الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-رخيصة-

أكرم شلغين

2021 / 6 / 29
الادب والفن


نادى الدكتور يزيد على زميلة الدكتور سالم عند مرور الأخير أمام مكتبه وقال دكتور تفضل لنحتسي القهوة معا فاستجاب زميله الدكتور سالم ودخل مكتبه وجلس فأشغل المضيف الغلاية الكهربائية وراح يحضر القهوة ووضعها في كأس ورقي متوسط الحجم وقبل أن يرشف منه قرع طالب سنة أخيرة من دراسته الباب وقال للدكتور سالم: "دكتور أحتاجك بموضوع" فأجاب: "تفضل قل ما تريد!" فقال "أحتاجك خارج المكتب...!" نهض الدكتور سالم عن الكرسي وخرج من مكتب زميله يزيد وقال للطالب: "تفضل قل ماذا تريد!" فقال الطالب: "دكتور، لست أنا من يحتاجك بل تلك الطالبة (مشيرا بأصابعه) التي تقف أمام مكتبك وكانت محرجة أن تطلب ذلك بنفسها!" فسأل الدكتور: "ما الأمر!؟" فأجاب الطالب: "لا أدري! كل ما أعرفه أنها تريد مقابلتك...!" فمشى الدكتور سالم باتجاهها وقال: "نعم يا بنتي!...قولي ماذا تريدين؟" أجابت: "أقول ذلك في داخل مكتبك!" ففتح مكتبه ودخل ودخلت الطالبة وجلست فسألها من جديد: "ماذا هناك!؟" فأجابت: "مشكلة كبيرة جدا جدا ولا أعرف أين ستؤدي بي...!" "ما هي؟" سأل الدكتور. طأطأت الطالبة رأسها وقالت: "أرجوك ألا تأخذ عني فكرة سيئة! مشكلتي يا دكتور أنني أحببت زميلي...وكان لنا ما كان...خرجنا معا أكلنا معا...وتواعدنا على الزواج...وكانت أحلى أيام حياتي وكان يقول لي بأنه لن يتخلى عني مهما حصل وأنني حياته وقلبه و...و..." صمتت لبرهة ثم تابعت: "ذات يوم كان الشيطان بيننا وفعلنا كل شيْ...! أجل حصل كل شيء بيننا وبعدها رحت أمنحه ما يريد لأننا نحب بعض ووعدني بالزواج...! وبقينا على هذا الوضع لأشهر ثم أصبح يحاول التملص من وعده عندما طالبته بتنفيذه...صدمني وعاتبته على فعله وعلى عدم احترام وعده ولكنه كان يجيبني أنا وعدتك لأنني ظننت بك إنسانة أخرى غير التي أعرفها الآن...! تابعت: "سألته وماذا تغير بي في نظرك عن الإنسانة التي عرفتها من قبل!؟" أجاب: "بصراحة أنت رخيصة ومستعدة أن تفعلي نفس الشيء مع غيري ولو ظهر إنسان آخر لخرجتي معه وفعلتي معه ما فعلتي معي...ولا تنسي أنا لم أجبرك على شيء بل كان بتوافق بيننا ما حصل!" تلكأت في الكلام ثم تابعت: "رحت أرجوه وعلى مدى أيام وهو يقول لي أنت جاهزة لفعل نفس الشيء مع غيري وأنا أحاول إقناعه أنني فعلت ذلك لأنني أحبه وهو يكرر كنت ستحبين أي عابر سبيل وليس أنا بالتحديد...ثم ماذا سيقول عني من يعرفك ويعرفني؟" راحت تبكي وهي تسرد ذلك فقال لها الدكتور سالم: "من فضلك تماسكي لأن من يمر من أمام مكتبي ويراك تبكين سيتساءل عن السبب..." حاولت أن تتماسك ولكنها لم تستطع وتابعت تسرد المزيد: "لقد قلت لوالدته عما حدث فراحت والدته تلومني وتقول إنه شاب وليس هناك ما يعيبه بل أنت من تُلامين والخطأ من فعلك ثم كررت كلام ابنها وبصوت عال صرخت لا أريد رؤيتك ولا أن أسمع منك ثانية!" تابعت: "قلت في نفسي ربما أن والدته لم تقدر ما أنا به بالرغم من أنها أم.. لهذا عليّ أن أذهب لوالده فرحت لمحل والده وشرحت ما حدث له ولكن الأب كان أقسى عليّ بكلامه من زوجته...وراح يقول لي ابن ليس الحمار بل الحمارة هي من ذهبت معه...هي الرخيصة وقليلة التربية التي تفعل ذلك..ه من الأصل لها... وكان يذكرني بأنني لو تفوهت بشيء من ذلك لأي إنسان فإنني سأشوه سمعتي فقط وألوث سمعة أهلي ولهذا علي أن أتدبر أمري بعيدا عن ابنه وعن عائلتهم..!" سألها الدكتور سالم: "ألا ترين أنك تحكين لي عن شأن لا علاقة لي به ولا يتعين على أن أعرفه بالأساس؟!" لم تجب بحرف بل بقي رأسها باتجاه الأسفل...أعاد السؤال بصيغة أخرى: "لم تقولين لي عن هذا الأمر وبماذا سأفيدك؟" بكت وقالت:" اخترت أن أحكي لك لأن عقلك كبير ولست مثل البقية فأنت ترى الحياة بشكل مختلف عن كل من أعرفهم...