الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللاجئون الفلسطينيون في سياق عالمي.. قضايا ونتائج

خليل اندراوس

2021 / 7 / 10
القضية الفلسطينية




منذ نكبة فلسطين عام 1948 وويلاتها القاسية المتلاحقة لملايين اللاجئين الفلسطينيين، في كل أماكن لجوئهم، تواصل حكومات اسرائيل المتعاقبة، سلطات الاحتلال والاستيطان الكولونيالي الاسرائيلي، دون كلل أو ملل بل بخطة استراتيجية مدروسة، التضييق على اللاجئين الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم، ومن خلال دعم أمريكي مطلق لمواقف اسرائيل بالنسبة لقضية اللاجئين الفلسطينيين، هذا الموقف المتنكر لحق العودة، مع انه من ناحية تاريخية، نؤكد ونذكر أن الاعتراف بإسرائيل من قبل الأمم المتحدة كان مشروطًا بالسماح بعودة اللاجئين، نجد الادارات الامريكية المتتالية خاصة في فترة إدارة ترامب وضمن خطته والتي يمكن تسميتها بسرقة القرن، تعمل اسرائيل وأمريكا على إضاعة حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى وطنهم فلسطين، وأصبح موضوع عودة اللاجئين حلمًا مزعجًا بل كابوسًا لإسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة.

الإدارات الامريكية المتتالية من خلال قراراتها ومواقفها، لا تبحث عن حل للقضية الفلسطينية من خلال الاعتماد والاستناد إلى قرارات الأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الانسان الدولية، بل عن مسعى أمريكي اسرائيلي لحسم القضايا العالقة بخصوص القضية الفلسطينية لصالح المشروع الاسرائيلي تمهيدًا لتمرير الحل الاقليمي وتطبيع العلاقات مع اسرائيل.

وهنا لا بد ان نقول إن مشروع الشرق الاوسط الكبير الذي يمتد – بحسب الأجندة الأمريكية بإداراتها المختلفة والمختطفة من قبل اللوبي الصهيونية وكهنة الحرب المحافظين الجدد – من باكستان إلى المغرب، أحد دول التطبيع مع اسرائيل، هو مشروع استعماري كبير يهدف إلى أن تتحول اسرائيل إلى دولة مهيمنة ومسيطرة على المنطقة "أرضًا وسماء" حاضرًا ومستقبلاً، ومتنكرة لحقوق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى فلسطين والعمل على توطينهم في أماكن تواجدهم، في لبنان وسوريا والأردن، وفي هذا المجال هناك درجة قصوى من التداخل إلى حد التماهي بين السياستين الاسرائيلية والأمريكية ليس فقط بالنسبة للقضية الفلسطينية وقضية اللاجئين بل أيضًا بالنسبة لكل منطقة الشرق الأوسط وغرب آسيا.

والهدف الأكبر من كل هذه السياسات والمخططات الأمريكية الصهيونية هو تذويب العرب في محيط أوسع بحيث تبهت وتضعف ملامح الهوية العربية والاسلامية للمنطقة، بعد أن تتحول شعوبها إلى اقلية لا تمثل أكثر من 40% من إجمالي شعوب الشرق الأوسط الكبير.

ومن أبرز سياسات الولايات المتحدة واسرائيل من أجل تحقيق هذه الأهداف العمل على القضاء على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين وتكريس وفرض عملية التوطين. منذ قيام دولة اسرائيل وخلال عدة عقود كانت هناك عدة مشاريع أمريكية لتصفية قضية اللاجئين، نذكر منها خطة جورج ماك جي نائب وزير الخارجية الامريكية، والتي تسعى إلى دمج اللاجئين الفلسطينيين في هياكل اقتصادية وسياسية في الشرق الأوسط على أساس العمل وليس الغوث. وفي عام 1952 اقترح مدير وكالة الغوث الأمريكي "جون بلاندفور" تمرير مشروع لتوطين اللاجئين بكلفة 200 مليون دولار.

