الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقض الروح الكلية لدى هيجل

هيبت بافي حلبجة

2021 / 7 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بعدنا إنتقدناه في : نقض مفهوم فلسفة التاريخ ، نقض مفهوم الإغتراب ، نقض فلسفة الطبيعة ، فلسفة هيجل مابين التهافت والنقض ، لابد ، ومن خلال مؤلفاته الرئيسية الأربعة ، فنومينولوجيا الروح ، العقل في التاريخ ، علم المنطق ، أصول فلسفة الحق ، أن ننتقده في إطروحته ، الروح الكلية ، وذلك لأجل أن ندرك الحقيقة الفلسفية التي تساوق منظومته الفكرية ولنبين مدى التهافت في أساس تصوره للوجود . وحينما نتحدث عن الروح الكلية لامناص أبداٌ من أن نعي هذه القضايا الثلاثة : القضية الأولى إن مفردة الكلي يستخدمها الفلاسفة وكإنها شيء واضح المعالم وفكرة واضحة المعنى والمقصود ، وفي الفعل إن الإنسان لايدرك شيئاٌ منها في حدودها الخاصة بها ، لإنها لايمكن أن تكون موجودة ، إنما الأمر هو إن الإنسان يتكهن معناها إعتماداٌ على ما هو جزئي ونسبي ومؤقت . لذلك فإن طرح هيجل فكرة الروح المطلقة الكلية هي عقيمة المعنى وليس إلا خداع فلسفي غير مقصود . القضية الثانية إن مفردة الفنومينولوجيا أستخدمها ، بداءة ، كانط على مستوى الظواهر الجغرافية لإن ذلك كان إختصاصه ، وحينما أتى هيجل منحها بعدها في إطار مؤلفه فنومينولوجيا الروح أو ظاهريات الروح ، ولم يتعدى تصوره لها حد هذه العلاقة ، لكن هوسرل هو الذي أصلها إبستيمياٌ ومنحها معناها الحقيقي ، ذلك المعنى الذي يتم تداوله اليوم ، فإرتبط مضمون الظاهرة به ، أي بهوسرل . القضية الثالثة إن ترجمة المفردة الأصلية التي كتبها هيجل تعددت في حقول اللغات ، ففي الأصل الألماني كان ـ فينومينولجي دس جايستس ـ وترجم إلى العربية تحت عنوان ـ ظاهريات الروح ـ وإلى الفرنسية تحت عنوان ـ فينومينولوجي دي ل أيسبري ـ وإلى الإنكليزية تحت عنوان ـ فنومينولوجي أوف مايند ـ وكل هذه الترجمات هي تقترب من المعنى الحقيقي الذي قصده هيجل ، لذلك لاينبغي أن ندرك مفردة الروح هنا ، بالمعنى الحرفي لها في ثقافة المنطقة ، أو في الديانة الزرادشتية التي عبرت عنها من خلال إنها الجانب النقيض للبدن ، فالجسد لدى زرادشت مؤتلف من الروح والبدن .
المقدمة الأولى : إن الإشكالية الكبرى لدى هيجل تكمن في إئتلاف النقاط الثلاثة التالية :
النقطة الأولى : هي دورة الكمال التاريخي المؤلفة من ثلاثة مراحل أصيلة . المرحلة الأولى وهي مرحلة الأصل ، مرحلة الكمال والإطلاق ، مرحلة الحالة المطلقة ، وتقابل مرحلة المشاعية لدى ماركس . وإما المرحلة الثانية فهي المرحلة الوسطى ، مرحلة الخطيئة ، مرحلة الضياع ، مرحلة النقص والنقصان ، مرحلة الدحر والإندحار ، مرحلة الفقدان ، وتقابل مرحلة الرق والعبودية وكذلك الإقطاعية ومن ثم الرأسمالية والمرحلة الإنتقالية من المرحلة الشيوعية . وإما المرحلة الأخيرة فهي مرحلة الرجوع إلى الأصل ، مرحلة المطلق الأبدي ، المرحلة النهائية في عالم الوجود ، مرحلة الروح الكلية ، وتقابل مرحلة الشيوعية . وهكذا فإن هيجل تأثر بالعقيدة المسيحية ، مرحلة اللاخطيئة ، ثم مرحلة الخطيئة ، ثم مرحلة مسح الخطيئة ، حيث إن سيدنا المسيح عليه السلام ، سيمسح بناسوته آثار المرحلة الوسطى ، مرحلة الخطيئة ، مرحلة الإنقطاع والفصل مع الرب ، ليعيد الوضع إلى حالته الأولى حيث لاخطيئة ولا إنقطاع مع الرب ، ويعود هو أيضاٌ إلى وضعه المطلق الأبدي من خلال لاهوته ، الآب والأبن وروح القدس .
النقطة الثانية : وهو مفهوم الإغتراب ـ الإستلاب ـ ( والقصد هو الإغتراب الإنطولوجي ) المؤتلف بدوره من ثلاثة أمور متتالية ومتكاملة بالسلب . الأمر الأول التمرد على الناموس وإرتكاب الخطيئة والمعصية ، أندحار الروح الكلية لدى هيجل ، إقتراف الخطيئة في المسيحية ، محنة الأبليس في الإسلام ولقد رأينا إن هذه المحنة هي محنة الله نفسه لإفتقاره إلى وجود إبليس . الأمر الثاني التكافؤ الوجودي مابين حجم الإندحار ومابين القطع مع الأصل . ومابين الخطيئة ومابين الإنقطاع عن الرب . ومابين عصيان وتمرد الإبليس ومابين الطرد من ملكوت الله وجنته . الأمر الثالث لابد ولامناص من التخلص من آثار الدحر والأندحار ، بفعل الصيرورة والإنتقال الوجودي في المقولات حتى الكمال لدى هيجل ، وبمسح الخطيئة في المسيحية ، و بالثواب والعقاب في يوم القيامة في الإسلام .
النقطة الثالثة : وهو محتوى التاريخ ، ذلك التاريخ الذي ينبغي بالضرورة ، وحسب هيجل ، أن يتماثل مع دورة الكمال التاريخي من ناحية ، ومع حقيقة الإغتراب من ناحية ثانية ، فيغدو هو تاريخ المرحلة الأولى والمرحلة الأخيرة من دورة الكمال التاريخي . بينما التاريخ الحادث في المرحلة الثانية ، مرحلة الإغتراب ، هو لاتاريخ ، هو خارج سياق ما يمكن له أن يكون تاريخاٌ ، لإنه بكل بساطة مستلب ، مشوه ، منقوص المحتوى ، منقوص المعنى . ولذلك فإن هيجل يرى إن الإحداث التي نراها لاتمثل حقيقة التاريخ . ومن الواضح إن هيجل يقترف حماقات ومغالطات عديدة سيما في علاقة هذه الإطروحات بموضوع الدولة والسيادة والحاكمية ، وموضوع الإنسان نفسه .
المقدمة الثانية : إن الإشكالية الكبرى الثانية تكمن في إئتلاف نقاط أربعة هي .
النقطة الأولى : إن التاريخ لدى هيجل مقولة جوهرية ، لاينفصم عن وعيه لا على صعيد الذاتي ولا على صعيد الموضوعي ، فالوعي التاريخي هو التاريخ كما إن التاريخ هو وعيه ، دون أن يؤثر ذلك على مستوى الإستقلالية لكل منهما . لذلك فإن هيجل يلغي تاريخ الحدث ، ويبطل تاريخ الأجزاء ، وينفي تاريخ الجزئيات ، ويوحي إن التاريخ هو تاريخ الكل ، وهو فعلاٌ كذلك شرط إن يكون الكل هو الكلي ، لإن التاريخ في ذهنية هيجل ، لايمكن إدراكه ووعيه إلا من خلال كليته ، وهذا مايناسب مفهوم الجايست ، والفكرة المطلقة ، والروح الكلية ، والعقل في التاريخ . ومن هنا يتوهم البعض جهلاٌ ، أمثال الدكتور حسن حنفي والدكتور محمد حبيب المرزوقي ، إن هيجل يطرح فكرة وحدة الوجود البائنتيزم ، كما هو الحال لدى إسبينوزا ، أو كما هو الحال لدى إبن عربي .
النقطة الثانية : وإذا ما أدركنا حقيقة النقطة الأولى ، ندرك لماذا إنتقد هيجل كانط في إطروحته الشهيرة ، إن الشيء في ذاته لايدركه العقل ، وفصل كانط عل أثرها مابين ، العالم النوميني ، العالم الميتافيزيقي ، العالم الماورائي ، ومابين العالم الظاهري ، الظاهراتي ، العالم الذي يمكن للعقل ان يدركه . وكان إنتقاد هيجل على الشكل التالي : إذا كنا لاندرك ، الشيء في ذاته ، بالعقل ، فكيف أدركت أنت ، أي كانط ، إننا لاندركه بالعقل ، فإذا كانت الفكرة محال على العقل إدراكها فكيف أدرك كانط ذلك . ومن الواضح إن أساس نقد الفكرة يتجلى لدى هيجل إن التاريخ الكلي لايفصل مابين الماورائي ومابين الظاهري ، فكلاهما فيزيائياٌ شيء واحد دون أن نعترف إنهما أثنان ، ودون أن نعترف إنهما شكلا وحدة واحدة .
