الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ٍالميركاتو الإنتخابي في المغرب... من هو صديق المخزن الجديد ؟

المهدي بوتمزين
كاتب مغربي

(Elmahdi Boutoumzine)

2021 / 7 / 5
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


بعد حوالي شهرين من الاَن ، ستدخل الأحزاب السياسية في المغرب ، التي يفوق عددها مجموع الأحزاب و السور التي تضمنها الكتاب المقدس عند المسلمين ، و إذا كان القراَن الكريم يتضمن الأحكام الشرعية المفصلة ، فإن هذه الدكاكين السياسية لا تملك مرجعبة فكر و عمل واضحيين ، ما يجعل مناقشة قوانين جديدة، يخضع للمزايدات و المناكفات الفارغة ، و المعارضةُ لأجل المعارضةِ فقط .

إن هذه الكتل السياسية تدخل في دائرة ما يصطلح عليه في النسق السياسي المغربي ببني وي وي bni oui oui و هي كلمة اصطلاحية فرنكوفونية ، تعني السياسيين الذين يوافقون على كل ما يقترحه النظام الحاكم دون إعتراض موضوعي يفرضه الواجب الحزبي ، و تمليه أمانة المشروعية التي تُستمد من أصوات الناخبين ، الذين وضعوا ثقتهم في ذات الحزب؛ مرجعية و برنامجا و أملا في النضال . و هذا ما عبر عنه بعض الأمناء العامون للأحزاب ، كما باقي الفاعلين السياسيين ، الذين اعتبروا أن برنامجهم السياسي لا يمكن أن يخالف ولو بنسبة ضئيلة البرنامج الممنوح –المفروض- من فوق ، فهمم منتخبون ظاهريا من طرف الشعب ، لكن في حقيقة العملية ، هم أعضاء في منظمة الإختيارية التي تُعيِّنها مكاتب الداخلية و الأمن السري ، لتشكيل حكومة صورية و معارضة كرتونية هلامية وفق مقاييس السلطة المخزنية .

سبق للأمين العام لحزب العدالة و التنمية و رئيس الحكومة السابق عبد الإلاه بنكيران أن صرح أن حكومته هي حكومة صاحب الجلالة ، حسب تعبيره الدقيق، وفي جانب اَخر مناوئ شكلانيا ، تحدث أمين عام لحزب سياسي مغربي في كتلة المعارضة ، أنه من معارضة صاحب الجلالة ، حسب منطوقه الحرفي . إننا بحاجة إلى مدخل علمي جديد في العلوم السياسية يوطئ و يقعد لمفاهيم و نظريات مستحدثة في السياسة المغربية ، بعيدا عن أبجديات اليمين و اليسار والإسلام السياسي كما هو في الشرق و الغرب .

نتساءل عن سببية تجريد الأحزاب السياسية من غِطائها المؤسس لها ، ولماذا أصبحت عاجزة عن الدفاع عن مواقفها التي من الواجب أن تُبنى على الميثاق الفكري لا على حبل التوازنات مع سلطة المخزن أو بتعبير أدق ، مع سلطة صاحب الجلالة و معارضة صاحب الجلالة و برامج صاحب الجلالة و أصوات ناخبي صاحب الجلالة ؟

الجواب ينفي السؤال الذي قدمه و اَمن به القيادي الإتحادي محمد اليازغي ، الذي طرح مطلع العهد الجديد سؤال : هل مات المخزن ؟ ليجيب المتساءل بالإيجاب ، و يُصِر على جوابه لحد الاَن ، دون أن تُزحزحه الصدمات السياسية ، ومن تمظهراتها ، تأسيس حزب الأصالة و المعاصرة ، الحزب الإداري المنبعث من داخل دواليب وزارة الداخلية ، و الذي أسسه عنصر فاعل داخل دهاليز السلطة المتوارية ، عُرف بمرجعيته البوليسية السياسية ، بدء بحركة لكل الديمقراطيين ، تلاها حزب الجرَّار ، ثم مستشارا للملك ، لكن في الحقيقة هو جزء من نظام الحكم الحالي ، الذي يتحكم في الأمن و الجيش و فروع الكاب 1 .

الدولة تؤمن بالتعددية الحزبية لأنها المنفذ الاَمن لإنفضاض و تبدد النخبة ، و ليس إيمانا منها باَليات ووسائط الديمقراطية . عديدة هي المرات التي اجترحت فيها السلطة العليا –السلطة المتوارية- مصارف لتفعيل رؤيتها الخاصة بالحالة السياسية ، التي تمنع تَحَكم النخب أو اكتسابها لمصداقية لدى العامة .

أحابيل سلطة المخزن ليست وليدة اليوم ، فمنذ أول انتخابات تشريعية سنة 1963 م ، عرف المغرب ما سمي اَنذاك ، بمرسوم التقطيع الإنتخابي ، الذي حدد خريطة الدوائر الإنتخابية حسب قاعدة أو نظرية التبعية ، التي تفصل بين دائرة حضرية تتميز بنخبة مثقفة وجامعية محيطة بالمعطيات السياسية و التحولات العالمية و التيارات الفكرية التحررية ؛ و دائرة قروية تابعة لسلطة المخزن ، تجهل ألفياء الوجود الجغرافي و الإنساني عطفا على مدخل السياسة ، إنها فئة ضعيفة الإدراك للمفاهيم و التحليل ، لا تملك كفايات و منهجيات بسط حقيقي لسياق المرحلة و المستقبل . أجزم أنه رغم مرور عقود من الزمن ، مازلت فئة الحواريين، إن صح التعبير، لسلطة الدولة ، هي القاعدة الغالبة اليوم ، و إلا لكان المغرب قد شهد تحولا ديمقراطيا حقيقيا ، بعيدا عن تزوير الإنتخابات و فسادها المالي ، و كل أشكال الإهانة و الميغاإمبريالية الحياتية اليومية .

نظرية التبعية ، ستتجلى بشكل واضح إبان الإنتخابات الجماعية سنة 1983م ، حيث سنَّت سلطة الدولة ، بنودا قانونية ، مؤداها ، أن الجماعات الحضارية تنتخب مستشارا واحدا عن كل 885 ناخبا ، بينما تنتخب الجماعات القروية مستشارا واحدا عن كل 375 ناخب فقط . المنوال نفسه نعيشه اليوم ، حيث تم تعديل المادة 84 من القانون التنظيمي لمجلس النواب ، فيما سمي بالقاسم الإنتخابي ، الذي جاء بمستجدين اثنين ، أولهما إلغاء العتبة ، و الاَخر إعتماد عدد الأصوات المقيدة في اللوائح في كل دائرة إنتخابية ، بدل إعتماد عدد الأصوات الصحيحة فقط ، كما كان معمولا به سابقا ، سواء في الإنتخابات التشريعية أو الجماعية و الجهوية .

الأحزاب التي حصلت في الإنتخابات التشريعية السالفة على أكبر عدد أصوات ، رفضت هذا المستجد الذي أدخلته لجنة الداخلية ، و اعتبرته بلقنة للمشهد السياسي ، و منحة للأحزاب الإدارية و الموالية ، لتقاسم المقاعد معها ، بعيدا عن بنود و توصيات الفكر الديمقراطي . في نظري ، أعتبر أن القاسم الإنتخابي هو دعامة لتقوية البناء الديمقراطي و خلق ديناميكية داخل الأحزاب ، فرضها الواقع الإجتماعي أولا ، لأن المغاربة يتعاطفون مع الحزب الإسلامي ، لخلفيته الدينية ، دون أن يكونوا مدركين لحقيقة اللعبة السياسية . و إذا كان الأمر عكس تصوري الشخصي ، وكان المسوغ هو تمهيد الطريق للأحزاب الإدارية مثل التجمع الوطني للأحرار أو الأصالة و المعاصرة ، فلا أعتبر ذلك مبررا كافيا لإنزال القاسم الإنتخابي ، لأن حزب العدالة و التنمية قدم كل التنازلات الممكنة و الغير الممكنة ، و بعد دخوله على الرقعة ، أصبح حزبا مخزنيا أكثر من المخزن نفسه ، فهو لا يشكل أي عقبة أمام تنزيل رؤية الدولة العميقة ، إلا إذا كانت الضغوطات الخارجية ترفض ديمومته و استمراريته ولو في الواجهة ، لأنه في الواقع هو حزب إداري أيضا . كما يمكن أن يعزى القاسم أيضا ، لتنويع الفاعلين السياسيين ، ووصول حزب مقرب من المخزن ، لكن هذا أيضا له انعكاسات ثانية ، لأنه سيسمح بلحاق و حضور الأحزاب الباقية ، مثل فدرالية اليسار الديمقراطي , و باقي الأحزاب اليسارية الأخرى .

الترحال السياسي أو الميركاتو الإنتخابي ، يَرمز لإنعدام الإستقلالية الفردية و الحزبية ، حيث يَبتعد السياسي عن الخلفية التاريخية و الأرضية الفكرية للحزب ، و يَسقط في المفاوضات و الصفقات على أسس التوصية التي ستمنح له ، فتكون غايته تزكيته في الإنتخابات لا نضاله من أجل المبادئ الحزبية . و هذا ما يتأجج اليوم داخل العديد من الأحزاب السياسية ويطفو على الساحة كخلافات داخلية ، منها تيار المستقبل الذي يقوده الأمين العام لحزب الأصالة و المعاصرة عبد اللطيف وهبي ضد منافسه السابق حكيم بنشماس ، واللعبة الدائرة داخل حزب الإستقلال بين أمينه العام نزار بركة و سالفه حميد شباط ، ومن حوامل الخلاف داخل البيت الإستقلالي ، جنوح نزار بركة لمنح التزكية لرجال أعمال و شخصيات نافذة على مستوى الجهات و الجماعات ، و إقصاء المناضلين الحقيقيين الذين شيدوا صرح الحزب منذ المؤسس علال الفاسي ، ما يدل على أن الإنتخابات فاسدة ، مادامت تكتسب وجودها من المال لا الأفكار و البرامج و الأصوات الواعية و المدركة للعملية السياسية ، و هذا ما يدفعني للمطالبة بفرض شروط جديدة على الناخبين ، منها حصولهم على شهادة البكالوريا ، و تنزيل قواعد جديدة منها منع إقامة ولائم أو توزيع مواد غذائية أو ملابس و غيرها ، باسم الحزب السياسي أو الجمعيات التابعة له . لنقل أننا لسنا بحاجة إلى قاسم انتخابي ، بل إلى مواطن انتخابي .

بعيدا عن سؤال من سيكون صديق المخزن الجديد ، هل هو عزيز أخنوش، أم عبد اللطيف وهبي، أم نزار بركة ، أم أن بَركة و كَرامة – نسبة لكرامة الأولياء - الإسلاميين ستضمن لهم ولاية ثالثة ؟ فإن المخزن سيظل متحكما في خيوط اللعبة السياسية ، وسبق للصحافي حميد برادة أن سأل وزير الداخلية الإعلام السابق إدريس البصري ، عن تزوير الإنتخابات ، ليجيب السي إدريس دون تردد ، أنه لو كانت الإنتخابات نزيهة ، لحصد حزب الإستقلال و الإتحاد الإشتراكي جميع المقاعد ، مسترسلا ، أن المقابلة ليست متكافئة بين فريق الخميسات ( أي المخزن) و فريق أجاكس امستردام ( فريق كرة القدم القوي وقتها ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ


.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب




.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام


.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ




.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا