الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حق التوضيح والإيضاح الصحافة في عهد عبد الكريم قاسم

شكيب كاظم

2021 / 7 / 8
الادب والفن


قرأت المقال الذي كتبه الأستاذ الدكتور محمد مظفر الأدهمي وعنوانه( الصحافة في عهد عبد الكريم قاسم) وقد نشرته جريدة ( الزمان) الغراء، الذي ليس ثمة مقص رقيب في أدبياتها؛ نشرته على الصفحة الخامسة من عددها الصادر يوم الأربعاء ٦ من ذي القعدة ١٤٤٢ه‍--٦من حزيران ٢٠٢١م، وقد رأيت أن أقف عند المقال مناقشا ومعقبا ومصوبا، ورائدي في ذلك الوصول إلى حقائق الأشياء.
اولا- قال الدكتور الأدهمي:""عندما قامت ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨(..) أغلقت جميع الصحف (..) بإستثناء إعادة منح الإجازة لأربع منها، وقد أبدلت هذه الصحف الأربع سياساتها، وخرجت في اليوم الأول من الثورة بأعمدة كبيرة تؤيد الثورة و...".
قلت: كيف أغلقت، ومن ثم كيف منحت الإجازة لأربع منها؟ في حين أبدلت هذه الصحف سياستها وخرجت في اليوم الأول تؤيد الثورة-كما قال الدكتور الأدهمي-.
جلية الأمر أن الصحف التي كانت تصدر في العهد الملكي هي: جريدة ( البلاد) لمؤسسها الصحفي الرائد روفائيل بطي، أبو الصحفيين فائق وسامي، وجريدة ( الزمان) ورأس تحريرها الأستاذ توفيق سمعان ( السمعاني) وثالثة هي جريدة ( الأخبار) وتولى إصدارها الصحفي المعروف جبران ملكون، وكلهم مسيحيون مما يؤكد دور الأخوة المسيحيين في بناء العراق الحديث وتقدمه وتألقه فضلا عن ( الشعب) لمؤسسها قاسم يحيى، وكانت تصدر ملحقا أسبوعياً ثقافيا رائعا عمل فيه السياب والمذيع المعروف حافظ القباني وغيرهما،و( الحوادث) لصاحبه الأستاذ عادل عوني، و( العمل) ورأس تحريرها الدكتور محمد فاضل الجمالي،الوزير، ورئيس الوزراء، وقد وشح عنوانها بالآية القرآنية الكريمة" وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)، فضلا عن صحيفة مسائية هي ( اليقظة) وكان يتولى إصدارها صحفي رائد هو الأستاذ سلمان الصفواني.
على إثر الإنقلاب توقفت جريدتا ( العمل)و( الشعب) لأنهما كانتا مواليتان للعهد الملكي عن الصدور، وواصلت الأخريات صدرها،بعد أن غيرت بوصلاتها ١٨٠درجة أو ٣٦٠ ؟!!
ثانياً- قال الدكتور الأدهي:" كما ظهرت العديد من الصحف الجديدة ذات الإتجاهات المختلفة (..) وخلال أسبوع واحد وصل عدد الصحف والمجلات في بغداد إلى ٤٥ صحيفة ومجلة..".
قلت: إن الرقم مبالغ فيه، ففضلا عن مواصلة الصحف التي ذكرتها آنفا صدورها، فقد عادت- وليس خلال أسبوع واحد كما يقول الدكتور- فالأمر يتطلب الحصول على موافقة الأجهزة المعنية بمنح امتياز إصدار الصحيفة، فقد عادت إلى الصدور جريدة ( الأهالي) لسان حال الحزب الوطني الدمقراطي بزعامة الأستاذ كامل الجادرجي، الذي كان يطيب لشاعرنا الرصافي أن يلقبه ( كامل الخيام)! كما عاودت الصدور جريدة ( الرأي العام) للجواهري الكبير فضلا عن صحيفة ( الإستقلال) وانشأها الأستاذ عبد الغفور البدري، و( الأحرار) للطفي بكر صدقي، ثم صحيفة ( الإنسانية) للشاعر اليساري كاظم السماوي وصحيفة ( الحضارة) لمحمد حسن الصوري، وفي شباط ١٩٥٩ أصدر الحزب الشيوعي جريدته ( إتحاد الشعب)وكلها صحف يسارية فضلا عن مجلة ( المثقف) وكان من وجوهها الأديب علي الشوك والشاعر الكبير صلاح نيازي وغيرهم كثير.
في حين أصدر القوميون والناصريون والبعثيون جريدة ( الجمهورية) تولى رئاسة تحريرها الدكتور سعدون حمادي، وعمل فيها الأستاذ الصحفي الكبير معاذ عبد الرحيم- أمد الله تعالى في عمره، ومكنه من إنجاز كتابة مذكراته-فضلا عن عبد الوهاب الغريري، وقد هوجم مقر الجريدة خريف سنة ١٩٥٨ ، غب عودة العقيد عبد السلام عارف من بون؛ عاصمة ألمانية الإتحادية ( الغربية) في الخامس من تشرين الثاني ١٩٥٨ ، التي أرسل إليها سفيرا للعراق!! في تشرين الأول من تلك السنة.
ثالثاً-قال الباحث الجامعي الدكتور الأدهمي:" فخلال الأربعة أشهر الأولى من ثورة ١٩٥٨، وزع من جريدة الحزب الشيوعي إتحاد الشعب، ٢٣ ألف نسخة"
قلت آنفا إن جريدة ( إتحاد الشعب)صدرت أول مرة في شهر شباط ١٩٥٩ ،وبورق أسمر وبنصف حجم الصحف الإعتيادي، ثم واصلت الصدور بورق أبيض وحجم اعتيادي في أشهر تلت، صدرت في شباط ٥٩، ولم تصدر في الأشهر الأربعة الأولى من ثورة ١٩٥٨، ولم يحدد الدكتور تاريخ صدورها.
رابعاً- قال الدكتور الأدهمي:" كان هناك صراع سياسي على السلطة بين عبد الكريم قاسم ونائبه عبد السلام عارف، الذي كان يكافح لتأمين الدعم للصحف المناوئة للشيوعيين، والتي تميل سياسياً إلى حزب البعث والناصريين والقوميين العرب (..) وعندما تخلص قاسم من عارف وجد نفسه أمام طغيان شيوعي على الشارع".
قلت: ما هكذا يطلق الكلام جزافا، فعبد السلام أعفي من مسؤولياته تباعا منذ منتصف أيلول ١٩٥٨، أي أمضى في السلطة نحو شهرين، وأبعد أو أرسل إلى بون سفيرا في تشرين الأول، فكيف أمن الدعم للصحف المعارضة للشيوعيين؟!
الأمر الثابت الواضح أن صدرت في أيام عبد السلام في السلطة، التي لم تتجاوز الشهرين جريدة واحدة هي ( الجمهورية)، هاجم اليساريون مقرها خريف ١٩٥٨، واغلقوها، وكأنه ما كان بينهم والأحزاب والاتجاهات الأخرى مواثيق جبهة الإتحاد الوطني؟!
خامساً- قال الدكتور الأدهمي" أما الصحف التي صدرت في عهد قاسم فهي (..)وجريدة ( إتحاد الشعب) (..) ووقفت إلى جانب قاسم ودعته بالزعيم الأوحد، وعندما إختلف مع زميله عبد السلام، هاجمته الأخيرة ووصفته بالخائن"
قلت: إن جريدة ( إتحاد الشعب) صدرت في شباط١٩٥٩، وكان عبد السلام قد حوكم أمام المحكمة العسكرية العليا الخاصة، التي ترأسها العقيد فاضل عباس المهداوي، وحكم عليه بالاعدام ، ولم ينفذ الحكم، واودع السجن الإنفرادي، في السجن رقم واحد، فلم يكن في السلطة كي تهاجمه الجريدة وتصفه ب( الخائن)!!
سادسا- قال الأستاذ الأدهمي:" أما جريدة ( الجمهورية) فقد بدأت حكومية تؤيد قاسم،ثم أصبحت بعد إبعاد عارف ناطقة بإسم حزب البعث، إلى أن أغلقت عام ١٩٥٩.
قلت- إن جريدة ( الجمهورية) التي صدرت في شهر آب ١٩٥٨،واجازها عبد السلام بوصفه وزيرا للداخلية، ورأس تحريرها الدكتور سعدون حمادي، كانت قومية الهوى والتوجه، لا بل كانت من أسباب اشتجار الخلاف بين الإثنين، لأنها كانت تولي اهتماما خاصا لنشاطات عبد السلام وتغفل الإشارة إلى قاسم، أو تقللها، وإذا ذكرته، تذكره بوظيفته، رئيس الوزراء، في حين تسبغ النعوت والصفات الحميدة على عارف، وما أغلقت سنة ١٩٥٩،بل هوجم مقرها خريف ١٩٥٨ وهرب العاملون فيها لواذا.
هذا ما أردت تبيانه من أجل الحقيقة،ولاشيء سواها، راجيا أن يتسع لها صدر الأستاذ الأدهمي،الذي كنت أتابع- ما أمكن- برنامجه التأريخي في التلفزة العراقية،فضلا عن كتاباته، وما زلت احتفظ ببعض هذه الكتابات في ضمن ارشيفي الورقي،اعود إليها أحياناً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفل تا?بين ا?شرف عبد الغفور في المركز القومي بالمسرح


.. في ذكرى رحيله الـ 20 ..الفنان محمود مرسي أحد العلامات البار




.. اعرف وصايا الفنانة بدرية طلبة لابنتها في ليلة زفافها


.. اجتماع «الصحافيين والتمثيليين» يوضح ضوابط تصوير الجنازات الع




.. الفيلم الوثائقي -طابا- - رحلة مصر لاستعادة الأرض