الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الآداب والفنون السومرية .. نظرة تاريخيّة في الأصالة والابداع

وليد المسعودي

2021 / 7 / 15
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الآداب والفنون السومرية .. نظرة تاريخيّة في الأصالة والابداع

ظهور الكتابة

من اكثر ما تميزت به المدنية السومرية هو ظهور فن الكتابة ، ذلك المشروع الذي حقق الخلود لجميع منجزات السومريين ، وعلى مختلف الاصعدة والمستويات بدأ بتسجيل أحداث الماضي وما يحمل من مخلفات سياسيّة واجتماعية وثقافية ، يضاف لها ايضا كتابة الحاضر وما يحمل من حياة يومية معاشة بجميع تفاصيلها وشؤونها ، وانتهاء باستخدامها للتعبير عن الافكار والتطلعات نحو المستقبل ، حيث تسجيل يومياتهم في التجارة والشعر والدين ، وصولا الى الاحتفاظ بالاحكام القضائية وعائدية الممتلكات والاموال (١)
ويعود الفضل في بقاء الكتابة السومرية واثرها الى طبيعة الكتابة بواسطة استخدام الآلات الحادة والالواح الطينية ، تلك التي جعلت حضارتهم متنقلة ليس داخل مجتمعاتهم فحسب بل الى بقية المجتمعات الاخرى كالبابلية والمصرية واليونانية على حد سواء .
والكتابة السومرية من حيث تاريخها في الظهور تعود الى عام ٣٦٠٠ ق م ، حيث ظهرت في مدينة الوركاء ضمن شكلها الصوري الاولي ، في حين بدأت الالواح الطينية في الظهور عام ٣٣٠٠ ق م (٢)

الخط المسماري من الصوت الى الصورة

وهكذا لم تكن الكتابة السومرية منفصلة عن البيئة الطبيعية المعاشة في بداية نشوئها ، حيث ارتبطت بتطابق المادة وصورتها مع الكتابة ، اذ ان الاخيرة تعبر من خلال الصور اي بواسطة الكتابة الصورية ، وهذه الكتابة شكلت في بدايتها نقيصتان كما يقول صومئيل كريمر ، الاولى بصعوبتها وتعقيدها حيث الحاجة الى استعمال المزيد من العلامات الصورية ، وذلك الأمر شكل صعوبة من الناحية العملية ، في حين تعد النقيصة الثانية مرتبطة بالقدرة على الاختزال في عدد العلامات والصور الى درجة المعقولية ضمن طرق واساليب مختلفة مكنت الكتابة السومرية من الانتقال من كتابة الصورة الى الكتابة الصوتية (٣)

اذ تم اختزال عدد العلامات الصورية من ( ٢٠٠٠) علامة في عصر الوركاء الى (٨٠٠) علامة في عصر فجر السلالات الثاني ، لينتهي الامر الى الانتقال من التعبير الصوري الى التعبير بواسطة الاصوات ، حيث تم ايجاد كل كلمة صورية مدركة ماديا ما يقابلها من صوت معين وكذلك الانتقال في شكل الكتابة من ( الاعلى الى الاسفل ) الى الكتابة بشكل افقي من اليسار الى اليمين (٤)

علاقة المعبد بالكتابة

لقد تم اكتشاف اقدم كتابة في المعبد وليس في اي مبنى اخر كما يقول طه باقر ، وكل ذلك ماثل في علاقة اهمية المعابد اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا ، والمعابد ليست اماكن مخصصة للصلاة فحسب بل مدارس حكومية يتعلم فيها الأولاد فن الخط ، إضافة الى كونها مؤسسات دنيوية حافلة بالكثير من المهام ، من حيث كونها مصانع ومكتبات ومخازن ووسائل راحة ونوم ، اذ تحتوي على غرف خاصة للكهنة والعبيد والنساء اللواتي يهبن انفسهن للمعبد ، فضلاً عن غرف خاصة للاطفال يتم تعليمهم هناك ، وبذلك يشبه المعابد السومرية ( وولي ليوناردو ) باديرة ومعابد القرون الوسطى المسيحية (٥)

وكل ما يحدث من صفقات تجارية او اعمال وقضايا اجتماعية وجودية معاشة بحاجة إلى التوثيق كالزواج والبيع والشراء والايجار وغيرها حيث يتطلب الامر فيه ذكرا وتوثيقا كتابيا ، وكل ذلك يتم توثيقه داخل المعابد ، والاخيرة تقوم بتخريج الكتبة والكهنة وموظفي الدولة وبالتالي تعد الكتابة في المعابد ( قضية سندية ) ضمن تصورنا تسجل وتثبت الحقوق والواجبات ، وفي حالة فقدان اي من هذه الوثائق المسجلة كتابيا للعقود المذكورة اعلاه يتم اللجوء الى الحلف باليمين باسم الملك او الاله ، وهنا العودة الى الشفاهي داخل المعابد نفسها ، وكل لوح يتم تسجيل التوثيق فيه يتم حفظه في المعابد وذلك لضمان حفظها من الضياع ويتم التسجيل على شكل وثائق مكونة من ظروف مصنوعة من الطين (٦)

الأدب السومري

والأدب السومري ايضا لا يخلو من تأثيرات المعابد والدين عليه خصوصا مع النشأة الاولى له ضمن قصائد واناشيد وتراتيل دينية ، حيث ان الانتقال من الكتابة المدونة لاحداث اليوم وما يحمل من صفات واعمال إدارية وسياسية الى الكتابة الأدبية تطلب زمنا ليس بالقصير خصوصا اذا علمنا ان المدينة السومرية اصبحت مكانا خصبا وذلك لما تحتويه من مكتبات تحفظ فيها الكتب التي تقوم مهمتها بتسجيل الحاضر من اجل تدارك عدم النسيان وتعمير الذاكرة لمن يأتي فيما بعد من الأبناء والاحفاد ، وما تخبرنا به الواح سومر جدير بالدراسة والمعاينة لما تحتويه من آداب تسجل المراثي والقصص والقصائد ، واكثرها كما يقول ول ديورانت من حيث النشأة الاولى لم تكن " اناشيد او اراجيز غزلية بل كانت صلوات وادعية دينية " (٧)
او كما يقول صوموئيل كريمر ان اكثر القصائد الغنائية القديمة لم تدون الا بعد ان دخل عليها التبديل والتحوير من قبل الكهنة والكتبة (٨)
وهنا واضح دور المعبد في تأليف الكثير من الاغنيات والقصائد وهي حاملة للتكرار حالها حال الاغاني التي يمتاز بها الشرق الادنى ، وهذه القصائد لم تدون الا بعد انتهاء عصر البطولة السومري بنحو خمسمائة الى ستمائة عام (٩)
وبذلك يكون الادب السومري حاله حال بقية آداب الشعوب قد مر بتدرجات تبدا بعصر البطولة حيث الملاحم التي جل همها التركيز على البطل _ الانسان ، البطل _ الاله ، البطل _ الملك ، ومن ثم الشعر القصصيّ وشعر التراتيل الدينية واخيرا الشعر الغنائي الغزلي ، وهذا الاخير لم يصلنا منه سوى قصيدتين تم العثور عليهما من بين مئات والاف الالواح الطينية السومرية كما يقول صوموئيل كريمر وهاتان القصيدتان وصلتا ضمن شعر مفكك انشدته عروس ملكية الى عروسها الملك (١٠)
وهنا لا ينفصل هذا النوع من الادب السومري عن حياة الملوك و تطلعاتهم واحلامهم واهوائهم ولكن رغم ذلك يعد هذا النوع بمثابة البداية الاولى لشعر الغزل حيث سيتطور فيما بعد ويظهر بشكل اوسع في الزمن البابلي ليس لشعر الغزل فحسب بل ضمن بقية تدرجات الادب السومري المذكورة اعلاه .
فأدب الملاحم والبطولات السومري يكاد ان يكون ملهما كبيرا من حيث القصص لدى الكثير من الحضارات المتعاقبة اليونانية والمسيحية فيما بعد ، وضمن أحداث وروايات تحمل في طياتها اثرا سومريا تبدأ بفكرة او قصة ذبح التنين تلك القصة التي ذكرت في صور مختلفة تنتهي في ملحمة جلجامش (١١)
وقصة الطوفان ذات المصدر الالهي من حيث التكوين والفعل لمحتوى القصة التي سيكون بطلها ليس نوحا كما هو الحال في التوراة وبقية السرديات الكبرى بل هنا البطل هو " زيوسدرا " احد الملوك السومريين كما يظهره احد الالواح الطينية ، يظهر جالسا بجانب حائط ، يسمع قرار الطوفان واغراق البشر من قبل الالهة ، اذ لم ينجو سواه ومن معه من المخلوقات داخل السفينة التي صنعها ، وبعد النجاة يقدم زيوسدرا الأضاحي والقرابين للاله اوتو من خلال قيامه بذبح كبش كبير (١٢)

ملحمة جلجامش

من أبرز قصص وملاحم البطولة التي تركتها لنا الالواح ه في الازمنة الاكدية و البابلية والآشورية (١٣)

وملحمة جلجامش هي بنت زمنها الزراعي ذلك واضح في بعض الرموز والاسماء الموجودة فيها ، فمثلا تسمى الالهة ننسونا والدة جلجامش بالبقرة الوحشية المقدسة ، والبقرة هنا رمز زراعي للخصب والعطاء ، كذلك الحال مع تصوير جلجامش بالاسد الذي يقاتل الثور الوحشي " انكيدو " وهنا ايضا للثور رمزية زراعية اخرى ، بل حتى طبيعة النظرة للمرأة فانها تحمل ملامح المجتمع الزراعي نفسه من خلال اتهامها بالتقلب حالها حال فصول السنة ، وهنا تظهر عشتار مثل " الباب الخلفي الذي لا يصد ريح وعاصفة " مثل " القربة التي تبلل حاملها " مثل " قير يلوث من يحمله " وبالتالي لا عشاق ورعاة دائمين لها ، وبالرغم من شكواها لابيها " انو " من نقد جلجامش لها إلا انه لا يملك إلا ان يقف مع جلجامش في رأيه هذا لانها هي في النهاية من اقدمت على الاغراء (١٤)
وهكذا يظهر جلجامش حاكم المدينة جميلا ووسيم الخلقة من جهة ، وظالما ، قاسيا على رعيته ، هو الراعي والحامي للبلاد وفي نفس الوقت هو الظالم الذي يضطهد الناس ليل نهار ، حيث لم يترك عذراء لحبيبها ولا ابنا لابيه ، لم يترك ابنة المقاتل او خطيبة البطل ، وبالتالي اضطهاد مستمر الى درجة ان الالهة بدأت تسمع شكاوى الناس من ظلم راعي البلاد وحامي اسوارها (١٥)
ولاجل ان تنال الوركاء السلام والراحة ، على الالهة ان تخلق رديفا لجلجامش قويا مثله وغريما له يصارعه بشكل مستديم ، وهنا يكون المخلوق صنيع " اورورا " التي غسلت يديها واخذت قبضة طين ورمتها في البرية ، ليتكون لها الوحش البري " انكيدو " (١٦) وانكيدو هذا هنا ما يزال بدائيا يعيش ويأكل ويشرب مع الحيوانات حيث تطيب نفسه هناك ، ولم يتأنسن إلا من خلال مجهودات واعمال البغي التي كشفت له اجمل المفاتن ، فهام وتعلق بها إلى درجة انها علمته الحب ، ستة ايام وسبع ليال حتى خارت قواه ولم يغدو مثل ايامه السابقه قريبا من الحيوانات والفتها ، بل صارت تهرب منه وتخافه ، وهكذا تأنسن انكيدو وتعلم الفطنة والحكمة ، حيث سيواجه غريمه بشكل مؤقت جلجامش المتسلط على الناس من خلال قيادة البغي له الى البيت المشرق ، ارض الوركاء حيث يعيش بشكل فرح وسعيد جدا جلجامش محاطا بالجميلات والغانيات والافراح والاعياد .

حلم جلجامش به قبل وصوله اليه اي انكيدو من خلال رؤياه في المنام بان احد الكواكب قد سقط عليه فاراد ان يرفعه فعجز ولم يستطع رفعه الا بمساعدة الناس ، حيث انحنى له كما ينحني لامرأة ، فلما رفعه جاء به عند قدمي امه ليكون نظيرا له "
فسرت ام جلجامش الحلم بان هذا الكوكب الذي سقط عليك يرمز الى الصديق الذي سيكون لك كالظل ، يدافع عنك ويحميك من كل عدو ، وبالفعل تحققت النبؤءة او تفسيرها للحلم بعد ان خاض جلجامش وانكيدوا صراعا مريرا لم ينتصر فيه احدهما على الاخر .

بعد الصداقة هناك المغامرات والرحلات الطويلة في محاربة الشر على الارض (١٧) حيث مقاتلة " خمبابا " المارد الذي يحكم غابة الأرز ، وبالفعل بدأ الاستعداد للمغامرة من خلال صناعة الأسلحة كالسيوف والفؤوس ، من خلال توديع المقاتلين في احتفال بهيج ، من خلال اخذ بركة شيوخ اوروك والدعاء له ، من خلال سجود جلجامش نفسه للاله شمش والدعاء وطلب المساعدة في قتاله خمبابا ، وهكذا تمكن المقاتلان من الوصول إلى غابة الأرز وقتل حارسها ومن ثم بدء القتال الشديد الى درجة الخوف والرعب ولولا التدخل الالهي من قبل شمش لم ينتصر الصديقان على خمبابا (١٨)

بعد الانتصار عاد البطلان والزهو يحف بهما عادا ، ولكن عشتار الجميلة الفاتنة المغرية تقف بالانتظار ، انتظار جلجامش كي تعرض عليه ان يكون عريسها وبالمقابل تعطيه الكثير الكثير من الامتيازات ما لذ وطاب من الدنيا ، ولكن جلجامش يعرفها جيدا ، متقلبة المزاج لا تهدأ ولا تستقر على حبيب وعشيق ، جلجامش بدأ يعدد خصالها ، افعالها ، سلوكياتها مع من احبتهم ودمرتهم في الوقت نفسه بدءا بتموز وطائر الشقراق المرقش والاسد الكامل القوة وراعي القطيع وايشولو بستاني ابيها .. الخ الكثير من العشاق لم تفي بوعودها معهم فكان نصيبهم الخيبة والخسران ، وهكذا رفض جلجامش عرضها ولكن ماذا تفعل بعد هذه الاهانة وهذا الجرح الذي تركه جلجامش لها ؟
ستذهب لابيها وامها رافعة الشكوى وطالبة بان يخلقا الثور الوحشي السماوي كي يقتل جلجامش ، وبالفعل بعد مناقشة مستفيضة معها وتهديد صريح للبشر الاحياء والالهة على حد سواء بانها سوف تحيي الموتى وتجعلهم يشاركون الاحياء جميعا حياتهم ، استجاب الاب لطلبها خصوصا وانها وعدته بتأمين حياة الناس لمدة سبع سنوات عجاف قادمة سوف تحل بالمدينة حيث لا غلال ولا علف للبشر والحيوانات .

