الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد وحق السكنى ومساكن من الشقاء

وليد خليفة هداوي الخولاني
كاتب ومؤلف

(Waleed Khalefa Hadawe)

2021 / 7 / 13
الفساد الإداري والمالي


توارثوا عن ابائهم او اجدادهم دورا بمساحات لا تقل عن 600 م، دورا اريد لها ان تجلب السعادة والبهجة لساكنيها ةتشرح الصدور، وتشيع الفرحو السرور ، وبمرور الزمن مات رب الاسرة وخلفه افراد العائلة ، وتزوج الأولاد والبنات، وصار لا بد من توفير مكان للسكن لكل فرد من افراد العائلة كوّن عائلة مستقلة، هذا من جهة ومن جهة أخرى أفلس بعضهم، لم يحصل على وظيفة ولم يفلح بعمل حر مناسب. وبسبب ازمة السكن الخانقة وارتفاع الإيجارات، كان لا بد من ان يقطع جزءا من الدار ويبيعه ليدبر اموره. ومن ناحية أخرى شجعت ازمة السكن على توجه صغار المستثمرين النهمين، الى شراء بعضا من تلك الدور وتهديمها وبناء شقق سكنية محلها، احدى الدور بيعت لاحد المستثمرين الذي جاء بمكائن التهديم الخاصة وازال الدار عن بكرة ابيها، ثم انشا مكانها (18) شقة، ثلاثة أدوار كل دور من (6) شقق، ولو افترضنا ان مساحة القطعة 600 م مربع فستكون مساحة الشقة 100 م مربع ولو افترضنا مساحة الأرض 400 م مربع ستكون مساحة الشقة (75) م مربع.
ان الزقاق الذي بنيت فيه هذه الشقق لم يعد بإمكانه ان يوفر مكانا لإيواء جميع السيارات على جانب من الشارع، حتى أصبحت وستصبح الازقة المتهالكة متخمة بالمركبات. فلكل اسرة ما شاء الله سيارتين او أكثر، ولو افترضنا لكل اسرة سيارة واحدة، فاين ستركن 18 سيارة في محيط لستة شقق، وأين سيسير الطلاب والسابلة وكيف تمر السيارات من هذه الازقة التي لا توجد فيها ارصفة اذ لا يتجاوز عرضها7 أمتار. من جدار الدار لجدار الدار المقابلة لها في الشارع. اما الأرصفة فقد اختفت، وان بقي لها أثر فهو من ممتلكات الدار يخصص لوقوف السيارة او حاوية الاوساخ..
بناء الدور والشقق السكنية تُنَظّمه مجموعة الضوابط التخطيطية للبناء وتقسيم الأراضي في مدينة بغداد لعام 2016، التي حددت بناء الدار بمساحة 200 م والشقة بمساحة 75 م. وهل ستتحمل الخدمات من كهرباء وماء ومجاري ومياه ثقيلة هذا الزخم المتضاعف من الحاجة الى الخدمات، إضافة لوجود تجاوزات كثيرة على تلك التعليمات.
يقولون ان هنالك مجاعة وفقر في البلاد، لكن الذي يرى كيف يتم تهديم الدور وبناء دور محلها واكسائها بالمرمر، وكيف يتم بناء الشقق السكنية من عدة طوابق، يجد ان كلام الفقر والمجاعة محض كلام ليس الا.. وهذا الكلام في منطقة اليرموك الاغلى في بغداد، حيث الله وحده يعلم كم يبلغ سعر المتر المربع الواحد. إذ يتجاوز عدة الاف من الدولارات، ولا يصدق بوجود عوائل تقتات على الفضلات في مكب النفايات وتسكن العراء. على كل حال، الفكرة التي يراد ايصالها لأمانة بغداد، هل لها راي او قانون او نظام لمنع تقطيع اوصال بغداد بهذا الشكل، فلقد اقتلعت الأشجار والمناطق الخضراء من الدور لتحل محلها الجدران والاقفاص والسقوف الكونكريتية. ربما الناس مجبرة لتعيش في دور مساحتها 40 مترا مربع او اقل او أكثر. طالما هنالك ازمة سكن خانقة لا تقوم الدولة بحلها. ان الذي لا يملك سكن لا يملك وطن. سمعت أحدهم يقول" الذي لا يملك دارا ليس له شرف". وحقيقة من منغصات الشرف ان يبتزك صاحب الملك، ويقلل من قدرك واحترامك ويعرضك للذلة، وماذا يبقى من شرف الانسان إذا تعرض للتشرد.
قال النبي صلى الله عليه وسلم "أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء. وأربع من الشقاء: المرأة السوء، والجار السوء، والمركب السوء، والمسكن الضيق".
هنالك مجمعات سكنية في بغداد، فيها شقق تباع لمن يملك الكثير من المال، ولكن الانسان الشريف والموظف العفيف لا يطالها ولا ينالها، فأسعارها تعانق السماء، عشرات الدفاتر من الدولارات (الدفتر هو مصطلح ل10 آلاف دولار أي رزمة تحتوي على 100 ورقة نقدية فئة 100 دولار ). لا اسال عن مصدر الأموال ﴿إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾". ولكن مع حجم الفساد في الدولة والمجتمع، لا نعرف من رزقه الله، من السارق والفاسد.
ان" الحق في السكن هو الحق الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في السكن والمأوى اللائق، وقد تم الاعتراف به في كثير من الدساتير الوطنية، وكذلك في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"
فالمادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تعترف بالحق في السكن كجزء من الحق في مستوى معيشة لائق أو كافٍ حيث جاء فيها" لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة. وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته" فاين الدولة من هذا، توزيع الأرض للشعب والمعدمين ومن لا يملكون سكنا ليس مِنَه او تكريم من أحد لاحد، وانما حق مشروع لكل مواطن عراقي وواجب الدولة توفير السكن اللائق، فالمسؤول لا يوزع الأراضي المخصصة للسكن من أملاكه او أملاك عائلته ولا يبني من جيبه، وانما ارض الشعب وتُبني بأموال الشعب من عوائد النفط وغيره.

