الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول الحزب المدني

عطا عباس خضير

2021 / 6 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


وجهات في النظر
عن " الحزب المدني " وقيادته ومنصات التواصل الأجتماعي :

الحزب المدني ، هو تنظيم حر لمجموعة بشرية تؤمن بأفكار سياسية محددة وتشترك بهدف عام وبآليات عمل واضحة من أجل تحقيق ما تصبو اليه . وهو قرين للحياة الديمقراطية ، ولو بحدها الأدنى " الچادرچي وحزبه مثالا " ، ويشكل بدوره رافعة حيوية لترسيخ وتطوير قيم الديمقراطية وأسسها التاريخية .
وبديهي أن آليات عمله يجب أن تتوائم مع البيئة الاجتماعية والاقتصادية الحاضنة له . وكي يكون منتجا ، يتوجب عليه أن يكون متاحا لمن يؤمن ببرنامجه السياسي ، وليس حكرا على أعضاءه فقط . ففي الختام هو " منصة " أجتماعية عامة يؤسسها ويديرها مجموع أعضاءه ، ويقدمونها لشرائح متباينة من المجتمع .
ويستلزم ذلك أن تكون كافة لقاءات واجتماعات الحزب في متناول الجميع ، باستثناء " الانتخابات الداخلية" . فوجود وضمان حد أدنى من المشاركين من خارج أعضاء الحزب ، سيساعده في أغناء حواراته المختلفة ومعرفة ما يدور خارج الآطر التنظيمية المحكومة غالب الأحيان بتراتبية ثقيلة قد تعيق تلمس الجديد والحيوي ، كما أثبتت التجربة في أكثر من مكان .
أما " النبذ والاقصاء " كممارستان شائعتان في الحياة الحزبية في العراق ، كنتيجة لطرح " وجهات نظر " أخرى قد لا تتسق مع الخط الرسمي لهذا الحزب أو ذاك ، فيجب تجنبهما والأبتعاد عنهما تماما . فممارسة كهذه عقيمة أولا ، ناهيك عن كونها بعيدة تماما عن جوهر وفلسفة الحزب المدني القائلة بأنه من الناس ولهم.
ومن المناسب هنا الأشارة الى خطاب الحزب المدني . فعليه أن لا يكون مسرفا ومملا ، كما هو شائع اليوم . بل يكفيه أن يتضمن تصورات محددة للعمل السياسي وأهدافه ، ومفاهيم جلية للحياة المعاصرة كي تبقى صورة الحزب واضحة ، كفاعل هام في حركة المجتمع ومتطلبات التغير المنشود .
وهذا يقتضي :
* أولا ، تجنب الأطناب في الجمل والكليشيهات المنمقة المعهودة ، والتخلي عن فرض الرؤى الفكرية المحددة التي تقود الى الاحكام القطعية المؤدلجة مسبقا .
* ثانيا ، وهذا هام جدا ، أن لا تكون مهمة قيادة الحزب المدني وإدارته محصورة بالضبط والعقوبات ، كما هو شائع اليوم لدى الجميع . بل للتفعيل وأثارة الأسئلة الحيوية والملحة ، إن في صحافته أو في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة ، للتوصل الى أجابات مشتركة مع كل المعنيين ، أعضاءا ومريدين .
وبذلك يكون الحزب قد تخلص من وهم سائد في الحياة السياسية في العراق . وكأن " القادة " المؤبدين أبدا في مركز صنع القرار السياسي ، ومهما كانت نوعيتهم أو بؤسهم الفكري ، هم من يملكون وحدهم سحر تقديم الأجوبة القاطعة ! .
وبالمحصلة ، فأن أداء مهمة كهذه ، سيقود الى تفعيل القدرات العامة للحزب وتمكين أعضاءه من العمل الواعي الخلاق . فلا جدوى من وجود الحزب إذا توقفت أو أضمحلت أنشطته . والحجة المعهودة هنا للنكوص والتراجع ، هي أن الأمر يتطلب زمنا لأعادة ترتيب وضع الحزب الداخلي . وهي حجة تشبه من ينتظر موت شخصا ما حتى يتمكن من تأهيله . ناسين أن التطورات الأجتماعية المتسارعة في عالم اليوم لا تنتظر أحدا . فالحزب الحيوي يجب أن يتطور كأستجابة لحاجة آنية أحيانا ، أو كضرورة لأنجاز مهام تاريخية ملحة باتت على جدول عمل الحياة . وهذا يتطلب أعضاءًا حيويين ، لا مجموعة من المنتمين وفاقدي القدرة على التفكير المستقل في تنظيم أدمن حالة السكون ! …
* ثالثا ، أن أحدى المهام الأساسية للقيادة ، هو ضمان توفير شروط النجاح لنشاطات الحزب وتوجهاته ، وتحفيز الأعضاء حتى يقدموا ما يلزم للأرتقاء بفعله السياسي وفاعليته المجتمعية . وبالتالي فأن الفشل تتحمل مسؤوليته الهيئات القيادية وتقديراتها المعلنة الى حد كبير ، وليس الأعضاء الذين التزموا بقواعد ووجهة وآليات العمل الموصى بها أساسا من قمة الهرم التنظيمي .