قادت عشتار الثور الوحشي السماوي الى ارض الوركاء وكان نصيبه الموت من قبل جلجامش وانكيدوا بعد صراع مرير معه ، ليكون نصيب عشتار البكاء والندب عليه حيث لا تملك سواه هي ونساء المعبد وبغاياه والمخصيين (١٩)

بعد موت الثور السماوي يموت انكيدو ، وموته هذا مقرر من قبل الالهة (٢٠) لتبدأ رحلة جلجامش بحثا عن سر الحياة والموت وتمنيا بالخلود ، في السهول والجبال حزينا على صديقه انكيدو وقلقا على مستقبله الذي لا يريده ان يفنى ، جلجامش البطل الملك الى لا تفارقه الحياة بمرحها وسعادتها يصبح حزينا فاقدا لاي معنى لوجوده يهيم في البحث عن اوتنو _ بشتم ليسأله عن سر الحياة والموت وسوف لن يجد الحياة التي يريد كما سوف تخبره صاحبة الحانة وذلك لان البشر قدر عليهم الموت ولا داعي للتفكير به حيث دعته للانصراف الى حياته الدنيا وما فيها من مباهج ومسرات واهتمام بالزوجة والاولاد فهذا هو قدر البشر انفسهم (٢١)

قصة الطوفان

في النصوص السومرية لم يضرب الطوفان سوى خمسة مدن كانت موجودة قبله ، وهذه المدن من حيث الملكية موزعة على الالهة ولما جاء قرار الطوفان حزنوا كثيرا الالهة الخمسة على هذا القرار ، حيث لم تذكّر النصوص السومرية سببية الفعل لمادة الطوفان ، كل ما ركزت عليه انها ستدمر مراكز العبادة وتعيد نواميس ملكية المدن ، حيث يخاطب احد الالهة الكبار في اللوح الخاص بالطوفان بانه سيعيد الناس الى مواطنهم ويجعلهم قادرين على تشييد مراكز العبادة او مواضع الشرائع الالهية داخل المدن الجديدة . (٢٢)
وذلك بشكل جديد من خلال اختيار الشخصية الوحيدة المنقذة للبشر وهو هنا نوح سومر " زيوسدرا " وهذا الاخير صورته النصوص السومرية بانه " ملكا صالحا يخشى الالهة ويتشوق للاتصال بها " (٢٣)
وبقية التفاصيل والقصة واضحة من خلال قيامه ببناء سفينة ضخمة وحسب الارشادات الالهية في كيفية انقاذ المخلوقات وضمان عالم مختلف عما سبق ولا يعاني من الفساد ، عالم يعيد و يصحح الحاضر بشكل مختلف عن الماضي .
وهكذا دمرت الملكية ومعابدها وبني محلها ملكية ومعابد غيرها مع اختيار حكام جدد مختلفين عما سبق ووفقا لطبيعة الأفعال والارادة الالهية . (٢٤)

ويختلف الابطال في قصةالطوفان بين زيوسدرا السومري واوتو _ نبشتم البابلي ونوح العبراني ، ولكن في محتوى ومضمون القصة تبدو واحدة وهي تتحدث عن طوفان قد حدث بالفعل في العراق وفي الجنوب منه على وجه الخصوص كما تشير اليه اكثر التنقيبات الحديثة من خلال وجود " بقايا ترسبات طوفان تفصل بين عهدي جمدة نصر وعصر فجر السلالات " داخل المدن السومرية مثل شروباك والوركاء وكيش وغيرها (٢٥)
بعد الطوفان هنالك الهلاك وهناك النواح والبكاء والرثاء لمدة سبعة ايام وسبعة ليال من عمر الطوفان ، لم يبقى احد ما لم يبكي بشر والهة كل شيء عاد الى خلقته الاولى " الطين " كما يصف اوتو _ نبشتم لجلجامش بعد سكون العاصفة واستقرار سفينته قرب احد الجبال (٢٦)
ان قصة الطوفان هي قصة الحياة والموت ، الماضي والمستقبل بصياغة الهية سومرية وصلت في مستواها وحدودها الى ازمنة لاحقة تؤكد التأثير الالهي على البشري وان الاخير لا يملك من هذه الدنيا الا البقاء وفيا لخدمة الالهة او الله من اجل ان يعيش في طمأنينة وسعادة مطلقتين .

المراثي والاحزان

لم تكن المراثي والاحزان لدى الانسان السومري ناتجة عن تفكير وابداع ادبي فحسب بل كانت مرتبطة بالوقائع السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، تلك المتضمنة سقوط المدن وتلاشيها واحتلالها من قبل الأعداء من العيلاميين والسوباريين والاموريين ، حيث تم القضاء على السلالة الثالثة الشهيرة ( ٢٠٠٢ ق م) وكان نتيجتها رثاء تدمير مدن أور واكد على ايدي تلك الاقوام (٢٧)

حيث دمرت المدن تلو الاخرى بالرغم من المناشدات والادعية والتوسلات من قبل الهة المدن الى كبار الالهة ( انليل) و ( انو) ولم ينفع كل ذلك ، بل زادت وتيرة التدمير والخراب اكثر فاكثر مع كثرة التوسلات والادعية ، اذ يعد ذلك التدمير امرا الهيا لا راد له من قبل احد من البشر ، اي ان تدمير المدن كان لغائية مقصودة وارادة الهية لا يستطيع البشر دفعها ومقاومتها ، وبالتالي بعد ان دمرت المدن لم تظهر المراثي والاحزان " البكاء والندب " كتعبير ادبي وثقافي يصور حالة الخراب الذي عم مدينة اور واكد فحسب بل لتزامن حالات المهانة والشقاء والعبودية من قبل المحتلين الأعداء ايضا ، فبعد سلسلة الخراب الذي اصاب الجميع ، الضعفاء والاقوياء ، النساء والرجال ، الاطفال وكبار السن ، البيوت ودور العبادة ، هناك ايضا ما هو معاش بشكل يومي من المهانة والجوع والقحط ، فضلاً عن خلو اي وسيلة لعودة النواميس الطبيعية خلال فترات العذاب والبؤس لهذه المدن ، تلك التي تمثلت في " تخريب ضفاف الانهار واجداب الحقول والمراعي ونقل الملكية الى ارض غريبة " (٢٨)

وهكذا يكون الرثاء مرا أليما ليس في قلب الشاعر فحسب بل في قلوب جميع المعذبين بشر والهة ، وكأن الحياة التي تبدلت نواميسها قد قامت ولم تقعد ، كل شيء في خراب مستديم ، وما على البشر انفسهم سوى متابعة البكاء والتذرع والدعاء والصبر على حدوث البلاء حتى زوال الغيوم والهموم والكرب العظيم ، اذ احيانا ما تنتهي القصص الحزينة بنهايات سعيدة ، فهذه اور بعد ان هجرها الالهة والبشر على حد سواء تعود الى حالتها الطبيعية من التمجيد والتعظيم للالهة بالرغم من الخراب والدمار الذي حل سابقا ، الامر الذي جعله سنة ثابتة لدى الأجيال المتلاحقة والعقائد المتلاحقة وان اختلفت مسمياتها ، والمشترك الوحيد هو ديمومة الصبر والرضا بالحال حسنا كان او سيئا (٢٩)

ان اي حدث سياسي كأن يكون تعرض البلاد الى احتلال وتدمير ما يؤخذ على انه لعنة الهية على البشر انفسهم ، وبالطبع دائما ما تبدأ اللعنة على الحاكم أولاً ومن ثم يأتي للبشر المحكومين نصيبهم ، فهذا " انليل " يغضب على احد حكام " اكد " وهم نرام _ سين حفيد سرجون الاكدي فيسلط عليه " الكوتيين " البرابرة من جبال زاجروس من اجل تدمير البلاد وفي مقدمتها العاصمة " اكد " (٣٠)
والسبب هو عدم تحمل هذا الملك العداء وربما الحصار على مدينة اكد من قبل الالهة الذين تركوها وهجروا معابدها ، وبالتالي لا يملك هذا الملك بعد ان صبر سبع سنين عجاف حل التدهور والضعف في بلاده سوى الجرأة والثورة على الاله " انليل " نفسه ، حيث قام بتدمير معابد مدينة " نفر " ونهبها وانتهاك حرماتها وبالتالي قيام انليل كما ذكرنا اعلاه بتسليط جيوش الكوتيين عليه ، بحيث لم يبق بيتا او بستانا في المدينة لم يصله الدمار والقحط ، انتقام ليس كمثله انتقام مثل ما حدث في مدينة نفر يحدث في مدينة الملك نرام _ سين " اكد " (٣١)

" فعسى ان يتعالى الندب والبكاء في ارجائك فتردد اصداءه أسوارك فاسقطي وانطرحي مترنحة مثل السكارى من ضخام الرجال "

هذه المراثي والاحزان شكلت في النهاية ظاهرة تاريخيّة متداولة في بلاد وادي الرافدين بعد كل سلسلة من الاحتلال والتدمير والخراب ، انتقلت بين الاجيال وتوارثتها الازمنة المنكوبة لدى البشر انفسهم ، ولا تخرج المراثي من تواصلها حتى ازمنتنا الراهنة ، بالرغم من كثرة الاجناس والاقوام الغازية ، الا ان انتقالها يأخذ صفات الاندماج مع الوافد الجديد من هذه الاقوام ، وهنا نشير الى الندب والحزن العراقي على مأساة الحسين بن علي في كربلاء ما هي إلا انتقالات في التناسخ والاضافة ضمن اشكال تؤبد حالات انهيار الانسان مع تزامن مشاعر الخذلان والمهانة والذل في الازمنة الراهنة .(٣٢)



النحت السومري

ان حركة اي فن هي نتاج عملية الصقل المتواصل لجميع المؤثرات الداخلية والخارجية ، المعاشة بشكل يومي ، والمحيطة بها من ثقافات وافكار بشرية وافدة بفعل عمليات التبادل الناتجة عن الغزو والتجارة والانتقال والهجرات الجماعية ، البشرية . كل ذلك يؤثر على الفن ويجعله ماسكا لاطاره وشكله النهائي ، ولا ينفصل الفن السومري عن هذه المؤثرات ، حيث يواصل تقدمه وان كان بشكل بطيء ولكن ما يميزه هو التفرد والاتقان ضمن جماليات الزمن المنتج لفنهم وخصوصا بما نقصده هنا في مجال النحت السومري الذي كثيرا ما ركز على تجسيم المنحوتات من خلال الكتابة على اكتاف وظهور بعض الاعمال النحتية ، والتي من الطبيعي لا تنفصل عن تأثيرات النسق المهيمن ، عن تأثيرات الدين والرؤية السائدة للمعابد وتصوراتها حول علاقة الانسان مع ربه ( ٣٣)

النحت المجسم

فهذه التماثيل المستخرجة من " تل اسمر " ومن ضمنها تماثيل الملك جوديا حكم من سنة (٢١٢٤ _ ٢١٤٤ ق م ) تظهر فيها كتابات تشير الى علاقة الملك مع الهه ، وهي في النهاية لا تقصد سوى الدعاء والتقرب اليه زلفى ، اذ كتب على احد تماثيله " الى ملكي الذي بنيت معبده وعسى ان يثيبني الحياة " (٣٤)
وهكذا مع بقية التماثيل التي لا تعبر عن رؤية الملك نفسه فحسب بل عن رؤية الناس العاديين الذين تصنع لهم التماثيل تقربا وتعبدا الى الالهة لا اكثر ويتم اهدائها او تقديمها الى المعبد .

ان الأجسام المنحوتة سومريا كانت مليئة بالضخامة حيث تظهر قوة الشخصية من حيث تركيزها على ملامح الوجه والعينين ، بالرغم من غياب النزعة الطبيعية كما يقول ليونارد وولي ، اذ لم تظهر باوضح صورها الا في العصور التالية ( ٣٥) وجل ما تركز عليه هذه التماثيل هو ملامح الوجه ، ابراز القسمات في الوجنتيْن ، حيث تشبهان الهلال في شكلهما ، وحتى اللحية تكون عادة اكثر تلاصقا بالوجه وكاننا امام مثلثات تنتهي بالانف والفم (٣٦)

ولكن ليس كل المنحوتات المجسمة تظهر بهذه الضخامة ، اذ ان الاخيرة قد تكون محصورة فقط للملوك ، فهذا تمثال " دودو " كاتب سومري لا يحمل تلك الضخامة ، يظهر حليق الرأس واللحية مرتديا لباسا من الفرو ومكتوب على ظهره الصفة او المهنة التي يشغلها وهي مهنة الكتابة ، والتماثيل المصنوعة عادة ما توضع على هياكل القصور والبيوت وهي مكونة. من تماثيل آلهة وبشر وحيوانات ، واهم المكونات المستخدمة هي مواد الحجر " الديوريت " والنحاس والفضة (٣٧)
وبشكل عام يظهر التجريد في صناعة التماثيل السومرية ضعيفا من حيث تصويرها للاجسام وذلك بحكم بدائيتها وجل ما تركز عليه في تجريدها كما اسلفنا اعلاه هو ابراز طبيعة الوجه وخصوصا في ابراز العينين والوجنتين لما فيهما من دلائل تشير الى قوة الشخصية واستقلالها ، وهو في النهاية استقلال سياسي بالدرجة الاساس . (٣٨)

النحت البارز

ولم يكتفي الفن السومري في النحت المجسم في صناعة التماثيل فحسب بل هناك ايضا الابداع في النحت البارز على الجدران في منحوتات او مسلات تظهر الوقائع السياسية وطبيعة الأفكار والقوانين والشرائع التي يسنها الالهة والملوك ، فضلاً عن نحت الاختام الاسطوانية وكلها تعبر عن روح الشخصية السومرية .

فهذه مسلة الملك كوديا والتي يبلغ ارتفاعها ٣.٥ م وعرضها ١.٥ م (٣٩)
تشير الى الطابع الديني حيث يظهر كوديا بمثابة الوسيط الذي يؤدي فعل الخصوبة وهو يحمل غصنا من شجرة في يديه بينما اليد الاخرى تقودها يد احد الالهة ويعتقد انه ننكشزيدا حيث يظهر بدوره وهو حامل لرأسين من الافاعي على كتفيه بينما يسير امامه احد الالهة ، والمشهد كله يوضح عملية التقرب الالهي خصوصا مع وجود الماء الذي يرمز لاتمام عملية الخصوبة بفضل الاله انكي وكله في النهاية بمثابة دعوة للرضا عنه وتثبيت حكمه اكثر فاكثر فضلاً عن تحقيق الشفاعة عند الالهة الاكبر والوسيط هنا الهه " ننكشزيدا "

في حين تظهر مسلة الملك اورنمو ( ٢١١٢ _ ٢٠٩٥ ق م ) بحلة اكثر وضوحا وايضا تركز على فعل الخصوبة من خلال صورة الملك اورنمو المزدوجة وعلى الجانبين في اليسار واليمين مرة امام الاله ننكال ومرة اخرى امام الاله ننار وفي الحالتين تمارس عملية سكب الماء مع حماية الاله له والتقرب اليه ولا تنفصل مشهدية المسلة عن فكرة البناء حيث يظهر نفسه الملك اورنمو وهو يحمل ادوات البناء ويساعده احد الكهنة ، وكلها تشير الى عملية تثبيت الدولة اكثر فاكثر مع حماية اله القمر نانا الذي يرمز له بالهلال او النجمة المعلقة في اعلى المسلة ، وما يترسخ في الاسفل ليس سوى عمليات تبجيل وتعظيم للاله ماثلة في تقديم القرابين وذبح الخرفان والثيران وهي طقوس تقام بشكل سنوي حيث يصاحبها احتفالات بهيجة وضرب على الطبول الكبيرة

وهكذا مع بقية المسلات المنحوتة على الجدران كلها تبرز الوقائع السياسية والاجتماعية السائدة في بلاد السومريون فضلاً عن وجود رغبات الملوك بتخليد اسمائهم وانتصاراتهم العسكرية كما هو الحال مسلة شو- سين ( ٢.٣٧ _ ٢٠٢٩ ق م ) رابع ملوك سلالة اور الثالثة (٤٠) .

ان النحت البارز يتجاوز الرسم على الجدران في تكوين المسلات ليصل الى عمل الاختام الاسطوانية وهذه الاختام الاسطوانية ايضا تعبر عن حياة السومريين وطقوسهم بالنسبة للملوك او للناس العاديين ، حيث يدون فيها بشكل مختصر اسم الشخص الملك مثلا ووظيفته ، بشكل مزخرف في غاية الاتقان ، اضافة الى العائدية او ملكية الاختام ولمن تعود ، كما تكتب عليها رموز الالهة كل ومن يمثله ، اله القمر مثلا سن ( ننار) رمزه الهلال واله الماء ايا ( انكي) يرمز له بحيوان مزدوج يجمع بين العنزة والسمكة وهو حيوان خرافي ولكنه كزمزية يشير الى الاله ايا ( انكي) (٤١)
اضافة الى رموز الالهة هناك ايضا الرموز الحيوانية والنباتية وكلها اذ تعبر عن الحيوانات والنباتات المقدسة لدى السومريين مثل الاسد والنسر والاشجار والازهار .. الخ
و هناك مادة تقديم المشاهد على الاختام الاسطوانية وهي عبارة عن تعبيرات تظهر القدسية والتبجيل للعبد ازاء الهه او مشاهد تظهر تقديم العبد للقرابين من اجل الحصول على بركة وشفاعة الالهة نفسها (٤٢)

وهكذا لا ينفصل النحت السومري عن فطرة الانسان وغريزته وواقعه المعاش ورغبته في البقاء ومحاربة الاعداء سواء كانت مادية ماثلة في صور العدو الخارجي او معنوية مرتبطة ببقاء النفوذ والمكانة لدى المجتمع السومري .

النحت الفخاري

من اهم مكونات صناعة النحت الفخاري ، مادة الفخار وهي مادة مكونة من الطين المحروق والمأخوذ من اماكن حرة طرية لم يطأها بشر ، وبعد الحرق والتشكيل والتعرض لاشعة الشمس تغدو مادة النحت صلبة في صورها الفنية الرائعة ، وهكذا هي صناعة النحت الفخاري منذ زمن السومريين واقدم من ذلك ، والنحت الفخاري السومري ايضا اشتغل دينيا على توزيع نفسه عبر النذور والقرابين ونحت الالهة فضلا تصويره حياة الناس العاديين ، اذ يعد الاقرب الى حياتهم اليومية ، ليس لكونه يصنع داخل البيوت لأغراض شخصية فحسب بل لكونه معبر عن غريزتهم وفطرتهم العادية ، حيث لم يكن من اعمال النحاتين المحترفين (٤٣)
واكثر الادوات الفخارية المكتشفة في تل العبيد كانت مصنوعة بواسطة الأيدي ، اذ لم يكن للعجلة ظهورا يذكر ، ومع ذلك يشاهد المتلقي كمية الصنعة والاتقان في الزخرفة فضلاً عن الدقة والتناسق في هيئتها ، والتزيين بمختلف الرسوم ، يضاف الى ذلك تلوينها بالاسود والاحمر ورقة سمكها حيث يكاد ان يكون سمك بعضها مثل قشرة بيض ( ٤٤)

ويعد بعض الانواع المنتجة من الفخار من اجمل ما انتجته الحضارات القديمة الى درجة ان بعض الباحثين اطلقوا على زمن الفخار هذا بعصر الفخار الملون (٤٥) وله عدة اطوار او ادوار حسب حضورها الزمني وهذه الاطوار تبدأ ب :
١_ دور حسونة
٢_ دور سامراء
٣_ دور حلف
٤_ دور العبيد
٥_ دور الوركاء

فدور حسونة يشير الى المكتشفات المستخرجة من تل حسونة الذي يقع في محافظة نينوى ( الموصل) وتتدرج وفقا لجودة صنعها من البدائيّ الى المتقدم في الزخرفة والتزيين وحسب طبيعة التطور البشري من البدوي الى الزراعي ، حيث تتميز الأواني الفخارية التي تشبه " الجرار الكروية ذات الرقاب المستطيلة " بكونها ذات خطوط مستقيمة وصلبة في تكوينها فضلاً عن حضور المثلثات في زخرفتها (٤٦)
وهذا الدور او الطور كان ينحصر بين المناطق الشمالية والوسطى ،
ودور سامراء ايضا يدل على التنقيبات الاثرية في مدينة سامراء والتي تم جمع الكثير من الاثار المستخرجة منها من " تل الصوان " والتي تشير الى حضارة غنية متدرجة في تطورها ايضا ولها تقيمها اليومي لحياتها عبر رسمها وصناعتها للفخار حيث ظهرت اكثر المنتجات الفخارية المصنوعة كالجرار والصحون والطاسات والكؤوس وهي تحمل زخارفها ورسومها الحيوانية والنباتية فضلا عن ظهور اشكال المياه والاسماك والنساء الراقصات بشعورهن الطويلة والوجوه الموشومة فضلا عن تصويرها للبيئة الزراعية وحياة الحيوانات كالغزلان والطيور والعقارب .. الخ (٤٧)

كذلك مع دور حلف الذي تم استخرج اجمل الاواني الفخارية المنقوشة بالوان مختلفة وزاهية كالاصفر والاحمر والاسود ودور حلف سمي على اسم التل " تل حلف " الذي تم تنقيبة من قبل البعثات الاجنبية الألمانية خصوصا ويقع في محافظة نينوى وهذا الدور ايضا خاطب الطبيعة والحياة اليومية للناس العاديين عبر صناعته للفخار ممزوجا برسم الكثير من الحيوانات والنباتات على المنتجات الفخارية المصنوعة كالاقداح والجرار والاباريق ، واشد ما تميزت به هو زخرفتها العالية وهندستها المكونة من المثلثات والمربعات والمعينات والخطوط المتصالبة (٤٨)

اما عن دور العبيد ( يقع في جنوبي العراق مدينة الناصرية) فانه بدأت فيه لاول مرة تصنع الأواني الفخارية بواسطة عجلة الفخار او دولاب الخزف وخصوصا في اطواره الاخيرة ، ويمتاز فخار العبيد بكونه احادي اللون معرض الى درجات حرارة عالية حتى يكتمل في صيغته النهائية ماثلا عبر منحوتات تحمل صور الحيوانات والنباتات ، وبعض المواد الاولية يتم الحصول عليها بواسطة الرحلات البرية مع البلدان المجاورة عن طريق البحر (٤٩)
واخيرا لدينا فخار الوركاء ، وهو مقسم بدوره الى اطوار او ادوار بالقديم والمتوسط والحديث ، ويمتاز فخار الوركاء بثنائية صناعته بواسطة عجلة الخزاف وبواسطة الايدي ، واكثر المنتجات الفخارية المصنوعة من الاخير تكون ذات الوان فاتحة او ذات الوان حمراء ورمادية
وامثلة على هذه المنتجات كثيرة مثل الاباريق ذات الصنابير المعوجة والجرار ذات الصنابير الطويلة وكلها تتميز بلونها الاحمر ذات الآذان الاربع (٥٠)

الغناء والموسيقى والرقص

البداية مع المادة ، ولا نهاية معهما الاثنين المادة والفكر او المعنى في مجال تطور الفنون الموسيقية والغنائية عند الانسان ، البداية مع الصوت ومن ثم الحركة منذ ان اطلق اولى التعابير والاناشيد والمخاطبات ازاء الطبيعة والارض ، وجميع تناقضاتها بين الجمال والقبح ، بين الوفرة والجفاف ، بين الموت والحياة ، بين الامان والخطر .. الخ ، هكذا بدأت الأصوات والاغاني والموسيقى البشرية تعبير عن حالات متناقضة يعيشها الانسان ، حالات ملازمة لبيئته وحياته اليومية المعاشة.

ومع الغناء والموسيقى في ارض سومر لا تخرج حالات الابداع من هذا التصور ، من تلازم الواقع والفكر من اغراق المحلي المعاش مع الابداع الفني والموسيقي ، حيث نستطيع ان نستدل على بواكير الغناء والموسيقى والرقص عند السومريين من خلال ما تركوه لنا من آثار ومنحوتات تعبر عن حالات رفض اخراج الدنيوي من مجال التمتع بالحياة او تعاشق الجسد والروح وهما يذوبان بالمتعة سواء كانت ايجابية او سلبية ، مفرحة او محزنه وفقا لهيمنة الطبيعة والارض والبشر أنفسهم ، وما يبدر من خير او شر على حد سواء .

أناشيد الالهة

فالفناء بدأ مع ظهور الخليقة عبر اصوات الطيور والرياح والمطر ، لياخذه الانسان ويتغنى وينشد لنفسه او لقوى تفوقه قدرة سواء كانت هذه القوى بشرية مرئية او الهية غير مرئية ، حيث لدى كل اله انشودته الخاصة به يحفظها البشر ويتغنون بها ، فهذه " انانا " تتقرب لها الجماهير لانها ملكة رازقة معطية لهم الحياة وواهبين لها بدورهم كل سمات الولاء وتقليد اغنيتها المقدسة (٥١)

وهكذا يستمر الغناء بلذته وهباته وروحه البهيجة ، بهواه وملاطفته ودعوته للمحبوب بحياة ناعمة طرية ممتعة حتى الفجر ، وهنا يظهّر حب الجسد والاهتمام به واضحا وطريا في اغنية انانا حيث تقول :

" موضعك جميل حلو كالشهد فضع يدك عليه "
" قرب يدك عليه كرداء ( الجشبان)
" انها قصيدة غناء ( بلباله) من قصائد ( انانا) (٥٢)
وبعد اللذة التي ينشرها العرس الملكي هناك الاطايب والهبات ، مشاركة الوالدين في مباركة العرس ، الام تقدم الحلوى للعريس والاب يعطي الهدايا ، والعروس جسدها بعد انقضاء الوطر من قبل ( شو _ سين) العريس القريب الى قلب الاله ( انليل) (٥٢) .

ولا تقف الاغنيات عند قصائد ( انانا) ، كما اسلفنا ، حيث لكل اله اغنيته ، فهذه " باو " تغني اغنية يمزج فيها التمجيد للملك الحاكم ، ونسله المقدس من جهة الام ، وزوجته الجميلة
والثناء والتذكير بعطاياه وهباته من ذهب ولازورد وفضة من جهة ، والاغراء والتغني بالجمال ، جمال الشاعرة نفسه حيث تقول :

" يا الهي ان ساقية الخمر رضابها حلو
ومثل خمرتها ، فرجها حلو ، ان شرابها حلو
ومثل رضاب شفتيها ، فرجها حلو ، حلو شرابها " ( ٥٤)

وهكذا هو الغناء السومري وما خفي وطمر منه الكثير الكثير الذي لم يكتشف لحد الان ، حيث ليس كله بالتأكيد منجز بشكل ملكي ، اذ لا بد ان تجد في ثناياه اغنيات للفلاحين والعمال والناس العاديين (٥٥)

الموسيقى السومرية

اما عن الموسيقى السومرية ، فيمكننا القول ان بدايات اول نظام موسيقي اخترع في ارض سومر ، ولم يصل الامر الى مجال الاكتشاف فحسب بل تعداه الى مجال التأثير الخارجي على بقية الشعوب في مجال الموسيقى حيث تأثيرهم على الاغريق والمصريين والرومان ، واكثر داعم للموسيقى السومرية هي المعابد والقصور الملكية ، اذ كانت تقام فيها الحفلات والمناسبات الدينية والدنيوية ، وتنظم فيها الاناشيد والتراتيل والاغاني ، واشهر الالات الموسيقية المستخدمة هي القانون الافقي والقانون العمودي ذو الاوتار ( ٤ ، ٩ ، ١٢ ) والبزق ذو الرقبة الطويلة وبثلاثة اوتار ، يضاف لها الآت الطبل والناي والقيثارة ذات الاوتار في شكلها الذهبي والفضي والمعلق في مقدمتها رأس ثور (٥٦) فضلاً عن عدد من الالات الموسيقية الاخرى مثل " الكنارة والجنك والاجراس والخشخشات " وكل ذلك مدون في النصوص المسماريّة او من خلال الرسوم والنقوش التي تشرح طبيعة اسماء الالات الموسيقية سواء كانت صوتية منها او هوائيّة (٥٧)
وكما اسلفنا اعلاه ان المعابد والقصور الملكية كانت تقيم الكثير من الحفلات والاناشيد والتراتيل الدينية حيث تم اكتشاف اوركسترا كاملة في معابد اور ، ودائما ما يرافق مراسيم العزف الموسيقي اقامة الولائم الطقوسية ، اذ تتصدر القيثارة ورأس الثور هذه المركزية التي تؤكد تعاشق الديني مع الدنيوي في تلازم حياتي معاش .

الرقص السومري

ولا تكتفي الموسيقى السومرية بالاداء الفني او الطقسي من ولائم ، بل يضاف لها الاداء الحركي لفن الرقص ، وهذا الاخير كانت وظائفة تقوم كاسلوب لمحاكاة الطبيعة ومحاولة استرضاء الالهة من اجل الحصول على خيراتها وتفادي مخاطرها ، حيث هناك النساء الراقصات يظهرن وهن متشابكات الايدي ويؤدين رقصة الاستسقاء وهي رقصة توسلية للسماء من اجل الحصول على هبات وعطايا الماء والمطر ، تمارس بشكل طقسي وفني في غاية الاتقان والاتزان ورقصة الاستسقاء هذه ظهرت في الطبق الخزفي المكتشف في سامراء والذي يعود الى الدور او الطور الذي سمي على اسم المدينة دور سامراء ، حيث يشير هذا الطبق الى اربعة نسوة وهن يؤدين رقصة الاستسقاء بشكل متقابل مع تطاير شعورهن باتجاه عقارب الساعة وتطاير الشعر هذا لا يهدف بدوره سوى تحريك هواء العالم بالشكل الذي يجلب الغيوم ويجعل السماء تمطر (٥٨)

وهكذا هو الرقص السومري لا يقف عن جانب التكوين الطقوسي الديني للتوسل بالسماء من اجل المطر ، بل يتجاوزه سواء كان ضمن سياقه الفردي او الجمعي ، يتجاوزه الى حالات ومناسبات انسانية في السلام او الحرب على حد سواء ومع كل مناسبة رقص وموسيقى تقام هنالك الولائم الطقوسية الغذائية ، ففي كل مناسبة لها طابعها وطقسها الموسيقي ، الرقصي ، في الحرب يعلو الانشاد والغناء والتصفيق وتمثيل الحركات التي تظهر العدو دائما بالمنهزم والمتراجع ، وفي السلم ايضا هناك حفلات تمارسها العامة والخاصة في البيوت وفي القصور والمعابد الدينية ، والاخيرة كانت تمتلك غرف خاصة لتعليم التلاميذ فنون الموسيقى والغناء ، وكل ذلك يعد جزء من الطقوس الدينية ، حيث تشير الى ذلك الكثير من الاختام الاسطوانية ونقوشها التي تظهر بعض مشاهد الاداء الحركي كالتصفيق مثلا او الموسيقي كالعزف على الة ناي او قيثارة ، وهذه المشاهد تؤكد علاقة الانسان مع محيطه المعاش سواء كان في حالة حرب او سلم في مناسبات فرح وولادة او رحلات صيد .

المصادر والهوامش : -

١ _ ديورانت ، ول / قصة الحضارة / الجزء الاول ص ٢٣١

٢ _ المصدر ، نفسه ، ص ٢٣١

٣_ كريمر ، صوموئيل ، / الواح سومر ، ص ٤٠٥

٤ _ باقر ، طه / مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة / الجزء الاول / ص ٢٦٩

٥ _ وولي ، ليوناردو / وادي الرافدين مهد الحضارات / دراسة اجتماعية لسكان فجر السلالات / تعريب احمد عبد الباقي / ص ٧٣

٦ _ المصدر ، نفسه ، ص ٧٥

٧ _ ول ، ديورانت / قصة الحضارة / الجزء الاول / ص ٢٣٣

٨ _ صوموئيل ، كريمر / من الواح سومر / ص ٣٣٤

٩ _ المصدر ، نفسه / ص ٣٣٤

١٠ _ المصدر ، نفسه / ص ٣٦٣

١١ _ ان قصة ذبح التنين بدأت في ثلاث قصص سومرية، متدرجة ، الأولى في صورة الاله انكي اله الماء ، والثانية في صورة الاله ننورتا اله الريح الجنوبية في صورة البطل الاله _ الانسان جلجامش . يراجع هنا الواح سومر / صوموئيل كريمر / ص ٣٨٤

١٢_ ان فكره الأضاحي والقرابين الحيوانية تظهر هنا قديمة تسبق في وجودها ما موجود في التوراة والقصة الابراهيمية مع اختلاف بالطبع بين التقدمة لآلهة متعددة كثيرة وبين تقديمها لاله واحد ضمن عقيدة التوحيد .

١٣ _ اختلاف ملحمة جلجامش داخل الازمنة المتتالية ليس في محتوى القصة ومحاولة الاضافة عليها فحسب بل ايضا في محاولة امتلاكها من خلال ربطها بالزمن السائد الحاكم لها ، فمثلا تبدأ القصة بتصوير جلجامش وانكيدوا بأنهما من البشر الطبيعيين وهما يقاتلان الاسد والوعل ، ومن ثم داخل الزمن الاكدي يصوران وهما يرتديان ملابس قصيرة من ازياء الصيادين ، ومن ثم في الزمن الاشوري يعطى لهما صبغة كهنوتية من خلال ارتدائهما ملابس فاخرة وتسريحات شعر على الطريقة الأشوريّة ، بالشكل الذي يربط الملحمة بالزمن والسلطة السائدة . يراجع هنا ، حبي ، يوسف / الانسان في ادب وادي الرافدين / الموسوعة الصغيرة / العدد ٨٣ / منشورات دار الجاحظ _ بغداد _ ١٩٨٩ / ص ٩١_٩٢ .

١٤ _ حبي ، يوسف / الانسان في ادب وادي الرافدين / ص ١٠١ وكذلك ، باقر ، طه / مقدمة في ادب العراق القديم / دار الحرية للطباعة _ ١٩٧٦ / ص ١١٦

١٥_ باقر ، طه / ملحمة جلجامش / ص ٣٨_٣٩ .

١٦ _ المصدر ، نفسه / ص ٤٠

وهنا تظهر قصة الخلق من الطين قديمة تسبق في وجودها قصص خلق الانسان في السرديات الكبرى ، وليست الاساطير السومرية تملك الاسبقية في خلق الانسان من التراب والدم ليكون في خدمة الالهة بل هناك الكثير من الاساطير والروايات القديمة التي جائت بعد سومر في اليونان ومصر والصين واميركا الجنوبية وهكذا وصولا الى الاديان التي رسخت هذه الفكرة اكثر واكثر وامثلة ذلك :_
" وجبل الرب الاله ادم ترابا من الارض، ونفخ في انفه نسمة حياة. فصار ادم نفسا حية".
" سفر التكوين : تك ٢ : ٧

" إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ " سورة آل عمران، الآية 59)

١٧ _ هل عالجت الملحمة مسألة الشر التي من اجلها انبثقت فكرة خلق انكيدو كي ترتاح اوروك من تسلط جلجامش ؟!
ربما ولكن بشكل مثالي من خلال :_
١_ ترحيل الحرب نفسها من كونها ضد جلجامش المتسلط على الناس الى الحرب ضد " خمبابا " العفريت الذي يحكم غابة الأرز
٢_ إدراك جلجامش نفسه لطبيعة الحياة والموت والالم والفقدان ومحاولته البحث عن الخلود .

١٨_ التدخل الالهي يتكرر لدى اكثر المجتمعات القديمة حيث في كل حرب اسطورية وتاريخية هناك المؤازرة والمساعدة والنصرة لنذكر هنا في الإسلام كيف ساعدت الملائكة في حربها مع المسلمين ضد مقاتلي قريش في معركة بدر .
" إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ " [الأنفال: 9] .

١٩ _ باقر ، طه / ملحمة جلجامش / ص ٦٥ .

٢٠ _ قبل ان يمرض انكيدو ، تظهر قصة مرضه من خلال حلم يرويه لصديقه جلجامش فحواه بان الالهة اجتمعت وتداولت فيما بينها قضية او مسالة موت احدهما حيث دب الخلاف بين انليل وانو ، الاول يريد موت البشري ، الانسان ، والثاني يريد موت جلجامش ، ولكن الحقيقة سوف تستقر على الانسان فحسب بالرغم تعاطف انو اله الشمس مع انكيدو و القرار يبقى للسلطة الاعلى سلطة انليل ، وهكذا يموت انكيدو ويبقى الحاكم متمتعا بصفاته الالهية البشرية على حد سواء ، وهذه ربما تكون فحوى القصة بان القدر والحياة والموت هما اشياء تخرج عن ارادة البشر لترتبط بالسلطة الاعلى منه سلطة الالهة وهي امتداد في النهاية كتفسير للموت داخل السرديات الكبرى فيما بعد حول طبيعة المشيئة والقدرية وحياة الانسان على هذه الارض . يراجع هنا
ملحمة جلجامش ، فحوى الرؤيا ص ٦٦

٢١_ المصدر ، نفسه / ص ٧٩

٢٢ _ اكثر مجتمعات ما قبل الحداثة ، ما قبل ظهور الطباعة والمجتمع الحديث تعتبر الملكية هي تمكين الهي وليس بشري ومن ثم هناك الغاء حقيقي لطبيعة الصراع الظاهرة والمخفية في الوقت نفسه ماديا كصراع البشر انفسهم ومعنويا كتصعيد لمادة الصراع الى درجة الالوهة . بخصوص قرار الطوفان وتدمير الملكية في المدن يراجع هنا . كريمر ، صوموئيل / من الواح سومر / ص ٢٥٣
٢٣_ المصدر ، نفسه / ص ٣٥٤

٢٤_ بقيت مسألة تغيير المجتمعات واحوالها حتى وقتنا الحاضر ذات ارتباط خارجي بسبب عجز الانسان القديم عن تفسير الكثير من الظواهر الطبيعية ، وبالتالي اي تغيير في حياته المادية والمعنوية لا يعزى للبشر انفسهم بقدر ما يعزى للعوامل الخارجية من تأثير الالهة او الله فيما بعد ، وهذا ان دل على شيء فانه يدل على هيمنة نسقية التفكير الديني للعالم منذ ازمنة سحيقة وما تزال .

٢٥ _ طه، باقر / ملحمة جلجامش / ص ١٥

٢٦ _ وحده الغراب مكتشف الحياة ، حيث لم يعود الى اوتو _ نبشتم واصل حياته في الأرض المكتشفة الجديدة التي لم تغرق ولم يصلها الطوفان .

٢٧_ باقر ، طه / مقدمة في ادب العراق القديم / دار الحرية للطباعة ، ١٩٧٦ / ص ٢١٣

٢٨ _ المصدر ، نفسه / ٢١٥

٢٩_ هل نستطيع ان نقول ان تاريخ الصبر والخضوع والتسليم للقدر بدأ من ارض السومريين ، خصوصا وان هناك نصوصا مكونة من ستة الواح تشير الى ذات قصة ايوب في قصيدة ع تتحدث عن رجل غني تنهال عليه المصائب والبلايا الواحدة تلو الاخرى، ولا يملك هذا الموسر سوى الاستمرار في التسليم والرضا بحاله من جهة وبذل الكثير من التذرع والنواح والندب وجمغ الاقارب من حوله لمشاركته في الندب والرثاء من جهة اخرى ، حتى يعود الى حالته الطبيعية بعد زوال كل هم وكرب ، وبالفعل تنتهي قصته الحزينة بنهاية سعيدة . يراجع هنا . من الواح سومر / صموئيل كريمر / ص ٢١٨

٣٠ _ باقر ، طه / مقدمة في ادب العراق القديم / ص ٢١٨

٣١_ يبدو ان كل شيء مصعد الهيا ، الصراع السياسي ، والاجتماعي ، بين البشر انفسهم ، احتلال المدن والسيطرة عليها ، فقر وقحط الناس ، الغنى وراحة البال ، ذلك ما يظهر بشكل جلي في قصائد الرثاء السومرية حيث نسبة كل ما يحدث الى الالهة وما على البشر سوى ان يكونوا تابعين للمشيئة نفسها واي خروج منها سوف يكون او يعم الخراب والدمار، مثال ذلك ما حدث للملك " نرام _ سين) لمدينته اكد . يراجع هنا قصيدة او اللعنة الالهية كما يسميها طه باقر في ترجمته لها ، في المصدر نفسه / ص ٢٢٠٢٢١ .
٣٢_ وكربلاء هنا ايضا من حيث التسمية ذات ارث سامي حيث المقصود منها " قرب _ إل " و " إل " هو احد الالهة السامية القديمة .
٣٣_ هناك من يرى ان النحت السومري لم يرتقي الى تقليد الصور الطبيعية تقليدا محكما ولم يهتم بتفاصيلها كما سوف يفعل الفن الاغريقي فيما بعد ، وذلك بسبب تلازم الديني مع الفن بشكل يجعل الفنان السومري يقدم الفن خدمة للالهة اكثر مما يقدمه لأجل الفن ذاته وتطوره ، يراجع هنا شكري ، اكرم / النحت السومري / مجلة سومر / المجلد الاول ، العدد الاول ، بغداد ١٩٤٥ / ص ١٣٢ .

٣٤_ المصدر ، نفسه / ص ١٣٣

٣٥ _ وولي ، ليونارد / وادي الرافدين مهد الحضارات / ص ٢٨

٣٦ _ شكري ، أكرم / المصدر ، نفسه / ص ١٣٤

٣٧ _ سبق ان اشرنا في الاجزاء الاولى من مبحثنا هذا ان الخلود هو احد الاسباب التي تجعل الملوك يهتمون بصناعة التماثيل ومن اجلها يخوضون الحروب وذلك للحصول على المواد الأساسية في صناعتها كالفضة على سبيل المثال كما كان يقوم به ملك اكد منفستو سو لغزو بلاد عيلام . يراجع هنا ، ديورانت ، ول / قصة الحضارة ، الجزء الاول / ص ٢٢٣

٣٨_ لا يمكن ان يحدث اي تطور استقلال سياسي وتمكن اقتصادي داخلي ، ذلك بالفعل ما تحقق في عهد الملك جوديا انعكس كثيراً في اثره على التطور الفني وان كان في مرحلة غير متقدمة على الفن الاغريقي او الفن المصري

٣٩ _ اسراء ، عبد السلام مصطفى عساف / فن النحت في العصر السومري الحديث / رسالة ماجستير / جامعة الموصل ، ٢٠٠٥ / ص ٥١

٤٠ _ هذه المسلة لم يتم العثور عليها ، حيث ذكرت في الرقم الطينية الخاصة بهذا الملك والتي حاولت تخليد منجزاته العسكرية وانتصاراته على الاعداء من اقليم زابشالي ، يراجع هنا ، المصدر نفسه / ص ٥٥ _ ٥٦

٤١ _ المصدر ، نفسه / ص ٦٢

٤٢_ ان المجتمعات لا تنفك تعيد نفسها ضمن صور متشابهة من التعبير الروحي الديني وان اختلفت طرق العبادة والتبجيل والالهة ورموزها المقدسة من غيبية الى بشرية ولكنها تبقى واحدة في المضمون الذي يرسخ مادة الخوف من المجهول و الاخير عنصر بقاء التدين ملازما للمصلحة البشرية .

٤٣ _ اسراء ، عبد السلام مصطفى العساف / النحت السومري / رسالة ماجستير مقدمة من جامعة الموصل ، ٢٠٠٥ / ص ٧١

٤٤ _ وولي ، ليونارد / وادي الرافدين مهد الحضارات / ص ٢٠

٤٥_ باقر ، طه / مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ، الجزء الاول / ص ٢٣٠

٤٦ _ المصدر ، نفسه / ص ٢٣٤

٤٧_ ان لسامراء امتداد حضاري كبير يفوق ظهورها الاسلامي ، حيث اختيارها " حالها حال بغداد وكربلاء وغيرها من المدن العراقية " عاصمة للعباسسين في زمن المعتصم بالله ، وذلك لما فيها من حياة مزدهرة قديمة متدرجة في انتقالها الحضاري المعرفي . يراجع هنا حول فخار سامراء ، باقر ، طه / مقدمة في تاريخ الحضارات / الجزء الاول / ص ٢٤١

٤٨_ المصدر ، نفسه / ص ٢٤٣

٤٩_ نموذج القارب المصنوع من الفخار يعد الاقرب الى هذا طبيعة الاستفادة من النقل البري والحصول على المواد الاولية اللازمة في صناعة الفخار وهذا ان دل على شيء فانه يدل على سعة العلاقات التجارية بين السومريين وبين البلدان المجاورة ، في الخليج العربي ، يراجع هنا . طه ، باقر / المصدر ، نفسه / ص ٢٥٥ _ ٢٥٦ .

٥٠_ المصدر ، نفسه / ص ٢٦١ .

٥١ _ يتغنى شاعر سومري بها اذ يصفها " يا صاحبة النواميس العظيمة ، يا ملكة الملكات العظيمة ، يا خليقة الرحم المقدس ، يا سيدة جميع الارضيين ها انا انشد اغنيتك المقدسة "
والاغنية تبدو شبيهة بالتراتيل الدينية التي ترددها العامة للتغني ولتقديس الاله الأمر الذي يؤكد ان الغناء قد ظهر عند الناس وسرعان ما تمثلته المعابد عبر تراتيلها وادعيتها . يراجع هنا ، حبي ، يوسف / الانسان في ادب وادي الرافدين / الموسوعة الصغيرة / بغداد ، 1980 / ص 113 .

٥٢_ لقد كانت بلباله من اوائل المغنيات السومريات ، تؤدي اغنية الحب هذه ويرددها الجميع ، جميع من يهوى ويحب وهي من قصائد ( انانا) ، المصدر ، نفسه ص 366 .

٥٣ _ شو _ سين هو احد الملوك السومريين ، واليه تهدى هذه الاغنية الملكية التي حفظتها لنا الواح سومر .

٥٤_ المصدر ، نفسه / ص 268 .

٥٥ _ ما بين ايدينا ومكتشف هو فقط اغنيتين وكلتاهما تشيران الى التغني والتقرب للملك شو سين وتذكيره بجمال الحياة الانثوية الخالد ، بينما تظل الاغنيات غير المكتشفة والمطمورة تخفي الكثير الكثير من الاسرار والمواضيع ربما تتحدث عناوينها عن حياة الناس العاديين واحلامهم ورغباتهم وآلامهم .. الخ .

٥٦ _ ان رمزية الثور في بلاد الرافدين وفي ارض سومر هي رمزية زراعية ودينية ، وذلك لما يمتلكه من اهمية غذائيّة و زراعية من حيث الاسخدام في حرث الاراضي ، ولما يمتلكه من اهمية دينية حيث يعد من القرابين المهمة جدا في تقديمها للالهة ، حول الالات الموسيقية وتعددها يراجع هنا . بشور ، وديع / سومر وأكاد / دمشق ، ١٩٨١ / ص ٨٦ .

٥٧_ البقلاوة ، محمود عبد الصاحب / موقع التاريخ البحراني / مقال بعنوان : مشروع اعادة تصنيع قيثارة دلمون الوترية ، ٦/٨/٢٠٢٠.

٥٨_ هناك من يشير الى علاقة المراة بالخصب فالمرأة هي الارض ومن خلالها تتم جميع عمليات ارضاء الالهة حتى صورت المرأة في المجتمع العراقي القديم يشكل بدين مع أعضاء جنسية كبيرة ، ورقصة الاستسقاء هذه اخذت أبعاد وتأثيرات خارجية لدى حضارات كثيرة مجتمعات متتالية حتى تم اخراجها من بعدها السحري وهنا نشير الى رقصات الغجر " الكاولية " بشعورهن المتطايرة ، وكذلك رقصات " الجوبي " في بادية وريف العراق ماهي ابا امتداد لهذا الطقس السحر الخاص بعملية استنزال المطر . يراجع هنا . عطو ، وليد يوسف / طقوس استنزال المطر في العراق القديم / الحوار المتمدن ، العدد ٣٩٨٩ / في يوم ٣١/١/٢٠١٣ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة