية التقليدانية ، والتي يمكن تلخيصها كالتالي :
1 ) الحكم المطلق الغارق في النيوبتريمونيالية ، وفي النيورتريركية ، وفي النيورعوية .. أي حكم الاستبداد ، والطغيان في ابشع صورهما المرفوضة دوليا اليوم ، والتي لعبت إضافة الى عوامل أخرى ، في عزلة وتهميش نظام محمد السادس ، الذي لم يعد مرغوبا فيه من قبل الدول الكبرى صانعة القرار السياسي الدولي ، وضابطة لشكل العلاقات الدولية . ولعمري انه موقف خطير يتهدد اصل النظام ، انْ لم يبلغ التهديد الى اصل الدولة ، والملك ، وجماعته في غيهم يعمهون ، دون ادراك حجم الخطر الذي يتهدد المغرب ، والذي سيلعب على التناقض الداخلي الذي تحول الى عزلة داخلية شعبية للنظام ، سيتم استغلالها لتنفيذ مخطط التقسيم ، ومنه مباشرة اسقاط النظام ، ليصبح أنظمة كانتونات تعيش في كنف الاستعمار..
فما يجهله الملك ، انّ التغيير السياسي ، والتغيير في ميزان القوة الدولي اخرج النظام المغربي من لعبة المحاور التي كان يختبئ فيها ، وكانت تدفع بالغرب الحليف القديم، الى اغماض العين عن كل الخروقات التي قام بها نظام الحسن الثاني ، ولم يعد الآن مسموحا بها في نظام محمد السادس .. لان العالم تغير ، ولغة التواصل السياسي تغيرت كذلك ..
فشكل الدولة ـ كدولة مخزنية بطقوسها التي تحيل الى العهود الغابرة ، والتي تتنافى كليا مع الدولة الحديثة الديمقراطية ، اصبح اليوم مرفوضا وغير مقبول ، في نظام عالمي تغير بسرعة قصوى ، الاّ النظام المخزني ظل لوحده يعارض التغيير المفروض دوليا ، وهو وضع فيه خطر للمغرب اكثر منه خطر على النظام ..
ان وجود دستور ممنوح يركز الحكم في شخص الملك ، واعتبار باقي ( المؤسسات ) مجرد معاول لخدمة الملك ، طبقا لنوع الحكم المنصوص عليه في الدستور ..
وان وجود عقد للبيعة غير مكتوب ، يعطي للملك كأمير الامارة ، وامام الامة ، سلطات استثنائية خارقة ، تجعل النظام المغربي كنظام مخزني ، نظاما معارضا للديمقراطية ، وهو نظام يخلق مشاكل حتى بالنسبة للبروتوكول المعمول به في جميع الدول ، عند زيارة رؤساء الدول الديمقراطية .. فالبرتوكول الذي يطبق في المطار ، وضابط الجيش الذي يعطي التحية يركع على ركبتيه ، لتقبيل يد الملك ، او احد الاميرات يحرج الضيف القادم من عالم الديمقراطية والانوار..
ان الاستيلاء على كل الدولة من قبل الملك ، المعبر السياسي عن مصالح الاقطاع المنغلق والرجعي ، وعدم السماح باي تنازل للاختصاصات وللسلطات في هذا المجال ، للفاعلين السياسيين الاخرين ، هو دليل عن نوع وطبيعة النظام السياسي السائد . وبما ان من ركائز العلاقات الدولية هو الدولة الديمقراطية ، واحترام حقوق الانسان ، فان عزلة النظام السياسي المغربي لنفسه ، وانغلاقه في طقوسه القروسطوية ، وتقاليده المرعية ، سهلا اصطفاف الدول الديمقراطية ضده ، وهي طبعا من احد أسباب العزلة والتهميش ، التي يعاني منها دوليا ، وشعبيا مغربيا ...
2 ) ومن بين الممارسات المقززة التي جعلت العالم الديمقراطي يتمادى في عزلة النظام الذي لم يعد مرغوبا فيه ، الاّ من عميت بصيرته ، او انه احول العينين ، وضع الانسان كانسان في النظام المخزني . فالنظام ينظر الى سكان المغرب ليس كمواطنين ، فأحري ان يكونوا شعبا . بل يعتبرهم مجرد رعايا للراعي الكبير ، الذي هو الامام الأعظم للامة .. أي ان النظام ينظر الى المغاربة نظرة تحقيرية ، لا رأي ، ولا دور لهم في تسيير امروهم . بل هم مجرد مادة استغلال وجب السهر دائما على تنويمها ، وتضبيعها ، وتخديرها ، وقمعها بشكل عنيف ، كلما عبرت عن سخطها ، ورفضها ، واحتجاجها ، او حاولت المعارضة والوقوف امام الاستبداد .. وكم مرة عنف البوليس الغارق في القمع الفاشي الناس ، وسط الشارع ، وفي اقبية القمع المتنوعة .. وكم مارس الجهاز السلطوي القروسطوي ، قياد ، وباشوات ، ومخازنية وزارة الداخلية المواطنين جلد المواطنين في الشوارع العامة ، وفي الازقة ، والدروب ، ومصادرة ارزاقهم بطرق مهينة ، وماسة بالكرامة ..
واذا كان النظام المخزني الغارق في ثقافته المخزنولوجية ، يعتقد انه يعيش في عشرينات ، وحتى سبعينات القرن الماضي ، فهو واهم . لان كلما يحصل من إهانة وخرق لحقوق الانسان ، مراقب من قبل الأجهزة المختصة بسفارات الدول الديمقراطية .. كما ان كل ما ينشر من تدوينات ، وكتابات ، يتم قراءته وتحليله من قبل مختصين بالاتحاد الأوربي ، وامريكا ، وكل الدول الديمقراطية ... فتكون الفضيحة مجلجلة ، والنظام خارج عن التغطية ..
3 ) تذويب وافراغ الأحزاب وقتلها ، بحيث أضحت صدفيات فارغة .. ومنها أصبحت العلاقة بين الأحزاب التي لم تعد موجودة ، والجماهير منعدمة ، خاصة بعد قتل المدرسة العمومية مشتل المعارضين ، والثوريين ، والتقدميين .. الآن النظام بطقوسه وحده يشغل الساحة الفارغة ، وهذا لا يعني قوته ، لكنه يعني موت أحزاب المعارضة . اما النظام ، فقد بلغ من الضعف ما لم يبلغه أي نظام سبقه في حكم الدولة المخزنية العلوية .. فأمام العزلة الدولية ، والعزلة الداخلية .. فان الوقت موات لأي تغيير فيما اذا نزل الشعب الى الشارع ..بل قد يتطور الامر الى تغيير جذري محمي من قبل الدول الديمقراطية ، وتحت رعاية مجلس الامن ، والأمم المتحدة ، والمحكمة الجنائية الدولية .. فقتل الأحزاب الحق ضررا بالنظام ، وليس بالأحزاب . لان وضعه الآن في مواجهة مباشرة مع الشعب ، وليس كما كان الحال عندما كانت الأحزاب تلعب دور البارشوك للنظام ..
4 ) وهذه الاختيارات الكابحة للديمقراطية على الصعيد الداخلي ، كانت ولم تعد الان ،/ بتغيير قوانين التحكم في القرار السياسي الدولي ، والتحكم في ضبط العلاقات الدولية /، تندرج في اطار الخدمة اللامشروطة لمصالح الامبريالية الحليف المصيري ، الذي لم يعد اليوم حليفا ، واضحى منبوذا ، ومعزولا ، و التي دأب النظام المخزني على تنفيذ كل رغباته ، سواء بالنسبة لاستنزاف خيرات وثروات البلاد ، وطاقاتها الاقتصادية والبشرية ، او على مستوى استعمال الموقع الاستراتيجي الهام الذي يتمتع به المغرب ، لتنفيذ المخططات السياسية والعسكرية ، للإمبريالية في المنطقتين العربية والافريقية ..
لقد تغيرت هذه القاعدة كليا اليوم . ورغم ان النظام المخزني يجتهد في عرض خدماته لتلبية الطلبات اللاوطنية للأجنبي ، فان خدماته تحصل من دون مقابل ، ولا ادل على ذلك انّ النظام اخرج العلاقات مع الدولة الصهيونية الى العلن ، مقابل اعتراف Trump بمغربية الصحراء .. لكن إسرائيل التي اخذت كل شيء ولم تعطي أي شيء ، ظلت لا تعترف بمغربية الصحراء . وللتهرب ، فهي تدعي التمسك بالمشروعية الدولية على غرار موقف الاتحاد الأوربي ، والولايات المتحدة الامريكية التي تراجعت عن اعتراف Trump بمغربية الصحراء .. وإسرائيل كالاتحاد الاوربي ، تعتبر سبتة ومليلية مدنا اسبانية ، تشكلان الحدود الاوربية مع الحدود الافريقية .. فأضاع النظام المغربي اللبن في الشتاء القارس ، وليس في الصيف القاحط ...
وفي سياق توضيح معالم هذه السياسة ، وجب التأكيد هنا على الطبيعة اللاوطنية اللاشعبية الدائمة للنظام المخزني . فهو باعتباره يمثل الاقطاع الغارق في النيوبتريمونيالية ، والنيوبريركية ، والنيورعوية الغارقة في الدين في شكله الرجعي المتخلف ، التي سادت قرونا عديدة ، ولا زالت مستمرة ،لان المخزن يبدل الجلد ، لكنه لا يتغير ، حتى ستغيره المفاجئات التي قد تنتهي بإهانات وبأذلال ، الى جانب الطبقة الرأسمالية الوسخة .. فانه له يستطع حكم المغرب ، وخاصة في مراحل ضعفه واندحاره في عهد الدولة العلوية على وجه التحديد .. لم يستطع ذلك الاّ بالتحالفات مع الأجنبي ، والرضوخ له كما شاهدنا من خلال التدخل الأجنبي في ظواهره التجارية والاقتصادية ، أولا في شكله الاستعماري من خلال الحماية التي وقع النظام العلوي على عقدها ، وكما نشاهد حاليا في ظل الدولة العلوية ، سوى العنف ، والقمع المنهجي الذي رفعه الى مستوى فلسفة الحكم المخزني .
واذا ما راجعنا سجل النظام المخزني منذ سنة 2003 ، التي عرفت تفجيرات 16 مايو الإرهابية المتقونة ، والمفضوحة ، لرأيناه مليئا بأبشع صور القمع والإرهاب المخزني ، الذي لم يحصل زمن السلطان إسماعيل ، ولم يحصل زمن الملك الحسن الثاني .. فحين يحصل الاجرام الإرهابي من الداخل ، ويسافر للمواصلة الى الخارج ، نكون اذن امام نظام لا يتقن غير الإرهاب ، والقمع ، والتنكيل ، والتجويع ، والتفقير . وما المحاكمات الصورية بالمحاضر البوليسية الفاشية المطبوخة ، ضد المناضلين التقدميين ، وصولا الى أساليب الاختطاف ، والتصفية الجسدية ، والتقتيل الجماعي ، ومرورا بأساليب التعذيب والاكراه في المركز السيء الذكر DGST ، التي يمكن للنظام المعزول ان يتباهى بها ، انه ضمن الأنظمة الأكثر حذاقة في هذا الميدان ..
ومن البديهي ان يكون نظام له هذه الصفات ، وتلك الطبيعة محكوم عليه بالعزلة الدولية ، وبالعزلة الداخلية ، والتناقض التناحري مع الشعب الذي حوله الى شعب من المتسولين . ووعيا منه الآن بهذه العزلة التي اصابته في المفاصل المشلولة ، عن الحركة في الدائرة الضيقة ( المغرب ) ، وهي عزلة مترتبة عن طبيعته القمعية ، والتسلطية ، وسياسته الافتراسية ، والناهبة للثروات الشعبية ، وتهريبها الى خارج المغرب . وبان القمع والعنف وانْ كانا يسمحان له بالبقاء ، فانهما ينميان أيضا تلك العزلة الدولية والشعبية الجماهيرية ، ويدفعان بها نحو الاستفحال ، والتعمق .. فانه ينهج باستمرار ومنذ الاستقلال الشكلي الذي اعطى المغرب للخونة ، تكتيكا سياسيا متكرر سماه Les raisons d’Etat ، يلجأ اليه ظرفيا كلما خنقته العزلة في الداخل ، او هددته عزلة الخارج كما الحال اليوم ..
واذا كان النظام المخزني بهذه السياسة المفضوحة اليوم ، والتي لم تعد مقبولة دوليا ، يهدف كما يعتقد خطأ ، طمأنة ماما فرنسا بالأساس ، التي تخشى عن مصالحها في ظل عدم استقرار الأوضاع ، وانتظار تنامي الوعي الشعبي الذي يتطور تحت الأرض ، ويهدد تواجدها ، ويستجيب من جهة ثانية للتطورات الحاصلة في قاعدة النظام الاجتماعية ، والتي تطرح معادلة بين الأصول الاقطاعية البتريمونيالية ، البتريركية ، الرعوية للنظام الاقطاعي المخزني العتيق ، والتطلع المشوه نحو الرأسمالية المغربية الوسخة ، ومن خلال ذلك اخضاع البرجوازية الوطنية ، وتحييدها من الصراع الدائر يوميا ، وكذلك سجن البرجوازية الصغيرة ، او على الأقل الفئات العليا منها ، في دور لا يمس بجوهر الهياكل الاقطاعية المخزنية البالية القائمة . بل يسعى فقط الى ترميمها ، واصلاحها ، ومعارضتها المعارضة البناءة .. معارضة جلالة الملك وحكومة جلالة الملك .. فهو واهم وخاطئ ..
انها نفس السياسة معتمدة من 1962 و 1963 و 1965 و 1971 و 1972 و 1996 و 2011 .. فكلما خنقت النظام الازمة الموضوعية ، لجأ الى محاولة التنفيس عن الوضع السياسي المتأزم ، من خلال اجراء وتنظيم انتخابات صورية ، ستصب نتائجها في خدمة الملك ، وعائلته أ واصدقاءه أ واقرباءه ، والمحيطين به ، وبالمقربين منه .. فما دام ان الملك هو وحده من يحكم ، فالباقي يبقى تفاصيل ، كل من مكانه مجند لخدمة الملك . أي ديمومة النظام المخزني الذي اصبح مرفوضا وغير مرغوب فيه عالميا ..
وقد يلجأ النظام للإلتفاف على الوضع ، انْ يحاور اشباحا يسميهم بالمعارضة ، لتذويب الصراع ، ولأبعاد الخطر ، ولتاجيل الهزة المنتظرة في كل وقت وحين .. فعند حصول فراغ في الحكم ، الله وحده يعلم ماذا ينتظر المغرب كأرض ، وشعب .. لكن الجميع يعرف ماذا ينتظر النظام المخزني ، الغارق في الثقافة المخزنولوجية المتخلفة ، التي تعيد انتاج المجتمع العبودي بأشكال اركاييكية قروسطية ، ازالتها الشعوب كأشكال من الحكم ، كانت سائدة أيام زمان .. فبلجوء النظام الى الانتخابات الصورية ، فهو يبحث عن تسكين الصراع الجاري ظاهريا ، ومن تحت الأرض ، وضمان السلم الاجتماعي ، لإظهار خبطة او جدبة توحي بانفتاح مشبوه على الصدفيات ، وعلى مريديه الذين سيتقمصون ممثلي الشعب بدون شعب ..
وبشكل موازي لهذه السياسة الحربائية المذرة للتراب على الاعين ، والمضللة لطبيعة النظام كنظام استبدادي طاغي ، وتقديم نفسه وبشكل مفضوح امام الدول الديمقراطية التي تحقه اكثر من احقاقه بنفسه ، انه نظام ديمقراطي منفتح ومتفتح .. فغالبا وبشكل متوازي ، يسلط قمعه وتنكيله على الفئات ، والمناضلين الأكثر تجذرا وصلابة ... كما ان تفتحه وانفتاحه المغشوش ، يتسم بالظرفية ، وقصر النفس . اذ يعود النظام المخزني بعد فترة وجيزة ، يكون قد رتب فيها أوضاعه ، وربح شيئا من الوقت ، الى طبيعته الحقيقية ، الغريزية ، النزواتية ، الحيوانية ليضرب كل توجه ديمقراطي حقيقي ، من شانه ان يمس جوهر ،واصل حكمه البتريمونيالي ، البتريركي ، الرعوي ، في الدولة الملكية المخزنية المطلقة .. فالنظام بنزواته وغرائزه العدوانية ، يقف دائما ضد أي قوة قد تحقق مكتسبات إيجابية ، او مصالح لصالح الفقير والمفقر ... هكذا شهدت الساحة المغربية ، حلقات مفرغة من التجارب الانتخابوية المشوهة ، التي توضح ان النظام وفي ظل دستوره الذي يجعل منه هو الدولة ، والحاكم الوحيد الأوحد بأمر الله ، رغم ان الله بريء من هذا الافتراء ... لا يرغب ولا يرى مصلحة في الديمقراطية . بل اكثر من ذلك . انه عاجزا بنيويا ، وبحكم طبيعته القروسطوية ، على تحقيق الديمقراطية الليبرالية المزعومة ، لانها هي بدورها تهدد عرشه ..