النقطة الثالثة : إن التاريخ الكلي ، بمعناه الحقيقي ، هو تاريخ مائت ، خامل لاحياة فيه عاقر ، مثل الوجود العام لاوجود فيه ، مثل الإله الواحد لا إله فيه ولاحياة ( سيكون موضوع حلقة مستقلة ) . ولكي ينقذ هيجل منظومته الفكرية ، ويبث الروح في مفهومه للتاريخ ولإلهه المائت ، أضطر إضطرار الضرورة إلى مفهوم الإغتراب الذي أشرنا إليه سابقاٌ ، أي الإغتراب الوجودي ، وإلى مفهوم قوانين الديالكتيك التي تختزل في التالي : الفكرة ، نقيض الفكرة ، التآلف أو التركيب ( تيزس ، آنتي تيزس ، سان تيزس ) . وهكذا إعتقد هيجل خطأ إنه قد إعاد التاريخ إلى التاريخ ، إعاد الإله إلى الإله .
النقطة الرابعة : إن المعنى الكلي للتاريخ ، وللروح الكلية ، يرفض خضوع الإنسان للإله ، وقد أصاب هيجل كبد الحقيقة في هذه الجزئية ، فالإله الواحد ، سواء عن طريق المشيئة أو عن طريق الإرادة أو أي مفهوم عنه ، يقهر مبدأ حرية الإرادة لدى الإنسان ، تلك الحرية التي إن غابت غاب معها الوجود البشري ، وذلك لسبب بسيط هو إن هذه الحالة تضمن إذلال الإنسان ، وتجعل منه كائناٌ خضوعاٌ ، كائناٌ عقيماٌ ، كائناٌ يدور في فلك وهمي حيث مشيئة ذلك الإله هي التي تحدد وتقرر . لذلك فإن الديانات التي أعلنت نفسها توحيدية ، إبراهيمية ، الإسلامية والمسيحية واليهودية ، لم تدرك حقيقة إنها تقر بسطوة وأستبداد هذا الإله وبقمعه ، وسيكون ذلك موضوع حلقة قادمة ، وإن هذا الإله ، ومهما كانت درجة رحمته المفترضة ، لايمكن إلا أن يكون ظالماٌ قامعاٌ ، فهو كذلك بالضرورة ، لإنه قد شاء ، قد أراد ، وقد قرر وحكم بمفرده ، فلاضابط ولامعيار ولا مقياس ، ولاعقد ولاتكافؤ الإرادات ، ولإن الرحمة ليست معياراٌ وليست ناموساٌ .
المقدمة الثالثة : إن الإشكالية الكبرى الثالثة تكمن في ثلاثة نقاط مؤتلفة هي .
النقطة الأولى : كي تكون الروح كلية ، يؤكد هيجل إن الوجود يعقل ذاته ، ويقود نفسه ، وهذا يمثل الجانب الآخر لمقولته ، إن كل ماهو وجود هو معقول وإن كل ماهو معقول هو وجود . وهذا التطابق التام مابين الوجود والمعقول الهيجليان هو الذي يجعل إطروحاته كلية ومطلقة ، الروح ، الجايست ، الفكرة ، الوعي ، التاريخ ، الأنا . كما إنه يقتضي ثلاثة محددات : المحدد الأول لامعقول خارج الوجود ولاوجود خارج المعقول . المحدد الثاني الوجود لايمكن إلا أن يكون كلياٌ ومطلقاٌ وكذلك المعقول لايمكن إلا أن يكون كلياٌ مطلقاٌ . المحدد الثالث إن العلاقة مابين إطروحاته كلها ، الفكرة ، الوجود ، المعقول ، الروح ، الوعي ، التاريخ ، الجايست ، الأنا ، هي علاقة الكلي بالكلي ، وعلاقة المطلق بالمطلق .
النقطة الثانية : ينبغي أن نمايز مابين أمرين ، مفهوم الإله والإله الخالق . وإذا كان مفهوم الإله ، فرضاٌ ، ينتمي إلى ماهو معقول فإنه ، حسب هيجل ، ينتمي بالضرورة إلى الوجود ، لكن هذا الإله لايمكن أن يكون خالقاٌ ، لإن عملية الخلق تحدث قطيعة مابين المعقول والوجود ، وتسبب شرخاٌ مابين الوجود والوجود ، ومابين المعقول والمعقول . أي إن الإله سيكون جزءاٌ من الوجود ، جزءاٌ من الوعي ، وجزءاٌ من الذاتي وجزءاٌ من الموضوعي في آن . وفي الحقيقة إذا صدقت فرضية هيجل إن الوجود يعقل ذاته ويقود نفسه ، وإن كل ماهو معقول هو وجود وإن كل ماهو وجود هو معقول ، فإن الإله لايمكن أن يكون إلهاٌ ، ولايمكن أن يرسل أنبياءاٌ ورسلاٌ .
النقطة الثالثة : كانط في مؤلفه ، نقد العقل الخالص ، يقول ثمت عالمان ، العالم النوميني الباطني الغيبي المستقل والمنفصل عن العالم الظاهري المتجلي . وينتقد هيجل إطروحته هذه في مؤلفه ، فنومينولوجيا الروح ، ليؤكد إن العالم غير قابل للقطع ولا للشرخ ولا للإنفصال ، وهذا مايتساوى مع إطروحاته الفعلية ، مع إطروحة الوجود في ذاته والوجود لذاته وتطابقهما معاٌ . ومع إطروحة إن الوجود يعقل ذاته وبقود نفسه . ومع إطروحة إن كل ماهو وجود هو معقول وكل ماهو معقول هو وجود . ومع إطروحة الوعي الجمعي والوعي الكلي وتطابقهما معاٌ . وبالتالي هذا ما يتطابق مع المقصود من الروح الكلية ، تلك الروح التي تحكم التاريخ الفعلي والحقيقي .
المقدمة الرابعة : إن تلك المقدمات الثلاثة هي مقدمة أولية للإشكالية الكبرى الرابعة والتي تلبث في هذه النقاط المحورية السبعة :
النقطة الأولى : إن هيجل هو صاحب مفهوم النسق الذي يتجاوز بكثير مفهوم النسق في الفلسفات الأخرى بعداٌ وحداٌ وذاتاٌ وموضوعاٌ ، وهذا النسق هو كلي في تأصيله وفي خاصيته ، أي ينبغي أن نمايز مابين النسق الهيجلي ومابين كل من تحدث عن معطى النسق في فلسفات أخرى ، فالنسق الهيجلي هو نسق وجودي وليس إعتباري ، هو وجودي في مبناه ووجودي في علاقته مع المقولات الأخرى ، ولإنه كذلك فإن المقولات الهيجلية الأخرى ، الإله ، الروح الكلية ، التاريخ الكلي ، هي مفاهيم متطابقة ، فالإله هو التاريخ الكلي ، وهو الروح الكلية ، والروح الكلية هي التاريخ الكلي . وهيجل لايمايز مابين هذه المقولات الثلاثة ، في ذهنه ولا في ذهنيته ، إلا إذا إقتضت الضرورة الوجودية في تفضيل إحداها على الأخرى ، أي حسب جوهر المبنى ليس إلا . وهذا يتطلب أمرين ، الأول إن الإله يتطور وجودياٌ بنفس الدرجة التي تتطور بها الروح الكلية ، والتي يتطور بها التاريخ الكلي ، ويعاني وجودياٌ نفس معاناة الروح الكلية والتاريخ الكلي . والثاني إن الإله ليس إلا جزءاٌ من الكل ، أو بالأدق هو جانب وجودي من الكل الوجودي ، هو تجل للكل الوجودي ، ذلك الكلي الذي هو كلي في ذهن هيجل نفسه ، أي إن فينومنولوجيا الروح ليست إلا فنومينولوجيا الإله ، ليست إلا فنومينولوجيا التاريخ الكلي .
النقطة الثانية : كي تتجلى الروح الكلية لابد من أن يتجلى التاريخ الكلي ، ولكي يتجلى التاريخ الكلي لابد من الوجود الآخر ، الآخروي ، الطرف الذي يقف في الجانب النقيض له ، الشرق والغرب ، وهذه هي نقلة دراماتيكية مابين الذاتي والموضوعي ، فالغرب هو الموضوعي في مسند الكلي ، في حين إن الشرق هو الذاتي في مسند الأحداث ، والغرب ليس إلا الجرمان إنفسهم . والجرمان ، في النهاية ، هم النسق المتحقق في الوعي المطلق ، في حين إن الشرق لانسق له ، ومن لا فلا فكر له ، ومن لا فلا فلسفة له ، ومن لا فلا عقل له ، ومن لا فلا وعي له ، ومن لا فلا تاريخ له ، ومن لا فلا روح كلية له ، وبالتالي لا إله له . أي إن الشرق هو لاتاريخ ، وإن الغرب الجرمان هو التاريخ . أي حسب تعبيره إن الشرق هو مركز الدين والإله المنفصل عن الوجود الواقعي ، في حين إن الغرب هو مركز النسق والفكر والفلسفة . وفي الحقيقة بمقدرنا أن نستنتج : إن الوجود الإنطولوجي يتحقق فقط في الغرب ، في حين إن الشرق لايمثل إلا الوجود المزيف ، الوجود اللاتاريخي وهو وجود وهمي .
النقطة الثالثة : إذا ما أدركنا النقطتين السابقتين ، ندرك موضوع العقل لدى هيجل فهو لدى كانط وأرسطو ليس مثل ماهو لدى هيجل ، لذلك سنسمي العقل لدى هؤلاء بالعقل الأرسطي ، وسنسميه لدى هيجل بالعقل الهيجلي ، وسنتجنب أن نمنحه معنى أو نوعاٌ لإن هيجل لايقبل بالأمر على تلك الشاكلة ، فالعقل الأرسطي الكانطي يتطابق لديه مع المفردة الألمانية ـ داس فيرشتاند ـ في حين إن العقل الهيجلي يتطابق مع المفردة الألمانية ـ دي فيرنونفت ـ ، فالأول هو العقل الذي يقارن ، العقل الذي يرى الظواهر ويحلل ، ويركب وينتقد ويقبل بهذا ويرضى بذاك ويرفض هذا وذاك ، وهو عقل لافوازيه في قوانين الحركة الثلاثة ، هو عقل واحد زائد واحد يساوي أثنين ، هو العقل الفردي البسيط . في حين إن الثاني هو العقل الوجودي ، هو العقل الذي يؤسس للتاريخ ولاينفصل عنه ، هو العقل في الكمال الوجودي . لذلك فإن الأول هو الذي يمايز مابين الظاهر والباطن وهو الذي أوحى لكانط أن يعتقد بوجود الشيء في ذاته ، وهو الذي أوحى لأرسطو المنطق الصوري ، ويقف عند تلك الحدود ، بالمقابل إن الثاني لايعترف بهذا التمايز ولا بذلك المنطق لإنه العقل في ذاته والعقل لذاته ويملك كائنيته وكينونته ، وهو تاريخي بالمعنى الهيجلي ، ويدخل في علاقة إنسجام تام مع كل ماهو كلي ومطلق ، أي هو جزء بنيوي من المقولات الأخرى .
النقطة الرابعة : إذا ما أدركنا النقطة السابقة ، ندرك موضوع المنطق لدى هيجل ، فهو ليس أداة للتحليل ولا وسيلة منهجية للمعرفة ، ولا عملية إستقرائية ولا إستنباطية كما هو الحال لدى أرسطو ، إنما هو بنيان في صلب الوجود ، وهو المسؤول الفعلي عن الصيرورة وعن حركة التطور في التاريخ وفي الروح الكلية وفي العقل نفسه ، وهو جوهر التناقض في الإله ، وهو الجوهر الأبدي في الكمال الوجودي . أي إن المنطق لدى هيجل ، مثل العقل ، يتباين جذرياٌ عما هو الحال عليه لدى كانط وأرسطو ، لذلك فإن موضوع الشيء في ذاته ، والتفريق مابين الظواهر والبواطن لدى كانط لايستقيم لا في بعده الإنطولوجي ولا في بعده الحدي لإن المنطق الهيجلي هو الذي يتحكم في الأشياء والوجود من خلال الصيرورة عبر التناقض . فإذا كان المنطق الأرسطي يفسر الظاهرة ويفضي إلى نتائج معينة ويجعلنا ندركها من خلال مبدأ الهوية ، ومبدأ عدم التناقض ، فإن المنطق الهيجلي هو المسؤول عن التحول الحاصل في بنية وكيان تلك الظاهرة .
النقطة الخامسة : إن موضوع الشيء في ذاته لدى كانط يتحول ، بالنسبة إلى هيجل ، إلى فكرة ، إلى فكر ، فلاوجود خارج الفكر ولافكر خارج الوجود ، ولاإله خارج الوجود ولا إله خارج الفكر ، ولاروح كلية خارج الوجود ولاروح كلية خارج الفكر . وفي الأصل إن الوجود ، لدى هيجل ، مستغرق بفتح الراء في الفكر ، ومتطابق بالتمام والكمال معه في آن . ومن هنا قد ندرك السبب الخفي الذي جعل من البعض أن يقول إن هيجل من أنصار وحدة الوجود ، وهذه مغالطة فيها الكثير من الجهل ، كما أشرنا ، لإن هيجل لايرى الوجود كطرف مقابل للفكر ولايرى الفكر كطرف مقابل للوجود حتى يزعم بوحدة الوجود مابينهما .
النقطة السادسة : وفي الأصالة ، إذا ما أدركنا حيثيات نلك النقاط الخمسة ، أدركنا إن موضوع الإغتراب هو إغتراب إنطولوجي بالضرورة ، وبالضرورة فقط ، هو إغتراب الإله ، هو إغتراب الوجود ، إغتراب الفكر ، العقل ، الروح الكلية . ومايهمنا هنا هو إغتراب الإله نفسه ، فلا إغتراب للإله إن لم يغترب الوجود ، ولا إغتراب لكليهما إن لم يغترب الفكر ، فالإله مستغرق بفتح الراء في الوجود ومستغرق في الفكر دون أن يتطابق معهما أبداٌ ، فهو لايفترض أي شرط على الوجود ولا على الفكر ، مثل المجموعة الهندسية الفارغة التي تكون محتواة في أي مجموعة هندسية أخرى دون أن تقيدها بأي شرط هندسي ، أي لامعنى للإله في الفكر الهيجلي وبالتالي في النسق الهيجلي .
النقطة السابعة : تبقى لدينا إشكاليتين : إشكالية التاريخ ، وإشكالية الإنسان . إذا ما وضعنا محتوى الفكر والوجود جانباٌ ، يتحول التاريخ إلى لاشيء ، يتحول من مصدر في ذهن هيجل لكل تلك المقولات ، ولكل ماهو كلي مطلق إلى وعاء أجوف بليد لاقعر ولاحركة فيه ، تاريخ لاتاريخ فيه ولاتاريخانية له . وفيما يخص إشكالية الإنسان ، فإنه ، في نفس تلك المعطيات وفي عين تلك الضرورة ، وبحكم الأمر الواقع والتاريخ المرئي الحدثي ، يغدو مجرد جوكر يمركزه هيجل في أية نقطة تختص بالمواضيع البشرية دون أن يخصه بأية حقيقة إنطولوجية سوى إنه هناك ، سوى إنه هناك مثلما إن هيجل نفسه هناك ، أي هناك وهناك فلا هناك للإنسان ولاهناك لهيجل ، ولاهناك للإله .
نكتفي بهذا القدر ، ونبدي ملاحظاتنا على الشكل التالي :
أولاٌ : إن الإطروحة المحورية التي تحدد النسق لديه وتجعل منه نسقاٌ بالمعنى الهيجلي وتجعل من هيجل هيجلاٌ هي فكرة الكمال الوجودي ، وهي تدل على النقاط التالية ، الأولى إن الكمال الوجودي ضرورة وضرورة على مقاسين ، وجود الضرورة وضرورة الوجود ، وبشرط كمال الضرورة . الثانية إن الضرورة هي بنية الكمال ويلحق بها الوجود كإلتحاق المتجلى بالمتجلي . الثالثة إن الفنومينولوجيا ليست ، في الفعل ، إلا فنومينولوجيا الكمال الوجودي . الرابعة إن الضرورة هي ضرورة الضرورة ولولا هذه الضرورة ما كان الكمال ، وما كان الكمال الوجودي . الخامسة إن الكمال الوجودي هو أصل وحاضن الكمال التاريخي ، ولولا الكمال الوجودي ماكان الكمال التاريخي . ومن الواضح إن هذه الأفكار تجعل من هيجل أن يكون إلهاٌ بالمعنى الديني ، وهو ، في الحقيقة ، يطرح نفسه هكذا وكضرورة وإلا كيف توصل الناقص في الوجود المتعين إلى إدراك الكمال الوجودي . زد على ذلك لم يستطع هيجل ، ولن يستطيع أحد أبداٌ ، أن يفسر لما ولماذا وكيف ثمة مفهوم أسمه الكمال الوجودي ، وأن يفسر لما ولماذا وكيف وماهي وجه الضرورة في تلك الضرورة الأصيلة . زد على ذلك إن العلاقة مابين الضرورة والكمال الوجودي من ناحية ومابين وجودنا وتاريخينا لايمكن إلا أن تكون على وجهين ، الوجه الأول هي علاقة الضرورة ، الوجه الثاني هي علاقة الحدث والحدوث . في الوجه الأول نصبح ، كلنا ، ضرورة بنفس ضرورة الضرورة وهذا مستحيل . وفي الوجه الثاني كان من الممكن أن نكون أو ألا نكون ، وحينما كنا ، كنا كحدوث من خارج الواحد حتى اللانهاية ، وإذا صدقت هذه الفرضية إنهار النسق الهيجلي ، وبإنهياره ينهار فكرة الكمال الوجودي ، ثم الكمال التاريخي ، ثم ينهار هيجل نفسه ويتحول إلى نبتة أنبتت هناك ، كما كان سقراط ، وأنت ، وهي ، ونحن . وبناءاٌ على ذلك فإن رحلة الجايست ورحلة الروح الكلية عبر التاريخ لايمكن إلا أن تكون ، إما رحلة حقيقية ، أو رحلة وهمية ، أو رحلة في نقطة ثابتة . في الحالة الأخيرة سوف يموت هيجل وتموت كافة مقولاته ، ولن يكون التاريخ تاريخاٌ ، ولن يكون النسق نسقاٌ ، ولن يكون العقل عقلاٌ وكذلك الفكر والوجود ، ولن تكون الروح الكلية إلا إطاراٌ أجوفاٌ تفتقر إلى الصيرورة وإلى التطور ، وسوف ينتفي موضوع الكمال التاريخي ، كما سينتفي موضوع الإغتراب الوجودي . وهذا ماسيحدث تماماٌ في الحالة الثانية لإنها لن تعبر عن ذاتها ولن تجسد محتوى تلك المقولات . وأما في الحالة الأولى ، أي إذا كانت رحلة حقيقية ، فإنها بالضرورة رحلة وجودية وتنتمي إلى الكمال الوجودي ، وهنا نكون إزاء إحتمالين ، إما أن يكون الكمال الوجودي متحققاٌ في البداية ، أو أن يتحقق في النهاية . إذا كان متحققاٌ في البداية فإن الرحلة تكون وهمية لإنها لن تغير شيئاٌ في موضوع المقولات ولن تكون شرطاٌ على حالة العقل في التاريخ ، أي العقل الهيجلي ، ولا على حالة المنطق المسؤول عن التحول والتطور والتناقض في بناء التاريخ وتأصيل العقل والروح الكلية فيه ، أي المنطق الهيجلي . وإذا ما تحقق الكمال الوجودي في النهاية ، فهذا يرجعنا إلى مفهوم ومحتوى الضرورة ، تلك الضرورة التي تصادر ذاتها وتصادر الرحلة ، وتعيد الإله إلى نقطة العدم .
ثانياٌ : إن رحلة الروح الكلية في التاريخ هي في نهاية المطاف رحلة في الفكر ، رحلة تحقق الوعي المطلق ، رحلة إستعادة الأنا وجودها من خلال الفكر ، وهذا التصور يصطدم بالإطروحات الهيجلية الثلاثة التالية : مفهوم نهاية التاريخ ، دورة الكمال التاريخي ، مفهوم الإغتراب الوجودي .
في موضوع نهاية التاريخ يرتكب هيجل حماقات لاحدود لها ، ومهما يكن فهمه عنها فإننا إزاء ثلاثة إحتمالات ، الأول إنه قصد نهاية تاريخ الأحداث ، الثاني إنه قصد نهاية التاريخ البشري ، الثالث إنه قصد نهاية تاريخ الروح الكلية .
في القصد الأول ثمت تناقضات ثلاثة ، الأول إن الأحداث سوف تستمر في وجودها طالما هناك علاقات بشرية ، وهيجل لم يمايز مابين حدث وحدث من حيث المعنى ولم يعرف الحدث تعريفاٌ وجودياٌ إنطولوجياٌ . الثاني إن هيجل يرفض بنفسه مقارنة الأحداث بالفكرة المطلقة وبالروح الكلية ، لإن حقيقة التناقض والصيرورة والحركة والتطور هي في مستوى الروح وتتجاوز مستوى الأحداث . الثالث إن الكلي يرفض الجانب الفوضوي ، الجانب اللاإعتباري ، الجانب الصدفوي في أساس محتوى الأحداث .
في القصد الثاني ثمت تناقضات ثلاثة أيضاٌ ، الأول إن التاريخ البشري هو الذي يحدد معنى مفهوم الكلي في مقولة الروح الكلية ، وهيجل لن يقبل بذلك لإنها تطيح بنسقه إطاحة أبدية . الثاني إن التاريخ البشري هو الذي يحل محل ماهو مطلق وماهو كلي ، ويصبح هو بنفسه الروح الكلية ، ويتخطى زعمه إن التاريخ ( قد ) بدأ مع شارلمان ، وإنه ( قد ) إنتهى مع نابليون بونابرت ، ويتجاوز زعمه في مفهوم التاريخ الفاصل مابين الغرب والشرق ، فالغرب هو تاريخي ، والشرق هو اللاتاريخي . الثالث إن التاريخ البشري يحل محل الضرورة نفسها ، ويؤسس للمنطق الهيجلي وللعقل الهيجلي ، وهذا مايتنافى مع كافة إطروحات هيجل ، وإذا ، فرضاٌ وجدلاٌ ، قبل هيجل هذا الشرط فإنه ، أي هيجل ، هو الإله ، وهو جزء من تلك الضرورة ، إن لم يكن هو تلك الضرورة .
في القصد الثالث ثمت تناقضات عجيبة ، نكتفي بذكر أثنين ، الأول لايمكن لما هو كلي ولما هو مطلق أن يقبل بنهاية تاريخه الخاص ، بالتاريخ الذي أسسه وأصله ، بنهاية عقل الكلي ، وإلا كنا إزاء تاريخ لاتاريخ له ولاتاريخانية فيه . الثاني لو صدقت هذه الفرضية لإنهار النسق الهيجلي إنهياراٌ يكذب كافة إطروحاته ، لإن النسق الهيجلي هو أساس الكمال الوجودي في وجوده ، ولإن الكمال الوجودي هو أساس النسق الهيجلي في صيرورته .
في موضوع دورة الكمال التاريخي ، فإنها إما حالة إستثنائية ، إما حالة وجودية ، إما حالة دورية متكررة . في الحالة الأولى إن الأستثناء لايؤلف القاعدة ، ولاينفيها ، ولايفسرها ، ولايحل الإشكال ، كما إنه يخضع لشرط حدوثي هو إنه قد حدث وإنتهى ولايمكن أن نقول أو نزعم إنه سيحدث ، لإن الإستثناء هو إستثناء الصدفوي المحض . وفي الحالة الثانية فإنها ، سواء قد حدثت وإنتهت ، سواء قد حدثت ومازالت ، سواء سوف تحدث ، تمثل شرط الضرورة ، وفي حال شرط الضرورة لايجوز لنا أن نبحث عن السبب والعلة لإن شرط الضرورة ، في النسق الهيجلي ، ينبغي ألا يكون شرطاٌ وجوبياٌ إنما كينونة تستبطن جوهر التماهي مابين الذاتي والموضوعي ، أي إن شرط الضرورة هو ضرورة الكائنية المقصودة من ذلك ( الشيء ) . وفي الحالة الثالثة فإن الروح الكلية تكون ناقصة الكيان وقاصرة الوجود ، وتبحث عن كمالها في كل دورة متجددة عساها أن تعثر عليه ، لعلها تجد ماهو الكلي المحجوز لها ، لكنها في الحقيقة لن تجد شيئاٌ لا في الدورة الأولى ، ولا في الدورات الثانية . زد على ذلك إن الدورات المتكررة في الكمال التاريخي تناقض طبيعتها لإنها كلية ومطلقة وسرمدية ، أو من المفروض الهيجلي أن تكون كذلك ، فكيف يبحث السرمدي عن كماله الغائب !! .
في موضوع الإغتراب الوجودي لدينا أربعة إشكالات ، الإشكال الأول لايمكن أن يتواجد سبب ، موضوعي أو غير موضوعي ، قادر على خلق حالة الإغتراب لدى الروح الكلية ، إلا إذا كان السبب نفسه يجسد حالة الضرورة ، حينها يكون جزء من الأصل ، عندها لن يكون سبباٌ . الإشكال الثاني إن الإغتراب الوجودي لدى هيجل هو بمثابة رفض الواقع ، رفض الحالة البشرية ، رفض حالة الكون والعالم ، رفض هذه الحالة التي نحن فيها ، وهذا مسوغ تافه وسخيف ولايمكن تأصيله ، واللجوء إلى المعطيات الملتبسة والمشكلة كي تغطي إطروحات في غاية البلادة والغباء ، مثل الفكرة المطلقة ، الروح الكلية ، الوعي المطلق ، العقل في التاريخ ، أمر عاقر عقيم وسقيم . الإشكال الثالث إن حدوث الإغتراب لمرة واحدة لايمنع البتة ، في حال صدق الفرضية وهي كاذبة بالمطلق ، أن يتكرر الإغتراب ويعاود نفسه ، ويعيد إنتاج نفسه بطريقة بل بأساليب متباينة ، ويصوغ حقيقته بمنهجية جديدة ، فماهو المانع الوجودي !! . الإشكال الرابع هو أن يكون الإغتراب الوجودي ضرورة أم ليست ضرورة ، فإذا كان ضرورة إنتفى ، لإن تلك الحالة تكون ، يومها ، حالته الأصلية والأصيلة . وإذا لم يكن ضرورة فيكون ، آنئذ ، عارض طارىء لاقيمة وجودية له .
ثالثاٌ : وأما وجود الروح الكلية فإنه يقتضي شرطه الخاص به وهو ، في الحقيقة ، شرط الروح الكلية نفسها في كائنية ماهية إنه لايخضع لأي تجربة ، لأي تغيير ، لأية صيرورة ، لأي تطور ، لأي إغتراب ، لأي كمال تاريخي ، لأي تاريخاني ، لأي وعي ، لأي فكر ، لأي إله ، لأي وجود ، لإنه ، ومن المفروض الهيجلي ، أن يكون هو الكمال الوجودي ، أن يكون هو الكمال عينه .
رابعاٌ : وأما مقارنة موضوع الروح الكلية بالحضارة الغربية ، أو حتى بالحضارة الإنسانية ، أو حتى بالتجربة البشرية ، أو حتى بالوجود البشري ، فهي أمر سخيف ، والسخافة تلحق الفكرة وليس الوجود البشري ، أي تلحق فكرة الروح الكلية . زد على ذلك إن لو صدقت هذه الفرضية لدلت على أن الإنسان هو الروح الكلية ، هو الجايست ، ولتوجب علينا أن نسأل ، آنئذ ، من هو هذا الإنسان ، هل هو أنت ، هي ، هو ، نحن ، أم ذلك الغائب المفقود الذي يبحث ، وسيبحث ، وسوف يبحث ... ولن يأتي إلا إذا كشفت الظاهرة الفيزيائية عن الجانب الموضوعي الإدراكي لما نحن فيه . وإلى اللقاء في الحلقة السادسة عشر بعد المائة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أوروبية جديدة على إيران.. ما مدى فاعليتها؟| المسائية


.. اختيار أعضاء هيئة المحلفين الـ12 في محاكمة ترامب الجنائية في




.. قبل ساعات من هجوم أصفهان.. ماذا قال وزير خارجية إيران عن تصع


.. شد وجذب بين أميركا وإسرائيل بسبب ملف اجتياح رفح




.. معضلة #رفح وكيف ستخرج #إسرائيل منها؟ #وثائقيات_سكاي