وفي عام 1952 كان هناك مشروع جونستون، حيث قال الرئيس الأمريكي ايزينهاور في خطاب ألقاه يوم 26 اغسطس عام 1955، قائلاً: "ان تنفيذ مشروع جونستون هو خطوة عملية نحو حل كل المشكلات المتعلقة بالقضية الفلسطينية"، ويقصد هنا مشكلة اللاجئين وعملية توطينهم، وتحدث عنه، أي عن عملية التوطين أيضًا مدير وكالة الغوث التابعة للأمم المتحدة في خطاب ألقاه بتاريخ 14 نوفمبر عام 1955 قائلاً انه يساعد على حل المشكلات القائمة ويؤدي إلى تحقيق أهداف التأهيل والتوطين للفلسطينيين خاصة من لاجئي قطاع غزة والذي يقترح المشروع توطينهم في سيناء كحل لمشاكلهم.

في تاريخ 30/7/2017 أحبطت اسرائيل والولايات المتحدة مشروعًا في الأمم المتحدة لزيادة موازنة منظمة اونروا. وفي عام 2018 فترة حكم المأفون ترامب أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، قطع المساعدات الأمريكية لوكالة الأمم المتحدة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "اونروا" بالكامل. وهنا لا بد أن نذكر بأن وثيقة سرقة القرن تنص على إنهاء والتحرر من جميع المطالبات المتعلقة بوضعية اللاجئ أو الهجرة، ولن يكون هناك أي حق في العودة او استيعاب لأي لاجئ فلسطيني في دولة اسرائيل، والخيارات المطروحة للاجئين الفلسطينيين الذين يبحثون عن مكان إقامة دائم، الاستيعاب في دولة فلسطين (مع مراعاة القيود الواردة)، (لم الشمل) وفق الشروط الاسرائيلية، والاندماج المحلي في البلدان المضيفة الحالية أو (التوطين)، وقبول 5000 لاجئ كل عام لمدة تصل إلى عشر سنوات (50,000 لاجئ اجمالي) في كل دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاسلامي الذين يوافقون على المشاركة في إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين.

وتقوم فلسفة سياسات حكام اسرائيل والولايات المتحدة خاصة في فترة إدارة المأفون ترامب، ومشروعه "سرقة" القرن، في مشروعهم الخطير في قضية اللاجئين على أساس لا تخطئه اللغة في الغاء كامل لحق العودة الفردي والجماعي بإلغاء مسمى "لاجئ" وحشره ضمن مجموع 70 مليون لاجئ في العالم (عموم اللاجئين في العالم). وتحاول سرقة القرن، خلق انطباع بالمساواة بين اللاجئ الفلسطيني وما أسمته وثيقة سرقة القرن "اللاجئ اليهودي" والدخول في ما يشبه المقايضة الرخيصة مع عدة دول عربية، فيها ابتزاز مفضوح، والغاء واضح للبعد الدولي والقانوني لقضية اللاجئين من خلال الغاء الصفقة بشكل كامل لمنظمة الأونروا، والتي تشكل غطاء أمميًا وقانونيًا للاجئين الفلسطينيين، وبذلك تحول قضية اللاجئين الفلسطينيين من قضية سياسية وحق انساني في التحرر الوطني وحق العودة إلى مسألة اقتصادية خاضعة لـ (صندوق اللاجئ) الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة من مال عربي ومسلم ويخضع اللاجئ فيه إلى الابتزاز والمساومة بدفع قروش له، وتتجسد في سرقة القرن عقلية الكاوبوي الأمريكي الاستعماري الاستثماري حتى في التعامل مع النكبات، خاصة نكبة فلسطين بتفردها بمشروع تصفية قضية اللاجئين وإدارة الصراع وتحويله الى صندوق مالي عربي بإدارة أمريكية صهيونية اسرائيلية يلقي الفتات للاجئ الفلسطيني، وعلاوة على ذلك تعمل وثيقة سرقة القرن على ابقاء العودة الفردية رهينة بيد اسرائيل عبر مشروعها المعروف بـ (لم الشمل) المعمول به طوال عمر الاحتلال ضمن قراءة "انسانية" بزاوية اسرائيلية بحتة، وتقوم أيضًا الوثيقة الظالمة والعنصرية والشوفينية على ادراج الدول المسلمة والعربية في مشروع التوطين الكبير سواء بتوطين اللاجئين حيث اقامتهم أو بصناعة الشتات الجديد وتقسيم اللاجئين الى 5000 نسمة سنويًا لكل دولة ولعشر سنوات وكأن تفريغ فلسطين لصالح دولة يهودية مسؤولية الدول الاسلامية، وكذلك تعتمد فلسفة سرقة القرن على أساس تفريغ أكبر مساحة جغرافية من الفلسطينيين في الضفة وضمها وحشر الشعب الفلسطيني في كنتونات متواصلة من ناحية المواصلات فقط وليس جغرافيا وهذا ينعكس على تمركز اللاجئين في مخيماتهم ومن ثم تحويلها الى مدن عمرانية مع سحب وثيقة اللاجئ وشطب حتى مسمى مخيم لاجئين بما يحمله ضمنًا من إحياء قضية اللجوء.

