الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهمية الدول , وفوضى الأديان.

اسكندر أمبروز

2021 / 7 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


شهدت البشرية منذ فجر التاريخ تطوراً متسارعاً من ناحية التكنولوجيا والابتكار والاختراع وغيرها من المظاهر الحضرية , وأهم ما جائت به البشرية وعلى خلاف الكائنات الحيّة الأُخرى هو مسألة بناء التجمعات , أو التجمّع البشري المنظم...

حيث بدأ هذا التجمع على شكل مستوطنات متواضعة في العصر الحجري , متطورة الى قرى بسيطة ومدن صغيرة في العصر البرونزي , الى امبراطوريات في العصر الحديدي والكلاسيكي , وصولاً الى النظام الاقطاعي في العصور الوسطى , وانتهائاً بمفهوم الدول الحديثة في عصرنا الحالي.

وهذا التطور الذي شهدته البشرية على مرّ القرون هو نتيجة الاختبار والتطوير والرؤية الواضحة لما هو منطقي وعملي , مقارنة بما هو قديم وباهت المعالم وضعيف البنيان.

والدولة الحديثة اليوم هي أسمى ما توصّلت اليه البشرية من تطوّر من الناحية الادارية والقانونية والسياسية , فالعالم كما نعلم لا استقرار فيه , وانعدام الاستقرار يولّد الأسى والمشاكل والتخلف والعنف , وكل تلك الفوضى ستؤدي بشكل حتمي الى انقراض البشرية على المدى الطويل , ولهذا ارتأت البشرية الى تطوير نفسها بشكل مستمر وصولاً الى مفهوم الدولة الحديثة وتعقيداتها المترابطة والتي تعمل كالسّاعة في حال تم احترام مبادئها الأساسية من علمانية وديمقراطية وحرية.

ولكن لو نظرنا الى ما يتقدّم به أتباع الخرافات الدينية , لرأينا العجب !!

فأسمى ما يريدون الوصول اليه من الناحية السياسيّة هو العودة للوراء , والرجوع الى العصور الاقطاعية والانظمة الطبقية المتخلفة , كما هو معروف في دين بهائم الصحراء الذي لا يمتلك تنظيماً سياسياً أصلاً , وإنما إقطاعية أشبه بتنظيمات المافيا وتقسيمها للمناطق والدول بنائاً على سلطة عائلة حاكمة متربعة على عرش الهرم المتخلف , مدعّمة نفسها بتخريفات دينية لا حدود لها.

وهي أيضاً , أي (النظرة الدينية للسياسة) , لا ترى أي غاية في تنظيم وبناء دول ناجحة على الإطلاق , ففي نظرتها المعادية للحياة , كل ما نعيشه اليوم هو تحصيل حاصل , والنظرة الدونية للحياة هذه والتي ولّدت انعدام الاحترام تجاه الحياة الانسانية المتسببة بمقتل مئات الملايين على مرّ التاريخ , هي نظرة تمتد أيضاً الى عالم السياسة.

ففي اليهودية , كل ما هو موجود هو في الأساس موجود لخدمة بهائم الله المفضلين (بني إسرازفت) , وفي المسيحية أيضاً لا حدود ولا دول ولا هم يحزنون , فكل تلك التنظيمات هي أمور دنيوية تافهة , والملكوت الذي يطمح كل مسيحي للوصول اليه هو ملكوت عمو جيسوس , ومدّ ما يسمى بالانجليزية Christendom , ألا وهي المناطق التي تقع تحت سيطرة المسيحية.

وفي دين بهائم الصحراء نرى كلتا النظرتين معاً , فذلك الدين السقيم قام بتقسيم العالم الى دار سلم ودار حرب , واستباح دم ومال وأرض كلّ من يخالفه دون استثناء , دامجاً بين نظرة الاستعلاء النرجسية اليهودية , ونظرة مدّ النفوذ الديني والخرافة الدينية المسيحية , ناسفين وغير معترفين لا بدول ولا بشعوب ولا بأي كيان سياسي له قيمة تنظيمية تذكر.

وما يجمع هذه الأيديولوجيات القبيحة الثلاثة , هو الفوضى , واللا منطق من الناحية الادارية والقانونية والسياسية , فهي تضع جانباً أهم المرتكزات للدولة الحديثة , مبدّلة العلمانية بالتزمت الديني وخزعبلاته , والديمقراطية بحكم المافيا والاقطاعية والدكتاتورية , والحرية بالقمع بكافة أشكاله وصوره الممكنة.

وطبعاً جميع الدول الاوربية والغربية عموماً التي نراها اليوم , هي نتاج للثورة الفرنسية التي قامت بخلع السلطة الدينية المسيحية من جذورها , مستبدلة ذاك التخلف بتطوير مفهوم الدولة وكيانها المنتظم.

والذي أدى الى نهوض أوربا والعالم بأسره نحو الأفضل من خلال سنوات من التطوير المستمر لما جائت به تلك الثورة وانتقاله واستقراره في وجدان ملايين البشر حول العالم اليوم.

وفي رأيي دولنا اليوم هي دول على المحك من الناحية السياسية , فإما أن تعيد هذه الدول ترتيب أوراقها , وتنهض بنفسها وبشعوبها بأي طريقة كانت , أو سينتهي بها المطاف مندثرة ومتبعثرة , كما حصل في العراق وسوريا كنتيجة لداعش التي أتت بالفوضى الدينية المذكورة آنفاً.
فالدولة الحديثة هي كل ما يفصل البشر عن الهمجية والتخلف والانحطاط ومن ثم الاندثار , وأهم أعداء هذه الفكرة العظيمة هي الأديان وخرافاتها , ولنا في التاريخ أمثلة تُضرب على مدى الانحطاط الذي كانت فيه الأمم والشعوب تحت ظل الدين ودجله , والعودة للوراء خصوصاً في حالة دولنا وشعوبنا هو أمر لا يمكن أن يحدث والذي يجب أن يتم تجنبه بأي ثمن وبأي طريقة !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا


.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد




.. يديعوت أحرونوت: أميركا قد تتراجع عن فرض عقوبات ضد -نتساح يهو


.. الأرجنتين تلاحق وزيرا إيرانيا بتهمة تفجير مركز يهودي




.. وفاة زعيم الإخوان في اليمن.. إرث من الجدل والدجل