واذا كان هناك من راهن على ان النظام المخزني المغربي ، خاصة في عهد محمد السادس ، سيتطور من ذات نفسه نحو أوضاع تشابه الملكيات الاوربية ، فان ذلك يبقى من باب الوهم الصرف . ذلك ان الديمقراطية البرجوازية لم تتحقق تاريخيا ، الاّ بعد تنازل الملكية عن الجزء الأساسي من سلطتها ، لصالح المؤسسات البرجوازية ، واقتصارها على دور رمزي . وهذا التنازل نفسه لم يتم طواعية . بل جاء نتيجة نضالات بطولية ضاربة ، وتضحيات جسام قدمتها الشعوب الاوربية ، من اجل هزم الاقطاع والاستبداد ..
اما بالنسبة للنظام التقليداني ، القرسطوي ، النيوبتريمونيالي ، والنيوبتريركي ، والنيورعوي ، والغارق في الثقافة المخزنولوجية ، وكنظام رجعي ، فانه لا يقبل أي تنازل عن ادنى جزء من السلطة الفعلية . ونظرته لل(مؤسسات) التي هي في مِلْكِ الملك المحفض ، خاصة المنتخبة .. وفية كل الوفاء لأيديولوجيتها الاقطاعية المخزنية .. فالنواب ، ونتيجة الامر اليومي الموجه اليهم في الجمعة الثانية من شهر أكتوبر عند افتتاح دورة الخريف التشريعية ، هم مجرد خدام عند الملك كموظفين سامين ، شأن الوزراء كذلك موظفين سامين .. والمؤسسات هنا وبسبب الامر اليومي ، لا يجب ان يتعدى دورها تطبيق سياسة الملك بالتنسيق مع الخدام الوزراء .. أي الاجتهاد في تحسينها وخدمتها ، وهي في نفس الوقت أجهزة لدعم مشروعية الملك ، وتكريس البيعة له بالمفهوم العتيق ، الذي يعيد انتاج مجتمع الرعايا الغارقة في الجهل والجهالة ..
وهنا يكمن التفسير الحقيقي للحلقة المفرغة من التجارب السياسوية الفاشلة والمختلفة ، من خلال اظهار الفشل الذي أصاب سياسات النظام ، في كل الحقول والميادين التي عرفها التجاذب السياسي المغربي ، وهو فشل ديمقراطي ، وفشل اقتصادي ، وفشل اجتماعي ، وفشل صارخ في التعاطي مع ملف الصحراء الغربية ، الذي اضحى يهدد عرش النظام ، انْ لم يهدد الدولة بالسقوط ..
ا --- الفشل في تدبير قضية الصحراء : في هذا الجانب ، لابد من التذكير بالأخطاء الخطيرة التي ارتكبها النظام في حق القضية الوطنية ، وفي حق التراب المغربي .
ان اول الأخطاء . تتجلى في الطريقة التي طرح بها النظام قضية الصحراء ، والأساليب الملتوية الفاشلة التي وظفها في الصراع ، وكانت من الأسباب التي أدت به الى الفشل في تدبير الملف .. فعندما تكون الانطلاقة خاطئة ، اكيد سيكون الفشل ، حصاد النهاية .. نهاية سياسة ، وليس نهاية صراع يتجه مسارات ، لم نعهدها في السنوات الأولى لبدأه منذ 1975 ..
عندما طرح النظام قضية الصحراء ، لم يطرحها كقضية تراب ، وجب تحريره من هيمنة المستعمر الاسباني ، بوسائل التحرير الشعبية المعهودة ، وقضية جماهير فصلها المستعمر تعسفا ، وجب توحيدها مع الشعب ، وتوفير الشروط اللازمة لذلك . بل على العكس من كل هذا ، كان هم ّ النظام الأول والأخير ، من جهة ربط قضية الصحراء بوجوده المهدد بالسقوط ، وهو هنا وظف الصحراء كحائط يحجب عنه الاخطار، التي كانت تريد رأسه في الستينات والسبعينات ، وبما فيها انقلابات الجيش في 1971 و1972 ، إضافة الى المعارضة الجمهورية البرجوازية الصغيرة ، التي تأثرت بالمشاريع الانقلابية للعسكر في الشرق الأوسط ، وتأثرت بالنموذج ( الاشتراكي ) الجزائري في الحكم .. هذا من جهة .. ومن جهة أخرى ، كان همّ النظام الأول والأخير ، هو استغلال الحس الوطني الصادق والسليم للشعب المغربي ، لاستعمال قضية الصحراء لخدمة مصالحه الخاصة كنظام ، مركانتيلي ، فيودالي ، وطبقي . وبعبارة أخرى اكثر فهما ، طرح القضية الوطنية بمفهوم طبقي صرف . أي بغرض استفادة النظام النيوبتريركي ، والنيورعوي ، والنيوبتريمونيالي المخزني الغارق في الثقافة المخزنولوجية البالية ، والرأسمالية المغربية الاستهلاكية الوسخة ، لأنها ليست هي الرأسمالية الاوربية البانية والمنتجة .. وممثل هذين الاتجاهين الذي هو النظام الملكي في كل المستويات الاقتصادية منها والسياسية . وللتأكد من ذلك ، يكفي ان نذكر بشكل مختصر ، بتصرف النظام المرتبك ، والمتناقض تجاه القضية الوطنية ، عبر مسلسل المؤامرات العديدة ، والمساومات الكثيرة ، التي بدت معالمه البارزة من خلال التآمر على جيش التحرير ، الذي تمكن من تحرير اغلبية المناطق الصحراوية ، في واقعة خيانة " إكوفيون " " المكنسة او الشطابة " ، التي تحالف فيها الحسن الثاني ، مع الدكتاتور الفاشي فرانكو ، والامبريالية الفرنسية ، والإبقاء على الصحراء عشرين سنة من 1955 الى 1975 ، تحت الاستعمار الاسباني الفاشي ، والتشكيك في مغربية الصحراء ، ومغربية المواطنين الصحراويين ، أولا بالمصادقة على مبدأ تقرير المصير ثلاثة مرات من اعلى منبر هيئة الأمم المتحدة ، ومن نيروبي ، وعندما قبل باتفاق الاطار وعاد ورفضه ، ومرة استعمال ومن نفس المنبر ، مصطلح الصحراء الاسبانية بدل الصحراء المغربية ، ثم طرح القضية على محكمة لاهاي الدولية ، واستغلال الحس الوطني الصادق للشعب المغربي ، للركوب على قضية الصحراء ، وتوظيفها لخدمة مصالحه الخاصة ، ومصالح حلفاءه الاستعماريين والإمبرياليين ، توقيع اتفاقية مدريد الخيانية ، وطرح حل الحكم الذاتي دون استشارة الشعب المغربي عن طريق الاستفتاء ، وانتهاءً باعتراف الملك الصريح بالجمهورية الصحراوية ، وبالشعب الصحراوي ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار في يناير 2017 ، وتحدى الشعب المغربي عندما نشر اعترافه هذا في جريته الرسمية . عدد 6539 ..وبالتالي إعادة طرح المسالة دوليا بشكل اكثر حدة ، عما كان في سبعينات القرن الماضي . أي إعادة المجتمع الدولي طرح حل الاستفتاء بشكل مغلوط أ. ي تقرير مصير ام مغربية الصحراء والصحراويين . ولعل الاتحاد الافريقي منذ بداية ثمانينات القرن الماضي ، و موقف الاتحاد الأوربي من اعتراف Trump بمغربية الصحراء ، وموقف الولايات المتحدة الامريكية الذي تراجع عن اعتراف Trump بمغربية الصحراء ، وموقف إسرائيل التي اخذت كل شيء ، والنظام المغربي خسر كل شيء ، ولم يأخذ أي شيء .. لهي لطمة قوية على وجه النظام ، الذي خسر معركة الصحراء ، ومنها يكون قد خسر الصحراء ، التي ذهابها مسالة وقت يقترب بالسرعة القصوى ..
ان هيجان النظام المخزني مؤخرا مع اسبانية ، الذي تحول الى هيجان حيوان مجروح فك من اسره مع الاتحاد الأوربي ، انّ النظام استشعر ان الاتحاد الأوربي ، ولا العالم الغربي لم يعودا يوليانه أهمية ، واستشعر ان وجوده لم يعد مرحبا به في المنظومة الدولية ، ومن ثم قد يكون هؤلاء بصدد التخلص من النظام ، التي ستكون الصحراء مدخله ..
فعندما يدرك الاتحاد الأوربي ، ومنه فرنسا ، واسبانية ، انّ ذهاب الصحراء سيشرعن ، وسيفتح الباب على مصراعيه لإسقاط النظام ، ولتفتيت المغرب الى دويلات ، وهو مخطط اشتغلوا عليه لسنوات منذ جورج بوش الاب .. فالنظام الفريد من نوعه في العالم ، قد استشعر بشيء يتجاوزه .. ويكون ناصر بوريطة حين خير اسبانية بين النظام المغربي المعزول الغير مرغوب فيه ، وبين جبهة البوليساريو ، والجمهورية الصحراوية ، وتختار اسبانية الجبهة بدل النظام المغربي ، واصطفاف الاتحاد الأوربي مع اسبانية الاوربية .. ندير بخطر ينتظر ساعة انطلاقته ، و كما قلت ستكون الصحراء باب مدخله الرئيسي ..
ولي ان اسأل النظام ، وعليه ان يجيب انْ ملك الشجاعة ، وسأسله عن مواقف اتخذها حق القضية الوطنية منذ بداية ستينات القرن الماضي ، وحتى مجيء محمد السادس ، الذي سأطرح عليه كذلك أسئلة ، وأتمنى انْ يجيب عليها حول ممارسات وتصرفات اضرت بالوحدة الترابية للمغرب ..
اذن بالنسبة للأسئلة التي سأطرحها على النظام :
1 ) في ستينات القرن الماضي 1967 و 1968 و 1969 ، ومن اعلى منبر الأمم المتحدة الذي هو الجمعية العامة ، تقدم ممثل النظام المرحوم بنهيمة ، بحل الاستفتاء وتقرير المصير .. السؤال هو :
ا ) اذا كان النظام يعتبر الصحراء مغربية . لماذا لم يطالب باستردادها ، وعودتها الى الأرض الام ، التي هي المغرب .. وطلب عوض الاسترداد ، بحل الاستفتاء ؟
ب ) ماذا يجمع مطلب استرداد الأرض المحتلة ، ومطلب الدعوة الى الاستفتاء ، الذي وحده سيحدد جنسية الإقليم ؟ فهل الصحراء مغربية ام انها ليست مغربية حين تطالب بحل الاستفتاء ؟
ج ) ان تقدم ممثل المغرب بحل الاستفتاء لنزاع الصحراء المغربية ، وعدم دعوته استرداد الصحراء الى المغرب ، هو دليل ان النظام المغربي ، لا يعترف اطلاقا بمغربية الصحراء .. لان الدعوة الى الاستفتاء ، يعني ان نتيجته هي من سيحدد جنسية الصحراء ..فاذا كانت النتيجة مع الانفصال ، فالنظام سيعترف بالنظام المزمع اقامته بعد الإعلان عن نتيجة الاستفتاء .. وهذا دليل عن ضرر كبير الحقه النظام المغربي بقضية الصحراء ، ولاتزال تفاعلاته الى الان تحكم ضوابط الصراع ، الذي تدخلت فيه ارجل الاتحاد الافريقي ، والاتحاد الأوربي ، وواشنطن ، إضافة الى روسيا الاتحادية ، والصين ، وكندا ... لخ
2 ) عندما احرز المغرب على الاستقلال الشكلي المسمى باستقلال " ايكس ليبان " ، واصل جيش التحرير المغربي تقدمه نحو الصحراء لتحريرها من الاسبان ، وقد حرر عدة مناطق .. لكن تعرضه لخيانة " المكنسة / الشطابة " المعروفة ب " إيكوفيون " ، اجهضت حلم ومشروع التحرير .. السؤال هنا :
ا --- اذا كانت الصحراء مغربية في اعتقاد النظام ، لماذا خيانة مجزرة " إكوفيون " ضد جيش التحرير المغربي ، التي شارك فيها الحسن الثاني كممثل للنظام المخزني ، والفاشي الجنرال فرانكو عن اسبانية ، والامبريالية الفرنسية ..
ب) لماذا ضرب النظام المغربي جيش التحرير الشعبي ، عندما كان في طريقه لاستكمال تحرير الصحراء .. ؟ هل بسبب المشروع السياسي الأيديولوجي العام الذي تم التخطيط له منذ سنة 1947 ؟ واذا كان الامر كذلك حتى يتم تفادي تجربة الجمهورية الريفية .. هنا . الا يعتبر طرح النظام لقضية الصحراء طرحا للدفاع عن عرشه الذي كان سيتهاوى في اكثر المرات .. ويكون طرح الحسن الثاني لقضية الصحراء ، سياسة نجحت في افراغ المعارضة الجمهورية من جمهوريتها ، ولتتحول اليوم مع ادريس لشكر ، ونبيل بنعبدالله الى صدفيات فارغة لا قواعد لها ..
3 ) في سنة 1963 ، دخل النظام المغربي في حرب ضد النظام الجزائري ، الذي تنكر لمغربية الأراضي المغربية ، التي فوتتها له الإدارة الكلونيالية الفرنسية التي ستفتح قنصلية لها بمدينة سبتة .. خلفت الحرب امواتا ، ومعطوبين ، وارامل ، وايتام ، وخسائر مادية .. لكن .فجأة سيتم اعلان وقف اطلاق النار ، وستبرم اتفاقيات لاقتسام الثروات . لكن تلك الاتفاقيات بقيت حبرا على ورق .. لكن في سنة 1971 ، سيبرم النظام المغربي مع النظام الجزائري ، اتفاقية الحدود التي بموجبها يعترف النظام المغربي للنظام الجزائري ، بجزائرية الصحراء الشرقية .. ومنذ ها والجزائر تنتظر النظام المغربي ان يتمم الوفاء بمعاهدة الحدود ، بالتصديق عليها من قبل البرلمان الملكي .. لكن في الوقت الذي كان فيه النظام الجزائري ينتظر اعتراف النظام المغربي بجزائرية الصحراء الشرقية ، ليعترف له هو بدوره بمغربية الصحراء الغربية ، تعطل الوقت . وعندما دفع النظام المغربي بالبرلمان الملكي التصديق على اتفاقية الحدود ، كانت الصحراء الغربية قد دخلت عنق الزجاجة .. السؤال هنا :
ا – اذا كانت الصحراء الشرقية جزائرية . لماذا الدخول مع الجزائر في حرب الرمال في سنة 1963 ، بدعوى استرداد الأراضي التي فوتتها فرنسا الكلونيالية الى الجزائر ؟
ب – اذا لم تكن الصحراء الشرقية جزائرية ، وكانت حقا صحراء مغربية. لماذا تنازل عنها النظام المغربي للنظام الجزائري ؟ فهل المغرب هو ملك الشعب المغربي ام انه مِلك الملك المغربي ؟
4 ) عندما دخل النظام المغربي الى الصحراء في سنة 1974/1975 ، اعتبر ان المغرب في صحراءه ، والصحراء في مغربها .. لكن بعد بعض الوقت ، سيقبل النظام بالاستفتاء في نيروبي في سنة 1981/1982 ، ثم سينقلب على حل الاستفتاء ، ليطرح بديله الاستفاء التأكيدي الغير موجود في القانون الدولي ... السؤال :
ا ) ماذا يريد النظام من حل لنزاع الصحراء ؟
- هل الصحراء في مغربها والمغرب في صحراءه ؟
- هل الاستفتاء وتقرير المصير ؟
- هل الاستفتاء التأكيدي الغير موجود في القانون الدولي ؟
5 ) سياتي المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة الجمهوري جميس بكير بشان الصحراء ، وسيطرح حله للنزاع المعروف " اتفاق الاطار " ..
ان هذا الحل ، ينقسم الى محورين متناقضين ، قبل بهما النظام المغربي ، وعندما اتضحت خطورة الاتفاق ، تم رفضه مجددا .
--- المحور الأول ، يعني تمتيع الصحراويين بحكم ذاتي مدته خمسة سنوات ، يجرب فيه الصحراويون هذا النوع من الحكم ..