ان بغداد العاصمة تُقطّع ضمن موجة من الفساد تسود المجتمع، وبسبب تعطل قطاع البناء الحكومي وضعفه، حيث قضى هذا التقطيع على الحدائق والتشجير، وخلق الزحمة، وسيحول العاصمة الى اقفاص كونكريتية، او سراديب فوقانية، ربما تقترب مساحة بعض الغرف في هذه الشقق من مساحة الرفوف المعدة لاحتضان الجنائز في السراديب. لتشبع نهم المستثمرين الصغار، ورغم ذلك تؤجر بأسعار عالية ربما تناهز ال 1000 دولار للشقة الواحدة شهريا، مستغلين عزوف الدولة عن الاستثمار الحكومي او الدولي في قطاع الإسكان وتوفير السكن الملائم للأسرة العراقية التي تنشطر وتتوالد بسرعة تفوق تهيئة السكن اللازم لإيوائها أي نسبة النمو في قطاع البناء والتشييد الخاص بالسكن. ولابد من مناقشة هذا الموضوع على اعلى مستوى في الدولة، وتوفير الدعم المالي (القروض) الميسرة للأسرة العراقية لإمكان حصولها على دور سكن مناسبة، تسترها من جشع المستثمرين الصغار ومن ذلة الملاك الجشعين، الذين يضعون قطعة على باب عمارتهم مكتوب عليها "الملك لله " وهم يبتزون الاسر الساكنة، ويطالبون بدل الايجار بالدولار، وبما يرهق كاهل الاسر المؤجرة، وهذا خلاف لإرادة الله حيث " يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر". الا فلينزعوا هذه القطع ويكتبوا بدلها ان الملك لمالكه الجشع "فلان ابن فلان ".
اللهم انا ندعوك كما دعاك نبينا محمد(ص)" عندما دعي في احدى الليالي قائلا: (اللهم اغفر لي ذنبي، ووسع لي في داري، وبارك لي فيما رزقتني).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. إيران تحذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية وتؤكد أنها ستر


.. المنشآتُ النووية الإيرانية التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وُجود




.. كأنه زلزال.. دمار كبير خلفه الاحتلال بعد انسحابه من مخيم الن