الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عجز -الله- و قانون إزدراء الأديان

كوسلا ابشن

2021 / 7 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


منذ إبتكار فكرة "الله" الأعرابي (المحيط البدوي), قبل خمسة عشرة قرن, و تعاليم (الله) تأمر المؤمنين للدفاع عن أطروحته الظلامية و الفاشستية بقتل كل المعارضين من "الكفار والمشركين" ونشر الكراهية ضدهم, تقول سورة البقرة:193( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله), "الله" الأعرابي يأمر عباده بقتل أصحاب الأطروحات المخالفة لأرائه لكي تبقى تعاليمه وحدها السائدة وتختفي شرائع الأديان السابقة, بسبب الخوف من (الفتنة) تخلي المسلمين عن الإسلام إن إقتنعوا بشرائع "الكفار والمشركين", ويتضح لهم في الأخير الصحيح من الباطل وإختيار غير الاسلام دينا.
ويقول المفسرون في هذه الآية ما معناه: (قا تلوا أيها المؤمنون المشركين حتى لا يفتن مسلم عن دينه وحتى لا يبقى الشرك والظلم وصد الناس عن سبيل الله وحتى يكون دين الله هو الظاهر وكلمته هي العليا) عن إسلام ويب.
آيات (70 آية) في قتل أتباع الأديان الأخرى, بسيوف الأعراب المسلمين وإستعبادهم والإستهزاء منهم و معاداتهم, دلالة منطقية عن عجز "الله" اللاوجودي و بهذا يأمر كاتب القرآن, المؤمنون بالقيام بهذه الجرائم التي كانت مباحة في عصره وفي مجتمعه المتشبع بالثقافة البدوية القاسية والمتوحشة لمناطق الصحراء والقفار.
في زمان سيادة البداوة والتوحش والقساوة, وإنهيار النظم المدنية, كانت الغلبة للمسلمين الأعراب البرابرة, يبيدون الأقوام والطوائف الدينية المخالفة لشريعة التوحش, في هذا السياق يقول ابن خلدون في المقدمة ص. 138:" ان الأمم الوحشية أقدر على التغلب ممن سواها".
التغلب على الأوطان المتحضرة و سيادة البداوة والتوحش أدخل شعوب الأوطان المحتلة في عصر التخلف والإنحلال وهيمنة الفكر الظلامي و فوضى القتل الرباني و بهذ الأمر ضمن "الله-الجماعة" سيف عباده يسلط به على رقاب "الكفار والمشركين", يقتلون و يستعبدون و ينهبون الشعوب والطوائف وهم صاغرون, إلا أن السيف البدوي المتوحش وسيادة الميتافيزيقية والجرائم الإلهية, قد ولى عصره بإنهزام الظلامية والتخلف أمام العقل والعلم و المدنية والحضارة, و لم يبقى عباد "الله" يستطيعون تلبية وتطبيق شريعة كاتب الشريعة الإسلامية بقتل وإستعباد "الكفار والمشركين", فالسيف لم يعد صالح للتغلب على "الكفار والمشركين", و أصبح من آثار الماضي بالمقارنة بالأسلحة الفتاكة في أيدي " الكفار والمشركين" أصحاب العقل والعلم والمدنية والحضارة. عجز الأعراب المسلمون في تلبية أوامر" الله" البدوبي بالإعتداء على "بلاد الحرب" وقتل "الكفار والمشركين", لكن بالمقابل أباح "الله" للظلاميين الإرهابيين, حكاما وجماعات بتجريم و معاقبة المنتقدين للشريعة المحمدية, ما سمي بقانون إزدراء الدين الإسلامي, في بلدان "الحرب", وجريمة "شارلي إيبدو" نموذجا, أو داخل ما سمي ب"العالم العربي والعالم الإسلامي" عبر محاكمات تعسفية لمعارضي الأنظمة الدكتاتوية و ايديولوجياتها الرجعية المتخلفة.
إستعمار "الكفار والمشركون" في عصر الإمبريالية لبلاد التخلف الاسلامي, وفرضه أجندته الحداثية وقوانينه العصرية عبر مؤسسات جمعية الامم المتحدة التي حرمت قوانين "الله" الأعرابي الإسلامي, مثل قوانين العبودية والجهاد (الغزو) و الردة, جردت "الله" الأعرابي من أداته العنفية وعجز "الله" عن فرض قوانينه أمام القوة العسكرية و الإقتصادية والسياسية والإيديولوجية "للكفار والمشركين", و لم يبقى أمام أتباعه من الحكام الرجعيين المستفيدين من شريعته الإجرامية إلا إبتكار أساليب وقوانين جديدة للدفاع عن الصمد اللاوجودي بغية الإستمرار في الحفاظ على مصالحهم الإقتصادية والسياسية, وكان قانون تجريم ازدراء الأديان عصا نجاة لهم, والصحيح قانون تجريم إزدراء الإسلام, الهادف الى خنق حرية الرأي و التعبيروإنتهاك لحقوق الانسان, و لتجنب كارثة إختفاء شريعة "الله" الأعرابي, وبالتالي الموت المحتوم للعروبة-إسلام وإختفاء الكولونيالية العروبية الإسلامية من مسرح التاريخ, ولهذا نجد أن هذه الدول أكثر إلحاحا عن تدويل ما سمي بقانون تجريم ازدراء الاديان.
عجز "الله" عن مواجهة منتقديه, ومعاقبتهم بقدرته وليس من خلال عباده المؤمنين, تعبير صريح عن اللاوجوديته وأن شريعته ( مجموعة من الأساطير والأحكام الإجرامية اللاأنسانية و طقوس تافهة) إنتاج بشري, وهؤلاء البشر هم, الفئة المسيطرة سياسيا وإقتصاديا, من أوجدت هذه الشريعة للحفاظ على مصالحها ضد المضطهدين من كادحين وشعوب مظلومة.
قانون إزدراء الأديان, هو النموذج الرسمي عن عجز "الله" اللاوجودي في معاقبة معارضيه, وإستخلافه بقوانين الحكام والجماعات, تقوم بترهيب الشعوب والتضييق على الأراء الحرة وحرية العبير و حرية النقد, مثل ما حصل مع مجلة "شارلي إيبدو" بقيام الجماعة الارهابية الاسلامية بقتل 12 صحفي وجرح 11 آخرين (2015), تهمتهم الجماعية كاريكاتور محمد.
إذا كانت إنتقادات المسلمون لكاريكاتور محمد بإعتباره جريمة إزدراء الاسلام و حكم على المجلة بأيدي الارهابيين المسلمين, بإرتكاب جريمة نكراء في حق الصحفيين و حرية التعبير, فماذا يقول المسلمون (حكام و جماعات) عن إزدراء الاديان اليهودية والمسيحية من طرف المسلمين, فالمسلم يجديف ويزدري المشركين في صلاته خمس مرات في اليوم بآية: "ياأيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس" التوبة, الآية 28, ونفس الشيء يكرره مع اليهود, سورة المائدة, الآية 62:" وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت".
المسلم يزدري ويحتقر المقدسات المسيحية واليهودية في صلواته و دعائه يوميا, فهل يجرم "الله" والمسلمون بتهمة جريمة إزدراء الأديان؟ الجواب واضح, قانون تجريم الإزدراء يخص الاسلام وحده, بدليل سورة آل عمران, الآية 19 تقول:"إن الدين عند الله الإسلام", والآية 84 من نفس السورة :" ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه". المسيحية واليهودية عند المسلم ليستا من عند "الله", فالتجديف تجاه المعتقدات المسيحية واليهودية لا يدخل في خانة إزدراء الأديان, بل هو فرض على كل مسلم.
قانون تجريم إزدراء الاديان, يختصر على الاسلام وحده, فمثلا في مورك, ينص الفصل 267, الفقرة 5 من القانون الجنائي" يعاقب بالسجن من 6 أشهر الى سنتين وبغرامة من 20 ألف الى 200 ألف درهم, أو بإحدى هاتين العقوبتين, كل من أساء الى دين الاسلام",وقد حوكم بهذا القانون كل من عبر عن رأيه وآخيرها وليس آخرها, قرار المحكمة الابتدائية بمدينة مراكش بالحكم على مغربية بثلاث سنوات ونصف سنة حبسا نافذ بتهمة تحريف سورة "الكوثر". كل الاحكام التي صدرت في البلدان الاسلامية نتيجة هذا القانون كانت ضد إنتقاد الإسلام أو الطقوس الاسلامية أو الإتهام بتحريف أو تمزيق القرآن أو ... , وتصل عقوبة الازداء الى الحكم بالإعدام في بعض الدول الاسلامية مثل باكستان وايران, وفي بعضها الآخر تكون العقوبة بين ستة أشهر و خمسة سنوات بالإضافة للغرامة المالية, وفي السعودية تصل العقوبة الى 10 سنوات, والإتهام بازدراء الاديان يستهدف غالبا الأقليات الدينية والمذهبية, وحتى حركات التنويرية في هذه البلدان تتهم بجريمة ازدراء الأسلام.
صناعة الاتهام مفيد السلطة السياسية بهدف ظاهري هو الدفاع عن الاسلام بتأجيج الشارع بين المؤيدين والمعارضين وإشعال المواقع الاجتماعية بالسب والشتم والتحريض على قتل والكراهية بدعوى الدفاع عن "الله و رسوله", وهذه الضجة في خدمة الشرعية الشعبية للأنظمة الدكتاتورية الرجعية. أصبح قانون تجريم ازدراء الاديان الفضفاض يستغل في التضييق على حرية الرأي و التعبير, تستغله الانظمة الرجعية والمؤسسات الإسلامية في محاربة حقوق الأفراد والجماعات في التعبير بحرية عن معتقداتها الدينية أو التعبير عن أرائها حول الصراعات السياسية والإجتماعية والثقافية, و هكذا مثلا في مورك يحاكم بقانون ازدراء الاديان كل من ينتقد المؤسسة العلوية و قدسيتها الوهمية.
ازدراء الاسلام في البلدان الاسلامية جريمة يعاقب عليها القانون بالقتل أو السجن والغرامة, أما ازدراء الأديان الآخرى وعدم إظهار الإحترام لها ولشخصياتها "المقدسة", فهو أمر مباح للمسلم ويعد من ركائز الإسلام, والخطاب الدعوي من بين أركانه الأساسية إزدراء الاديان الاخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي