الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن المنظمات الغير حكومية: -NGO,S- دعوة إلى البديل........

غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني

2021 / 7 / 2
المجتمع المدني



إن حالة التردي والهبوط الراهنة، وصلت إلى أكثر من حد الإعياء والمرض في المنظومات الإعلامية من أجل الترويج لمنابر الساسة، مدفوعة الثمن، والشاهد على ذلك، انحسار دور المثقف الديمقراطي الثوري في مجتمعاتنا، على الرغم من الحاجة الملحة لهذا الدور ضد الاستبداد والتخلف والاستغلال، وهو انحسار مريع ومقلق في هذه المرحلة التي –على ما يبدو- تغيّرت فيها مراتب القيم، بحيث باتت الأفكار الليبرالية الرثة والقيم السياسية الهابطة والقيم الانتهازية المصلحية وقيم النفاق والقيم الاستهلاكية، هي البضاعة الرائجة بتأثير واضح في أحد أهم جوانبه للمنظمات غير الحكومية "NGO.S" التي نجحت في إغواء وإغراء، ومن ثم خراب وارتداد الآلاف – من المثقفين واليساريين العرب – عن بداياتهم الفكرية، وأحلامهم الثورية التي يبدو إنها كانت مجرد أحلام "البورجوازي الصغير" في لحظه من لحظات الانفعال والقلق والخوف من تردي وضعه الطبقي، ولما حانت فرصة الإغراء المادي على طبق منظمات "NGO.S" أو المحتل الأجنبي، سرعان ما تخلى عن الأحلام والمبادئ الثورية ومخاطرها بذريعة الاعتدال والواقعية، وذهب راكضًا أو زاحفًا صوب الالتحاق بقافلة الليبرالية الجديدة ومقتضياتها في تبرير احتلال بلاده بذريعة الديمقراطية والسلام، ومن ثم تمهيد الطريق للاعتراف بمشروعية الدولة الصهيونية وتوسعها وتزايد عدوانيتها في مقابل تفكيك الدولة الوطنية العربية.
ففي ظل ضعف وتراجع القوى الوطنية واليسارية والقومية النهضوية الديمقراطية في فلسطين والوطن العربي عمومًا، نجح نظام العولمة الإمبريالي في ترويج الأفكار والسياسات الليبرالية وأوهام السلام المزعوم مع دولة العدو الصهيوني من جهة، بوهم تخفيف بشاعة ممارسات العدوانية الأمريكية الصهيونية. ومن جهة ثانية، شجعت الإمبريالية الأمريكية وبلدان النظام الرأسمالي تأسيس وتمويل منظمات "NGO S"، في كافة البلدان العربية، حيث يزيد عدد هذه المنظمات في الوطن العربي عن 70 ألف جمعية!! للحديث عن الديمقراطية والمجتمع المدني والمواطنة وحقوق الإنسان من منظور ليبرالي رث، إلى جانب تقديم خدمات شكلية غير إنتاجية، وتأطيرها ضمن أشكال وممارسات إدارية وتدريبية وإغاثية نجحت في إغراء وإغواء الآلاف من المثقفين الفلسطينيين والعرب الذين استجابوا للمغريات المالية (الدولار)، عبر رواتب شهرية تتراوح بين ثلاثة آلاف دولار إلى سبعة آلاف دولار، عدا مصاريف السفر والإقامة في أفخم الفنادق، للمشاركة فيما يسمى بالندوات والحوارات النخبوية المكلفة ذات المردود الصفري، وأصبحت هذه المنظمات-في معظمها- أبواقًا للممول الخارجي في صنع ثقافة الاستهلاك والهبوط والتطبيع، مستخدمين في ذلك المفاهيم المُصنَّعه لهم من العواصم الرأسمالية: الحكم الصالح، الجندر، التنمية المستدامة، الانعتاقية، حقوق الإنسان، التسوية و"السلام أو التصالح" مع "إسرائيل"، وأخيرًا السلام الاقتصادي.. الخ تلك المفاهيم الرثة، لكن من يدفع للزمار يختار ويحدد له نوع النغمة أو اللحن.
إننا في ضوء ما سبق، كمثقفين وأحزاب وقوى وطنية وتقدمية، مدعوين في مواجهة هذا الدور التخريبي الذي تقوم به ما يسمى المنظمات غير الحكومية، إلى تأسيس منظمات أهلية وطنية تنموية وديمقراطية بعيدًا عن التمويل الأجنبي المشبوه في معظمه، حيث تتلخص في مبادرة كافة القوى الديمقراطية التقدمية إلى تأسيس منظمات أهلية (زراعية/ صحية/ تعاونية/ تنموية/ اجتماعية/ ثقافية/ قانونية وحقوقية/ شبابية/ نسوية...الخ)، منبثقة من قلب الجماهير الشعبية الفقيرة، تعتمد في تمويلها على اشتراك آلاف الأعضاء المنتسبين إليها، عبر اشتراك سنوي وعبر تبرعات الأعضاء والأصدقاء من العرب والأجانب ممن يوافقون على أهدافنا وثوابتنا الوطنية ضد التحالف الإمبريالي الصهيوني الرجعي، ودونما أية شروط مسبقة (بعيدًا عن مظاهر البذخ والفنادق والمكاتب الفخمة والرواتب المريبة)، وبذلك نحقق هدف المشاركة الأهلية الديمقراطية الواسعة من قلب النضال والصراع الطبقي ضد أنظمة الاستغلال والاستبداد عبر منظمات شعبية جماهيرية وهيئاتها/جمعياتها العامة التي تضم آلاف الأعضاء بدلًا من الهيئات العامة الحالية في منظمات "NGO,S" التي يتم تشكيلها حسب المقاس من 10-20 عضوًا، موافقين سلفًا على المخطط، دون أي اعتبار لتطبيق مفهوم وآليات الديمقراطية أو الشفافية والمحاسبة التي يتشدقون بها في الفنادق والندوات المدفوعة الأجر من الممول الأمريكي أو الأوروبي أو الياباني على أنفسهم أولًا.
إن هذه الدعوة هي بمثابة خروج من عباءة تلك المنظمات ودورها التخريبي غير الوطني، والذي تأكد خلال ما يزيد عن ربع قرن من انتشارها واتساع مجال عملها بعد أن تم احتضانها ورعايتها وتمويلها من الدول الغربية وبعض الحكومات العربية الرجعية كي تقوم بهذا الدور، بحيث لم يعد أمامنا من فرصة لانتظار أن تمارس هذه المنظمات دورًا تخريبيًا أكثر مما مارسته خلال تلك السنوات، من خلال المبادرة الجدية لإنشاء المنظمات الأهلية الشعبية التي يجب أن يناط بها خدمة مجتمعاتنا وفق مقتضيات وأولويات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية القائمة من جهة، والصراع مع العدو الصهيوني الإمبريالي من جهة أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بسبب خلاف ضريبي.. مساعدات الأمم المتحدة عالقة في جنوب السودا


.. نعمت شفيق.. رئيسة جامعة كولومبيا التي أبلغت الشرطة لاعتقال د




.. في قضية ترحيل النازحين السوريين... لبنان ليس طرفًا في اتفاقي


.. اعتقال مناهضين لحرب إسرائيل على غزة بجامعة جنوب كاليفورنيا




.. بينهم نتنياهو.. مذكرات اعتقال دولية بحق قادة إسرائيل بسبب حر