الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روحانية المعرفة

حسان الجودي
(Hassan Al Joudi)

2021 / 7 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


آرثر كونان دويل ( 1859 – 1930) هو طبيب اسكتلندي وكاتب مشهور بتأليفه لقصص المحقق شرلوك هولمز التي تعد معْلما بارزًا في الأدب البوليسي.
لقد خلق دويل شخصية فريدة لشرلوك هولمز. شخصية تشبه العقل المحض الذي يستطيع الإحاطة بكل شيء، والتحليل والاستقراء واستنتاج الدلالات التي يعجز عنها غيره. وفي هذا السياق قدم دويل هذه الشخصية دون مشاعر أو أحاسيس عاطفية. وكان من الواضح أن دويل يريد لشرلوك هولمز أن يكون رخاماً بارداً من الخارج، وفي جوفه شعلة العقل المتقدة.
لقد برع هولمز في عمله، واستطاع بالمنطق أن يصل إلى البرهان دون وجود الدليل. وفي إحدى روايات دويل يصرح هولمز أنه لا يؤمن إطلاقاً بوجود الخالق.
تثير شخصية هولمز سؤالا مهماً حول علاقة العلم بالروحانية. لقد تقصد دويل تشكيل هولمز بحيث يبدو محروماً من العواطف الإنسانية. وقد تجلى ذلك في تجاهله لحب الجميع له، وخاصة صديقه الحميم واطسون، شريكه في السكن والمغامرات.
ولم يظهر هولمز أي انشغالات روحية سوى عزفه على الكمان.
فهل اتباع المنهج العلمي في التفكير ، والحرص عليه في الشاردة والواردة ، هو عامل تنافر مع الروحانية التي يشعر بها الكثير من الأشخاص؟
وهل يمكن القول مثلاً إن العالم داروين هو شخص ملحد ( كما تصفه عادة المؤسسات الدينية وجيوشها)؟
إن داروين بوصفه عالماً طبيعياً دؤوباً ،درس الكائنات الحية وتنوعها عبر سنوات طويلة . وهو بلا شك شخص ممتلىء بالروحانية ، ولا شك أنه يشعر بالعرفان تجاه هذه الحياة التي كشفت له عن تنوعها الفريد.
إن مراقبته لطير طنان، أو لسلحفاة عملاقة ، أو لغراب أو غوانا عملاقة ، كافيةٌ بلا شك كي تشعر الروح بالبهجة العارمة. تتواصل الروح حينها مع أرواح تلك الكائنات. وتستفسر منها عن سبب ألوانها أو أشكالها أو أصولها.
إن متعة العالم في مراقبة الجمال هي متعة مضاعفة. فهو مثلاً يتأمل زهرة اللوز ، يستمتع بلونها الحيوي وشكلها الرشيق . ثم يغوص إلى تويجاتها ، ويتذوق رحيقها، ويتأمل شكل خلاياها، ويتساءل عن بنيتها الخلوية ، وآلية تلقيحها، وسر انتعاشها أو ذبولها ، ويحفظ ذلك في عقله وروحه معاً.
إن المعرفة تضاعف الجمال الملاحظ.
وليس غريباً أن الروحانية المتأتية عن الجمال والمعرفة هي الأكثر تأثيراً في النفس الإنسانية.
أشار إلى ذلك ريتشارد فاينمان (١٩١٨١٩٨٨) العالم الفيزيائي الأمريكي، الذي اشتهر بمساهماته الكبيرة في مجال الفيزياء النظرية. والحائز على جائزة نوبل في الفيزياء لسنة 1965 .
نشر فاينمان آراءه حول ميكانيكا الكم، والمنهج العلمي، والعلاقة بين العلم والدين، بالإضافة إلى دور الجمال وعدم اليقين في المعرفة العلمية،
رأى فاينمان أي شعر يفشل في نقل الجمال والفتنة الكامنة في الفهم العلمي للكون ، هو نتيجة خيال شعري فقير:
يقول الشعراء إن العلم يبتعد عن جمال النجوم . ويراها مجرد كرات من ذرات الغاز. أنا أيضًا أستطيع أن أرى النجوم في ليلة صحراوية ، وأشعر بها. لكن هل أرى أقل أم أكثر؟
يمتد اتساع السماوات إلى مخيلتي - ويمكن لعيني الصغيرة وهي عالقة في هذا الدوامة أن تلتقط ضوءاً عمره مليون عام. إنه نمط واسع ، أنا جزء منه…. ما هو النمط ، أو المعنى ، أو لماذا ؟
إن معرفة القليل عنه لا يضر بالغموض. لأن الحقيقة أكثر روعة بكثير مما تخيلها أي فنان من الماضي.
لماذا لا يتحدث عنها شعراء الحاضر؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية


.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في




.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك




.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر