الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعديل الوزاري الاسباني

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2021 / 7 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


أقدم رئيس الحكومة الاسبانية السيد Pedro Sanchez على اجراء تعديل حكومي لحكومته ، كما يجري به العمل في جميع حكومات العالم .. لكن المثير للدهشة انّ بعض قليلي النظر ، والفهم ، والتحليل ، اعتبروا اقدام Pedro Sanchez على هذا التعديل ، كان من وراءه ضربة قوية لناصر بوريطة للدولة الاسبانية ، بسبب مواقفها من نزاع الصحراء الذي تناصب العداء لمغربيتها ، وهو السبب الوجيه للازمة بين النظام المغربي ، وبين الدولة الاسبانية ، وليس بسبب دخول إبراهيم غالي للتشافي في المستشفيات الاسبانية . لان دخول غالي من عدمه هو اجراء سيادي يخص قرار الدولة الاسبانية ، ولا يخص غيرها في شيء ، والاّ سيعتبر هكذا موقفا ، بمثابة تدخل في الشؤون الداخلية الاسبانية ، خاصة عندما يكون التدخل من طرف ضعيف ، لا يمكن مقارنته بقوة اسبانية ، التي تستمدها من الجغرافية الاوربية ، ومن العضوية في التكتل الاقتصادي الكبير الاتحاد الأوربي ، ومن العضوية في حلف الناتو القوة العسكرية الأولى في العالم ، إضافة الى ان الاقتصاد الاسباني قوي على اقتصاد الريع المغربي ، حيث يتواجد آلاف المغاربة يشتغلون في اسبانية ..
وكما انّ قرار استقبال إبراهيم غالي للتشافي ، وهذا حق انساني ، ليس هو سبب الازمة بين النظام المغربي ، وبين الدولة الاسبانية ، فان قرار رئيس الوزراء الاسباني Pedro Sanchez بإدخال تعديل على حكومته ، هو كذلك يظل قرارا سياديا املته الظروف الاقتصادية التي تمر منها اسبانية بسبب كورونا ، ولم يكن نتيجة ضربة موجعة لناصر بوريطة ، او للنظام المغربي خاصة ، وان المهام الرئيسية التي ستتكفل بها الحكومة الجديدة كأولويات ، هي اصلاح وتقويم الاقتصاد ، والعمل على خلق فرص شغل ، والاهتمام بالجانب الاجتماعي للشعب الاسباني .. ولا علاقة له بما يروج البعض بالأزمة الأخيرة بين النظام المغربي ، وبين الدولة الاسبانية ..
ان تغيير وزيرة الخارجية الاسبانية السيدة Arancha Gonzalez Laya ، وتعويضها بسفير اسبانية بباريس السيد José Manuel Albares ، لا يعني تغيير موقف اسبانية من نزاع الصحراء ، كما لا يعني انتهاء الازمة مع النظام المغربي ، الذي استشعر تآمر اسبانية ، ومعها الاتحاد الأوربي ، ضد الوحدة الترابية للمغرب . لكن ان الهدف من تغيير الأشخاص ، والاحتفاظ بنفس المواقف ، هو استمرار تبليد النظام المغربي ، حتى يسرع الى إعادة فتح العلاقات قبل ازمة اعتراض ، ورفض اسبانية اعتراف Trump بمغربية الصحراء .
وملثما تضامن الاتحاد الأوربي مع اسبانية في ازمتها مع النظام المغربي ، ورفض الاتحاد الاعتراف الترامبي Trump بمغربية الصحراء .. لم يخجل وزير الخارجية الفرنسي Jean-yves le Drian في اللقاء الصحفي مع وزير خارجية اسبانية Arancha Gonzalez Laya ، من تأكيد تضامنه مع اسبانية ضد المغرب ، والسبب ان اسبانية عضو الاتحاد الأوربي .. وخجل ان يتمم عبارة التهديد المبطن ، انّ اسبانية عضو بالحلف الأطلسي ...
لكن السؤال ، وفي خضم هذا التضامن والتخندق الفرنسي ، الى جانب الدولة الاسبانية . هل من علاقة بين تصريح وزير الخارجية الفرنسي بالتضامن ، بل التحالف مع اسبانية ضد المغرب ، مع تعيين سفير اسبانية الحالي بباريس José Manuel Albares وزيرا للخارجية محل Arancha .. مع رفض الوزير الفرنسي اية وساطة بين النظام المغربي ، وبين الدولة الاسبانية ...
وبما ان أي تعديل حكومي او وزاري، يبقى قرار سياديا للدول ، خاصة الدول القوية كإسبانية ، فان تغيير السيدة Arancha بالسيد Albares ، لا يعني تغيير الموقف الاسباني من نزاع الصحراء ، كما لا دخل للنظام المغربي في هذا التغيير ..
ومن خلال قراءة بسيطة للموقف الاسباني من مغربية الصحراء ، سنجد ان نفس الحكومات ، وايّاً كانت البطاقة السياسية التي تتولى بها السكن في قصر La Moncha ، فان مواقفها واحدة ، وليست متغيرة ، سواء كان في الحكم الحزب المحافظ الحزب الشعبي ، او كان في الحكم اليسار المعتدل الحزب الاشتراكي ، واليسار على يساره حزب Podemos ، وهو نفس الموقف يتبناه الحزب المتطرف Vox ، وتتبناه أحزاب الباسك المتطرفة ...
وهنا لا ننسى الحملة الهوجاء ، لرئيس الحكومة اليميني المحافظ José Maria Aznar ضد مغربية الصحراء ، عندما كان ينظم أسبوعيا استفتاءات نموذجية ، لتقرير مصير الصحراويين بكل التراب الاسباني ، والصعوبات التي خلقها للحوامض المغربية المُصدّرة نحو سوق الدول الاوربية .. وهي الحملة التي اوقفتها تفجيرات مدريد في 11 مارس 2004 ..
لذا فان مجيئ وزير للخارجية جديد في الحكومة الاسبانية ، لا يعني تغيير موقف الدولة الرافض لمغربية الصحراء ، ولا يعني انّ التغيير كان بسبب هزيمة الحقها ناصر بوريطة ، والنظام المغربي بحكومة Pedro Sanchez .. لكنها تعني تغيير المكانزمات في التعامل مع ملف الصحراء ، من خلال المشروعية الدولية التي تعكسها قرارات مجلس الامن ، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ...
وحين يصرح المسؤولون الاسبان بالتمسك بالمشروعية الدولية ، رغم ان الأمم المتحدة هي مسلخ القضايا العادلة ، يكون التغيير الحكومي الاسباني ، لا يعني المسائل الاستراتيجية بالنسبة لمغربية الصحراء ، ويكون من اعتبر هذا التغيير في حكومة Pedro Sanchez بمثابة انتصار للنظام المغربي ، بمن ينظر اصبع يده ، ولا ينظر الى ما هو ابعد من الاصبع ...
كما إنْ كان التغيير الذي مس الحكومة الاسبانية ، بسبب ارجاع العلاقات مع النظام المغربي ، الى ما قبل الازمة التي نشبت بعد اعتراض اسبانية على اعتراف Trump بمغربية الصحراء .. فسيكون هذا التغيير بمثابة استبلاد للنظام المغربي ، الذي سيصبح بين سندان الموقف الاسباني المعارض لمغربية الصحراء ، بالاختباء وراء المشروعية الدولية ، وبين مطرقة الازمة الاقتصادية التي ضربت الشركات الاسبانية العاملة في المغرب .. حيث ستحي من جديد هذه الشركات ، وبما فيها اقتصاد سبتة ومليلية ، لكن ستظل اسبانية معارضة لمغربية الصحراء بالاختباء وراء قرارات مجلس الامن ..
ان التعديل الذي اجراه رئيس الوزراء الاسبانية السيد Pedro Sanchez ، هو قرار سيادي اسباني لا يهم المغرب في شيء ، ولا دخل له فيه .. وكل ما يهم الشعب المغربي انْ تبقى الدولة الاسبانية محايدة ، دون اتخاذها موقف مساندة لطرف ، ومعادية لطرف اخر ، كما حصل في المعارضة الشديدة لاعتراف Trump بمغربية الصحراء ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي