الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصين و أمريكا في ميزان المقارنة ( 2 )

آدم الحسن

2021 / 7 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


بالنسبة الى المهتمين بالشأن السياسي أصبح تناولْ المواضيع ذات العلاقة بالتطور العلمي و التكنولوجي أمرا في غاية الأهمية فهم بحاجة الى احاطة عامة حول هذه المواضيع دون الدخول في تفاصيل المسائل العلمية و الفنية التي هي ليست من اختصاصهم .
فلغرض الوصول الى بعض الاستنتاجات و اتخاذ القرارات ذات البعد السياسي و المناسبة للتطور العلمي و التكنولوجي لابد من معرفة معلومات عامة عن هذه المواضيع خصوصا تلك المرتبطة بتطور الاقتصاد و العملية الإنتاجية أو التي تخص الجانب العسكري و غيرها , لأن بدون هذه المعلومات العلمية العامة لا يمكن معرفة في اي المسارات تجري الأحداث السياسية و التنافس بين الدول .

إن العلوم و التكنولوجية هي اهم ركن من اركان قوة اية دولة في عصرنا الحديث , و من خلال متابعة التطورات على الساحة العلمية و التكنولوجية يتضح أن هنالك بعض مجالات العلوم و التكنولوجية حَصَلتْ على اهتمام اكبر من غيرها و يعود سبب ذلك لأمور استراتيجية تقررها القيادات السياسية للدول المتقدمة , فمثل هذه الأمور لا يقررها الكادر العلمي و الفني فالأمر يحتاج الى قرار سياسي و تخصيصات مالية كبيرة و غيرها .
إن درجة الاهتمام بمجال معين دون غيره من المجالات العلمية و التكنولوجية مرتبط بمدى تأثيره على تنمية القدرة الاقتصادية و العسكرية للدولة و من هذه المجالات :

** البرمجيات فائقة التطور و الذكاء الصناعي :
لا شك أن امريكا كانت هي الدولة الأولى عالميا بدون منافس حقيقي في مجال البرمجيات , و امريكا هي بلد نشوء و تطور هذا المجال العلمي و التكنولوجي ثم سارت خلفها باقي الدول مع احتفاظ امريكا باحتكارها شبه المطلق لسوق البرمجيات و استخداماتها الى أن ظهرت الصين امامها .. !
و رغم أن أمريكا لازالت تتصدر المشهد في التطور العلمي و التكنولوجي في البرمجيات إلا أن الصين تسير بخطوات متسارعة لأحراز تقدم حقيقي في هذا المجال الحيوي ايضا فقد تمكنت في فترة قياسية من تحدي أمريكا في احتكارها و هيمنتها للبرمجيات المتطورة فأوجدت نظام التشغيل للهواتف النقالة ( الهارموني ) بديلا عن نظام اندرويد الأمريكي و تطبيق ( البايدو ) الصيني بديلا عن الكوكل الأمريكي , و ( الوي تشات ) بديلا عن الواتس اب الأمريكي , و هكذا تم الأمر بالنسبة لباقي التطبيقات المتطورة كاليوتيوب فأوجدت الصين نظام ( اليوكو ) بديلا عنه و تطبيق ( الويبو ) بديلا عن الفيس بوك الأمريكي و غيرها حيث لم يبقى اي تطبيق امريكي إلا و امامه تطبيق صيني يمثل له تحديا حقيقيا بالإضافة الى ذلك طورت الصين تطبيقات جديدة ليس لها وجود في التطبيقات الأمريكية مثل تطبيق ( تك توك ) الذي انتشر بسرعة هائلة في معظم دول العالم و من ضمنها امريكا , و بذلك تمكنت الصين من تحدي هذا الركن المهم من اركان الهيمنة الأمريكية حيث فَعَلتْ الصين و نَجَحتْ في ما لم تستطع فعله دول العالم الأخرى مجتمعين ...!
و هنا يمكن القول أن هذا التطور المتسارع للصين هو السبب وراء اتخاذ ادارة الرئيس السابق ترامب قرارات تنفيذية لإعاقة تطور الصين في مجال البرمجيات حتى وصل الأمر بتلك الإدارة بمنع تفعيل برنامج تك توك الصيني في أمريكا , و هذا إن دل على شيء فإنما يدل على شدة غضب القادة الأمريكان من تطور الصين في مجال البرمجيات ... !
كل المؤشرات تؤكد أنه أصبح من المستحيل ايقاف عجلة تطور الصين في مجال البرمجيات و الذكاء الصناعي .

** الاتصالات عبر الألياف الضوئية و تراسل البيانات عبر الهواتف الذكية و الكومبيوترات الشخصية :
الطفرات العلمية و التكنولوجية الكبيرة التي حققتها الصين في تكنولوجية الألياف الضوئية و بدالات النفاذ الضوئي و منظومة 5G للهواتف النقالة هي التي دفعت إدارة الرئيس السابق ترامب بشن حملة واسعة النطاق ضد شركة هواوي الصينية حيث تجاوزت الإدارة الأمريكية بهذه الأفعال كل المعايير و قوانين التجارة الحرة , فبسبب فشل امريكا في منافسة الصين في بعض المجالات العلمية و التكنولوجية تراجعت عن دفاعها عن قانون التنافس الحر في اقتصاد السوق .
و أخذت امريكا تدعو لوضع قيود و حواجز حمائية للمنتج الوطني و شل قدرة المنتج الأجنبي على المنافسة في السوق المحلية الأمريكية و هي بهذا الأجراء تدمر اهم ركن من اركان اقتصاد السوق الحر و قوانينه الذي دافعت عنه و أنشأت عولمتها على اساسه ...!
لقد َعَملتْ امريكا منذ بداية استخدام شبكة الأنترنيت على السيطرة على هذه الشبكة الدولية الحساسة و المهمة في الكثير من النواحي و ذلك من خلال السيطرة على الربط الدولي للإنترنيت و نجحت من السيطرة و الهيمنة شبه الكاملة على هذه الشبكة الدولية التي هي العصب الرئيسي الناقل للمعلومات و المَعْرِفة بين الدول و من خلالها تتحقق السيطرة على خدمة الاتصالات و التواصل الاجتماعي في عموم البلدان .

لكن الأمر لم يستمر هكذا حيث جاءت الصين و طرحت في سوق الاتصالات الكوابل الضوئية و بدالات النفاذ الضوئي و غيرها من مفاصل شبكة نقل المعلومات و الأنترنيت و بكفاءة فنية منافسة للمنتج الأمريكي و بأسعار أقل بكثير من أسعار المنتج الأمريكي ...!

لقد بدأت الصين منذ بضعة سنوات بمد كابلات ضوئية بحرية بسعات هائلة لنقل البيانات بين الدول عبر البحار و المحيطات فشَكَلَ ذلك تحديا صينيا جديدا لاحد اركان الهيمنة الأمريكية على العالم فأخذت أمريكا تتحرك مستخدمة اسلوب التخويف من الخطر الصيني القادم أو اسلوب العقوبات لمنع الدول من اعتماد الشبكة الدولية الصينية للكوابل الضوئية ... !
ما يزعج الإدارة الأمريكية كثيرا أن دول عديدة , حتى إن بعضها يعتبر حليفا تقليديا للولايات المتحدة الأمريكية , قد وجدت مصلحة وطنية لبلدانهم للتعامل و التعاون مع الصين في هذا المجال أو في غيره .
و لأن الكثير من قادة الدول الحليفة لأمريكا هم ليسوا عملاء لأمريكا بل هم قادة وطنيون يبحثون عن مصالح بلدانهم فقد وجدوا في التعامل و التعاون مع الصين منفعة و مصلحة وطنية لبلدانهم و لم تستطع امريكا إيقافهم من أن يجعلوا شبكاتهم الوطنية للاتصالات ترتبط بدول العالم بشكل مستقل عن الشبكة الأمريكية فتنوع مسارات الربط يعطي المرونة الكافية للدول لاختيار ما هو افضل فنيا و اكثر جدوى اقتصاديا .

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية يزور تركيا لإجراء محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردو


.. توقعات بموجة جديدة من ارتفاع أسعار المنتجات الغدائية بروسيا




.. سكاي نيوز عربية تزور أحد مخيمات النزوح في رفح جنوبي قطاع غزة


.. حزب -تقدّم- مهدد بالتفكك بعد انسحاب مرشحه لمنصب رئاسة مجلس ا




.. آثار الدمار نتيجة قصف استهدف قاعدة كالسو شمالي بابل في العرا