الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توفيق يوسف عواد: علمانية الفصل بين الطوائف

محمد علي سليمان
قاص وباحث من سوريا

2021 / 7 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يكاد توفيق يوسف عواد يعيد المقال الحضاري للكاتب فرح أنطون لحداثة المجتمع العربي في روايته " الرغيف _1939 " فحين يعتبر كامل أن بعث العرب يرتكز على عودة الخلافة إليهم، وإحياء عهد الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين، يجيب سامي بأنه " ليس بين العرب والأتراك جهاد ديني. الأتراك في أكثريتهم مسلمون كذلك، ولكن القضية ليست قضية مسلمين أو غير مسلمين. بل قضية عرب يقاتلون أتراكاً لاسترداد حريتهم، وأتراك يقاتلون عرباً لاستبقاء سلطانهم عليهم. اليوم ولدت القومية العربية الصحيحة. إن أمها هذه الثورة التي أمشي فيها أنا المسيحي إلى جنبكم أنتم المسلمين العرب، لنحارب عدواً مشتركاً لبلادنا هو التركي، سواء اتبع محمداً أو المسيح أو الشيطان.. أكبر الظن أنك يا كامل تستوحي تاريخنا القديم، وهذا التاريخ قائم معظمه على الإسلام، وليس يعيبه أنه كان كذلك فلم يكن يستطيع أن يكون إلا كذلك. وطالما كانت الأديان عند مختلف الأمم الحافز الأول للم شعثها وتوحيد كلمتها وتكوين شخصيتها. أما نحن في هذا العصر فعيب علينا أن نؤسس دولتنا على أسس الدين " (ص207). وهكذا تسجل رواية " الرغيف " تراجع مقال الجامعة الإسلامية لصالح مقال القومية العربية القائم على أسس علمانية. وطبعاً في المجتمع اللبناني الذي يقوم على الطائفية تصبح العلمانية هماً قديماً جديداً، ولذلك سيتابع توفيق يوسف عواد طرح هذه القضية الإشكالية في رواية " طواحين بيروت _1972).
تهتم رواية " طواحين بيروت " بشكل كبير بحركة الطلاب اللبنانية التي قامت بعد هزيمة حزيران 1967 من أجل إصلاح المجتمع اللبناني القائم على الطائفية لأنه " في قطاع الطلاب وحده كان ضمير الأمة يختلج ويتخبط ". وحركة الطلاب هذه التي قامت في عام 1968 كانت امتداداً لحركة الطلاب التي عمت أوروبا وأمريكا (خاصة فرنسا)، والرواية تعترف بالتأثر " تشرين لبنان بعد أيار فرنسا " (ص71). وقد طالب الطلاب، ومطالبهم كانت نابعة من ظروف المجتمع اللبناني زمن الرواية " بدعم العمل الفدائي، إلغاء النظام الطائفي، توحيد التعليم الوطني، وإقفال المعاهد الأجنبية التي أصبحت أوكاراً للتجسس " (ص169). والعودة إلى إلغاء الطائفية تتجلى بأكثر من وجه، وهي تتجاوز العلاقة بين تميمة نصور المسلمة الشيعية من المهدية وهاني الراعي المسيحي الماروني من دير المطل، إلى إلغاء قاعدة التوازن الطائفي في قبول الطلاب في الجامعات والمعاهد، إلى إلغاء النظام الطائفي الذي يقوم عليه الحكم السياسي في لبنان. يدخل المقال الروائي شخصية حسيب المبيض، المسلم الشيعي من النبطية، إلى العالم الروائي كمدرس في قرية دير المطل المسيحية المارونية، فتنقسم القرية إلى فريقين بين مؤيد ومعارض. وفي حين يصرخ المختار، زعيم المعارضين، بغضب " مسلم يربي أولادنا ؟! "(ص64)، يأخذ الأب أندريه، زعيم المؤيدين، المدرس ليعيش في حماية الدير مع الرهبان (ص67). ويتجلى المقال الفكري روائياً حين أبى محمود وحنا _ وكانا رفيقين متلازمين _ إلا أن يجتازا النهر معاً، فتماسكا بالأيدي وزلقت قدم أحدهما فسقطا معاً في فجوة من فجاج النهر الدافق. وبدل من أن يهرع المدرس حسيب لإنقاذ أخيه انتشل حنا أولاً، ولما عاد إلى محمود تبين أنه وصل متأخراً (ص113). إن المقال الفكري يدعو إلى ضرورة " الاندماج بين الطوائف " التي يعتبرها الكاتب مسألة لبنان اليوم. ويلاحظ أن العلمانية أصبحت تهتم اليوم بفصل السلطات بين الطوائف الدينية بعد أن كانت تدعو إلى فصل السلطة الدينية عن السلطة السياسية، وهذا عين ما تهتم به أيضاً رواية " خالتي صفية والدير " للكاتب بهاء الطاهر والتي صدرت عام 1991. وهي مثل رواية " طواحين بيروت " يسيطر عليها المقال الفكري، لكن بشكل أكبر، بحيث أن شخصيات رواية بهاء الطاهر تكسر المقال الروائي لتخدم المقال الفكري عبر قسر العالم الروائي باتجاه المقال الحضاري في ظروف المجتمع المصري المتفجر دينياً، وخاصة في الصعيد حيث تجري الرواية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س


.. كل يوم - د. أحمد كريمة: انتحال صفة الإفتاء من قبل السلفيين و




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: صيغة تريتب أركان الإسلام منتج بش


.. عشرات المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى




.. فلسطينية: العالم نائم واليهود يرتكبون المجازر في غزة