وما سعت وتسعى له اسرائيل والولايات المتحدة خاصة في فترة المأفون ترامب، هو فك الارتباط بين الشعب الفلسطيني وقضيته المركزية، قضية اللاجئين، وفصل هذه القضية عن عمقها العربي والاسلامي، وذلك من خلال ترسيخ التطبيع الرسمي من قبل الأنظمة الرجعية العربية مع دولة الاحتلال والاستيطان دون حتى ادراج قضية اللاجئين بالحد الأدنى وفق المبادرة العربية للسلام، فضلاً عن التمسك بحق العودة وفق المواثيق والقرارات والشرعية الدولية، والذهاب بعيدًا في ذلك بحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين من ميزانية العرب عبر استيعابهم التوطيني القسري!! وحتى الذهاب بعيدًا في الفجاجة بمطالبة العرب بالمساهمة في تعويض اللاجئين اليهود الذين خرجوا من هذه الدول.

إلا أن واضعي هذه المشاريع في الفترة الأخيرة وأقصد المأفون ترامب والصهيوني العنصري الشوفيني كوشنير مع صفقتهم فشلوا في البقاء في ادارة الحكم في الولايات المتحدة، ومصير هذه السياسات مزبلة التاريخ، ومقاومة الشعب الفلسطيني وصموده الأخير ضد العدوان البربري الهمجي ضد غزة المحاصرة وتضامن الشعب العربي الفلسطيني في كل أماكن تواجده، يعكس نجاح مقاومة الشعب الفلسطيني في رفض مشروع الهيمنة والسيطرة وإلغاء حق اللاجئين في العودة من خلال صفقة بل سرقة القرن، هذا المشروع البربري العنصري الصهيوني أي صفقة القرن الذي استهان ليس فقط بالشعب الفلسطيني بل بكل الأمة العربية من الخليج الى المحيط.

ويخطئ من يقول إن التطهير العرقي الذي مارسته الحركة الصهيونية والدولة "الوليدة" اسرائيل، كان فقط وليد الظروف والأحداث التي وقعت إثر صدور قرار التقسيم في 29 تشرين الثاني عام 1947. ما حدث من تطهير عرقي ضد الشعب الفلسطيني كان نتيجة حتمية لخطط محكمة الاطراف خططت لها الحركة الصهيونية العالمية ورجال ودول الاستعمار خاصة بريطانيا والولايات المتحدة، وقد شرعوا في حبك هذه الجريمة أي التطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني منذ اوائل القرن العشرين، حيث تبنت الحركة الصهيونية شعارها "فلسطين أرض بلا شعب يجب أن تعطى إلى شعب بلا وطن".

ولقد حاول الصهاينة في بداية القرن العشرين اقناع عرب فلسطين بمختلف الوسائل كي يرحلوا عن وطنهم لقاء مبالغ طائلة من الاموال تدفع لهم. ولما وضعت الحرب العالمية الاولى (1914 – 1918) اوزارها، واحتل البريطانيون فلسطين، وانتدبوا لإدارة شؤونها راحوا يبذلون كل جهد لوضع البلاد أي فلسطين في حالات سياسية واقتصادية واجتماعية من شأنها تسهيل انشاء "الوطن القومي لليهود" في فلسطين فكانت النتيجة الحتمية ومن خلال سياسات واستراتيجية الحركة الصهيونية العالمية، أن راح اليهود يهاجرون الى فلسطين من كل حدب واشتروا مساحات من أراضيها، ورغم كل المساعي التي بذلها اليهود ومن ورائهم حكومة الانتداب فانهم لم يستطيعوا ان يشتروا من عرب فلسطين أكثر من ربع مليون دونم.

أما باقي الأراضي التي تمكنوا من الاستيلاء عليها وقدرها 1.750.000 دونم، فان جزءًا منها كان من أراضي الدولة والباقي تم شراؤه من أصحاب الأرض والاقطاعات الواسعة من غير الفلسطينيين، من لبنانيين وسوريين وغيرهم. ونذكر هنا مثالاً واحدًا وهو شراء اليهود من آل سرسق (بيروت) أربعمئة ألف دونم من أراضيهم الواقعة في مرج ابن عامر، وما كاد اليهود يشترونها حتى طردوا مزارعيها العرب منها وانشأوا عددًا كبيرًا من المستعمرات اليهودية، مثل العفولة ومرحافيا ونهلال وكفار دافيد وكفار باروخ وبلفوريا وعين حرود، بينما أسماء القرى العربية التي كانت هناك في مرج ابن عامر وقد زالت بعدئذ من الوجود وهي: تل العدس، تل الشمام، تل الفر، ياجور، الشيخ بريك، جيدا، طبعون، جباتا، العفولة، الفولة، معلول الورقاني، خنيفس، الجالود، فقد كان جلاء العرب الفلسطينيين التام عن كل شبر من أراضي فلسطين الهدف الأقصى للحركة الصهيونية، وما زال هذا هدف الحركة الصهيونية حتى اليوم، دليلًا على ذلك القرار الذي أصدره المؤتمر الصهيوني الذي انعقد في مدينة بلتيمور في الولايات المتحدة، وكان ذلك عام 1942، يوم قرروا، فيما قرروا، "اجلاء العرب عن فلسطين اذا عارضوا في جعلها دولة يهودية".

وقد دعمتهم وآزرتهم في ذلك بريطانيا بوصفها الحكومة المنتدبة على فلسطين، ودليل على ذلك القرار الذي اتخذه حزب العمال البريطاني بعد مؤتمر بلتيمور بثلاث سنوات، ذلك القرار القاضي بـ "تحويل فلسطين الى دولة يهودية وإخراج سكانها العرب منها الى الأقطار المجاورة". وبعد صدور قرار التقسيم ونشوب قتال عنيف بين العرب واليهود، مارست الحركة الصهيونية واسرائيل سياسات التطهير العرقي البربري الهمجي العنصري، وهنا اذكر بانه في 13 شباط عام 1948 أرغم رجال الهاغاناه العرب من سكان حي الطالبية على اخلاء منازلهم رغم انهم ليسوا بمحاربين، وعبثًا حاول هؤلاء السكان إقناع الحكومة والمندوب السامي لحمايتهم.

وفي نيسان- أبريل عام 1948 قامت الحركة الصهيونية ممثلة بتنظيمي شتيرن والإرغون الارهابيين بتنفيذ مذبحة دير ياسين مما أدى إلى اخلاء معظم القرى الكائنة غربي القدس إن لم نقل كلها من سكانها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. امتعاض واعتراض وغرامات.. ما رأي الشارع العراقي بنظام المخالف


.. عبد الله حمدوك: لا حل عسكريا للحرب في السودان ويجب توحيد الم




.. إسرائيل أبلغت دول المنطقة بأن استقرارها لن يتعرض للخطر جراء


.. توقعات أميركية.. تل أبيب تسعى لضرب إيران دون التسبب بحرب شا




.. إبراهيم رئيسي: أي استهداف لمصالح إيران سيقابل برد شديد وواسع