الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدارية من أجل المستقبل

سعيد هادف
(Said Hadef)

2021 / 7 / 6
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


يوم أمس، مرت الذكرى التاسعة والخمسون على الخامس من يوليو 1962 اليوم الذي نالت فيه الجزائر استقلالها. منذ 1830 تاريخ الغزو الفرنسي للجزائر، لم يتوقف أهل الأرض عن المقاومة. طيلة قرن وثلاثة عقود من المقاومات المسلحة والنضالات السياسية السلمية وعامين من المفاوضات أصبح للجزائريين دولة مستقلة.

شرعت الدولة، لحظة الاستقلال، في إحصاء شهدائها ومجاهديها، وخصصت للمجاهدين وعوائل الشهداء منحا وامتيازات. ومع مرور حوالي ستة عقود ما زالت الدولة لم تخرج من الماضي، ومازالت تعمل على قدم وساق بهدف رسم هوية الأمة وإعادة بناء ذاكرتها.

بعد ذلك التفتت إلى توثيق المقاومات المسلحة، ونضالات الحركة الوطنية، وها هي اليوم تلتفت بشكل رسمي إلى المنفيين الذين نفتهم فرنسا إلى بقاع متفرقة من الأرض عقابا لهم على ثورتهم ضد وجودها. وفق المعطيات التاريخية كانت عملية النفي بين 1864 و1921، إلى كاليدونيا الجديدة (جنوب غرب المحيط الهادئ)، غويانا (أمريكا الجنوبية)، مارغريت (فرنسا)، بلاد الشام، وبرازافيل (أفريقيا).

يوم أمس، افتتح رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، جدارية تخليدًا لتضحيات الجزائريين المنفيين الذين طالتهم جريمة التهجير القسري قبل 157 عامًا. الجدارية الفنية تعبر عن عرفان الجزائريين ووفائهم لإخوانهم الذين قامت فرنسا بنفيهم إلى كاليدونيا الجديدة، حيث تصور قيام المستعمر الفرنسي بجر الجزائريين نحو السفن لنقلهم إلى المنفى وتظهر فيها سفينة ورجل يحمل علم الجزائر. تلقّى رئيس الجمهورية شروحات من قبل السيد شيخي حول الجدارية وما تخلده من تاريخ بارز في حياة الأمة الجزائرية، حيث أشار السيد شيخي إلى أن "قصة الجزائريين المنفيين إلى أقاصي الأرض من أروع القصص التي يمكن أن تذكي الروح الوطنية وتؤجج المشاعر النبيلة".

نعم إنها من أروع القصص، لكن هناك قصص أخرى سيرويها التاريخ يوما ما، قصص أولئك الشباب الذين غادروا الجزائر على متن قوارب الموت في اتجاه فرنسا.
يحتاج الأمر إلى عمل جدي حتى تخرج الجزائر من هذا العبث، عبث تخليد الموتى والاستهتار بالأحياء، تحتاج الجزائر إلى تعليم جيد يعلم الأطفال والشباب كيف يبنون بلدا يطيب فيه العيش، وإلى منظومة صحية جيدة، وإلى قضاء نزيه، وإلى مشاريع تنموية، وإلى إعلام تنويري، وإلى سياسة رشيدة تهتم بالأحياء أكثر من اهتمامها بالموتى.
أن نوثق الجرائم من أجل عدم تكرارها نعم، لكن أن نجعل منها ريعا لاحتكار السلطة، والإجرام في حق الأحياء فهذا ما يجب أن يتصدى إليه الجزائري. إن مسألة الذاكرة ستكون أكثر تعقيدا في معالجة المآسي التي حدثت في الجزائر المستقلة: من الاقتتال بين رفاق السلاح بداية الاستقلال، إلى العشرية السوداء إلى ضحايا الهجرة غير النظامية، إلى الاعتقالات والإخفاءات القسرية.
أن تهتم الدولة بالماضي وتنجز له جداريات شيء جميل، لكن أن تهتم بالحاضر والمستقبل شيء أجمل، الجزائر في حاجة إلى جدارية ضد نسيان كل الجرائم سواء تلك التي اقترفها الفرنسيون، أو تلك التي اقترفها ومازال يقترفها الجزائري ضد أخيه الجزائري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تجرب التاكو السعودي بالكبدة مع الشيف ل


.. لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس




.. بعد 200 يوم.. كتائب القسام: إسرائيل لم تقض على مقاتلينا في غ


.. -طريق التنمية-.. خطة أنقرة للربط بين الخليج العربي وأوروبا ع




.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: حزب الله هو الأقوى عسكريا لأنه م