ومن ناحية أخرى أنا بورطة ولا أتجرأ بالبوح عن ذلك لأحد ولو عرفت عائلتي بما حدث سيصبح مصيري الذبح...! أرجوك ساعدني! لو أني أتجرأ على الانتحار لفعلت..." بدا الدكتور سالم غير مرتاح لما سمعه فذلك الموضوع لا يعنيه ولا يتمنى أن يكون قد سمع به في الأساس؛ إنه أمر و في غاية الحساسية والتعقيد نظرا للعادات والتقاليد... وبنفس الوقت راح يفكر بتلك المسكينة التي وجدت نفسها في هذا الوضع الصعب نظرا لأنها أحبت وأحبت بصدق ومنحت للحبيب ما يريد وبدلا من أن يقدر أن ما حصل عليه كان بالمطلق لأنها تحبه راح يفهمها أنها رخيصة وعلى استعداد أن تقدم نفس الشيء لأي عابر سبيل...كانت الأفكار تتسارع برأسه ولكن الطالبة قاطعت ذلك بقولها: "ليتني شجاعة بما فيه الكفاية لأنتحر... ولكن ما مصيري؟ وماذا سيُحكى عن أهلي وعائلتي!؟" تنهدت ثم تابعت: "يا دكتور أنا أعرف أنني أخطأت لأنني منحته الشي الذي تتمسك به كل الفتيات في مجتمعنا...نعم منحته ذلك لأنني أحببته وأردت أن أعيش معه... خفت لو أنني مانعت فسيذهب لغيري التي ربما كانت ستمنحه ما يريد وسأخسره وسيصبح لها وأنا أحبه بصدق... كنت في ورطة حقيقية حيال ذلك سواء تابعت بما يريد أم مانعت في ذلك...! ولم أكن أتوقع يوما أن يعيرني بحبي ولم أكن أعرف أن حبي له سيجعلني رخيصة في نظره...لم أكن أعرف أن الحبيب المعطاء يكون رخيصا...لم أفكر بذلك أبدا...!" كانت كلماتها تنقل الدكتور سالم بين من يريد أن يساعدها بشيء وبين من يريد أن يبقى بمنأى عما سمعه...خطر له أن يذهب لوالد الشاب ويتكلم معه فسألها: "هل تريدين أن أتكلم و وأبذل جهدا مع والده !؟ ثم تابع بسؤالها عن الأوقات التي يمكن أن يكون بها في المحل فأجابت معظم الوقت هو في المحل...فقط أثناء الصلاة يذهب للمسجد المقابل ويوم الجمعة بعد الصلاة يكون في البيت..." لدى سماع الدكتور سالم عن الصلاة وصلاة الجمعة وأن معظم أوقات والد الشاب يقضيها في المسجد والصلاة خطرت له فكرة... فقال للطالبة هل تعرفين من هو الشيخ والإمام في ذلك المسجد قالت أجل فتابع: "يجب أن تذهبي للشيخ وذلك خارج أوقات الصلاة وتقولين له أول عبارة أنا أعتبر نفسي مكان ابنتك وأتيت لك لتحل لي مشكلتي..." تابع الدكتور: "ركزي معي، تقولين للإمام أنا أعتبرك بمقام والدي ولهذا أتيت إليك وأريد مساعدتك...كرريها له أنك ابنته وأنك تريدين مساعدته ولا تستطيعين حل المشكلة بدونه...يجب أن تذهبي وبأسرع فرصة ممكنة للشيخ... والآن أنا مشغول أتركك بحفظ الله تشجعي ولا تيأسي ومشكلتك لا تعني أن ليس لها حل...من ناحيتي الآن لدي ما أفعله وسأخرج من مكتبي...أتركك برعاية وأمان الله.." خرجت الطالبة وراح الدكتور سالم يتألم لأنه لا يقدر على فعل شيء لتلك الفتاة المسكينة وبنفس الوقت يحقد على الشاب الذي سمع عنه ما لم يسره من تفكير رخيص...
بعد حوالي أسبوعين جاءت الطالبة لمكتب الدكتور سالم وهي فرحة جدا وقالت: "دكتور ذهبت للشيخ وقلت ما كررته لي له مرارا...فتحمس الشيخ واعتبرها قضية ابنته فعلا...لم يوبخني كما فعل أهل الشاب ولم يقل ما يهينني أو يحط من قدري بل قال لي اذهبي لبيتكم ولا تقولي شيئا لاحد ولا تعودي إلى هنا مرة أخرى...وخلال أيام كان والد الشاب يتكلم مع أبي ويقول له بأنه يريد لابنه أن يتقرب من بنت الأصل والحسب والنسب وتكلموا عن الترتيبات الأخرى...وأما الشاب فعاد يكلمني وقال لي إن والده قال له إنه سيغضب عليه ليوم الدين إن لم يكن رجلا ويتعامل مع بنات الناس بالعقل والدين..." كانت فرحة تضحك وتكرر سيتم كتب الكتاب خلال أيام وذلك كله بفضل الله وفضلك الله يعمر بيتك ويخللي أولادك يا دكتور والله لولاك ما كنت قادرة أتدبر أمري..." أجابها الدكتور سالم الحمد لله وألف مبروك والله معك...ولكن في داخله كان يقول: لو كنت مكانك ربما لهاجرت لمجتمع آخر ولن أقبل بالعيش مع من اعتبرني يوما رخيصة لأنني أحببته ثم جاء من يُفهم والده أنني ابنة عالم وناس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدني عن عمر يناهز 81 عامًا


.. المتحدة للخدمات الإعلامية تنعى الفنان الكبير صلاح السعدني




.. الفنان هاني شاكر في لقاء سابق لا يعجبني الكلام الهابط في الم


.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي




.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع