الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العالم الثالث بين ديموقراطية رجال الأعمال وديكتاتورية الصين

مجدى عبد الحميد السيد
كاتب متخصص فى شئون العولمة والتكنولوجيا

(Magdy Abdel Hamid Elsayed)

2021 / 7 / 6
العولمة وتطورات العالم المعاصر


منذ أربعين عاما كانت الرحلة من هونج كونج إلى بيكين بالقطار تستغرق أربعة أيام ، والآن نفس الرحلة يتم قطعها بالقطار السريع فى تسع ساعات ، إذن ما حدث فى الصين يعتبر معجزة بالفعل حيث طبقت معظم قواعد العولمة الأمريكية على طريقتها فأصبحت الأولى فى العديد من المجالات التكنولوجية مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ونقل الضغط العالى والدفع الالكترونى والعملة الرقمية والذكاء الاصطناعى وتقنيات الكوانتم للكمبيوتر وحتى اتصالات الجيل الخامس والطائرات المسيرة (الدرونز) والستالايت والأجهزة العلمية وغيرها ، هذا بالإضافة إلى المجالات غير التكنولوجية التى تفوقت فيها كمعظم أنشطة الصناعة والزراعة والمجالات غير العسكرية . الشئ الغريب المذهل أن كل هذا قد تم فى ظل حكم شبه ديكتاتورى غير ديموقراطى بالمرة ، والأغرب هو رضا الصينيين عن حكوماتهم والذى تجاوز نسبة 93% حسب استطلاع أجرته جامعة هارفارد الأمريكية عام 2019 ووصل إلى 95 % بعد انتشار جائحة كورونا لنجاح الحكومة فى السيطرة على الوباء برغم وجود 1.4 مليار إنسان فى الصين ، وبالطبع تلك النسبة تفوق نسبة رضا المواطنين عن حكوماتهم فى معظم الدول الديموقراطية ، لذلك فتحت الصين السفر لأكثر من 150 مليون صينى سنويا دون خوف من لجوء الصينيين للدول الغربية لإنهم أصبحوا يعشقون بلادهم وهم يشاهدونها تعلو فى ظل حكم شبه ديكتاتورى وصل بأكثر من نصف السكان إلى الطبقة المتوسطة وتوسعت فى عهده قاعدة المليونيرات لتضم 150 مليون صينى . وعلى النقيض تماما تتفسخ ديموقراطية الولايات المتحدة مع أحداث التمييز العنصرى التى استشرت مع حادثة جورج فلويد ثم الهجوم على الكابيتول يوم 6 يناير 2021 بتحول الديموقراطية إلى طريقة شعبوية غير مألوفة فى الدول ذات المؤسسات المنتخبة. إن ديموقراطية الولايات المتحدة تعتبرها دول مثل نيوزيلندا والسويد وفنلندا ديموقراطية فساد لإنها ديموقراطية يدعمها رجال الأعمال الذين ينفقون الأموال على المرشحين سرا وعلانية يسخرون الإعلام الموالى لهم ليصعدوا بمن يريدون ويهبطوا بمن يريدون كنوع من التوجيه للرأى العام الأمريكى وبالتالى التحايل على الانتخابات وعلى الشعب أيضا ، فتلك الديموقراطية التى تعتمد على الأموال لا يمكن أن تكون ممثلة لكل الشعب الذى يعانى بالفعل منذ عام 2008 ولم تتحسن أحواله منذ ذلك الحين بينما تعاظمت ثروات عدة آلاف من رجال الأعمال الذين يتحكمون فى اقتصاد الولايات المتحدة ويدعمون مصالحهم عبر الديموقراطية والانتخابات ووصل أحدهم بالفعل – وهو الرئيس السابق ترامب – إلى منصب رئيس الولايات المتحدة وهو رجل أعمال قبل أن يكون سياسيا .
من هنا بدأت بعض دول العالم الثالث فى الانحياز إلى النموذج الصينى الذى يجعل الدولة ( الحزب الواحد أو المؤسسة العسكرية ) تتحكم فى مقدرات البلاد الاقتصادية وتسيطر سياسيا وإعلاميا على معظم الأنشطة ، لكن الفارق الوحيد بين تلك الدول والصين هو أن الصين تقدمت بالفعل بالعلم والتكنولوجيا والتعليم والبحث العلمى والإبداع والاختراع بينما دول العالم الثالث ما تزال تغوص فى الأحلام العاطفية ببناء أكبر دور عبادة وأعلى مبانى أسمنتية دون أن تعلى من شأن العلم والتكنولوجيا والتعليم والبحث العلمى أولا كما فعلت الصين التى أرسلت الملايين فى بعثات للولايات المتحدة واستراليا والدول الغربية ليدرسوا فروع العلم المختلفة ويعودوا إليها كمبدعين ساهموا فى إنشاء حضارة جديدة كما فعلت من قبل اليابان منذ مطلع القرن العشرين وكما فعلت سنغافورة فى الستينيات من القرن الماضى .
إن معظم دول العالم الثالث تحتار بين النموذج الصينى ذى الحزب الواحد والغير ديموقراطى وبين النموذج الأمريكى الذى يعطى الفرصة لقلة من رجال الأعمال ليتحكموا فى السياسة قبل الاقتصاد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا - مالي: علاقات على صفيح ساخن؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. المغرب - إسبانيا: لماذا أعيد فتح التحقيق في قضية بيغاسوس للت




.. قطر تؤكد بقاء حماس في الدوحة | #غرفة_الأخبار


.. إسرائيل تكثف القصف بعد 200 يوم من الحرب | #غرفة_الأخبار




.. العرب الأميركيون مستاؤون من إقرار مجلس النواب حزمة مساعدات ج