الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الله عبثي وزعيم حارة العبثيين.

اسكندر أمبروز

2021 / 7 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كثيراً ما يتردد على مسامعنا مقولة المؤمنين الشهيرة أن الله خلق البشر لعبادته , وأنه خلق كلّ شيء لسبب ما , وأنه كلّي كل شي... والخ من التجميعات المفصومة منطقياً وعقلياً والموضوعة في هذه الشخصية الخيالية المسماة بالله ! ولكن وكالعادة , فإن حشر الأديان لأنفها بأمور لا تفقهها كالمنطق والفلسفة هي أوّل ما يسقطها أرضاً وينسف وجود الإله من أصله الى جانب نسف وجود الميتافيزيقيا المصاحبة له.

وعبثية الإله الإبراهيمي تتجلى لنا في عدّة أمور وصفات وخصائص , ومن هذه الخصائص هي خاصيّة الحكمة من الخلق , والغاية من الحياة برمّتها.

حيث نعلم نحن اليوم كبشر أن لكل شيء نفعله غاية وسبب وهدف , فالموظف يعمل ليحصل على المال في نهاية الشهر ولينجز أموراً إدارية معينة , والمهندس يعمل ليبني البنية التحتية والبنايات وغيرها من الأمور , والفنان ينتج الموسيقى والأفلام واللوحات ليشعر بالكمال والفخر في عمله ذاك ولغرض تسلية الناس أيضاً , فجميعنا نقوم بأمور لغايات في ذاتنا ولأسباب وأهداف نريد تحقيقها للشعور بالإنجاز والكمال في نواح الحياة المختلفة لكوننا بشر قاصرون وناقصون.

ولكن ما أن نسقط هذا المنطق على الإله كما تفعل الأديان , لظهرت أمامنا مصائب ضخمة وعميقة تضرب الدين ووجود الإله نفسه في مقتل...فلو كان لله غاية في الخلق ألا وهي "عبادته وتمجيده" كما تدعي الأديان , فهو في هذه الحالة خلق وصنع واستحدث الكون بأكمله لتلبية تلك الغاية ألا وهي حاجته للتمجيد من قبل الآخرين , وهذا ما يقضي تماماً على ألوهيته , فالإله من المفترض أن يكون كاملاً منزهاً متعالياً لا يوجد لديه أيّة غاية ليحققها فهو كامل كلّي كل شيء ! ولو خلق بعوضة واحدة , فهو في هذه الحالة سيقع في مأزق النقص والحاجة مهما كانت تلك الحاجة أو الدافع والحكمة التي دفعته ليخلق البعوضة , فهو لو كان كاملاً حقاً لما خلقها , ولو خلقها لما تحققت فيه صفة الكمال , وهو في هذه الحالة كالبشري الناقص , يقع تحت حاجة إثبات الذات ووضع الغايات والأسباب لأفعاله.

ولكن لو قال أحدهم أنه كامل ولا يحتاج لسبب ليخلق شيء ما أو لا يوجد سبب ليدفعه نحو الخلق , فهو في هذه الحالة سيقع في مأزق العبثية , فالكامل كما قلنا لن يحتاج لإثبات أي شيء أو خلق أي شيء لأي سبب كان , فهو كامل منزه بذاته لا يحتاج لغاية أو هدف أو سبب ليفعل أو يخلق , ولو قام بأي خليقة كانت , فهو في تلك الحالة عبثي يقوم بالأمور اعتباطياً دون أي حكمة أو هدف ولا يمكن لإله أن يرتدي ثوب العبثية.

وأضيفوا على هذا أنه لو خلق شيئاً ما لغاية أو لحكمة معينة , فهذا أيضاً عمل عبثي , حيث أنه مثلاً رأى الحكمة من نتيجة خلق فيل ما في غابات الهند , ولكن هذه النظرة أيضاً تضعه في مأزق , فهو في هذه الحالة عاجز عن الوصول للحكمة المرجوّة من خلق الفيل , إلّا بخلقه لذلك الفيل , أي أنه لم يستطع الوصول للحكمة المرجوّة من وجود ذلك الفيل إلا بخلقه له , وهذا ما يضعه في موضع العاجز أيضاً , فلو كان كلّي القدرة لوصل للحكمة دون الحاجة لخلق الفيل من أساسه , ولو كان يستطيع الوصول اليها بسهولة ولكنه قرر خلق الفيل على أي حال , فهذا أيضاً قمّة في العبثية والإعتباطية والعشوائية.

فقضية الخلق والغاية الإلهية والحكمة وصفات الإله المطلقة , فيها الكثير والكثير من التناقضات التي لم يضعها صانعوا الأديان في الحسبان , وهذا ما يدل على صناعتهم لهذه الخرافات لتسيير العوام كالقطعان وراء الحاكم لا أكثر , فما أن يعقل شخص ما هذه التخريفات الدينية , ستسقط أمامه الأديان وخرافاتها كبرج من أوراق اللعب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #shorts - 80- Al-baqarah


.. #shorts -72- Al-baqarah




.. #shorts - 74- Al-baqarah


.. #shorts -75- Al-baqarah




.. #shorts -81- Al-baqarah