الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصين و أمريكا في ميزان المقارنة ( 3 )

آدم الحسن

2021 / 7 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


التنافس بين الصين و أمريكا في تصاعد مستمر , و ما يقلق قادة امريكا ليس حجم و نوع التطور العلمي و التكنولوجي في الصين فحسب و انما سرعة هذا التطور الذي تحققه الصين في جميع المجالات دون استثناء .
لقد بدأت امريكا و منذ عدة سنين إعاقة تطور الصين بأساليب متعددة تسببت لأمريكا بمشاكل مع حلفائها قبل منافسيها أما تطور الصين فلم يتوقف لأن هذا التطور لا يعتمد على موافقة امريكا أو رفضها ... !

من المجالات الاستراتيجية للعلوم و التكنولوجيا التي حصلت على اهتمام خاص من قبل قادة الصين هي :
** تكنولوجية الفضاء
اصبحت تكنولوجيا الفضاء هدفا استراتيجيا كبيرا و مهما و حاسما للدول الكبرى المتقدمة لما لها من اهمية استثنائية في الكثير من القطاعات و اهمها الاتصالات و اجهزة الملاحة على اختلاف استخداماتها و الأنواء الجوية و التصوير و الرصد و المراقبة للأغراض العسكرية و المدنية و غيرها من الاستخدامات التي هي في تزايد مستمر و التي سيكون من ضمنها في المستقبل القريب اتصالات الهاتف النقال من الأجيال الجديدة التي دخلت مرحلتها التجريبية في الصين ثم تبعتها امريكا حيث تتنافس الصين و امريكا في بناء شبكة هاتف نقال دولية من الجيل الحديث و هذه الشبكة عبارة عن دمج شبكات الهاتف النقال الوطنية مع بعض من خلال بوابات نفاذ ارضية أو بوابات أخرى عبر منظومة اقمار صناعية مخصصة لهذا الغرض التي ستغطي الكرة الأرضية برمتها و بهذا سوف لن ينقطع الاتصال عن الهاتف حتى لو كانت نقطة الاستلام في وسط احد المحيطات ...!

في البداية , و في زمن الحرب الباردة كان الغرض من اقتحام الاتحاد السوفيتي السابق و امريكا للفضاء الخارجي هو للبحوث العلمية و التكنولوجية التي تدعم استراتيجيات حلف وارشو الذي يقوده الاتحاد السوفيتي السابق و حلف الناتو الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية , و لم يكن لتكنولوجية الفضاء في ذلك الوقت اي مردود اقتصادي مباشر و كان الإنفاق عليها جزء من الإنفاق الحكومي للأغراض الاستراتيجية العسكرية و التجسس أما الان فقد دخلت تكنولوجية الفضاء مرحلة الاستثمار لتحقيق المنفعة و المردود الاقتصادي بالإضافة الى الأهداف الاستراتيجية السابقة .

لازالت روسيا و امريكا في مقدمة الدول التي لديها تراكم كمي كبير من المعرفة و الخبرة في مجال تكنولوجيا الفضاء و تأتي الصين بعدهما , لكن لا يمكن نكران أن الصين رغم انها قد بدأت متأخرة جدا في مجال الفضاء إلا أنها تمكنت من اختصار الزمن و تقليص الهوة بينها و بين أمريكا و روسيا , و ما يزعج أمريكا أكثر هو أن الصين اليوم لا تخفي نواياها في أن تكون هي الدولة رقم واحد في تكنولوجيا الفضاء خلال السنين القريبة القادمة ...!

لقد أضاف التعاون الروسي الصيني في مجالات عديدة و منها مجال تكنولوجيا الفضاء زخما جديدا لهما حيث سينقل قدرة هاتين الدولتين لمراحل متقدمة الى الأمام فما ينقص الصين قد تجده عند روسيا و ما ينقص روسيا قد تجده عند الصين , و ما ينقصهما سيعملان على ايجاده معا .
أن التكامل التكنولوجي و العلمي العالي المستوى بين الصين و روسيا سيكون له دور رئيسي في رسم الخارطة السياسية لعالم جديد تتحكم به المصالح المشتركة للشعوب و ستندفع بعيدا الى الخلف الهيمنة الأمريكية على مقدرات الشعوب و خياراتها .

المتابعين لتكنولوجيا الفضاء قد وجدوا اهتماما خاصا و كبيرا لدى الصين لتكون في المقدمة ففي الفترة الأخيرة باشرت الصين ببناء محطتها المدارية .
فبعد أن نجحت أمريكا في منع الصين من المشاركة في المحطة المدارية الدولية باشرت الصين ببناء محطتها المدارية الخاصة بها ... ! و هذه المحطة الصينية هي الآن في مدارها في القضاء و فيها ثلاثة من رواد الفضاء الصينيين و ستستضيف هذه المحطة الصينية رواد فضاء من دول اخرى .
إن نجاح الصين في بناء محطتها المدارية الخاصة بها هو نجاح لها في تحدي الأنانية المعشعشة في عقول و نفوس قادة أمريكا و هو ايضا درس كبير في ماذا يمكن أن تصنع إرادة التحدي ...!

و من نشاطات الصين البارزة الأخرى في الفترة الأخيرة في مجال تكنولوجية الفضاء هي ارسالهم للمسبار الصيني الى المريخ و تمكنت المحطة الصينية من الهبوط على سطح الكوكب الأحمر و انطلقت من هذه المحطة العجلة الصينية لتتحرك على سطح المريخ مرسلة بين الفترة و الأخرى صورا الى الأرض لتقول للعالم ليس المركبة الأمريكية لوحدها تتجول على سطح المريخ فنحن موجودون هنا ايضا .

** طاقة الاندماج النووي :
باختصار شديد يمكن القول أن مفاعلات الاندماج النووي الهيدروجيني هي مصدر طاقة المستقبل التي ستُخْرِجْ كل مصادر الطاقة الأخرى المستخدمة حاليا من الخدمة .
فأن تمكنت البشرية من بناء مفاعلات الاندماج النووي الهيدروجيني الحراري فسوف ينتهي دور الفحم الحجري و النفط و الغاز و المفاعلات النووية التي تستخدم تكنولوجيا الانشطار النووي و غيرها في انتاج الطاقة الكهربائية .
الدول الأكثر تطورا تجري حاليا البحوث و تبني المفاعلات التجريبية للاندماج النووي الهيدروجيني ... و الصين هي في المقدمة و مشروعها الذي يحاكي الاندماج النووي في الشمس يسمى الشمس الصناعية .

إن أهم ميزات الاندماج النووي هو أنه مصدر رخيص جدا للطاقة فهو يستخدم الهيدروجين الذي يمكن الحصول عليه من الماء و الماء متاح في الطبيعة بكميات لا نهاية لها , أما مُخَلفاته المضرة بالبيئة فهي قليلة جدا مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى بالإضافة الى أن معظم الإشعاعات المنبعثة منه هي اشعاعات حرارية و هي أقل خطورة بكثير من الإشعاعات الناتجة عن الانشطار النووي لذلك فأن الخطورة التي قد تنتج عن اي تسرب اشعاعي من مفاعلات الاندماج النووي هي اقل بشكل كبير من خطورة التسرب الإشعاعي لمفاعلات الانشطار النووي .
و لإعطاء فكرة مختصرة لمفاعلات الاندماج النووي :
اولا : كمية الطاقة التي يمكن الحصول عليها من خلال الاندماج النووي للهيدروجين الموجود في متر مكعب واحد من الماء يعادل الطاقة اتي تتحرر عند احتراق حوالي ثلاثة الاف برميل من النفط ...!
ثانيا : الصعوبة الفنية التي تحاول الدول المتقدمة التغلب عليها في تشغيل مفاعلات الاندماج النووي الهيدروجيني هي شدة الحرارة المطلوبة لصهر ذرات الهيدروجين فهذه الحرارة هي بحدود 120 مليون درجة مئوية .... ! و قد تمكنت الصين من الوصول لهذه الدرجة في مفاعلاها التجريبي المسمى ( توكا ماك ) و استمر التشغيل التجريبي في هذا المفاعل لمدة مئة ثانية و هذا انجاز علمي لم تستطع أي دولة أحرى من بلوغه , لذا يمكن القول أن الصين هي الآن في المقدمة في هذا المجال و خلفها امريكا و باقي الدول .

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في


.. التوتر يطال عددا من الجامعات الأمريكية على خلفية التضامن مع




.. لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريبات للبحرية


.. اليوم 200 من حرب غزة.. حصيلة القتلى ترتفع وقصف يطال مناطق مت




.. سوناك يعتزم تقديم أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا| #الظهي