--- بعد انقضاء الخمس سنوات ، سيحل المحور الثاني الذي هو الاستفتاء وتقرير المصير .. وطبعا من يقول بالاستفتاء وبتقرير المصير ، يذهب ذهنه مباشرة الى الاستقلال . أي ان نتيجة الانفصال ستبلغ 99 في المائة من المصوتين ، لصالح الدولة الجديدة جنوب المغرب .. ومخطط اتفاق الاطار ، كان فخا منصوبا بذكاء ، سرعان ما افشله رفض النظام المغربي للاستفتاء ، الذي سيكون ضد مغربية الصحراء ..
6 ) كل يعلم ان اتفاقية مدريد الثلاثية الخيانية ، قسمت الصحراء كغنيمة بين النظام المغربي ، والنظام الموريتاني، والدولة الاسبانية .. فكان ان حظي النظام المغربي بإقليم الساقية الحمراء ، وحظي النظام الموريتاني بتيريس الغربية وادي الذهب ، وحظيت اسبانية بنصيبها من الفوسفاط ، والمعادن ، والسمك ، وكل ثروات المنطقة ..
السؤال هنا :
ا – كيف للنظام ان يفسر ، ان منطقة تريس الغربية وادي الذهب ، اعترف النظام بموريتانيته ، واعترف بان سكانه موريتانيين غداة التوقيع على اتفاقية مدريد الخيانية ؟
ب – كيف للنظام ان يعتبر منطقة تريس الغربية وادي الذهب بعد انسحاب الموريتان منها في سنة 1979 ، مغربية بعد ان اعتبرها موريتانية قبل 1979 ، ويعتبر سكانه مغاربة بعد ان اعتبرهم موريتانيين قبل 1979 ؟
ج – فهل منطقة تريس الغربية وادي الذهب ، وسكانه موريتانيين ، ام انهم مغاربة ؟
د – ولو كان النظام يعتبر الصحراء حقا مغربية . هل كان له ان يقتسمها مع موريتانية ؟
اما عن السؤال الذي سأوجهه للملك محمد السادس .
1 ) في سنة 2007 خرجت خرجة مفاجئة ، وطرحت حل الحكم الذاتي للنزاع ، الذي عمر لأكثر من خمسة وأربعين سنة . وخطورة الحكم الذاتي تكمن ، في ان النظام من اصبح يشكك في مغربية الصحراء ، ويشكك في مغربية الصحراويين ، وليس الصحراويون من يشك في مغربية الصحراء ، ويشك في مغربية الصحراويين ..
لقد فشل الحكم الذاتي لان الطرف المعني به الجبهة رفضه ، وفشل الفشل الثاني الذي جاء ليغطي على فشل الحكم الذاتي ، الذي هو الجهوية الموسعة الاختصاصات التي فشل بعدها ، بديلها المزعوم الذي هو الجهوية المتقدمة دون ذكر الاختصاصات ..
السؤال :
ا ) قبل ان تطرح الحكم الذاتي يا ملك المغرب . هل استشرت مع الشعب في استفتاء شعبي ؟
2 ) من المسؤول عن فشل حل ، فشل قبل ان يجف الحبر الذي كتب به ..؟
بعد موت حل الحكم الذاتي الذي لم يسبق الإشارة اليه في قرارات مجلس الامن التي تنكره ، اوفي قرارات الجمعية العامة ، او الاتحاد الأوربي ، وحتى فرنسا ، واسبانية اللذين يجهلانه ، ولم يسبق للاتحاد الافريقي ان أشار اليه في قراراته .. سيخرج ملك المغرب بقرار انتحاري خطير ، اكثر من خرجة حل الحكم الذاتي في سنة 2007 ، عندما اعلن ومن جانب واحد ، اعترافه بالجمهورية الصحراوية ، وبالشعب الصحراوي ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار في يناير 2016 / ونشر اعترافه بالجريدة الرسمية للدولة عدد 6539 ..
السؤال :
-- هل استشرت الشعب في استفتاء شعبي قبل الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ؟
-- من يتحمل فشل فوائد الاعتراف الأحادي الجانب بالجمهورية الصحراوية ، التي لا تزال عضوا بالاتحاد الافريقي ، واصبح إبراهيم غالي يقف صفا واحدا مع محمد السادس ، والرئيس Manuel Macron في لقاء الاتحاد الافريقي ، والاتحاد الأوربي .. ويجلس جنبا لجنب مع الرئيس غالي في أروقة الاتحاد الافريقي ..؟
-- هل تعلم ان الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، هو طعن لخطاب محمد الخامس في سنة 1958 ، عندما دعا من قرية محاميد الغزلان باستعادة الصحراء الى المغرب ، ولم يدعو الى حل الحكم الذاتي ، ولا دعا الى الجمهورية الصحراوية .. ففي تلك الفترة التي كان المغرب يناضل لاستعادة الصحراء ، كانت الجزائر لاتزال تعيش تحت السيطرة الاستعمارية الفرنسية ، وان جبهة البوليساريو التي تأسست في سنة 1973 ، لم تكن موجودة ، وان الجمهورية الصحراوية التي اعترفتم بها ، انشاتها جزائر الهواري بومدين حتى سنة 1976 ..
-- وهل تعلمون ان اعترافكم بالجمهورية الصحراوية امام العالم ، ونشركم لاعترافكم في الجريدة الرسمية عدد 6539 ، في يناير 2017 ، هو من شجع الاتحاد الأوربي ، والعالم على رفض اعتراف Trump بمغربية الصحراء ، وشجع العالم الوقوف ضد مغربية الصحراء .. فكيف حين تعترفون بالجمهورية الصحراوية ، يغيظكم قرار الاتحاد الاوربي ، والدول الديمقراطية بالوقوف ضد مغربية الصحراء ؟
-- هل تعلمون ان اعترافكم بالجمهورية الصحراوية ، هو ضرب لروح المسيرة .. وضرب للجنود الذين استشهدوا في الصحراء ، وتم دفنهم في مقابر جماعية بملابسهم واحذيتهم .. وضرب لأسرهم التي بقيت تتجرع الجوع ، والفقر ، والمذلة .. ولاتزال .....
-- وهل تعلمون ان اعترافكم الصريح بالجمهورية الصحراوية ، الذي نشرتموه في جريدتكم الرسمية ، التي هي جريدة الدولة التي انتم على رأسها ، يلزمكم وحدكم ، ولا يلزم الشعب البريء منه ، ولا ناقة ولا جمل له به ..... الخ
اذن . هل اقتنعتم انكم فشلتم في ملف الصحراء ، الذي تكالب عليها العالم بسبب أخطاء من سبقكم ، وبسبب اخطائكم التي لا تغتفر ..
فمن املى عليك حل الحكم الذاتي الذي فشل ، قبل ان يجف الحبر الذي كُتب به ، وفشل بعده حل الجهوية الموسعة الاختصاصات ، الذي جاء ليغطي على فشل الحكم الذاتي الذي يتجاهله الاتحاد الأوربي ، وتتجاهله الولايات المتحدة الامريكية ، وكل الدول العظمى ، والدول الغير عظمى في العالم ، ويتجاهله مجلس الامن في قراراته ، التي لم يسبق لواحد منها ان أشار اليه بأصبع ، ولو من تحت الجلباب ، وتتجاهله قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي لم يسبق ان اشارت اليه ، ولو بإشارة من تحت الجلباب ..
بل من املى عليكم الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، وبالشعب الصحراوي ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار ، ونشرتم ومن دون خجل ، اعترافكم في جريدتكم الرسمية عدد 6539 يناير 2017 .... ، واصبحتم تجلسون في الاتحاد الافريقي ، وفي لقاءات مع اتحادات أخرى ، جنبا الى جنب مع رئيس الجمهورية الصحراوية التي اعترفت بها ، وهو الاعتراف الذي اعطى حجة وذريعة للاتحاد الأوربي ، ولدول الفيتو ، والدول العظمى في الوقوف ضد مغربية الصحراء .. وعندما يعلنون جهرا انهم ضد مغربية الصحراء ، فهم يتبنون فصل / استقلال الصحراء عن المغرب .. وبما انهم يعلمون حق العلم ان ذهاب الصحراء سينجم عنه ذهاب المغرب البلد الموحد القوي ، فانهم يعلمون كذلك ان ذهاب الصحراء يعني حتمية ذهاب نظامكم لصالح نظام اخر . لكن التحليل للقادم من المؤامرات ، ينكب على كل الدولة ، وليس فقط على النظام .. وهذا لعمري لذليل ساطع ان نظامكم ، وانتم شخصيا لم يعودا مرغوبا فيهما في عالم يركز على الديمقراطية ، وحقوق الانسان ، وشفافية الثروة والموارد .. لان الامر يتعلق باستقرار الضفة الجنوبية ، كي يسود استقرار الضفة الشمالية للاتحاد الأوربي ..
فما يجري ويحصل اليوم ، هو تجسيد واضح لمعالم هذا المسلسل الطويل ، الحافل بالمؤامرات ، والمساومات التي وصلت حد الخيانات ، الذي نهجه وينهجه النظام الفاشل المفلس ، على جميع الأصعدة ، خاصة تجاه السيادة الوطنية المغربية ، التي استشهد من اجلها المقاومون ، وجيش التحرير ، ابّان مواجهة النظام الكلونيالي الفرنسي والاسباني ، الذي لا يزال يحتل أراضي ، ومدنا مغربية بالشمال المغربي .. واستشهد من اجلها الجيش المغربي في حرب الدفاع عن الصحراء ..
فهل جائز شرعا السماح بطرح سؤال على المغاربة في الصحراء ، حول ما اذا كانوا فعلا مغاربة .. شيء يرفضه أي عقل شريف سليم غير ، خائن ، لامته ، ولأرضه ، ولمغربه ، عندما ارتمى يطعن وحدة الأرض ، ووحدة الشعب من قلب مخابرات النظام الجزائري .. فأي صنف انتم ، ومن اية طينة انتم ، واي بشر انتم .. خونة بوجه مكشوف ..
ان هذا الموقف الفاشل ان عبر عن شيء ، فإنما يعبر عن الفشل الذريع الذي قادت اليه سياسة النظام الرجعي ، مفترس ومهرب ثروة الشعب المفقر الى خارج المغرب ، تجاه مسالة استكمال السيادة الوطنية ، والتي ركزت بالأساس على افراغ مفهوم التحرير من أي محتوى شعبي ، ومن ثم ابعاد الشعب والجماهير ، من مراكز القرار ، والمساهمة الفعلية ، وحصر القضية كلها في اطار المساومة ، وخدمة مصالح النظام النيوبتريمونيالي ، والنيوبتريركي ، والنيورعوي المخزني الغارق في ايديولوجيته المخزنولوجية البالية ، والمقيتة . وخدمة مصالح الاستعمار والامبريالية الذين اضحوا في غنى عن نظام لم يعد مرغوبا فيه ..
ان هذا الإفلاس والفشل على جميع الأصعدة ، وعلى رأسها السيادة الوطنية المغربية ما كان له الاّ ان يغرق النظام القروسطوي ، في مزيد من التبعية ، والاستجداء بالإمبريالية ، كما تجلى ذلك في اخراج العلاقات بين النظام المغربي المتهاوي ، وبين إسرائيل الى العلن ، مقابل اعتراف Trump الشخصي ، وليس المؤسساتي بمغربية الصحراء ،وخروج الاتحاد الأوربي ، وعلى راسه فرنسا ، واسبانية ، والدول العظمى بموقف يطعن في هذا الاعتراف ، ويتشبث بحل الاستفتاء وتقرير المصير ، الذي انْ تم تنظيمهما تحت اشراف الأمم المتحدة ، ستكون النتيجة الانفصال / الاستقلال .. وستكون النتيجة ، حتمية سقوط النظام الذي لم يعد مرغوبا فيه ، ولا مقبولا ، ويعيش عزلة دولية قاتمة . لان العالم تغير وهو ضد التغيير .. والخطورة ان النظام حتى عندما اخرج علاقاته مع الدولة الصهيونية الى العلن ، فهو فشل الفشل الذريع . من جهة ان واشنطن تراجعت عن قرار Trump بالاعتراف بمغربية الصحراء ، ومن جهة ان إسرائيل لا تعترف رسميا كدولة بمغربية الصحراء وهي مسايرة لموقف حلفاءها في الاتحاد الأوربي ، وامريكا ، كما انها لا تعتبر جبهة البوليساريو منظمة إرهابية كما حاول البوليس البليد ( الوالي الخيام DGST ) ، وإسرائيل تعتبر مدينتي سبتة ومليلية مدنا اوربية ، وليس فقط مدنا سبانية . وانهما تشكلان الحدود الاوربية الافريقية ... فإسرائيل اخذت كل شيء ، والنظام المغربي المسكين الذي لا يخجل ، خسر كل شيء ، ولم يربح أي شيء .. ومع ذلك يواصل تضبيب الوضع بما يغطي عن افلاسه ، وفشله ، وخسارته .. وتضييعه للأرض المغربية ..
ولا يجب انّ يفوتنا ان هذه المناورة ، مقايضة الصحراء بفلسطين ، وهذا الفشل والافلاس الواضحين ، وناصر بوريطة منهما بريء ، لان السياسة الخارجية يتحكم فيها كذلك رئيس المستشارين ، مستشار الملك الأول ، وصديقه المفضل فؤاد الهمة الخاوي الوفاض ، حِيكتْ في توازي مع موجهة قمع غير مسبوقة ، سلطها الجهاز البوليسي الفاشي برئاسة مستشار الملك الأول فؤاد الهمة ، وبخادمه مدير البوليس السياسي جلاد المملكة الأول عبد اللطيف الحموشي ، والجهاز السلطوي القروسطوي الذي على راسه كوزير للداخلية عبد الوافي لفتيت .. في الوقت الذي اطلق فيه النظام التقليداني العنان ، لطبقة الاقطاع / الراسمالية بزعامة صديق الملك اخنوش لتنهب ( 17 مليار درهم من المحروقات ) ، وتستغل على هواها ، وتتشرف الزعامة ل ( خوض ) غمار الحملة الانتخابوية القادمة ، لترتيب البيت بما يحافظ على تماسك الحلف الاقطاعي / الرأسمالي ، من وراء النظام المخزني ، لديمومة الافتراس من جهة ، ومن جهة أخرى الفقر والعوز ..
ان الشعب المغربي وشرفائه ، واحراره المبعدين ، والمهمشين من مباشرة القضية الوطنية التي تجسد السيادة الوطنية ، لا يمكن له في أي حال من الأحوال ، ان يزكي مسلسل المؤامرات ، والدسائس ، والمساومات التي وصلت درجة الخيانات . وهو يعي اليوم اكثر من سابقه ، انّ قضية سيادته الوطنية ترتبط جدليا بصراعه التناحري ضد النظام المخزني في شكله النيورتريمونيالي ، والنيوبتريركي ، والنيورعوي ، المحنط والحاجب للطبقة الطفيلية السائدة ، ومعبرها السياسي ، وانْ لا سبيل لتحرره وتقدمه ، الاّ بخوض النضال في الواجهتين معا . أي ضمن خط وطني ثوري متشبث بالسيادة الوطنية ، والوحدة الشعبية ، ومناهض في آن للنظام اللاّوطني القائم حليف الامبريالية وخادمها السابق ، التي لم تعد تهتم به ، واصبح نظاما معزولا غير مرغوب فيه ..
اذن يتضح الان ان النظام استعمل قضية الصحراء للدفاع عن وجوده ، ولم يطرحها كتاريخ ، وجغرافية ، وشعب . فهو بذلك يكون قد وظف القضايا الوطنية ضد مصالح الشعب ، ومن اجل مصالحه . لقد بينت السياسة الملكية في الصحراء ، والتي انتهت بالاعتراف بالجمهورية الصحراوية في يناير 2017 ، انها لم تعالج الصحراء كقضية وطنية . بل عالجتها كمشكلة حكم ونظام مهدد بالسقوط ، جانبها الديماغوجي اكثر من جانبها التثويري . واعتبرت من جهة أخرى ، مناسبة لترتيب مجموعة معقدة من الصراعات مع البلدان المجاورة ، صراعات أنظمة ، وليست صراعات شعوب . فكانت بذلك اسفينا يدق بين الشعوب ، وبين الشعب الواحد ، بدل ان تكون جسرا يعاد عليه طرح القضايا العامة ، والتي لعبت جملة من الظروف في السابق دورا أساسيا في عدم طرحها ، او في طرحها بطريقة مغلوطة . ان هذه التوجهات ، هي توجهات جميع الأطراف المشتبكة في نزاع الصحراء لما يفوق خمسة وأربعين سنة ..
