الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التنافس الأمريكي الصيني على قيادة العالم ( 1 )

آدم الحسن

2021 / 6 / 29
مواضيع وابحاث سياسية



خلال الفترة الأخيرة يتم كثيرا تناول العلاقة بين الصين و الولايات المتحدة الأمريكية و متابعة الخلافات بينهما التي تظهر على السطح و كأنها خلافات حادة حيث يصفها البعض على أنها صراع من اجل السيطرة على العالم أو من أجل قيادته .

من بين أهم الأسئلة التي فرضت نفسها على حوار المحللين السياسيين و الاقتصاديين حول هذا الموضوع هي التالية :
أولا : هل هنالك حقا تنافس يصل الى درجة الصراع بين امريكا و الصين من أجل السيطرة على العالم أو على قيادته ..؟ ما أبعاد هذا الصراع ...؟ و ما مستقبله ...؟
ثانيا : هل هنالك إمكانية لتوافق امريكي صيني على قيادة مشتركة للعالم ..؟
ثالثا: هل هنالك جدوى اقتصادية تتحقق من خلال السيطرة على العالم ..؟

للوصول الى اجوبة تتوافق مع منطق الأحداث لابد من تحديد الفرق بين السيطرة على العالم و بين قيادة العالم , فهنالك نوعان من السيطرة :
** سيطرة على دول من أجل قيادتها
** سيطرة على دول من أجل نهب ثروات شعوبها .
السيطرة على دول من أجل قيادتها : في التاريخ الحديث , حصل هذا النوع من السيطرة بعد الحرب العالمية الثانية كما فعلَ الاتحاد السوفيتي السابق حين سيطرَ على دول في شرق أوربا لغرض قيادتها للسير باتجاه بناء أنظمة تعتمد الاقتصاد المُوجه و المُقيدْ اساسه رأسمالية الدولة , أو سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على دول في غرب أوربا و اليابان لغرض قيادتها باتجاه بناء أنظمة تعتمد اقتصاد السوق الحر و اساسه رأسمالية القطاع الخاص ... و من هنا بدأ الصراع الأيديولوجي الحاد بين هاتين المنظومتين الذي تحول الى حرب باردة .
لذلك تعتبر سيطرة الاتحاد السوفيتي السابق على دول في شرق أوربا و سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على دول في غرب أوربا و اليابان هي سيطرة ليس من أجل استغلال شعوب تلك الدول و انما لقيادتها و جعلها تسير باتجاه معين , حتى أن الاتحاد السوفيتي السابق و الولايات المتحدة الأمريكية لم يجنيا منافع اقتصادية مباشرة من تلك السيطرة بل بالعكس انفقا الكثير من الجهد و المال في خطط لدعم اقتصاد تلك الكتلتين لغرض مساعدتهما في تجاوز حالة الدمار التي خلفتها الحرب العالمية الثانية و تثبيتهم على النهج الذي اختاراها لهما , حيث قامت أمريكا بتقديم دفعة مالية كبيرة لدول أوربا الغربية تحت اسم مشروع مارشال أو من خلال نقل التكنولوجية الأمريكية اليها و اعتماد اتفاقيات تجارية فيها ميزات كبيرة لدول المعسكر الغربي الذي ضم اليابان ايضا للإسراع في نهضة دول هذا المعسكر ... كذلك فعل الاتحاد السوفيتي السابق حيث قدم دعما لدول شرق أوربا إلا أن الاتحاد السوفيتي السابق كان هو نفسه منهكا بسبب الدمار الهائل الذي خلفه الغزو النازي لأراضيه و كانت نتيجة ذلك السباق هي تقدم المعسكر الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية في المجال الاقتصادي و التكنولوجي ... و تفكك الاتحاد السوفيتي و انهيار المعسكر الشرقي و التحاق معظم دوله الى المعسكر الغربي .

و هنالك سيطرة من نوع آخر هي ليست من أجل قيادة دول للسير في مسار معين بل من أجل الحصول على المنافع الاقتصادية و نهب ثروات شعوب هذه الدول كما فعل الاستعمار القديم و يفعله الأن الاستعمار المالي الحديث الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية .

لذا لابد من تحديد الغاية من سيطرة امريكا أو الصين على العالم , هل هي من اجل القيادة أي تثبيت نهج ايديولوجي معين كي نقول انهما يسعيان لقيادة العالم من خلال هذه السيطرة ... ؟ أم إن السيطرة هي من أجل المنافع الاقتصادية و نهب ثروات الشعوب ..؟

للوصول الى جواب مقنع لابد من أن نعرف أن الصين قد اختارت التخلي عن النهج الأيديولوجي في علاقاتها مع دول العالم كافة و اعتماد النهج البراغماتي في علاقاتها الخارجية مع كافة الدول و جعل نهجها محصورا ضمن حدود الصين بضمنها الأجزاء التي سعت لأعادتها للدولة الصينية التي لم يبقى منها خارج الدولة الصينية سوى تايوان , لذا فالصين لا تعمل على فرض نظام معين على دول خارج حدودها و بالتالي فهي لا تسعى لقيادة العالم اذ ليس لديها نهج أو نظام أو منظومة قيمية أو أيديولوجية تسعى لفرضها على دول العالم الأخرى .
أما أمريكا فنهجها يتذبذب بين قيادة العالم باتجاه نظام اجتماعي و اخلاقي و قيمي تستطيع من خلاله التفوق على دول العالم و الحصول على مكاسب و منافع مادية كبيرة في عالم تسوده العولمة الأمريكية التي يقودها رأس المال المالي و بين سياسة عدم الاكتراث لما يحصل خارج الولايات المتحدة الأمريكية و هذا يقودها الى الانعزال الى الداخل الأمريكي تحت شعار ( امريكا أولا ) كما كان حال السياسة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي السابق ترامب .

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح