الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المساواة أمام القانون تقضي على روح الكراهية والإرهاب

ماجد احمد الزاملي
باحث حر -الدنمارك

(Majid Ahmad Alzamli)

2021 / 6 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


في حال وجود تمييز متواصل يخلق ويُعمِّق طيلة الوقت فجوات اجتماعية هائلة بين مجموعات مختلفة في المجتمع ، من المهم أن نستخدم عندها مصطلحات : تمييز خفي في المجتمع، والحديث عن التمييز المؤسساتي كنوع من التمييز العلني في المجتمع. مصطلح آخر هو فجوات اجتماعية. أي أن المعاملة المغايرة لا تشكل دائما مساسا محظورا بالمساواة، إذا كانت هذه المعاملة ناجمة عن عامل موضوعي، يكون المَس بالمساواة، عندها، مباحاً. تكون المعاملة المغايرة في بعض الحالات ضرورية من أجل تكريس المساواة. فعلى سبيل المثال إعطاء تمديد في وقت الامتحان لطالب يعاني صعوبات تعليمية يشكّل تحقيقا للحق في المساواة. على الرغم من أننا أمام معاملة مغايرة تختلف عن معاملة الطالب العادي. وإن إعطاء معاملة متساوية يصبح في هذه الحالة بالذات مساً بالطالب الذي يعاني صعوبات تعليمية. على المستوى الاجتماعي، فإن المعاملة المساوية لمجموعات مختلفة عبر تجاهل الفجوات لنقطة الانطلاق لدى كل منها، قد يقود إلى تمييز غير مبرر. فالقانون يلزم الشركات العامة بتكريس مواقع للنساء في مجالس الإدارة كخطوة في سياق التمييز المصحح الذي يهدف إلى تحقيق مساواة بين الرجال والنساء في الدولة. وهناك من الجرائم تستخدم فيها القوة ويفضي ذلك الى الرعب والخوف ومع ذلك لاتعتبر جريمة ارهابية انما تنطبق عليها اوصاف جريمة اخرى كالاعتداء المسلح وغير المبرر الذي تقوم به دولة ضد دولة اخرى وما يتضمنه الاعتداء من قتل واستعمال لمختلف انواع الاسلحة وما ينجم عنه من بث الرعب والخوف في نفوس ابناء الدولة المعتدى عليها.هذه الاعمال وان تشابهت مع الارهاب في الوسائل والنتائج الاّ ان المشرع الدولي اعتبرها جريمة مستقلة تمثل عمل غير مشروع يفترض ايقاع الجزاء على الدولة المعتدية واطلق على هذه الاعمال (العدوان).اضافة لوجود اعمال يستخدم فيها العنف لتحقيق اهداف سياسية الاّ ان الشرائع الدولية قد اقرت هذه الاعمال كالكفاح المسلح لتقرير المصير والدفاع عن استقلال البلاد سواءً كان ذلك بدافع من حكومة البلد المحتل اوبدافع الوطنية للشعب المحتل.تعد حقوق الانسان من المواضيع المهمة والحيوية في المجتمعات الانسانية التي فيها انظمة حكم ديمقراطية قائمة على احترام القانون والتعددية السياسية ونظام المؤسسات الدستورية. ذلك لان للانسان قيمة عليا في المجتمع وتسخّر كل الامكانيات لراحته .وتزداد هذه الاهمية في العالم يوما بعد يوم حتى اصبح مقياس رقي الشعوب والدول في مدى الاحترام الطوعي للقانون والالتزام بهذه الحقوق وفي توفير سبل الحياة والاحترام للبشر. واصبحت مسألة وجود الاحترام لحقوق الانسان في الواقع العملي قضية مهمة تتابعها الاطراف الحكومية وغير الحكومية والمنظمات الدولية ونشأت المحاكم المتخصصة في العديد من الدول وبخاصة في اوروبا لهذا الغرض ,بسبب الانتهاكات البليغة لحقوق الانسان واهدارها من مختلف الانظمة السياسية وبخاصة المستبدة منها حيث اصبح عدد البشر الذين يعانون من هذه الانتهاكات حوالي25 مليون نسمة بفعل الحروب والاستبداد والظلم من الانظمة الديكتاتورية التي لم تحترم التزاماتها القانونية حتى ان البعض من هذه الدول صارت معروفة بسجلها السيء في ميدان اهدار حقوق الانسان.(1) ولاشك ان وضع حقوق الانسان في ظل النزاعات المسلحة والاحتلال والصراعات الداخلية تتدهور بصورة كبيرة ويصبح من الصعب الزام الاطراف باحترام المعايير الدولية خاصة في المناطق التي يحصل فيها التطهير العرقي اوالتمييز الطائفي اوالاقليمي اوالقبلي اوالصراع على النفوذ(2).
