الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى ستعترف تركيا بجريمة بالإبادة الجماعية الأرمنية التي أرتكبتها؟

آرا دمبكجيان

2021 / 7 / 4
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


متى ستعترف تركيا بجريمة الإبادة الجماعية الأرمنية؟

جاء قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن بالأعتراف و الإقرار بها بعد قرارات مماثلة لعشرات الدول و البرلمانات و المنظمات الدولية و الأنسانية دليلاً أن سياسة الأنكار لن تجدي، في الوقت نفسه سيشكّل الأعتراف الدولي حصاراً سياسياً و أخلاقياً لتركيا.
و لقرار الرئيس بايدن وجهان في المفهوم السياسي و الدبلوماسي:
أولاً: عدم تحميل تركيا الحالية مسؤولية جريمة الأبادة التي ارتكِبَت في عهد الدولة العثمانية، و هو الجانب البراغماتي (العملي) لأستيعاب الحرب الكلامية التركية رداً عليه.
ثانياً: التأكيد على الألتزام بمنع حدوث أحداث مشابهة مستقبلية.

تدّعي تركيا أن جريمة الإبادة الجماعية لا تمسّها و لم تقم هي بها، بل هي من مخلفات الدولة العثمانية...التركية، في الوقت الذي تنسِّب لنفسها ما تريد مما ورثتها من سابقتها. أي تعترف بأعمال الدولة العثمانية إنْ كانت في صالحها و تنبذ ما ليس لها صالح فيها.
ثمة أسباب كثيرة تقف خلف الأمتناع التركي، منها:
1- التعويض: قامت جهات أقتصادية و سياسية دولية بتقدير الأضرار التي لحقت بالأرمن على شكل تراكمي بحوالي 3 ترليون دولار. و بُني هذا الرقم على أساس مصادرة الممتلكات الأرمنية المنقولة و غير المنقولة مع الودائع المالية في البنوك العثمانية و الأجنبية و شركات التأمين على الحياة و غيرها، ناهيك عن الخسائر البشرية.
2- إعادة الممتلكات: أما إعادة الممتلكات الأرمنية بعد الأعتراف بجريمتها فخط أحمر بالنسبة الى تركيا لا يمكن تجاوزه...تمسُّ هذه المسألة السيادة التركية على أراضيها و تتجاوز أهميتها التعويض المالي في أعلاه. و لذر الرماد على عيون العالم تقوم تركيا بين الحين و الآخر بترميم كنيسة أرمنية قديمة هنا و هناك.
يصرُّ الأرمن اليوم على أحياء معاهدة سيفر التي قامت بين الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى و الدولة العثمانية المنهزمة في الحرب. و بعد ثلاث سنوات تقريبا جاءت انكلترا بمعاهدة جديدة هي لوزان الأولى و الثانية، فألغت سيفر بمفردها...و كانت سيفر قد أعطت أرمينيا الغربية (تركيا الشرقية) الى جمهورية أرمينيا في 1920 مع إقامة كيان لدولة كردية في جنوب تركيا، و لكن مع الأسف لم يتابع الأكراد البنود المنصوصة في معاهدة سيفر حول كيانهم المستقبلي.
3- يحتل قادة تركيا الذين أسسوا تركيا الحالية مكانة كبيرة في قلوب الأتراك، و الأعتراف بالجرائم التي أرتكبوها بحق الأرمن و غيرهم من شعوب المنطقة تعتبر ادانة لتاريخ الدولة التركية المعاصرة. فهؤلاء فوق الميول و الأعتبارات و لا يمكن المس بالأسس القومية و الوطنية التي أسسوا الدولة عليها.
ذكر الصحفي التركي الشهير علي بيرم أوغلو في تصريح مع صديقه جنكيز اكتار عام 2015 بمناسبة مرور 100 عام على جريمة الأبادة الجماعية في نص حملة الأعتذار للأرمن، أن تحرر تركيا من أسر التاريخ هو بالمصالحة مع هذا التاريخ.
نجح الأرمن في إبقاء قضيتهم حية على الرغم من محاولة النخبة السياسية التركية محو الذاكرة الأرمنية، و دفعوا على مر السنين ملايين الدولارات لأشخاص و مؤسسات اوروبية لمنع الأعتراف بها. في الوقت الذي نجح اللوبي الأرمني في الشتات في نقل القضية الأرمنية الى المحافل الدولية و جعلها حاضرة في نقاشات برلمانات معظم دول العالم...المتحضر.
كنت أطالع كتاباً للسيدة ديانا أبكار أغابك، القنصل فوق العادة لجمهورية أرمينيا 1918-1921 في طوكيو، امبراطورية اليابان، تحت عنوان:
Armenia Crucified on the Cross of Europe’s Imperialism
صُلِبَت أرمينيا على صليب الأمبريالية الأوروبية.
تُحمِّل السيدة ديانا دول أوروبا (المتحضرة)، بريطانيا العظمى، روسيا القيصرية، فرنسا، ايطاليا، ألمانيا القيصرية و امبراطورية النمسا و المجر مسؤولية جريمة الإبادة الجماعية للأرمن تحقيقا لخطة إفراغ الأناضول من الأرمن لتأسيس كيانات مالية و اقتصادية، صناعية و زراعية، لمصلحتها هي على تلك الأرض الأرمنية. و دفعت الهمجية التركية ان تكون اليد الضاربة القائمة على ارتكاب تلك الجريمة الشنعاء بدفع من أوروبا... المتحضرة. و الى جانب الأرمن وصلت عمليات القتل و التهجير يونانيي البنطس في جنوب البحر الأسود و الأقليات المسيحية و الأكراد في جنوب تركيا.
جرى كل هذا في الوقت الذي كان أحد ألقاب ملك بريطانيا العظمى حامي الإيمان (المسيحي) أو
Defender of The Faith الذي تلقّاه في أثناء الحملات العسكرية الأوروبية بين الصليبيين و الهلاليين لحماية الحجاج المسيحيين المسافرين الى أورشليم (القدس). و لا زال ملك (او ملكة) انكلترا يحمل (تحمل) هذا اللقب الذي كان سياسياً تحت رداء الدين.
و لا زالت أنكلترا تمتنع عن الأعتراف بالجريمة التي ساعدت هي في حدوثها... لعل الدول الأخرى قد أحسَّت بما صنعت أيديها و أدانت تركيا، و هذا أضعف الإيمان.
نعم، نضع اللوم على اليد التي ارتكبت الجريمة و ننسى من دفع تلك اليد الأثيمة للقيام بهذا العمل الشنيع.
يفتخر أردوغان بتراث أجداده و يسير على خطاهم لأحياء الحُلم العثماني في تأسيس الدولة الطورانية...العتيدة. و لا زالت دولة أرمينيا تقف حجر عثرة في تحقيق الحلم المنشود. و ما الحروب التي تدفع تركيا ربيبتها آذربيجان إلا دلبلاً عملياً في مشروع إزالة العائق من الطريق، ليس بيدها مباشرة بل بيد الآذريين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص