الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
استعادة وجوه غسان كنفاني بعد نصف قرن من استشهاده
رائد الحواري
2021 / 7 / 3الادب والفن
العظام حاضرون رغم مرور الزمن، وأعمالهم تبقى مثيرة ومؤثرة، كتب عن غسان كنفاني الكثير وما زال يُكتب، وهذا يعود إلى قوة حضوره وأثره في الأجيال، فبعد أكثر من خمس وأربعين سنة على استشهاده يأتي فراس حج محمد ليكتب كتابه "استعادة غسان كنفاتي"* مضيفا شيئا جديدا عما كتب، فهو يتحدث عن غسان كإنسان، كروائي، كقاصّ، كشاعر، كناقد، كفنان، كصحفي، كمناضل، كمحبّ، بمعنى أنه يقدمه بشموليته وليس بحالة خاصة.
يفتتح الكتاب بالحديث عن مشاكل المثقفين والثقافة الفلسطينية والعربية، مبينا حالة الشيخوخة والعقم التي وصل إليها المثقفين الفلسطينيين: "مثقفو اليوم الرسميون ليس كالسابق، عندما كان الشاعر والروائي والصحفي في قلب المعركة مناضلا مشاركا بجسمه وبندقيته... يحاول اليوم "المثقف الرسمي" أن يدخل إلى المشهد متسسلا غير شرعي" ص21، كما أنه يبين التاريخ المزري للمثقفين العربي في القرن الماضي، وكيف تجاهل هؤلاء الأخطار التي تتعرض لها فلسطين وأثر سقوطها في يد الاحتلال الصهيوني وانفصالها عن باقي المنطقة العربية وحتى الإسلامية: "يتعاطف هيكل مع اليهود الذاهبين إلى يافا تعاطفا واضحا، ناسيا، أن اليهود الذين استعصى عليهم الكرى، سيدفعون بعد ربع قرن عائلات فلسطينية إلى قوارب تائهة... بينما أهمل المازني الحديث عن دور اليهودي الهنغاري كزعيم صهيوني في كتابه "حصاد الهشيم" عندما ناقش رأي ماكس نوردو في "مستقبل الأدب والفنون" ص24 و25، "وأما طه حسين وقد شارك في حفل افتتاح الجامعة العبرية الجديدة في القدس في الثلاثينيات وألقى كلمة جامعة فؤاد الأول "أحمد شوقي الذي كتب قصائد في دمشق ولبنان وليبيا والأندلس، إلا أنه امتنع وصمت عن القضية الفلسطينية، بل إن تصريح بلفور في عام 1917 لم يلفت نظر أمير الشعراء، ولا ثورة البراق في عام 1929" ص26، ويضيف: "توفيق الحكيم وحسين فوزي اللذان قالا بالحرف الواحد إنهما يريان الصلح مع إسرائيل هو المخرج الوحيد من الأزمة" ص27، وهو يشير إلى عقم المثقفين والأدباء العرب، ليس في هذا الزمن فحسب، بل في الماضي، وكأن ما نعيشه الآن هو امتداد واستمرار لنهج ماضٍ سبقنا إليه (كبار الأدباء والكتاب).
من هنا يحاول الكاتب تناول حالة المثقفين الفلسطينين الآن وكيف أن التدجين مستمر لكن بأشكال جديدة: "تلك الجوائز التي أضحت على ما يبدو رشوة على الوطن، لقد أصبحت تلك الجوائز كأنها جزء من عملية تدجين المثقف الفلسطيني، قطعوا ألسنة المثقفين بالعطايا "السلطوية" التي تقدم حاليا في ظل العولمة على شكل جوائز، بعد أن كانت تقدم مباشرة لشراء الشاعر في التاريخ العربي الذي يعرفونه" ص31.