وحقوق الانسان هي التي تثبت للبشر لمجرد الصفة الادمية وهي لصيقة بالانسان لانها من الحقوق الطبيعية الثابتة للانسان قبل وجوده مهما كانت ديانته او قوميته او جنسه او لونه او معتقداته وسواءً كان الشخص وطنياً او اجنبيا. وقد ارغمت هذه الانتهاكات التي مارستها وتمارسها الدول الاستبدادية في انشاء محكمة جنائية دولية خاصة للنظر في محاكمة المجرمين الدوليين الذين غالبا ما يفلتوا من العقاب والعدالة الدولية. هذا وقد جاء في مقال بقلم (ان-سيسيلر وبير)ترجمته زينب محمد عن جريدة المدى العراقية بتاريخ 1/11/2005 ان دولة القانون اصبحت معيارا لقياس الديمقراطية في العالم, تلجأ اليه المنظمات الدولية كالامم المتحدة, والاتحاد الاوروبي, والبنك الدولي بشكل خاص لتقييم التقدم في عمليات التحولات السياسية في الشرق الاوسط او في افريقيا وتقدم مساعداتها المشروطة... وهي جزء من المعايير التي على الدولة الالتزام بها لتكون جزءا من اوروبا مثلا وعليها الالتزام ببعض الشروط الاخرى ومنها عدالة الانتخابات وحماية حقوق الانسان واستقلال القضاء, واقتصاد السوق, وعندما يحقق البلد كل هذه المعايير ويلتزم بها تصبح عضوا في الاتحاد الاوروبي. الانظمة السياسية التي تعتمد في البقاء في السلطة وتتبع اساليب قمعية وهدر الحريات وعدم التزامها بالدستور الذي كتبته كواجهة ليس إلاّ ,ومن هنا تحدث الاعمال الارهابية وتشتعل الحروب الاهلية التي تهدد السلام الدولي, الامر الذي دفع الامم المتحدة في بعض الحالات الى التدخل العسكري لانهاء الحروب الاهلية, كما حدث في الصومال وانجولا وافغانستان وغيرها من الدول. وازاء فرض السلام وزيادة التضامن الانساني العالمي اصبح المجتمع الدولي يتجه نحو تدويل قضية الديمقراطية وحقوق الانسان التي تشهد انتهاكات في العديد من الدول, فلم تعد شأناً داخلياً لايجوز التدخل فيه. وهذا يفسح المجال امام المجتمع الدولي ان يفرض التزامات واجبة التنفيذ على الدول لإقرار الديمقراطية واحترام حقوق الانسان وحرياته الاساسية ولايتعارض هذا الاتجاه مع مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والسيادة الوطنية, لان هذه السيادة ليست مطلقة في ظل الطلب المتزايد للشعوب لحرياتها وحقوقها .كما ان التطورات الدولية جعلت الامم المتحدة مسؤولة عن انهاء الصراعات الداخلية والقضاء على اسبابها ,مما يوجب على الامم المتحدة ان تولي اهتماما خاصا بجميع ممارسات الدول التي تنطوي على انكار للديمقراطية, وانتهاك صارخ لحقوق الانسان والحريات الاساسية التي تولد الارهاب وتعرض الامن والسلم الدوليين للخطر.
فمنع الارهاب يتأتى في ظل النظام العالمي الجديد من خلال نشر الديمقراطية وحماية حقوق الانسان وحرياته الاساسية, فبالرغم من ان ممارسة افراد الشعب للديمقراطية وتمتعهم بالحريات الاساسية مسألة داخلية, فانه يقع على الدول التزام حماية حقوق الافراد في الفكر والمشاركة في الحياة السياسية والتعبير عن الرأي من اجل تحقيق الامن والاستقرار في المجتمع الدولي ومكافحة موجات الارهاب التي تتنامى بسبب القيود المفروضة على حريات الافراد وانكار حقوقهم الاساسية, واخضاعهم لاساليب الحكم الاستبدادي في وقت تزايد فيه وعي الشعوب وتصاعدت مطالبهم بالديمقراطية التي تتمركز في حق الشعب في اختيار حاكمه والاستغناء عنه في مواعيد محددة وكراهية الانظمة الاستبدادية وعداء الحكم الدائم.
وقد تضمن النظام الدولي لحقوق الانسان نصوصا تتعهد بمقتضاها الدول الاطراف في هذا النظام حماية الحريات المنبثقة من الديمقراطية (3), وهذه النصوص تفرض التزاما على عاتق كل دولة بتوفير الديمقراطية بمقتضى دستورها وتكفل حماية الحقوق والحريات الاساسية لجميع مواطني الدولة والتي ترتكز في ان ادارة الشعب هي مصدر السلطة التي يعبَّر عنها من خلال الانتخابات الحرة النزيهة او اي تنظيم ديمقراطي.
فاذا خلا النظام الاساسي للدولة من تنظيم لممارسة الحرية السياسية او لجأت الدولة الى اساليب غير ديمقراطية لحكم البلاد رغما عن ارادة الشعب فان من واجب المجتمع الدولي التدخل لضمان تمتع الشعب بحريته وخلق مجتمع ديمقراطي تسوده المساواة امام القانون وحرية اختيار الحكام. وقد يكون هذا التدخل عن طريق فرض عقوبات اقتصادية اوعسكرية على الدول المنتهكة لمبدأ الديمقراطية كأحد مبادئ حقوق الانسان. ولكن هذا التدخل يثير الكثير من الاشكاليات, فالعقوبات الاقتصادية تضرب المواطنين الابرياء اكثر من اضرارها بالقيادة السياسية المسؤولة عن انتهاك مبدأ الديمقراطية, كما ان التدخل العسكري قد يودي بحياة الكثيرين من الابرياء بسبب عدم تقيد الجيوش باساليب القتال والابتعاد عن الاسلحة المحظورة, فضلا عن ذلك فان بعض الدول كالولايات المتحدة الاميركية تسيء استخدام حق التدخل الانساني وترسيخ الديمقراطية بان تعمل لتحقيق مصالحها وفرض سياساتها على الدول وتبرر تدخلاتها العسكرية وغير العسكرية في شؤون الدول بحجة انتهاكها للديمقراطية وردع الدولة المخالفة .لهذا ينبغي ان يقوم مجلس الامن بتدعيم سلطاته فيما يتعلق بحماية حقوق الانسان,وترسيخ الديمقراطية بنهج سياسة ثابتة وموحدة في معالجة انتهاكات مبدأ الديمقراطية والاّ يسمح للدول الكبرى ان تتدخل في شؤون غيرها من الدول من خلالها باسم المجتمع الدولي لتسوغ تدخلاتها العسكرية وغير العسكرية في شؤون الدول الاخرى, والاّ يصبح ستارا قانونيا لاطلاق يد الدول الكبرى في التدخل بدعوى حماية الديمقراطية اواعادتها كما حدث في هايتي عام 1993م, اذ ان الكثير من قرارات مجلس الامن بشأن فرض عقوبات على الشعب الهايتي كانت من ورائها امريكا التي كانت تسعى للاطاحة بالنظام الحاكم , كذلك الحصار الذي فرضه مجلس الامن الدولي على العراق بين عام 1990 الى عام 2003 و راح ضحيته مليون طفل عراقي لم يكن لإسقاط صدام بل لتجويع الشعب العراقي . ولكن لاشك بان العجز الذي يعانيه مجلس الامن حاليا يجعل الدول الكبرى هي التي تتصدى لظاهرة غياب الديمقراطية التي تسود رقعة واسعة من العالم والتي تجعل مقاليد الحكم في ايدي قلة يمارسون الدكتاتورية وينتهكون حقوق الانسان, ولانريد ان يتراجع مجلس الامن عن اهتمامه الدولي بحالات انتهاك مبدأ الديمقراطية, الامر الذي يؤدي الى خسارة الكثير من الضحايا المدنيين نتيجة فرض الحكومات لسيطرتها على الصراع والقضاء على المعارضة المنادية بالديمقراطية وحقوق الانسان, ولا ان تحل الدول الكبرى محل مجلس الامن في نشر الديمقراطية عن طريق التدخلات العسكرية وغير العسكرية لتحقيق مأربها ومصالحها, انما ينبغي ان يواجه انتهاك الديمقراطية طبقا لميثاق الامم المتحدة ومن خلال اجهزة الامم المتحدة واللجان التي تشكلها لتدعيم الديمقراطية. وانتهاكات الدول لحقوق الانسان داخل اراضيها بسبب العنصر اواللون اواللغة اوالدين احدثت ومازالت تحدث ردود فعل عنيفة تمثلت في اعمال ارهابية دامية في مواجهة الحكومات لإرغامها على تطبيق مبدأ عدم التمييز أو من اجل الانفصال عنها مما يهدد كيان الدولة واستقرارها ويعرض الامن والسلم الدوليين للخطر. ينبغي ان يُواجه انتهاك الديمقراطية طبقا لميثاق الامم المتحدة ومن خلال اجهزة الامم المتحدة واللجان التي تشكلها لتدعيم الديمقراطية. وانتهاكات الدول لحقوق الانسان داخل اراضيها بسبب العنصر اواللون اواللغة اوالدين احدثت ومازالت تحدث ردود فعل عنيفة تمثلت في اعمال ارهابية دامية في مواجهة الحكومات لإرغامها على تطبيق مبدأ عدم التمييز أو من اجل الانفصال عنها مما يهدد كيان الدولة واستقرارها ويعرِّض الامن والسلم الدوليين للخطر.
من هنا رأت الدول أعضاء الجماعة الدولية ضرورة وضع قواعد لحماية الاقليات باعتبارها من الحقوق الاساسية للانسان وخشية ان يؤدي ظلم واضطهاد بعضها الى تعريض السلم العالمي للخطر (4). لذلك اصبحت حماية الاقليات وحرياتها تأتي في مقدمة اهتمامات المجتمع الدولي بأن انشأت لجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة لجنة فرعية لمنع التمييز وحماية الاقليات سنة 1947 ,وتناول الاعلان العالمي لحقوق الانسان تصاعد افعال التفرقة العنصرية ضد الاقليات في العديد من الدول وارتفاع جرائم العنصرية والصراعات العرقية بين فئات الشعب وتنامي الاضطرابات الاجتماعية واحداث الاعمال الارهابية من جانب الاقليات باعتبارها مقاومة مشروعة في مواجهة ارهاب الدولة لذلك ادركت الجماعة الدولية بان مشكلة الاقليات كانت من اهم الاسباب المؤدية الى الارهاب والحروب الاهلية ,بسبب الظلم والاضطهاد في الدول التي وصل اليها مصير الاقليات الى هذه الحالة , ان يكون الدافع من وراء ذلك هو حملها على احترام حقوق الانسان وحرياته الاساسية(5).
وترتكز الاستراتيجية الجنائية, ضمن المقومات التي تعتمد عليها على مجموعة من القيم الفكرية التي ينبغي ان تنظم الحياة الاجتماعية, وتوجه مسيرتها لتستطيع في النهاية من تحقيق سعادة الانسان في اطار من الخُلق القويم الذي يكفل استقامته, ويحول في النهاية دون انحرافه, ويقصد بتلك القيم مجموعة المباديء المستمدة من التراث الاجتماعي للمجتمع, والتي تنير له طريقه ويحرص على ارسائها في نفوس افراده لتعصمهم من الزلل, وتعينهم على سلوك الطريق السوي القويم. ومما لاشك فيه ان تلك القيم رغم انبثاقها من ظروف كل مجتمع بحيث تأتي افرازا طبيعيا لظروفه, وتعبيرا حتميا عن واقعه, الا انه من المفروض اتفاقها في غالبيتها في شتى المجتمعات بحيث يمكن القول بوجود سياج عام ينظمها ويحتويها, ويُعبَّر عنها, ولعل ذلك كله امر طبيعي ناجم عن الفطرة السليمة التي خلق الله الناس عليها ,وقد تجلّت عملية الارهاب العنصري في جنوب افريقيا حيث قامت الاقلية البيضاء المتمسكة بالسلطة بافعال القتل باعتبارها الوسيلة الناجمة للاحتفاظ بالسلطة وقمع كل القوى المطالبة بالمساواة والعدالة.
--------------------------------------------
1-انظر تفصيلات اكثر في المقابلة الصحفية التي اجرتها صحيفة الزمان العراقية مع الدكتور عبد الحسين شعبان –رئيس المنظمة العربية لحقوق الانسان-فرع لندن-
2-انظر تقرير منظمة العفو الدولية (نقض العهود واهدار حقوق الانسان)شباط.1995
3-راجع في ذلك ميثاق الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان
4- الدكتور محمد عزيز شكري, الارهاب الدولي, دار العلم للملايين, الطبعة الاولى,1992 ,ص12ومابعدها.
5- أ مصطفى دبارة, الارهاب الدولي, منشورات جامعة قاريونس, الطبعة الاولى سنة1990 ,ص36 ومابعدها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: مقتل مسؤول في منظومة الدفاع الجوي لحزب الله بغارة إسر


.. قبيل عيد الفصح.. إسرائيل بحالة تأهب قصوى على جميع الجبهات| #




.. مؤتمر صحفي لوزيري خارجية مصر وإيرلندا| #عاجل


.. محمود يزبك: نتنياهو يفهم بأن إنهاء الحرب بشروط حماس فشل شخصي




.. لقاء الأسير المحرر مفيد العباسي بطفله وعائلته ببلدة سلوان جن