وهنا يجدر بنا التذكير انه عندما كان هناك نهوض شعبي ثوري في الستينات من القرن الماضي ، وكان وضع النظام الملكي مهددا ومقلقا ، طلب الحسن الثاني من الاستعمار الاسباني عدم الانسحاب من الصحراء ، ورجاهم البقاء فيها حتى لا يعتبر التحرير من إنجازات الحكومة التي تراسها القائد عبد الله إبراهيم من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية . وعندما طرح في أوساط السبعينات الموضوع مرة أخرى مجددا ، طرحه من منظور توطيد وضع الحكم الملكي المهزوز ، بعد سلسلة من الانقلابات والانتفاضات الجماهيرية ، وليس من منظار حل مشكلة وطنية . أي انها اعتبرت أداة لتقوية مواقع الملكية والاقطاع المساند لها ، وبابا تتسلل منه موازين القوى الغربية الجديدة ، بدل ان تطرح في اطار استراتيجية تحررية جوهرها القطع مع التبعية الى الخارج ، وبالتالي الاستناد الى برنامج تطويري في الداخل ، يعتمد على أوسع قاعدة شعبية تحررية عريضة . والحقيقة ان هذا الطرح افقد المسالة وجهها الوطني الأصيل ، الذي كان لها في فترة النهوض الشعبي التحرري ، وحولها الى قناة صرف للتناقض الداخلي بين الشعب ، والحكم المستند الى الاقطاع .
وبديهي ان التكتيك الذي رسم لمعركة كهذه ، العدو الأساسي فيها هو الشعب ، وليس الكلونيال ، ولا الامبريالية ، كان يعمل على تطويلها بدل حلها ، وعلى تشعيبها بدل حصرها وحسمها . كما كان ولا يزال يقوم على دمجها في اطار السياسة الامبريالية بدل انتزاعها من هذا الاطار. ولهذا بدأت المشكلة دولية ، ولم تأخذ حتى الان طابعها الوطني الغالب . وفشلت هذه الخطة عندما اعترض العالم على اعتراف Trump بمغربية الصحراء ، وعندما اعلن الاتحاد الاوربي وإسرائيل عدم اعترافهما بمغربية الصحراء ، ورمي الإدارة الديمقراطية في واشنطن اعتراف Trump في القمامة ...
وباختصار ، هذه هي الشروط والاسس المعتمدة على التجزئة السياسية ، والنظام الاقطاعي المخزني ، والهرولة للارتباط بالخارج الذي لم يعد يطيق النظام ، ولا رأس النظام محمد السادس . وهو ارتباط يصاحبه اكبر قدر من التناقض ، بين الوحدات السياسية في الداخل التي لا يزال الكلونيال والامبريالية يعتمدها ، مع بعض التطوير الذي أصاب الدولة بشكل خاص الى الوراء .. ففي شروط كهذه ، تتحول اية مشكلة الى مادة متفجرة بين الكيانات السياسية ، خاصة عندما تغيب الحركة الشعبية الواحدة ، وتصبح عاملا من عوامل تقوية هذه الكيانات ، خاصة حين تحل في اطار اللعب الخارجي ، وتفصل عن مقومتها الذاتية التي يجعلها عنصرا من عناصر تقوية الداخلي على الخارجي ..
ففي هذا الاطار، عملت الرجعية المغربية ولا تزال " لحل " مشكلة الصحراء . أي لتعقيد مشاكل المغرب ، ومشاكل المنطقة كالأزمة بين النظام واسبانية ، والنظام وموريتانية ، والنظام والمانية ، والنظام والاتحاد الأوربي ، وقبله الاتحاد الافريقي ..لخ . ان هذه السياسة الرجعية فرضت نفسها حتى الان على القوى السياسية ، التي كانت تملك تصورا مغايرا لها ، وتناضل وفق برنامج يختلف عنها .. ومما يؤسف له ان القضية الوطنية الصحراء المغربية ، اختصرت ومسخت الى مستوى فظيع ( نبيلة منيب والفدرالية/ السويد ) ، انصب باسره على المسالة التالية : الصحراء مغربية ، ويجب ان ندعم جهود الحكم لاسترجاعها ، وللدفاع عليها ، رغم ان ثلث الصحراء المسمى بالمناطق المحررة ، هو تحت سيطرة جبهة البوليساريو .. بينما المسالة هي في الحقيقة : الصحراء مغربية عربية ، ويجب ان تحول المعركة من اجل استرداد الثلث الخارج عن السيادة ، ومن اجل تحصينها الى معركة مع النظام النيوبتريمونيالي ، والنيوبتربركي ، والنيورعوي ، النظام المخزني الكمبرادوري المعادي للديمقراطية ، ولو في صورتها النسبية ، مما اجل القضاء على الاقطاع ، والاستبداد ، والطغيان ، واسقاط المخزن اللاديمقراطي ، لصالح الدولة الديمقراطية تحت أي مسمى كانت .. كما يجب استعمالها كتناقض ، مع النظام الدكتاتوري الجزائري الشبيه بالنظام المغربي المخزني ، لحل مشكلة المغرب العربي الكبير ، من اقتصادية ، واجتماعية ، وديمقراطية ، وسياسية ..
ان أحدا لا يشك بان الصحراء مغربية ، وجزء من المغرب . ولكن الشكوك تدور حول تحول القضية الوطنية الهامة ، من رافعة بأيدي قوى التغيير الحقيقية ، الى أداة بيد الحكم المخزني ، والاقطاع ، والقوى الامبريالية التي تنكرت وانقلبت عليهما ، عندما اجهرت موقفها المضاد لمغربية الصحراء .. فعندما يستعمل الصحراء كمطية في ذبح الشعب ، وهو الذي اعترف بالجمهورية الصحراوية ، يبقى توظيف نزاع الصحراء المغربية كتناقض أساسي مع النظام الذي أضاع الصحراء ، موقفا سليما .. خاصة وان الظرف الذي يتواجد فيه النظام ، عزلة داخلية ، وعزلة دولية قاتلة .. تعتبر وقتا مناسبا لطرح المطالب الوطنية للدولة الديمقراطية .. فالنظام لا يهمه من الصحراء كصحراء الجغرافية ، او الشعب ، او التاريخ ... لكن ما يهمه ، من جهة افتراس ثروة الصحراء مثل افتراسه ثروة المغرب .. ومن جهة يهمه بشكل أساسي الحفاظ على نظامه المهدد بالسقوط اذا أضاع الصحراء بعد خمسة وأربعين سنة من التيه في شعاب ، ووديان ، وكثبان صحراء يجهل تفاصيلها بالمرة ..
اذن كان هذا النص معبرا عن الحصيلة العامة الباهتة والفاشلة على صعيد القضية الوطنية .. اما بخصوص المحاور الأخرى التي فشل فيها النظام الطبقي ، فهي الديمقراطية ، والسياسة الاجتماعية ، والسياسة الاقتصادية الأكثر من متأزمة ...
ب --- فشل النظام المخزني في ان يصبح يوما نظاما ديمقراطيا : سوف لا نرجع الى الفترة الحالكة في جانبها الديمقراطي المفقود ، قبل استقلال " ايكس ليبان " . فالمغرب كان في نظام يخضع للنظام السلطاني الذي كان على شكل أنظمة بالية ، يحكم فيها السلطان لوحده .. ففي ابان الفترة السلطانية ، او فترة الحكم السلطاني ، لم تكن هناك انتخابات تشريعية ، ولا جماعية ، ولم تكن هناك أحزاب ، ولا نقابات ، ولا جمعيات باسم المجتمع المدني الذي لم يكن موجودا . كما لم تكن هناك برلمانات تشريعية .. أي ان حكم المغرب كان حكما على شاكلة أنظمة الخلافة المسماة بالرشيدة .. لكن ورغم هذا الشكل في الحكم الفردي ، فانه كان مرفوضا من قبل القبائل البربرية الثائرة ضد نظام السلطنة بفاس ، وكانت تناضل لإقامة أنظمة جمهورية وحدوية في كل المغرب ، على خلاف جمهورية الريف التي كانت انفصالية .. وبطبيعة الجال ستكون ثورة القبائل الجمهورية في جانب ، وسيكون السلطان الذي استنجد بفرنسا لحماية عرشه السلطاني ، وإسبانية في جانب اخر ..وهو نفس التحالف كان ضد جيش التحرير الشعبي المغربي ، في واقعة خيانة " اكوفيون " ، " المكنسة او الشطابة " . فالتحالف بين النظام ، والامبريالية الفرنسية ، والفاشية الفرونكية الاسبانية ، ضد ثورة القبائل البربرية ، وضد جيش التحرير الشعبي المغربي ، كانت واضحة للعيان ، وبالمخطوطات العديدة والمتنوعة التي ترمز الى ذلك .
لذا عندما احرز النظام على الاستقلال الشكلي ، وحتى يقطع ظاهريا مع طقوس السلطنة الخارجة عن الزمن الحديث ، فان النظام حرص كل الحرص على إزالة أي لبس او غموض ، بخصوص مضمون ، وشروط الديمقراطية الانتخابوية التي طرحها ، وتحكم في زمامها لتصب كل نتيجتها في مصالحه ، ومصالح طبقة الاقطاع ، و الرأسمال المحيط به ..
لقد اكد النظام مرارا ولا يزال حتى اليوم الذي يحضر لمسرحية انتخابوية بهلوانية قادمة ، وقولا وممارسة ، على ان العملية الانتخابوية التي تزينها الأصناف الحزبوية ذات الاشكال المضببة ، وتشكيل ما يسمى بالمؤسسات الوطنية (البرلمان) ، والجهوية ، والمحلية ، لا تتعدى نطاق تثبيت مشروعية النظام المخزني ، كنظام طبقي طفيلي و فيودالي ، ومن البحث عن التعايش والتساكن ، بين الحكم المخزني الطبقي ، وبين المحكومين و ممثليهم ( البرلمانيين ) ، الذين هم خداما عند النظام ، مكبلين بالأمر اليومي الذي يوجهه لهم الملك في خطاب الامارة والامامة ، في كل جمعة ثانية من كل شهر أكتوبر من كل عام ، عند افتتاح دورة الخريف التشريعية .. فخطاب الامارة والامامة الذي يوجهه الملك كأمير وامام ، لرعاياه الممتازين Les supers sujets في البرلمان ، ممثلي الرعايا الصغار خارج البرلمان ، هو خطاب سمو وسيادة ، لا يستتبعه نقاش من قبل Les supers sujets البرلمانيين خدام الملك الأمير الامام ، لأن المراسيم المتبعة عند الافتتاح ، خاصة من جانب الخشوع ، والتصفيق ، والتهليل ، والمباركة على بياض ، له حمولة دينية تفرمل أي بادرة لطرح نقاش الخطاب ، السمو ، الامر اليومي داخل البرلمان ..
فإلى جانب التهليل ، والتطبيل للديمقراطية الانتخابوية المزعومة . بل وفي غمرة الحملة الانتخابوية نفسها ، لم يتوقف الجهاز القمعي البوليسي الفاشي ، والجهاز السلطوي L’appareil autoritaire ، من تسديد ضربات للجماهير الشعبية ، ومناضليها المخلصين ، خاصة قمع أولئك الذين يدعون الى مقاطعة المسرحية الانتخابوية المصنوعة ، رغم انهم يمارسون حقوقا مكفولة بمقتضى دستور الملك الممنوح ، وبمقتضى قوانين الدولة . فالدعوة الى المقاطعة ليست جريمة ، بل هي حق كحق الدعوة للتصويت بنعم ، او التصويت بلا ، او رمي ورقة بيضاء في قمامة /صندوق الانتخاب ..
ففضلا على القمع المباشر ، الذي تجسد في الاعتقالات ، والمحاكمات الصورية الجارية للمناضلين المعارضين للنظام كنظام ، ومن حقهم معارضة النظام ، ولا يعارضون أشخاصا . أي يعارضون سياسات وليس أشخاصا ، استحدثت أساليب جديدة لم تكن ابان عهد الحسن الثاني ، الذي بكاه بعد موته معارضوه الذين ندموا عليه كثيرا ..وجدّر قمعه المنهجي ، وخاصة من خلال تشريد العائلات ، وقطع ارزاق المناضلين بمختلف توجهاتهم السياسية .. كما ان لائحة الشهداء الذين سقطوا في العملية الإرهابية في 16 مايو بالدرالبيضاء ، وبعدها ، وهي يمكن اعتبارها بمثابة تصفيات جسدية في عهد الديمقراطية المزعوم .. كافية لوحدها لإزالة الأوهام ، وفتح العيون على الحقيقة الأكثر من مرة ..
هكذا اذن . ففي الوقت الذي وضع فيه النظام مؤسساته القمعية المختلفة ، و مؤسساته الانتخابوية المفلسة ، والمفضوحة ، وتعرت ديمقراطيته إزاء الاوربيين ، والدول العظمى التي لم تعد تعيره قيمة ولا أهمية . بل اصبح نظاما غير مرغوب فيه ، وهي مؤسسات انتخابوية شكلية استهلاكية .. لم يتوقف في نفس الوقت عن تسديد ضرباته القمعية ، الممنهجة ، المتنوعة للجماهير الشعبية ، وقواها الحية الحقيقية . حيث اصبحنا نعيش جَلْد الناس في الشوارع على يد الجهازالسلطوي في واضحة النهار ، وارسال المناضلين بمحاضر بوليسية مفبركة الى السجون المنسية ..
ان هذا التذكير المركز، يبين انه ليست هناك مكاسب ( ديمقراطية ) ، او تنازلات من طرف النظام المعروف بعدوانيه الشرسة ، إزاء المعارضين المخالفين ، ولو كانت معارضتهم سلمية ..
واذا كانت الديمقراطية الحقة تعني سيادة الشعب ،التي يعبر عنها في الاستفتاءات وفي الانتخابات ، فان الديمقراطية المخزنية النافية أصلا للنظام الديمقراطي ،تثبت ان البرلمانية المخزنية ، او البرلمان الصوري المحكوم بالأمر اليومي ، هو مجرد مؤسسة تابعة للنظام ، وانّ هذا يعمل عن قصد للحفاظ عليها ، كاطار للتبعية ، وللبيعة ، والركوع ، والخضوع للملكية ، متجنبا ان يأخذ برلمان الملك ، أي قرار يتعلق بالحياة الاقتصادية ، والاجتماعية ، والسياسية للبلاد .. فوظيفته هي التشريع للملك ، ولعائلته ، ولأصدقائه ، والمقربين منه ، وللطبقة الاقطاعية / الراسمالية الوسخة الملتحفة من اجل مصالحها ، حول النظام المخزني ..وبالرجوع الى تاريخ البرلمانية في المغرب ، سنكشف ان هذه لم يسبق لها في تاريخ البرلمانية في المغرب ، والى اليوم انْ اتخذت قرارا يذكر على الصعيد الوطني م، وضحا انها . أي البرلمانية ليست مؤسسة تمثيلية وذات سلطة ، وان المؤسسة الحاكمة هي الملك والملكية وحدها ..
فحينما يصبح البرلمانيون مجرد موظفين سامين في إدارة الملك ، ومحوكين بالأمر اليومي ، الذي يعتبر امرا لتنفيذ خطة طريق الملك ، إضافة الى وضع الوزراء الموظفين السامين عند الملك ، الذين يسهرون على تنفيذ برنامج الملك ، ويرمون في القمامة البرنامج التي خاضت على أساسه الأحزاب التي ينتمون اليها الانتخابات .. فان شكل الدولة السائدة ، هو دولة الشخص الواحد الأوحد ، مالك كل المغرب ، بحرا ، ارضا ، وجوا ، ورعايا ..وتصبح الدولة دولته ، والباقي مجرد مفصل ، وكل مفصل ومن زاويته ، ينفذ برنامج الملك .. أي ان الدولة المخزنية عدوة للديمقراطية ، واكثر عدوة لحقوق الانسان ، لأنها تحرص ما امكن على الحفاظ على طابع الرعية على سكان المغرب ..
اما عن تجربة المجالس القروية ، والبلدية ، والجهوية . فان اقصى ما قامت به جميع التجارب المغشوشة ، التي استفحل تخريبها للبنية التحتية للدوائر الجماعية ، هو تسجيل المشاكل المطروحة على الصعيد المحلي ، والعجز المطبق عن معالجتها . بل تمييع تلك المشاكل ، وذلك سواء كانت الأغلبية فيها لل ( معارضة ) الملكية ، او للتحالف ( الحاكم ) لأن من يحكم هو الملك وطنيا ، والوالي والعامل جهويا ..
والحصيلة ان ( التجربة الديمقراطوية ) في مجموعها ، قد انحصرت في المفهوم الذي عبر عنه النظام المخزني منذ انطلاق هذه التجربة . أي مفهوم تكوين الأطر الملكية ، بفتح باب أوسع للتمييع ، والرشوة ، وسرقة المال العام ، والتدرب على أساليب الحكم المخزنية ، والعمل على استقطاب العناصر المشاركة في ( التجربة ) على اختلاف مصادرها ، بناء على تصوره الذي يعتبر الأحزاب الحزبوية ، مجرد مدارس لتكوين اطر، قد لا يستحيل استيعابها ، ودمجها في جهاز الدولة المخزنية ، بامتداداتها النيوبتريمونيالية ، والنيوبتريركية ، والنيورعوية ..
لقد اكدت كل التجارب الديمقراطوية ، وخاصة الأخيرة ، استحالة وانعدام قيام حياة ديمقراطية حقيقية ، في ظل الهياكل القروسطوية القائمة . فقد اصبح واضحا انه يستحيل الجمع في آن واحد ، بين استمرارية واقع الافتراس ، والنهب ، والاستغلال المتفاحش لثروة الشعب المفقر ، وبين إيجاد مؤسسات ديمقراطية فعلية وحقيقية .
ان هذه الحقائق العنيدة ، لم تنل ، ولن تنل منها الاطروحات التضليلية التي تقفز على واقع الصراع الطبقي ، للجري وراء أوهام التساكن ، و التعايش الاجتماعي .. وهذه المسالة ، تطرح بإلحاح ضرورة الربط الدائم بين الأهداف الاستراتيجية للنضال في اية مرحلة نضالية تفرض نفسها في ساحة النضال السياسي ، والممارسة النضالية اليومية ، لتلافي احتواء الشعارات والمهام الاستراتيجية ، بالمناورات التكتيكية القصيرة النفس .
لقد شكلت القضية الديمقراطية ، وليس مفهوم النظام للقضية الديمقراطوية و لاتزال ، محور الصراع في المجتمع المغربي ، وستظل كذلك لغاية حل التناقض الرئيسي في المجتمع ، وفرض السلطة الديمقراطية الوطنية ، النابعة من أعماق الشعب ..
ان معركة الديمقراطية الغير موجودة في النظام المخزني عدو الديمقراطية ، وبهذا المفهوم ، هي معركة دائمة ومستمرة ، لا يمكن اختزالها في لعبة انتخابوية فوقية . انها معركة شاملة غايتها الاسمى ، فرض سلطة الشعب ، بتصفية سيطرة وهيمنة الاقطاع والرأسمالية الوسخة ، والنظام المخزني الرافض للديمقراطية ولو في حدودها الدنيا ، التي تقف عائقا في وجه التحرر الوطني الديمقراطي الحقيقي ..
ج ) فشل النظام المخزني في الميدان الاجتماعي : كما فشل النظام المخزني في ميدان التحرير ، حين دخلت القضية الوطنية عنق الزجاجة ، وفشل في الحقل الديمقراطي ، حين لم يستطع النظام التخلص من غلافه المخزني ، ليتحول الى دولة ديمقراطية تندمج بسلاسة مع الدول الديمقراطية ، التي ستكون حاجبا لها ، لان الدول الديمقراطية ومن اجل الديمقراطية ، تتضامن ببعضها ضد المحاولات المجهضة للديمقراطية ، فان النظام المخزني فشل في الحقل الاجتماعي الفشل الذريع ..
ان الجديد الذي عرفه نظام محمد السادس في الحقل الاجتماعي الذي تدهور بشكل غير مسبوق ، هو اغتناء الملك ، وعائلته ، واصدقاءه ، والمحيطين به ، والمقربين منه ، ومنهم الطبقة الكمبرادورية السائدة المسيطرة على ثروات المغرب .. فالاغتناء الذي عرفه نظام محمد السادس ، هو اغتناء طفيلي غير مشروع . لأنه بقدر ما نفخ ارصدة الملك ، والطبقة السائدة بشكل غير مشروع ، فانه لم يعد بفوائد إيجابية على الصعيد الاجتماعي للشعب المغربي ، الذي تحول الى جماعات من المتسولين ، بعد ان كان شعب الجبارين الصناديد . كما لم يسمح هذا الاغتناء الطفيلي ، بضخ أي تغيير على صعيد ( الاقتصاد ) الوطني ، الذي يعيش اليوم ازمة خانقة غير مسبوقة ، او سمح باستثمار وترويج رساميل جديدة ، في ميادين حيوية كالصناعة مثلا . بل ان هذه الطبقة ، قد عملت وفقا لأيديولوجيتها ، على التبذير ، والاغراق في مصاريف البذخ ، والاستيلاء على الثروة ، وتهريبها الى خارج المغرب .
ان اغتناءها هذا ، قد تم مقابل تفقير ، وافقار الشعب والجماهير ، التي أضحت تعيش اليوم تحت عتبة الفقر . ورغم ذلك مواصلة النظام استغلالها كحيوان مفترس جائع ، يأكل ولا يشبع ، مصاب بمرض البوليمية ..
ان ما تميز به عهد محمد السادس الفريد لوحده ، بالمقارنة بجميع الملوك الذين تعاقبوا على راس الدولة العلوية ، هو التضافر في استغلال الانسان للإنسان ، عن طريق الاستبداد والقمع ، بشتى اشكاله وانواعه . ان الشعب الذي لعب الدور الأساسي الحاسم في النضال ضد الكلونيال الفرنسي ، وتجند للنضال من اجل الدفاع عن الوحدة الترابية للمغرب ، وجد نفسه بين عشية وضحاها منذ العشرية الأولى من الالفية الثالثة ، وبشكل اكثر ، ليس في نفس الأوضاع المزرية التي عاشها ابّان الاستعمار، وفي عهد الحسن الثاني . بل ان الأوضاع في عهد محمد السادس الملك الفريد من نوعه من بين الملوك العلويين ، لم تزد الاّ تدهورا واستفحالا ..
ان اول ضحية لهذا التدهور ، هم صغار الفلاحين ، والفلاحون الفقراء الذين تعرضوا ، ويتعرضون لشتى أنواع الاضطهاد الاقتصادي والاجتماعي . فاستيلاء الطبقة الاقطاعية الرأسمالية على اهم مرافق الإنتاج الفلاحي ، وفصلها عن الحاجيات الوطنية الحقيقية ، المدعمة بالسياسة القمعية للدولة المخزنية ، الرامية الى افقار الفقراء ، ليتحول المغرب الى شعب من المتسولين ، وخدمة المحظوظين ( نظام توزيع الأراضي ، الضرائب اللاشعبية ، نظام البذور ، السماد ، القروض ، نزع الأراضي بالتحايل بواسطة القانون ...) ، قد جعلت افواجا كبيرة من صغار الفلاحين يفقدون ارضهم . بل يفقدون حتى إمكانية " تخمّاسْتْ ّ التي كانت متداولة في الطريقة التقليدية ، التي انقرضت ، ويصبحون عرضة للبطالة بشكل واضح او مقنع .. الوضع الان بالبادية المغربي اكثر من كارثي ..
اما الفلاح الذي يستمر في وضعية المالك لقطعة من الأرض ، فانه يوفر في اقصى الحالات ، الحد الأدنى الضروري للمعيشة ، التي تأثرت بدورها بالجفاف المتعاقب ، وبالقروض الظالمة ، وبالإجراءات ، وسياسة الطبقة السائدة المفقرة .
لقد أصبحت بذلك فئة واسعة من الفلاحين الفقراء ، تعيش في نوع من العزلة المفروضة ، محرومة من أي تطور او تحسن في أوضاعها . بل على العكس من ذلك ، تزداد هذه الأوضاع تفاقما ، بازدياد الحجم البشري لهذه الفئة . واذا علمنا ان ازيد من 40 في المائة اليوم ( تقلصت النسبة بسبب الهجرة ) يعيشون في البادية ، ويعانون في مثل هذه الظروف المعيشية ، ادركنا خطورة الموقف ، وحجمه الحقيقي على المستوى الوطني ككل ..
ان تدهور أوضاع صغار الفلاحين ، والفلاحين الفقراء ، يؤدي حتما الى تكثيف الهجرة الى المدن ، كملجأ للبحث عن لقمة العيش . والنتيجة المباشرة لذلك ، هي تكديس أفواج العاطلين ، واشباه العاطلين في مدن القصدير ، الى درجة أصبحت فيها البطالة ظاهرة هيكلية دائمة داخل المجتمع المغربي .
ان تعاظم وتضخم البطالة في عهد محمد السادس بشكل فضيع ، التي تمس ازيد من 70 في المائة من السكان، ناهيك عن العنصر النسوي العاطل اغلبه .. لهو دليل واضح على تدمير النظام لقوى الإنتاج ، والانعكاس المباشر للطابع الطفيلي اللاّوطني ، في السياسة الاقتصادية والاجتماعية ، التي ينهجها محمد السادس المسؤول الأول عن نتيجة الوضع الحالي .
ان الأغلبية الساحقة من الشعب المغربي ، الفلاحون الفقراء ، جمهور المعطلين ، واشباه المعطلين .. يشكلون الفئات الأكثر تضررا من ( السياسة اللاّسياسة ) الاقتصادية التبعية . فهي بالتالي معادية موضوعيا للطبقة السائدة ، وتشكل خزانا ثوريا هائلا ، من شانه ان يساهم بشكل حاسم وفعال ، في عملية تغيير الأوضاع القائمة ، كما ساهم سابقا بشكل أساسي في عملية طرد الكلونيال الفرنسي المباشر من المغرب ..
اما أوضاع التجار الصغار ، والحرفيين ، وصغار الموظفين ، والاطر التي استغل النظام " كورونة فيروس " ليوجهه ليزيد في قتلهم ، واذلالهم ، واهانتهم .. فان نتائج السياسة ( الاقتصادية ) لمحمد السادس المتجلية في تجميد الأجور ، مقابل الارتفاع المهول للأسعار ، التي شملت الادوية ، والقوت اليومي للشعب ، وسياسة الضرائب لتضخيم خزينة الملك وعائلته ، والمزاحمة والاستغلال من طرف الوسطاء ... هذه النتائج تنعكس مباشرة على تدهور أوضاع الجماهير ، وأوضاع الفئات الصغرى الفقيرة ، والدفع بها باستمرار الى موقع الطبقات الشعبية الكادحة ..
اما أوضاع الطبقة العاملة ، فقد أصبحت في عهد محمد السادس ، اكثر عرضة للاستغلال من طرف ( الرأسمال ) الوطني ، ومن طرف الرأسمال الدولي في آن واحد. ( رونو / بيجو ) .. فإنها أيضا تعاني من الانخفاض المستمر لقدرتها الشرائية ، الناتج عن تدني الأجور ، مقارنة بالارتفاع المهول للأسعار ..
ان انتقال بلادنا من طور الاستعمار القديم ، الى طور النيواستعمار ، في حلته المخزنية ، وبتشعباتها الكمبرادورية ، والنيوبتريمونيالية ، والنيوبتريركية ، والنيورعوية .. يبرز لنا علاقات التبعية ، واستمرار الهيمنة الفرنسية ، مقنعة وراء الوسطاء ، والعملاء المحليين . لكنه لا يخفي الصراع الداخلي ، والتناقضات القائمة داخل مجتمعنا ، لا سيما وانّ الهيمنة تتم عن طريق طبقة تخدم المصالح الامبريالية ، وتستفيد منها بالمناسبة ..
وبناء على ما تقدم من معطيات حول الواقع الاجتماعي ، والواقع الاقتصادي ، ظل الاستقلال الشكلي يبين بجلاء ، ان المجتمع المغربي ، يعيش تناقضا رئيسيا صارخا ، يضع وجها لوجه قوتين متنافضتيْ المصالح :
--- من جهة النظام المخزني الراعي للإقطاعية ، والرأسمالية الوسخة ، التي تفترس ، وتستهلك ، ولا تنتج ، والتي تعمل مع الاحتكارات والرأسمال الفرنسي ، على تركيز وتدعيم الهياكل الاستعمارية والاستغلالية .
--- ومن جهة ثانية ، القوات الشعبية المؤلفة من أوسع الجماهير المحرومة والمستغلة ( الطبقة العاملة ، الفلاحون الفقراء ، وباقي الجماهير الكادحة من صناع ، وتجار صغار ، وحرفيين ، ومثقفين ثوريين .... ) ، التي دأب النظام المخزني المعبر السياسي عن التحالف الاقطاعي الماضوي ، والرأسمالي العفن والوسخ ، على اتخاذها مادة للاستغلال ..
د ) فشل النظام المخزني في الحقل الاقتصادي : اذا كان الحسن الثاني في احد خطاباته الديماغوجية ، قد تكلم عن السكتة القلبية ، التي يعني منها ( الاقتصاد المغربي ) المخزني ، وفي الحقيقة لم تكن هناك سكتة قلبية . بل كان الهدف من الخطاب ، جر الاتحاد الاشتراكي للدخول الى الحكومة التي هي حكومة الملك ، لتنفيذ برنامج الملك . ومن ثم إزالة اللثام عن المرامي الحقيقية التي سيدخل من اجلها الحزب الى حكومة الملك .. أي ان الحسن الثاني كان يبحث عن آلة ، او سيلة ، او وساطة ، تختبئ وراء الشعارات البراقة ، لجرها وفضح دورها ، عندما ستشرع في خدمة برنامجه الملك ، لأنه هو من يحكم .. فان دخول الحزب في حكومة الملك ، كان كارثيا بالنسبة ( للاقتصاد الوطني ) المخزني .. ففي ظل الحكومة التي دخلها الاتحاد الاشتراكي ، حصلت عملية خصخصة المؤسسات الوطنية الاستراتيجية بشكل مهول ، وعرفت الأسعار زيادة مهولة ، اثقلت الشعب المفقر .. وكل هذا حصل بالتآمر مع النقابات CDT ، التي اغمضت العين ، بدريعة الحفاظ على السلم الاجتماعي ، الذي كان على حساب الشعب .. وهو السلم الذي لا يزال الى اليوم .. وسيستمر ، لان الجميع اضحى صدفية فارغة ، واضحى يعيش على كنف النظام ، لا العكس ...
اذا لم يكن هناك تهديد بالسكتة القلبية ، التي كانت فخا منصوبا ، لتبرير مواصلة نفس السياسة الاقتصادية ، بعملاء جدد في صفة اشتراكيين ، وهم اشتراكيو الملك .. فان محمد السادس يعتبر اول ملك اعترف بفشل نموذجه التنموي ، رغم انه لم يكن هناك نموذج اطلاقا .. لكن دون ان يقدم البديل عندما طرح ما يسمى بالنموذج التنموي الملكي الذي يجب انتظار 2035 للاستفادة من نتائجه ..
ان الدولة المخزنية هذه ، بتكتيكها ، وديماغوجيتها ، وحربائيتها ، بين الاعتراف بشيء غير موجود يسمى بالسكتة القلبية ، وهو فخ تم نصبه للاتحاد الاشتراكي لا فراغه من شعارته الديماغوجية ، حين اصبح ومن داخل الحكومة ، ينفد برنامج الحسن الثاني ، وبين الاعتراف محمد السادس بفشل نموذجه التنموي الذي لم يكن موجودا أصلا ، وهو اعتراف بفشل الحكم السياسي ، فان دولة كهذه تشبه مضخة تسقط ما ينتجه الشعب في الداخل ، وقمعا يسكب في جوفها ما تتسول باسم الشعب من الخارج ، وهي حالة نوعية خاصة . أي حالة مغربية استثنائية .
فهي على سبيل المثال ، تتحدث طوال الوقت عن التنمية ، ومصادرها ، وتراكم رؤوس أموالها ، وخططها ... الخ .. لكنها وهذه هي الحقيقة ، لم تحدث أي تبدل في بنية علاقاتها مع السوق الدولية كعلاقات تبعية . بل بالعكس لقد وطدتها الى اضعاف ما كانت عليه في عهد الحسن الثاني مع فرنسا . ومع ذلك فان النظام المخزني الذي اعترف بفشله ، وهو فشل كان معروفا من خلال التقارير التي كانت تبعث بها مديرية مراقبة التراب الوطني ، الى المجرم المكلف بالشؤون السياسية ، وحتى الأمنية بوزارة الداخلية ، العامل المدعو عبدالسلام الزيادي ، وفي غيابه كانت البرقيات تصب عند رئيس الدائرة المكلف بالمكتب 16 المسمى بولويز ، وعند الخليفة المسمى رافا بنفس المكتب .. أي رغم الاعتراف بالفشل ، فالنظام لم ينقطع عن الكلام عن التنمية الغير موجودة . ولو كانت هناك حقا تنمية . هل كان للوضع الاقتصادي والاجتماعي ، ان يكون مزريا ، وبشهادة الواقع المعاش ، وبشهادة المنظمات الدولية المتخصصة ..
اما كيف تحدث التنمية فعلا ، فذلك امر يدل عليه العجز التجاري الخارجي ، ومديونية الدولة المخيفة الخارجية والداخلية ، والتضخم النقدي الزاحف ، وتدهور انْ لم نقل انهيار الزراعة عند الشعب ، وتعاظم الطابع الاقتصادي كاقتصاد احادي المنتوج ، وتزايد الهجرة من القرية الى المدينة ، والهجرة الغير منظمة الى اسبانية ، كباب للوصول الى اوربة ، والفقر الذي يسحق جماهير واسعة من الشعب المفقر ، وبلغ درجة فظيعة في كل قطاع ، ووصل حتى الى صفوف الطبقة الوسطى ، والشرائح المرتفعة منها . ومع ذلك فان هذه البنية الجلية للمجتمع ، التي أساسها احتلال السلطة السياسية ، واحتلال الحكم الفردي ، وليس العمل والإنتاج ، لم تنجم عن برامج تنموية ، قامت على قلب هياكل العلاقات الاجتماعية والطبقية ، لصالح مجتمع جديد ، هو المجتمع الصناعي البرجوازي . بل نجمت ببساطة شديدة ، عن دخول علاقات رأسمالية ملجومة ومُفرْملة ، الى كل مكان من المجتمع ، جاءت معها بالفعل التدميري و التخريبي للرأسمالية ، وتركت الجوانب الثورية والتقدمية منها . ومن هيمنة هذا النمط من الدولة ، التي تعتبر دولة افتراسا ونهبا في الداخل ، مع تهريب ثروة الشعب الى اوربة .. ودولة تسول في الخارج لا تصلح الى إقامة أي مشروع تنموي كبير ، اللهم صناعة الكذب ، واللعب على تطويل الوقت ..
ان ( اقتصادا ) من هذا النوع المشلول ، لا يسمح بحصول تبدل للعلاقات الاجتماعية ، تتحرر على اثره الجماهير من سلطة العمل التسخيري ، والاستغلالي .. فيقدف بها هذا اللاّاقتصاد الى الهجرة الى المدن ، حيث لا تجد امامها سوى أجهزة الدولة القمعية ، من بوليس ، ودرك ، وجيش ، والجهاز السلطوي الذي يجلد الناس بطريقة الباشا لگلاوي في الشوارع ، والدروب ، والازقة .. نظرا لانعدام تنمية صناعية تستطيع استيعابها ، وامتصاص طاقاتها ..
ان هذا النمط من التنمية اللاّتنمية ، هو اكبر دليل على ان المجتمع يضعف ، بقدر ما يتقوى النظام المخزني ، وعلى ان جميع الاقنية الاجتماعية صارت مرتبة ، بحيث تصب في النهاية في مصالح الملك ، وعائلته ، واصدقاءه ، وفي مصلحة الاقطاع الفيودالي البالي ، والرأسمالية العفنة والوسخة .. لكن هذا الانصباب في مستنقع النظام سيفجرها ، لأنه يجر اليها التناقضات الاجتماعية والسياسية ، مع الكتل التي تدخل في صفوفها ، وهذا يعزز بدوره تدهورها ، وانهيار عملها ، وتعاظم حق المجتمع عليها ..
في نمط تنمية لا تنمية كهذا ، يرتفع الى اعلى ، عشرات . بل مئات الحكام كذئاب ، وينزل اسفل ملايين البشر كقطيع غنم . على ان ارتباط الذئاب بالسوق الرسمالية كبير ، الى درجة ان نمط استهلاكهم ، يعوضها عن خسارتها للمجتمع ، الذي تنخفض قدرته الشرائية ، ويخرج اكثر فاكثر من عالم التبادل النقدي ..
على ان الدولة المخزنية هذه ، تتصف بأمر هام : فهي دولة توتاليتارية شاملة . انها لا تبقى فقط في الرباط ، والدارالبيضاء ، والمدن الكبرى . بل تمد جهازها الى كل مكان . لذلك سببان :
1) فحتى تنهب المجتمع ، والشعب نهبا شاملا حتى العظم ، يجب ان تكون موجودة في كل توصيفاته ..
2) ولكي تقمعه قمعا شاملا ، يجب ان تكون حاضرة في كل زواياه .
اذا كان النهب والافتراس يوحد غالبية المجتمع الساحقة ضدها ، فإنها يجب ان تضطهد وتقمع هذه الغالبية . واذا كان القمع سيستفز المجتمع ، فيجب ان تكبته ، حتى وهو قائم فعلا . أي من قاعدته العريضة ، صعودا الى صفوف الشرائح العليا . وفي الحالتين يجب ان تكون سياستها شاملة ، وان يكون وجودها شاملا .
فممارسة السياسة الشاملة ، تعني ان وجود الدولة المخزنية ، هو وجود " اجتماعي " ، يمتد الى سائر نقاط الرقعة الاجتماعية ، ولكن ليس بوصفها رقعة للمجتمع . بل بوصفها رقعة للدولة فقط . ان هذه السياسة الشاملة ، تنزل الأذى بكل من يقيم تماسا معها ، من الطبقات ، والفئات ، والشرائح الاجتماعية .
ولأنها دولة توتاليتارية شاملة وشمولية ، فإنها تطرح القضايا المعلقة ، بما يوطد تفوقها على مجتمعها . فتصير مسألة في أهمية المسألة الزراعية مثلا ، عنصرا نهب الزراعة ، وليست أداة حل مشاكل الفلاحين والشعب . وتتحول القضايا الوطنية الى قيد على الشعب والوطن ، بدل ان يكون أداة من أدوات تحرره ..
---- المرحلة الحالية والاحتمالات المقبلة : ماهي محددات المرحلة ؟
ان الازمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية العامة ، التي يرفل فيها نظام محمد السادس بشكل لا يطاق ، ليست وليدة العشرية الأولى من الالفية الثالثة . واذا كان من الواضح والمؤكد ، ان لهذه الازمة طابعها الظرفي الخاص ، فان استحضار محدداتها المرحلية ، واساسا ابراز عمقها الثابت ، واسبابها الهيكلية ، امر ضروري لتلافي التحاليل الجزئية ، والخلاصات المبتورة .
ان تسلط اقلية من لفوف الاقطاع ، والرأسماليين السماسرة على مقاليد الحكم غداة الاستقلال الشكلي ، كورثة للاستعمار ، ووكلاء عنه ، جاء ليجهض المسيرة النضالية التي خاضتها الجماهير الشعبية العريضة ، ضد النظام الكلونيالي المباشر ، من اجل فرض طموحها في الاستقلال ، والعيش في كرامة وحرية .
ورغم محاولة الحكم إضفاء طابع الشرعية على هذا الواقع ، سواء بالتناور السياسي ، او بالقمع ، وبقوة الجبر والقهر .. فانه لم يتمكن في الحقيقة الاّ من اجترار الوضع ، واطالته زمنيا ، معمقا في نفس الوقت التناقض الأساسي الذي تتواجه فيه أوسع الجماهير الشعبية ، مع حفنة المستغلين السماسرة ، ومنتقلا به الى مستويات اكثر حدة وشدة . وقد شكلت اللعبة الانتخابوية ، الى جانب القمع الممنهج الدائم ، الاطار المستمر لمحاولة التنفيس عن هذا التناقض ، بتمييع الصراع ، ومحاولة تحريفه عن جوهره الطبيعي الحقيقي : فرض سيادة الشعب ، وتحكمه في مصيره . وقد استفاد النظام في ذلك من عمليات الإجهاض التي كانت قيادة الحركة الوطنية التقدمية ، تكسر بها نضالات وتطور هذه الحركة ، سواء بمغامراتها الفوقية ، وبتذبذباتها ، ومناوراتها الغامضة أحيانا ، وخيانتها الوضحة أحيانا أخرى ..
غير ان هذه الحلول الموسمية التي يلجأ اليها النظام باستمرار ، لفك طوق عزلته التي يشهد بها اليوم الجميع ، سرعان ما كانت تصطدم بالواقع الموضوعي العنيد ، الذي لا يحتمل لا الترقيع ، ولا المداورة . وهكذا ظلت الازمة السياسية ، ازمة الديمقراطية المفقودة بالبلاد ، ولا تزال ازمة هيكلية تنخر الحكم السياسي القائم ، كحكم يفتقد أيديولوجيا ، وسياسيا ، واقتصاديا ، واجتماعيا ، لأدنى مقومات العيش في العصر الراهن ، عصر الديمقراطية ، وحقوق الانسان ، وعصر العدالة الاجتماعية ، والمساواة بين المواطنين . وهذا الضعف البيّن ، هو من الأسباب الرئيسية التي جعلت نظام محمد السادس معزولا دوليا ، ومعزولا شعبيا .. بل اضحى النظام ورأسه ، غير مرغوب بهما دوليا ..
ان هذه الحقيقة الأولية لم تبق قائمة فقط . بل ازدادت رسوخا ووضوحا ، طوال تولي محمد السادس الحكم ( لكن من يحكم ) . ان المسالة الأساسية التي أعطت لهذه المرحلة خصوصيتها وتعقيداتها في آن ، هي من جهة سؤال الساعة : من الحاكم الفعلي للدولة ؟ ومن جهة مسالة السيادة الوطنية ، وما تعرضت له من تشوهات ، وما ترتب عنه من اجماع مزيف حول الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، وبالشعب الصحراوي ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار .. اجماع لم يكن في الحقيقة سوى غطاء لذيلية القيادات الانتهازية المتخاذلة ، وانجرارها من دون شروط ، وراء سياسة النظام عند الاعتراف بالجمهورية الصحراوية .
واذا كان استغلال هذه القضية من موقع التحكم والمبادرة ، قد مكن الطبقة السائدة من تجاوز تناقضاتها مرحليا / مؤقتا على الأقل ، وسمح لها باسترجاع البعض من مصداقيتها المفقودة ، فان الموقف الأخير للدول العظمى ، والدول صاحبة الفيتو من اعتراف Trump بمغربية الصحراء ، ودعوة الرئيس John Biden للتراجع عن الاعتراف الترامبي Trump ، كان ضربة قوية لسياسات النظام المتهالكة ، والفاشلة في قضية الصحراء المغربية . وكان إعادة اخراج العلاقات مع الدولة الصهيونية ، ومقايضتها بالقضية الفلسطينية ، اكبر ضربة يتلقاها النظام . لان إسرائيل سايرت حلفاءها في الاتحاد اوربي ، وواشنطن بالدعوة الى المشروعية الدولية التي تعني تقرير المصير .. ولا ننسى هنا ان الدولة العبرية لا تعتبر جبهة البوليساريو منظمة إرهابية ، شان حلفاءها الاوربيين، والامريكان .. وتعبر مدينتي سبتة ومليلية مدنا اوربية ، تشكلان الحدود الاوربية الافريقية .. فماذا جنى انظام الذي خسر كل شيء ، ولم يظفر بشيء ، في حين ربحت إسرائيل كل شيء ، ولم تتنازل عن أي شيء ..
وهنا لابد من الإشارة الى الوضع المرتبك ، لما يسمى بالإجماع حول القضية الوطنية :
1 ) ان ما سمي الاجماع ، وهو اجماع الصدفيات الفارغة حول الصحراء ، لم يكن في الحقيقة سوى اجماعا وانفتاحا للنخبة على نفسها ، وعلى بعضها البعض . واقطاب القيادات الانتهازية ، لم يكونوا يمثلون داخل الاجماع المفضوح ، سوى انفسهم ، ومصالحهم الفئوية الضيقة . بل انهم كانوا ممثلي هذا الاجماع المتسلطين داخل الحركة التقدمية المندثرة . فالإجماع كان بالضرورة انتقائيا ، لا يتوجه الاّ لمن استعد للعمل في دائرة التزكية اللامشروطة ، لاستراتيجية الطبقة السائدة وخططها ، مقابل الانتفاع المصلحي الضيق . والحالة هذه ، فانه لم يكن ليعود بأية فائدة ملموسة لصالح القضية الوطنية ، ولصالح الشعب المسحوق ، لا على المستوى الاقتصادي ، ولا على المستوى السياسي .
2 ) ظل ما يسمى بالإجماع تبعا لذلك ، قائما على أرضية اقتصادية واجتماعية متفجرة . فالواقع الاقتصادي والاجتماعي ، لم يشهد أي تطور إيجابي من شانه ان يدعم التحالف النخبوي الفوقي . بل على العكس من ذلك ، استمر في التدهور والتأزم ، منعكسا على الجماهير الشعبية بالمزيد من القهر والتفقير ..
واذا كان النظام قد تمكن من إطالة اجماعه المزعوم ، اجماع الصدفيات الفارغة ، بفضل فراغ الساحة كليا الاّ من النظام .. فان الواقع الموضوعي كان اعند واقوى . وهذا ترجمته المحاكمات السياسية بالملفات والمحاضر البوليسية المزورة ، وترجمته قواعد المناضلين بمختلف سجون الملك ، واكدته بشكل قاطع حركة 20فبراير المجهضة ....
المحور الثاني : العزلة الدولية للنظام المخزني .
هل النظام المخزني ، وعلى راسه محمد السادس معزول دوليا ؟ واذا كان الامر كذلك . ترى ما هي أسباب هذه العزلة القاتلة ، التي لم يسبق في تاريخ الأنظمة (السياسية ) التي حكمت ضمن الدولة العلوية المخزنية ، ان تعرض نظام لها ، كما هو حال اليوم لمحمد السادس ولنظامه ( السياسي ) .. ؟ وعندما نرى العزلة القاتلة للنظام دوليا ، سواء من قبل الاتحاد الأوربي القوة الاقتصادية ، او الاتحاد الافريقي ، او حتى من قبل دول الخليج ، حيث خططت كل من السعودية والامارات في وقت مضى لقلب محمد السادس كشخص ، وليس كنظام .. وهنا منْ هو البديل الذي كان مطروحا لتعويض محمد السادس ؟ هل الحسن ابنه ؟ هل الأمير هشام الذي يحتفظ بعلاقات قوية مع دول الخليج ، خاصة السعودية ؟ وهل المغرب اصبح دولة موز رخوية ، حتى تغير السعودية والامارات شخص الملك ، رغم الاختلاف حول ( حكمه ) ، لان المسألة هي مغربية مغربية بالأساس .. حتى تتدخل فيها أنظمة لا علاقة لها بالديمقراطية اطلاقا .. ؟ وهل الدول الغربية التي عزلت محمد السادس ، وعزلت نظامه ، ستظل تتفرج على تدخل سعودي اماراتي في المغرب ، الذي كان جيشه ، وبوليسه يحمي حكامهم ؟
الوضع اليوم في عهد محمد السادس جد مرتبك ، وجد معقد ، بخلاف العلاقات التي سادت بين النظام المغربي في عهد الراحل الحسن الثاني ، وبين الدول الاوربية .. فرغم دكتاتورية الحسن الثاني المقززة للأوربيين ، فالعلاقات كان يسودها بوجه عام الاحترام المتبادل .. وهذه العلاقة من الاحترام ، فرضتها شخصية الحسن الكاريزمية ، وفرضتها ثقافته الواسعة .. وهنا لا ننسى ان اكبر الدول كان تأتي للتشاور مع الملك ، واخذ النصيحة والمشورة .. كما ان جمعه بين المحافظة الاصيلة والاصلية ، وبين التموج في الثقافة الاوربية ، خاصة الفرنسية ، قد جعله رغم بطشه بالمعارضة ، محط احترام الجميع ...
وبالرجوع الى تاريخ ملوك الدولة العلوية المخزنية ، خاصة بعد استقلال المغرب استقلالا شكليا ، لم يسبق لأية دولة اوربية قبل انشاء الاتحاد الأوربي ، ان جاهرت وامام المليء الفضائي الإعلامي ، بمعارضتها لمغربية الصحراء .. لقد كان الاوربيون من تحت الطاولة يدعون الى حل الأمم المتحدة ، لكنهم لم يسبق ان جاهروا بموقف ضد الصحراء .. كما لم يسبق في التاريخ ، ان يتجرأ البرلمان الأوربي المؤسسة التشريعية ، التي ترسم خارطة الطريق التشريعية للاتحاد الأوربي ، ان أصدرت قرار ادانة في حق شخص الحسن الثاني .. بل لم يكن بمقدور أي دولة من الاتحاد الاوربي ان تملك الشجاعة لتفكر في ذلك ، فأحرى ان تجهر به ، او ان تصدره .. كما لم يسبق للحسن الثاني ان سافر الى بلد ، دون توجيه دعوة رسمية له كقائد كبير ، ولم يسبق مرة ان طار الى امريكا من دون دعوة ، وعندما وصل الى المطار ، استقبلته كاتبة ، او مدير بوزارة الخارجية ، ولم يستقبله الرئيس ( الولايات المتحدة الامريكية وروسيا ) ، الذين لا يترددون في استقبال زعماء إسرائيل ، وحكام السعودية .. فدخل الملك في جنح الظلام ، وخرج في جنح ظلام احلك منه ... كما لم يسبق للحسن الثاني ان حضر مؤتمر قمة عربية ، حيث كانت ثقافته تتجسد في خطاباته التي كان الجميع ، وبما فيهم اعداءه ، ينصتون اليها بإمعان ، وباحترام كبير .. انْ حضر مؤتمرا ، وترك الملوك والرؤساء مؤتمرين ، وهو خرج يتجول غير مبالي بما يجري، في عاصمة الدولة التي نظمت مؤتمر القمة العربية ( الجزائر ) ... وفي زمن الحسن الثاني . هل كان لرئيس اوربي ، او أي رئيس في العالم ، ان يقلل منه ، او يهينه ، وهو الذي كانت جنازته مؤتمرا دوليا حضره زعماء الدول الكبرى ، وعلى راسهم الرئيس كلينتون ، والرؤساء الاوربيين ، فأحرى ان يخرج سفير فرنسا بالأمم المتحدة في حق النظام المغربي ، وفي حق راسه ، وليس في حق المغرب ، ولا في حق الشعب المغربي ، حين وصف المغرب بالعشيقة التي تجامعها كل ليلة ، رغم اننا لسنا بالضرورة مغرمين بها ، لكننا ملزمون بالدفاع عنها .. حصل هذا والدولة الفرنسية ، رئاسة الجمهورية ، ووزارة الخارجية لم يصدر عنهما أي بيان ادانة او استنكار .. وكما يقولون السكوت من علامات الموافقة والتأييد والرضى .... والخطورة ان نظام الاهانات ، هضم إهانة السفير ، ودفن راسه في الرمل ، حتى تمر الفضيحة التي لو حلت زمن الحسن الثاني ، لترتبت عليها مشكلة دبلوماسية كبيرة ...
لقد تغير كل شيء في عهد محمد السادس ، فتدحرجت مكانة المغرب دوليا بشكل مخيف في جميع الحقول والميادين .. واصبح ما كان من المكتسبات الدولية ، مشكوك فيه اليوم . بل لم يعد كذلك واصبح مطعون فيه .. ولأول مرة في تاريخ العلاقات بين النظام المغربي لمحمد السادس ، والاتحاد الأوربي ، والولايات المتحدة الامريكية ، وروسيا ، وكندا ، والصين ، والاتحاد الافريقي .. يجهر الاتحاد ، وعلى راسه اسبانية ، وفرنسا ، وألمانيا بمعارضتهم لمغربية الصحراء من خلال رفضهم لاعتراف Trump بمغربية الصحراء .. بل وجهوا دعوات مفتوحة وجهرا الى الرئيس John Biden ، بالتراجع الفوري عن اعتراف Trump بمغربية الصحراء ، وهو التراجع الدي عبرت عنه محطات عديدة للإدارة الامريكية .. فحتى فتح قنصلية افتراضية بمدينة الداخلة المتنازع عليها ، ذهب ادراج الريح ، وأصبحت الإدارة الامريكية تدعو الى التشبث بالحل الاممي ، و بالمشروعية الدولية .. بل والخطورة فانهم لم يشيروا ولو بالأصبع ، لحل الحكم الذاتي الذي مات قبل ان جف الحبر الذي كتب به .. ولم يسبق كذلك في تاريخ القرارات التي دأبت الجمعية العامة للأمم المتحدة ان اتخذتها منذ سنة 1960 ، ولا القرارات التي أصدرها ، ويصدرها مجلس الآن منذ بدأ النزاع المسلح ، ان اشارا ولو بالأصبع ، ومن بعيد لحل الحكم الذاتي الذي اقترحه الملك في سنة 2007 ، لينقد عرشه من السقوط ، وحتى يستمر في الاستفراد بثروات الصحراء ، مثل استفراده بثروات الشعب المغربي الفقير والمفقر ..
ونطرح السؤال :
--- ماذا يعني رفض الاتحاد الأوربي ، وكل دول الفيتو بمجلس الامن ، اعتراف Trump بمغربية الصحراء ؟
--- ماذا يعني تراجع John Biden بالاعتراف الترامبي Trump بمغربية الصحراء .. بل رفض الاعتراف ، وليس فقط التراجع .. ؟
--- ماذا يعني ان يقف الاتحاد الأوربي كرجل واحد ، وبما في ذلك فرنسا ، مع اسبانية في ازمتها مع النظام المغربي الذي خسر رهانها ، واصبح فاقدا للبوصلة تائها على طريقة الديك المبدوح ؟
--- ماذا يعني ان يعتبر الاتحاد الأوربي مدينتي سبتة ومليلية مدنا اوربية ، قبل ان تكون اسبانية ، ويعتبر حدودهما ، الحدود الاوربية الافريقية ؟
--- ماذا يعني وقوف حلف الناتو الذي ضمنه الاتحاد الأوربي مع اسبانية ؟
--- ماذا حين يصدر البرلمان الأوربي قرارا يدين الملك محمد السادس شخصيا ، ومنه يدين نظامه ودولته ؟
--- ماذا يعني ان العالم تضامن مع اسبانية ، ووقف ضد مغربية الصحراء . لكن للأسف ، ولو دولة واحدة تضامنت مع النظام المغربي ؟
--- ماذا يعني الاّ تتضامن معك الأنظمة ( السياسية ) العربية في الازمة مع اسبانية التي تضامن معها العالم ؟
--- ماذا يعني ان الاتحاد الافريقي الذي انت جزء منه ، لم يتضامن معك تضامن الاتحاد الأوربي مع اسبانية ، وتضامنهم جميعا ضد مغربية الصحراء ؟
--- اليس عدم تضامن النظام ( السياسي ) العربي ، والاتحاد الافريقي مع النظام المغربي في ازمته مع الدولة الاسبانية ، هو تضامن صريح مع اسبانية ، ضد النظام المغربي الذي خسر كل شيء ، وافلس ، وفشل في كل شيء ؟
--- ماذا عندما تخرج العلاقات السياسية والدبلوماسية مع الدولة الصهيونية الى العلن ، مقايضة بالقضية الفلسطينية . لكن إسرائيل لم تعترف لك بمغربية الصحراء ، وتتمسك بالمشروعية الدولية اسوة بحلفائها الاوربيين ، ولا تعتبر جبهة البوليساريو منظمة إرهابية ، كما حاول التسويق لذلك الجهاز البوليسي المغربي وفشل ( الخيام DGST ) ، وتعتبر سبتة ومليلية مدنا اوربية ، وليستا مدنا مغربية ، رغم ان الجغرافية ناطقة لوحدها بما فيها ؟
--- وماذا عندما تتراجع واشنطن عن اعتراف Trump بمغربية الصحراء ، وتشدد الإدارة الامريكية على المشروعية الدولية ، وتدعو مرات ومرات Antonio Guêtrasse الأمين العام للأمم المتحدة ، بالإسراع بتعيين مبعوث شخصي للأمين العام في نزاع الصحراء الغربية ؟
--- ولو لم تتراجع الإدارة الامريكية عن اعتراف Trump بمغربية الصحراء . بل رفضها لمغربية الصحراء . هل كان لها ان تدعو الى الحل الاممي ، وتدعو الأمين العام للأمم المتحدة لتعيين مبعوث شخصي له في نزاع الصحراء ؟
عندما طرح النظام قضية الصحراء ، فهو طرحها كحاجب وحائط يقيه محاولات قلب النظام ، وطرحها كخيرات وثروات يستغلها لوحده ، مثل استغلاله لوحده لثروات الشعب المغربي ، وتهريب تلك الثروات الى الابناك العالمية في اوربة . وبتلك الثروات المهربة طبعا تتم عملية شراء القصور بفرنسا ، وشراء اليخْتات ، والساعات المصنف المرصعة بالماس .. وتبذير ثروة المغاربة الذين فرض عليهم التفقير طولا وعرضا .. بل وظهور فضائح على السطح خدشت سمعة الدولة ، وسمعة المغرب والمغاربة .. وكانت من العوامل الأساسية للعزلة الدولية التي يعاني منها الملك ، ونظامه اليوم .. بل عزلة حتى من قبل النظام ( السياسي ) العربي ، الذي لا تزال قطر لا تعرف بمغربية الصحراء ، وعودة العلاقات مع الامارات والسعودية ، هي عودة مصالح ضيقة ، سرعان مع ستتلاشى ، ليعود الموقف من النظام الى عهد سابقه ..
النظام المغربي ربط الصحراء بوجوده ، لأنها باب فتح جهنم عليه ، وخاصة وهو يعلم ان القبائل التي حكمت المغرب جاءت من الصحراء ، وسقطت من الصحراء كذلك .. والصحراء كادت ان تسقط نظام الحسن الثاني اكثر من مرة . انها نفس القناعة يحقها ويعلمها الاوربيون .. فهم يدركون ان وجود النظام من عدمه ، يرتبط ببقاء او عدم بقاء الصحراء تحت قبضته .. وهم يدركون ان محمد السادس اذا أضاع الصحراء ، فحتما سيسقط ( عرشه ) عرش فؤاد الهمة المتحكم في المغرب ، وعبد اللطيف الحموشي ، وعبد الوافي لفتيت ... لخ ، في اقل من أربعة وعشرين ساعة ..
ولنا ان نتساءل هنا : اذا كان الاتحاد الأوربي ، ومن دوله فرنسا واسبانية . واذا كانت الولايات المتحدة الامريكية ، يعلمون ومتأكدين ، من ان ضياع الصحراء ، يعني سقوط العرش العلوي ، وهو سقوط سيكون مدويا ، لأنه لن ينتهي الاّ بالمحاكمات التي ستدخل للتاريخ ، على غرار محاكمة " نورنبورگ " Nürnberg للنازيين ...
+ لماذا يواصلون وقوفهم ضد مغربية الصحراء ؟ ولماذا يواصلون الدعوة للتمسك بالمشروعية الدولية ؟ ولماذا يصرون فقط على حل تقرير المصير ، ومن دون إشارة ، ولومن تحت الجلباب ، لحل الحكم الذاتي الذي تقدم به محمد السادس قبل ان يعترف بالجمهورية الصحراوية .. وخاصة انهم يدركون ويحقون ، انه اذا تم تنظيم استفتاء لتقرير المصير ، وتحت اشراف الأمم المتحدة ، فان نتيجة الاستفتاء ستتجاوز 99 في المائة ، لصالح الانفصال / الاستقلال ؟
بل حتى النظام ( السياسي ) العربي على علم بهذه القضية ، ومع ذلك يناور ويرقص في حلبة مكشوفة ومفضوحة ، تبين اصالة الخبث العربي ، الأكثر سما من الخبث الامبريالي ..؟
والسؤال الرئيسي الذي سنخرج به ، لان الجواب عليه سيصدم الملك ، وسيصدم الدائرة الضيقة ، المنافقة ، الخائفة ، والمرهوبة المحيطة به ، وعلى راسها الرئيس الأول لمستشاري الملك ، ومستشاره وصديقه ، المتسبب في مرضه ، ، وفي مشاكله لأنه بفراغه وضعف تكوينه ، ومستغلا علاقات خاصة ، زيّن له كل شيء ، فكانت النتيجة تحالف العالم ضد رأس النظام ، وضد النظام ..
فهل اصبح نظام محمد السادس ، والملك محمد السادس المعزول ، غير مرغوبا فيهما ؟
وهنا . هل اصبح نظام الملك ، والملك ( فؤاد الهمة الذي يحكم ) ، والدولة البوليسية القمعية ، والجهاز السلطوي ، رخيصان وحان الوقت لتجاوزهما ، لصالح نظام اخر بملك اخر ، والاّ سيكون الخطر هو الدولة ، لصالح دويلات قزمية / كانتونات ، ستكون العوبة ، وتحت السيطرة الكلونيالية ، التي تشتغل على مشروع الشرق الأوسط الكبير ، وشمال افريقيا ..
وهل في عالمنا الذي تغير تغييرا جذريا ، بعد سقوط المعسكر الاشتراكي الاتحاد السوفياتي ، واوربة الشرقية ، وتحول الصين الى امبريالية اقتصادية متوحشة تغزو العالم .. سيكون هناك من يقبل بنظام مخزني بامتداداته النيوبتريمونيالية ، والنيوبتريركية ، ، والنيورعوية ، والكمبرادوية الغارق في ثقافة مخزنولوجية عتيقة مقززة ، يحنطها دستور الملك الاستبدادي ، وعقد البيعة الفاشي ..؟
العالم تغير ، والنظام المغربي لم يرد ان يتغير .. وكانت النتيجة العزلة الدولية المضروبة عليه ، والتي حملت إشارات القضاء عليه .. كما عكس ذلك موقف الدول من الصحراء ، ومن الازمة بين النظام ، وبين الدولة الاسبانية ..
فماذا يخطط ويحضر للنظام المخزني ، ولرأس النظام؟ وما هو البديل الذي يفكرون فيه ؟ وهل سيكون البديل نظام محل نظام ،وملك محل ملك ، ام ان البديل سينصب على الدولة ....
ان تزاوج العزلة الشعبية الجماهيرية الداخلية ، و العزلة الدواية القاتلة التي يعاني منها النظام ، ورأس النظام ، تشكلان خطرا محدقا على وجوده ، ويكون النظام ورأسه ، زيادة على المشاكل الشخصية المتنوعة والاسرية ، وبعض الفضائح التي تناولتها الصحف ، والمواقف الإعلامية الدولية ، وظهرت تجلياتها في مناسبات عديدة والوضع الحقوقي المزري ، حيث السجون مليئة بالمناضلين من مختلف الأصناف ، وانعدام الديمقراطية ، وتفشي الفقر بمظاهره المختلفة ، وفرض التفقير على الشعب ، والاغتناء الغير مشروع للملك ، ولعائلته ، واصدقاءه ، والمحيطين ، والمقربين منه ، وطبقة الاقطاع البالية ، والرأسمالية الوسخة .... مؤشرات دلة على وضع قد ينفجر بين عشية وضحاها .. وكل المعطيات المتوفرة تجمع ان الانفجار الشعبي الجماهيري ، سيأتي بغتة ، وفجأة ، وقد ينزل كالصاعقة التي لن تستطع قوة الوقوف في وجهها ..
الانفجار الغير منتظر ، سيكون غير منظم في البداية .. لكن اكيد سيتنظم في ظرف سريع . قيادة الانفجار ستخلقها المعارضة التي ستنبثق من وسط المنتفضين ، في الولايات ، والعمالات ، والقرى ، والمداشر ، وكل المغرب .. فخريجو الجامعات المعطلين المكتوين بنار البطالة ، سيكونون الطليعة . وعند نزول الشعب . بل كل الشعب الى الشارع ، ورفع الشعارات التي ستزداد قوة مع ازدياد قوة الانفجار الشعبي ، سيتحول احتلال الشوارع الى عصيان مدني سلمي ، سيدوم الليل والنهار .. والجيش الذي يتكون أبناء المنتفضين ، سيرفض اطلاق الرصاص لقتل المنتفضين المدنيين المسالمين .. لان أبناء الشعب في الجيش ، لا يمكن ان يقتلوا اخوتهم ، واباءهم المنتفضين ، من اجل مصالحهم التي هي مصالح الشعب .. وفي هذا الصدد ، فان الانتفاضة الشعبية المؤجلة ، والمنتظرة ، ستكون مراقبة من قبل الاتحاد الأوربي ، ومن قبل الولايات المتحدة الامريكية..و ستكون المحكمة الجنائية الدولية في انتظار المجرمين ، الذين سيقتلون المنتفضين الأبرياء المطالبين بالحقوق المسلوبة ، وبالديمقراطية ، وحقوق الانسان ، التي يركز عليهم العالم في ضبط العلاقات الدولية ..
وبما ان اصل الصراع مع المجتمع الدولي هو الصحراء التي لا يعترفون بمغربيتها ، فالدعوات للانتفاضة في الصحراء من خارج المغرب ، سيكون لها بليغ الأثر في انهاء الصراع الذي دام خمسة وأربعين سنة ، واستعصى حله الذي يعد الان مستعصيا بعد رفض الاتحاد الأوربي جهرا مغربية الصحراء ..
الظروف الان جد مواتية للتغيير الحقيقي اذا نزل الشعب الى الشارع .. والخطورة ان النزول هذه مرة سيكون مدعما من قبل الدول الامبريالية . وسيكون المدخل لإسقاط محمد السادس ، واسقاط نظامه لصالح ملك اخر ، ونظام اخر ، وقد يكون المستهدف الدولة نفسها ، وليس فقط النظام الذي اضحى غير مرغوب فيه داخليا ، وخارجيا دوليا ..
ومرة أخرى ماذا يحاك ويحضر لمحمد السادس ، ولنظامه ، ولوحدة الصحراء، ووحدة المغرب الذي سيتحول الى دويلات .. المخطط الامبريالي نجح في تفكيك الدولة الواحدية القوية في الشرق ، فحان الوقت لهذا التفكيك في المغرب ، وبدول شمال افريقيا ..
--- شعور النظام المخزني بالمخطر المحدق به : ان المواقف المتخذة من قبل الاتحاد الأوربي المضادة لمغربية الصحراء ، وهي مواقف ولأول مرة يتخذها الاتحاد جهرا ، وموقفه مع الدولة الاسبانية ضد النظام المغربي ، ورفض John Biden الاعتراف بمغربية الصحراء ، وتهرب النظام السياسي العربي ، والاتحاد الافريقي من التضامن مع النظام المغربي في ازمته مع الدولة الاسبانية ، والوضع الداخلي المشرف على انفجار عام ، سيتم استغلاله من قبل الخارج ضد النظام وضد رأسه .. ادخل الخوف والقلق على النظام ، وجعله يتسابق مع الزمن لإجهاض كل محاولات النيل منه .. فالنظام رغم الضربات المؤلمة كثيرا التي تلقاها من الغربيين، ومن العرب ، والافارقة ، والدول دائمة العضوية بمجلس الامن ، فهو لم يرد ان يستسلم .. وهو يجري في جميع الاتجاهات جري الديك المذبوح .. وحتى ينظم أساليب الدفاع ليستمر في الحياة القائمة على الافتراس ، الحيواني ، البوليمي ، لجأ منذ مدة ليست بالقصيرة ، الى اعتماد الإجراءات القمعية والجبرية ، للجم المعارضة ، وحتى ينجح في اجهاض أي محاولة شعبية ، ستؤثر على وضعه المرتبك . ولمحاولة اخراج نفسه من هذه الورطة الحقيقية ، لم يكن للنظام من سبيل اخر ، غير نهج سياسة الهروب الى الامام مجسدة في المحاور التالية :
1 ) اطلاق اليد والعنان للجهاز البوليسي ، والجهاز السلطوي القرسطوي ، للفتك بالمعارضين بالمحاضر البوليسية المطبوخة ، لرميهم في السجون ، لردعهم ، وتخويفهم ، ولإجهاض دعواتهم الرافضة للظلم ، لتعطيل اية هزة شعبية انْ حصلت الآن ، فإنها ستكون مضرة بالنظام دوليا .. واطلاق العنان للجهاز السلطوي بجلد الناس امام الملء في الشوارع ، والازقة ، والدروب على الطريقة التي كان بها قياد ، وباشوات الاستعمار، يجلدون بها الناس في الأسواق ، والمحلات الشعبية .. أي لزرع الخوف في نفوس الناس ..وهو أسلوب فاشل ، لأنه عوض ترك الناس تعبر في مسيرات ، اوفي وقفات ... حتى تتنفس وتنصرف الى حال سبيلها .. يتم قمعهم، وخنقهم .. والقمع والخنق ، ندير انفجار قادم ، وليس حلا للمشكلات في دولة ترفض نعتها بالدكتاتورية ..
2 ) محاولة انتزاع المبادرة السياسية من جديد في قضية الصحراء ، وتوظيفها داخليا لجمع التفاف شعبي حوله ، على غرار ما فعل في سنة 1974 ، سواء لتبرير القمع الداخلي وهو مرفوض ، او لطمأنة الجيش الذي دافع عن الصحراء منذ 1974 ، وله شهداء تم دفنهم في رمال الصحراء في حفر جماعية ، وتركوا عوائل تتجرع الدونية ، والفقر ، وقلة الحاجة .. وهنا ادعو الى اطلاق سراح محمد بدوح ، الذي قضى والده ثمانية عشر سنة مسجونا عند البوليساريو ، وعندما طالب بالحماية من تسلط برقية وعرشان ، ولم ينصفه احد منذ اكثر من ثماني سنوات ، اضطر الى التصريح بما صرح به .. فكان تحت الضغط النفسي ، والمادي ، والفقر، معذورا ..
لكن الخطورة ان مشكل الصحراء بدأ امميا ولا يزال امميا ..
3 ) محاولة تعميق الترابط مع أمريكا ( مناورات الأسد الافريقي ) ، والاستعداد لوضع المغرب كقاعدة لقوات التدخل السريع ، بدعوى محاربة التطرف الاسلاموي ، والعدوان على شعوب الوطن العربي ( اليمن ) وافريقيا ..
4 ) وبترابط بين التوجهين الاولين ، التهافت على القضية الفلسطينية ، وتقديم خدماته السياسية ، كوسيط للرجعيات العربية لدا امريكا وإسرائيل ، التي انتهت بإخراج علاقاته مع الدولة الصهيونية الى العلن ، من دونان ان يجني أي ربح .. في حين ربحت إسرائيل كل شيء ، ولم تخسر أي شيء ..
5 ) افراغ الأحزاب من مضامينها ، وتحويلها الى مجرد صدفيات تابعة للنظام ، مع تقليص رقعة النشاط السياسي والنقابي الجاد ، والجمعوي ، وتهميشه اكثر ما يمكن في محاولة منه لتجميد الساحة الداخلية ، عبر تصعيد القمع ، وتوزيع اساليبه ، ومجالاته ، مقابل الحفاظ على واجهة نشاط سياسي فلكلوري ، يحفظ ماء وجه الديمقراطية المخزنية المزعومة ..
لكن يُتوقّع ان يأتي الانفجار من وسط الشعب ، وليس من قبل الأحزاب ، او النقابات المتجاوزة .
6 ) توظيف النظام لمختلف خدماته الخارجية السالفة الذكر ، للحصول على المساعدات ، والهبات ، والقروض ، للتنفيس عن الازمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة ، وخلق نوع من الرواج المالي للملك ، ولأصدقاء .. شراء القصور .. مثلا ..
ان كل هذه المحاور المتداخلة والمترابطة كما هو واضح ،
عاجزة عن حل مشاكل النظام بشكل حاسم ونهائي ، لكنها تسمح له بربح الوقت لترتيب أوضاعه ، لمحاولة استرجاع المبادرة والتحكم فيها .
فهذه التوجهات تجسد كما برز من خلال سؤال الملك : اين الثروة . ملك الفقراء .. المفهوم الجديد للسلطة ... حقيقة أساسية ، وهي ان النظام ، وحتى يغطي على ضعفه البين الواضح ، فهو يعيش على الحلول الترقيعية الظرفية القائمة على ربح الوقت ، واجترار الوضع بما يؤخر ويعطل الانفجار . فهو واع تمام الوعي لقصر هذه الحلول ، خاصة عندما تتعلق بالوضع الاقتصادي ، والاجتماعي ، والسياسي ، ووضع الصحراء المغربية . فما يهمه بالتحديد هو كبت النقمة الشعبية ، وابعاد شبح انقلاب الجيش عليه ، خاصة اذا كان به فريق على شاكلة الضباط الاحرار في الشرق الأوسط . أي انّ انقاد النظام ، وضمان استمراره كمفترس للثروة ، هما هاجسه اليومي ، ومحور سياسته الظرفية . ولا يهم بعد ذلك ان يتحول المغرب الى محمية فرنسية ، او بقي خرابا وانقاضا ..
ان سياسة الهروب الى الامام هذه ، اذ تترك للنظام عنصر المفاجأة والمبادرة ، وتسمح له بتغيير مواقفه بالسرعة والدقة المطلوبتين ، فإنها لا تخلو من مخاطر المغامرة والمقامرة . فسياسة من هذا القبيل ، تستلزم بالضرورة حصر دائرة القرار وتضييقها ، وتشخيص القرار نفسه بالتالي . وهذا يحرم النظام من دعم فعال واع ، ومستمر من جانب نخبته السياسية ، التي تجد نفسها في ظل غياب الرؤية حتى على المدى القصير ، في حالة تردد وقلق دائمين . وهذا ما يجعل خطة النظام المخزني ، مهيأة لتنقلب عليه في أي وقت وحين ، خاصة وان راسه اضحى غير مرغوب فيه من قبل الدول الكبيرة ، نفسها المستعدة للتخلي عن شخص الملك ، ومن نظامه كما يبدو .. لكنها غير مستعدة للتخلي عن المغرب البلد والمغرب الشعب ..
--- في وضع كهذا . عزلة داخلية ، وعزلة خارجية . ما هي الاحتمالات المرتقبة ؟ :
ان المحددات والثوابت التي تعرضنا لها في دراستنا هذه ، ولو بإيجاز ، والتي تتحكم في سياسة النظام ، وتكتيكه من جهة ، وتبلور وتعمق تناقضه العميق مع الداخل الشعبي الجماهيري من ثانية ، وعزلته الدولية من جهة ثالثة ، هي التي تطرح امامنا معالم تطور الأوضاع المستقبلية ، وتسمح لنا بالتنبؤ او بالتخمين ، لكن بالتأكيد على الحقائق والاحتمالات الواقعية الاتية :
1 ) ان الأسباب الهيكلية ، والدوافع الموضوعية من اقتصادية واجتماعية ، وسياسية ، التي أدت الى تفجر سخط الشعب والجماهير ، وتذمرها ، واقبالها على الانتفاضة والاحتجاج ، والدفاع عن لقمة العيش والكرامة .. لا تزال قائمة وحاضرة بقوة ، اكثر من أي وقت مضى . فأي شرارة ستندلع شعبيا ، سيكون لها ما لها ، وعليها ما عليها . والنظام لن يستطع اطلاق رصاصة واحدة على المنتفضين ، الذين ينتفضون في بلدهم المغرب ، ومن حقهم ان ينتفضوا في بلدهم المغرب، لأنه مغرب الشعب المغربي المفقر ..
2 ) امام وضع كهذا ، ليس للحكم سوى الاستمرار في الاعتماد على القمع والإرهاب ، والقتل والتشريد ، كسياسة ، ومنهج في الحكم . ومع انفضاح لعبة الاجماع / اجماع الصفيات الفارغة ، والمسلسل الانتخابوي ، وحكم عليها الشعب بالأقلاس ، وتعريتها بشكل نهائي امام الراي العام الداخلي / العزلة الداخلية ، والراي العام الخارجي / العزلة الدولية.. فان الحكم سيزيد من تشدده في قمع الحريات الديمقراطية ، وتضييقه الخناق على المنظمات الجماهيرية ذات المصداقية النضالية ، وتسليط عصا القمع الغليظة ، على المناضلين التقدميين المخلصين . هذا مع العلم ان قضية الصحراء ستزيده تعمقا ، وتزيد معه استنزاف الحرب ، ومستلزماتها الباهظة والمكلفة ..
واذا كان القمع المنهجي يسمح للنظام ، بالاستمرارية والتحكم المؤقت في الأوضاع ، فانه سلاح ذو حدين لا محالة ، لأنه يبرز طبيعة الحكم الدكتاتورية ، والاستبدادية ، والطاغية ، ويعمق من عزلته الشعبية ، ويقلص من ( مصداقيته ) لدا القوى الامبريالية ، وبالتالي فانه لا يعمل سوى على رفع التناقض الأساسي ، الى مستويات اعلى ، ويزيد من ضعف الحكم رغم مظاهر القوة والعجرفة لأنها حتمية نهايته ..
3 ) وهذا ما يفتح الباب امام احتمال خطير، اصبح يلوح في الأفق اكثر من أي وقت مضى . ذلك ان الامبريالية الامريكية ، والفرنسية ، والاسبانية ، تعي خطورة الوضع القائم ، وتنظر بعين الحرص والانتباه ، الى مصالحها الضخمة في المغرب استراتيجيا ، واقتصاديا ، وسياسيا . ومن هنا فإنها لن تتردد في استعمال سلاح الانقلاب العسكري ، في حالة انفلات الأمور من يد عملاءها المحليين ، وتململ ميزان القوة لصالح الجماهير الشعبية ، والشعب الفقر الكادح ، وذلك لاستدراك الوضع ، ومحاولة اجهاض الثورة الوطنية الديمقراطية المحتومة ، وقطع الطريق على أي تطور جذري يفلت زمام المبادرة من بين ايديها ، ويمس مصالحها الأساسية .. وهنا يندرج الموقف الأوربي وواشنطن المضاد لمغربية الصحراء ، وموقفهم من الازمة بين النظام المغربي والدولة الاسبانية .. فالنظام و لا رأسه لم يعد مرغوبا فيهما .. وتبقى جميع الاحتمالات واردة امام الضعف البين للنظام ..
والجذير بالذكر هنا ، وهذا شيء اكثر من مهم ، انّ البرجوازية الكمبرادورية ، خوفا على مصالها وحاضرها ومستقبلها ، وفي غياب مخارج سياسية بديلة ، قد تخرج من كنف النظام ، وتنقلب عليه ، لتشكل القاعدة الاجتماعية لأي مشروع امبريالي انقلابي ، خاصة وانها مهيأة اكثر من غيرها ، لضمان مصالح الامبريالية الفرنسية ،وصيانتها بحكم ارتباطها المصيري بهذه المصالح .
تجربة البازار في الثورة الإيرانية ..
4 ) ومع وضعية غليان كهذه ، وتعمق السخط والتذمر الشعبي ، وغلبة اليأس والانهزامية لدا بعض الأوساط ، قد ، وأكرر قد تبدو التربة خصبة للمغامرات المسلحة عند حصول الفراغ الكبير في الدولة .. ورغم ضعف هذا الاحتمال اليوم بنسبة كبيرة ، فلا يجب استبعاده تماما ، بحكم توافر عناصر داخل وخارج المغرب ، لا تنتعش الا في الماء العكر ، وتشكل المغامرة بديلها وبرنامجها الواحد الأوحد ، للمساومة بها طمعا في الحصول على مكانة ما ، ضمن مشروع التغيير الفوقي للحكم ، المهمل من قبل الامبريالية اليوم ..
الخلاصة : ان اثارة هذه العوامل والاحتمالات الناجمة عنها ، تأخذ في الظرف الراهن أهمية قصوى . فكما هو واضح ، اصبح العنصر الخارجي ، متجسدا في الامبريالية بتواجدها العسكري ، وهيمنتها الاقتصادية والسياسية ، عنصرا اكثر من مؤثر في الصراع ، وقد يكون حاسما ( عزلة النظام دوليا ) ، الذي يخفي ما يخفيه من خطورة على النظام ، وراس النظام ، وعلى وحدة المغرب الأرض والشعب .. وان المنعطف التاريخي الذي سجلته الانتفاضة الشعبية الجماهيرية في 20 فبراير من جهة ، ومن جهة تعاظم حظوظ الاحتمال الثالث ( الانقلاب الامبريالي ) .. يطرحان اليوم على الشعب المغربي ،وعلى الحركة الثورية المغربية الغير منظمة ، تعقيدات كبيرة ، ومسؤوليات جديدة وملحة ، اذ كلا الحالتين الانقلاب الامبريالي ، الانتفاضة الشعبية ، لن يتردد أعداء الشعب المغربي ، واعداء المغرب القوي ، من مواصلة تآمرهم لتنفيذ مخطط تشتيت وتجزيئ المغرب ، وتفرقة الشعب المغربي ..
ان الشروط الموضوعية للتغيير الجذري في المغرب ، والمتزامن مع العزلة الدولية بأسقاط النظام ، او اسقاط الدولة بانقلاب امبريالي ، او عبر انتفاضة شعبية سيقودونها الى اسقاط المغرب ، قبل اسقاط النظام .. قائمة ومتعمقة منذ منتصف العشرية الثانية من الالفية الثالثة .. ويبقى موقف الدول الكبرى من نزاع الصحراء ، واستمرار الدولة المخزنية الغارقة في التقاليد المرعية ، والطقوس القروسطوية .. هما المدخل الأساسي لأي تغيير لن يكون الاّ بيد امبريالية ، وينتهي بتحويل المغرب من دولة واحدية قوية ، الى دويلات كانتونات ، تعيش في كنف الاستعمار ، وتقتات من فضلاته ، وفتاة موائده ...
ان العلاقة الجدلية بين العزلة الداخلية الشعبية ، والعزلة الخارجية الدولية ، انّ رأس النظام والنظام ، لم يعد فقط غير مرغوبا بهما من قبل الدول صانعة القرار السياسي الدولي ، وضابطة العلاقات الدولية .. بل انّ رأسهما مطلوب ... وفي حالة الضعف يبقى كل شيء وارد ... مادام انّ الهدف تجزئ وتقزيم المغرب ، وتشتيت الشعب الواحد ، كي يصبح شعوبا دائمة متناحرة على الحدود ، الى ان يُفنى الجميع عدا الدولة الصهيونية ، ويصبح الكل تحت رحمة الإمبريالية ، والصهيونية ..
رحم الله المطرب حسين السلاوي حين غنى اغنيته الجميلة " واحْظِ راسكْ / ليْفوزُو بكْ شِي قُمانْ يا فْلانْ " .. رحم الله حسين السلاوي الذي توفي سنة 1953 .. وكل أقواله الخالدة لاتزال كأنها بيت اليوم

......................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصعيد إسرائيل في شمال قطاع غزة هو الأعنف منذ إعلان خفض القوا


.. طفل فلسطيني برفح يعبر عن سعادته بعد تناوله -ساندويتش شاورما-




.. السيناتور ساندرز: نحن متواطئون فيما يحدث في غزة والحرب ليست


.. البنتاغون: لدينا بعض المخاوف بشأن مختلف مسارات الخطط الإسرائ




.. تظاهرة مؤيدة لفلسطين في بروكلين للمطالبة بوقف تسليح إسرائيل