وبناءا على ما سبق ، تبرز جليا ضرورة الحفاظ على تفاعل شبه يومي مع شبكة أعضاء الحزب. وهذا ممكنا ، من بين أمور أخرى ، من خلال مجموعات تواصل مختلفة ، وعدم الأقتصار والألزام بمنصة تواصل " داخلية مركزية واحدة " . فهذه على اهمية تواجدها ، لا تشكل بديلاً ناجحا عن شبكات التواصل المتنوعة التي يمكن أنشائها في فضاء الأنترنيت ، من قبل الأعضاء والمؤيدين ، وإدامة حيويتها لتسهيل الحوار وحشد الطاقات اللازمة لضمان نجاح الأنشطة المختلفة ( تبرز اهميتها اليوم مثلا في التحشد للتظاهر والأحتجاج أو في الحملات الأنتخابية أو في خلق رأي عام ضاغط لأدانة حملات القمع والمطاردة والتغيب ) .
وهذه المجموعات مطلوب منها العمل أيضا على مناقشة مبادرات الحزب بحرية تامة ، بل وتوجهاته ومقترحاته أيضا لتعديل وتصويب إستراتيجيته وتكتيكاته ، وحتى الآليات الناظمة لعمل حياته الداخلية .
وفي الوقت ذاته ، من الضروري التأكيد على ان مجموعات التواصل هذه مفتوحة لمن يرغب من المواطنين بالمشاركة " الا ما ندر " ، بالرغم من صعوبة صياغة قواعد حوار واضحة لمجموعات متباينة في فضاء معولم وغير مرئي ، الى حد كبير .
وهنا لابد من التأكيد على نقطتين أساسيتين :
* الاولى ، الألتزام بالقواعد العامة للحوار واحترام تعدد الآراء وتباينها ، وعدم التجريح الشخصي . مع الأنتباه الى أن نجاح منصات الحوار هذه يتوقف على قدراتها على تقديم وأثارة أسىئلة بمضامين جادة ، لا شكلية ، كي تحافظ على حيوية هذه المجموعات وتماسكها وتطورها اللاحق .
* الثانية ، من حق إدارة مجموعات الحوار هذه تقديم مادة ما ، ليس بالضرورة تخص عمل الحزب أو وثائقه ، لكنها تتصف بالحيوية والراهنية الأجتماعية .

ختاما أقول ، هي مجموعة أفكار واجتهادات ملموسة في مجرى البحث عن ضرورة أيجاد أطار ما ، ناظم لحركة الأحتجاج التي تطورت الى انتفاضة واسعة في تشرين من العام 2019 . ومن الضروري القول أنها قد تجانب الصواب أو تحتمله .
لكن أغفال تأثير التطورات الأجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية المتسارعة في عالم اليوم على بنى الأحزاب التقليدية ، والدور المتنامي لفئات واسعة من الشبيبة في الحياة السياسية العراقية مقرونا بقدرتهم الكبيرة على التواصل والتحشيد الجماهيري والتبشير بمفاهيم جديدة عبر فضاء تكنولوجي لا محدود ، أن اغفال كل ذلك لم يعد مسموحا به الا لحركات وقوى وأحزاب تريد مغادرة التاريخ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رجل يضرم النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترمب في نيويورك


.. حارق نفسه أمام محكمة في نيويورك تنظر قضية ترمب يفارق الحياة




.. -بسبب الاشتباكات-.. طائرة هليكوبتر أصيبت جواً خلال تحليقها ف


.. أفيال مزخرفة تقود المهرجان الهندوسي -ثريسور بورام- في مدينة




.. حملة -طفولة بلا هواتف ذكية-: تطبيق واتساب ليس آمنا