ويكشف دور الدين السياسي في تشويه الوعي في الأمة، مؤكدا مقولة ماركس "الدين أفيون الشعوب" ص36، ثم يدخلنا إلى اتحاد الكتاب الفلسطينيين واتحاد المعلمين وحالة الخلل التي يمران بها، وأثر ذلك سلبا في الوعي الاجتماعي: "فلا يتداول الناس اليوم إلا الأمثال الشعبية الاستسلامية؛ "امش الحيط الحيط وقول يا رب السترة" ص61، وهذا ما يجعل الحالة الخاصة للمثقفين والحالة العامة للجماهير في حالة انهزام وتقهقر تكمل إحداهما الأخرى.
يدخلنا الكتاب إلى عالم غسان كنفاني من خلال حديث عابر وسريع عن رواية "رجال في الشمس" ومزية أبو الخيزران واستمرارية نهجه فينا: "روح أبي الخيزران تتلبسنا جميعا، أنانية طاغية، تهلك النفس والمجتمع وتهلك الحرث والنسل" ص62، بعدها يتناول عظمة غسان مقتبسا قوله: "قد حاولوا تذويبي كقطعة سكر في فنجان شاي ساخن، وبذلوا يشهد الله جهدا عجيبا من أجل ذلك، ولكني ما زلت موجودا رغم كل شيء" ص77، وبعدها يفتح الباب أمام عالم غسان متحدثا بتفاصيل عن رواية "رجال في الشمس"، ومن أهم ما قاله جاء عن المكان: "بل ن المكان العامّ جغرافيا، والمكان الخاص، رمزيا، (الخزان) تعاضذا معا للقضاء على الشخوص الفاعلين روائياً، بل يمكن اعتبار المكان بطلا، بالطريقة نفسها التي اكتسبتها الشمس" ص98، وهذا الطرح يعد إضافة جديدة عن الرواية. بعدها يربط احتلال فلسطين بقصة الثيران الثلاثة: "بالفعل لقد أُكل العرب والمسلمون يوم أكلت فلسطين العربية الإسلامية" ص107.
ويدخلنا إلى غسان قاصا وناقدا وشاعرا، متطرقا إلى القصص التي تتحدث عن الأطفال: "ست قصص قصيرة عن الأطفال وهي: المنزلق، بيروت 1961، ورقة من الرملة، دمشق 1956، الصغير يذهب إلى المخيم، آذار 1967، هدية العيد، كانون 1، 1968، كان ويومذاك طفلا، بيروت أيار 1969، البنادق في المخيم، بيروت، 1969" ص133، لكن (اعتقد) أن الكاتب نسي أضافة قصة "زمن الاشتباك" التي تتحدث عن الطفل بائع الكعك.
أما حديثه عن غسان كناقد، فيقول: "يضع كتاب "فارس فارس" طرفي العملية الإبداعية في المواجهة، ما بين كتّاب يخافون من النقد ويرغبون به في الوقت ذاته، وبين ناقد يخاف الكتّاب فيتخفى تحت اسم مستعار" ص142.
أما غسان كشاعر: فيقف الكتب عند قصيدتين الأولى "مؤرخة بتاريخ 13/6/1955، وهي بعنوان "أنا لا أريد"، والأخرى جاءت تحت عنوان "بلا عنوان" مجهولة التاريخ ومكان الكتابة" ص152. وفي الخاتمة يتحدث الكاتب عن علاقته بغسان: "غسان كنفاني وأنا" ص165، متناولا حب غسان لغادة السمان، محاولا أن يقارن حبه بحب غسان لغادة: "لقد تمنيت كثيرا أن تكتب عني المرأة التي أحبها كما كتبت وتكتب غادة السمان عن غسان كنفاني" ص170.
وبهذا يكون "فراس حج محمد" قد تناول شخصية "كنفاني" بشمولية وإنسانية وبحيادية، وليس بصورة (سوبر مان)، فهو يذكر أثر غادة على غسان، وكيف أنه سب "دين" غادة" حينما تجاهلته وتجاهلت رسائله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الكتاب من منشورات الرعاة للنشر والتوزيع، رام الله ، فلسطين، وجسور لنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى 2021.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح