الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطر التورط بالفساد لا يستثني أحدا

عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي

2021 / 6 / 29
الفساد الإداري والمالي


على مدار خمسين عاما، من عمري الذي يحث الخطى نحو السبعين، تابعت تطور ناشطين وفاعلين في العمل العام، وبعض أصحاب القرار فيه. حصيلة المتابعة التي تقارب النصف قرن أقنعتني ان غالبية المنخرطين في هذا المجال، ينطلقون من دوافع طيبة، وربما كانت دوافعهم وأهدافهم نبيلة، مع مطامح ذاتية قد تكون بسيطة ومحدودة، لكنها تتسع تدريجيا. وينساق البعض وراء تلك المطامح مقنعين انفسهم بمشروعيتها، انطلاقا من صورتهم الذاتية عن انفسهم، التي غالبا ما تكون منحازة للذات.

وفي مسعاهم لتحقيق تلك الطموحات (( المشروعة )) يلجأون الى وسائل، يضفون عليها الشرعية، من (( شرعية )) الأهداف النبيلة، وتبدأ بذرة الفساد من التسامح التدريجي مع الأخطاء، والبحث عن تبريرات لها. ويتعاظم التسامح مع الأخطاء والتجاوزات والخروج عن الأهداف ليصبح منهجا في العمل العام للفاعل أو القائد الإجتماعي، في بيئة لم تعتد ممارسة النقد والنقد الذاتي، حتى وإن كانت تتحدث عنهما كثيرا.

هناك بالطبع من يحافظون على نقائهم، لكن اصطدامهم بالسلوكيات التي أشرنا اليها يصيبهم تدريجيا بالإحباط ويبعدهم عن العمل العام.

أما من بدأوا نشاطهم بأهداف أنانية منذ البداية، فيبدأون انذالاً وينتهون اكثر نذالة. لكن خطر الإنحطاط في مهاوي الفساد يواجه الجميع بمن فيهم من نذروا أنفسهم لأهداف نبيلة. فكيف يمكن مواجهة مثل هذا الخطر، وتحصين أصحاب النوايا النبيلة، من التدهور الى مستنقعات الفساد؟

لابد من تنشيط الرقابة والمراجعة الذاتية، وتجنب التسامح مع النفس، ومع المقربين والمتقربين. غير أن أي جهد ذاتي لمقاومة نوازع الذات يظل قاصرا عن تجنب الإنحدار، دون ترسيخ مبدأ الرقابة العامة، ودون تجريم التضييق عليها بأي شكل من الأشكال، وأحترام من يمتلكون الجرأة على النقد، حتى وإن كان ثمة شكوك بدوافعهم، فالدوافع ((المغرضة )) المفترضه، والريبة بأهداف المنتقدين لا ينبغي أن تكون سببا لتكميم أفواههم، أو مهاجمتهم، وأعتبارهم متأثرين بالخصوم، وإنما توجب حمايتهم من الإضطهاد والتنكيل، لا بل حتى الأهتمام بالنقد الموجه من الخصوم، والإعتماد على حججهم وبراهينهم، في عمليات مراجعة دورية لنشاطنا الفردي والجمعي.

الفساد فيروس خبيث يمكن أن يورّط أو يتورّط من لم يكونوا فاسدين، والتحسب من خطره ينبغي أن يكون منهجا ثابتا في الحياة العامة، في الدولة ومؤسساتها، الأحزاب السياسية قادة وناشطين، والفاعلين الأقتصاديين أرباب عمل ومسؤولين عن النشاطات الأقتصادية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة