الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابن خلدون بين علي الوردي وفالح عبدالجبار وعبدالرزاق مسلم الماجد

ياسر جاسم قاسم
(Yaser Jasem Qasem)

2021 / 7 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ابن خلدون بين عبدالرزاق مسلّم الماجد وعلي الوردي وفالح عبدالجبار ...
لم يشكل عالم اجتماع عربي ظاهرة كبرى كما شكل العالم ابن خلدون في عصرنا الحديث اذ تمت قراءته من عدة اوجه، لدى كثير من المفكرين العرب وما يهمنا في هذه الدراسة كيف تمت قراءته من قبل العلماء الثلاثة المشار اليهم وهم الدكتور علي الوردي الذي تبنى في مقاربته المجتمع العراقي نقطة انطلاق خلدونية تتمثل في صراع البداوة والحضارة ، والدكتور عبدالرزاق مسلم الماجد الذي تبنى في قراءته لابن خلدون النظرة الاشتراكية ومفاهيمية تخص العقل والنظرة الى المعرفة وماهية الدولة والاخلاق لدى ابن خلدون، هل تتاى من التجربة ؟ ام من الفطرة ؟ وفالح عبدالجبار الذي قرا ابن خلدون من ناحية الدولة وتشكلاتها وعلاقتها بالبداوة وسنأتي على كل واحد منهم وندرس كيف توقف عند ابن خلدون علنا نؤسس لدراسة مقارنة في هذا المجال...

بداية يعد الدكتور علي الوردي الاهم في قراءته لفكر ابن خلدون وتطبيقاته داخل المجتمع فصراع البداوة والحضارة يمتد عند الوردي في الماضي الى اقصاه ووجد منذ ان ظهر الانسان فالصحراء حسب قول الوردي تنتج البداوة والبقاع الخصيبة تنتج الحضارة وهما في صراع متصل منذ ان ظهرا الى الوجود وهذه هي دورة الصراع الخلدوني وهي مستمرة في نظر علي الوردي وتقوم على هيمنة احادية :سيادة روح البداوة وانتقالها الى المدينة ضمن دورة خلدونية مغلقة ، والتضاد بين البداوة والحضارة عند ابن خلدون يشمل :القيم ، التنظيم، الانتاج، الخصال السايكولوجية ، والاخلاقية واننهما عالمان متعاكسان .
الى هنا فان الوردي يتبنى هذه الرؤية الخلدونية تماما .


وياتي فالح عبدالجبار لا لينقدها بل ليفسر في ضوء السوسيولوجيا المعاصرة معنى ان يتجدد الصراع الدوري الذي يندفع من البادية الى الحضر ومعه صبغة دينية ويكون ندا للحضر ؟ اذن هو يكمل ما ابتدأه الوردي بايجاد تفسيرات لدورة ابن خلدون في تغلغل البدو في الحضارة ...
يعتبر ان اختلال التوازن بين الدائرة الزراعية agriculturism والدائرة الرعوية pastoralism لصالح هذه الاخيرة ، ويضيف عبدالجبار ان نمط العيش الرعوي ينمي بحكم تطبيقه بالذات الملكات العسكرية الاساسية في ذلك العهد اللاتكنولوجي : سرعة الحركة وخفة الانتقال والقدرة على الهرب سواء لتفادي القتال ام لتجنب خوضه في نقطة معينة ، يقول عبدالجبار " ان الرعوي لايحتاج الى انتاج وسائط الحرب هذه فهي جزء من حياته، وهو لايعيش مطمئنا بل يحمل السلاح في حله وترحاله" ويبرهن فالح عبدالجبار سيادة البداوة في مناطق العرب وبالتحديد شمال افريقيا وعدم وجودها في اوربا الساحل المقابل بسيسولوجيا حديثة كما اسلفنا " ان طغيان البداوة في شمال افريقيا وغيابها في اوربا على السواحل المقابلة يرجع الى تباين الوزن النسبي للاقتصاد الرعوي والاقتصاد الزراعي في المجتمعين" ويذهب علي الوردي الى " ان اعظم منطقة صحراوية على وجه الكرة الارضية هي هذه المنطقة التي تكتنف البلاد العربية ، فلو سرحنا نظرنا في خارطة البلاد العربية ، من المحيط الى الخليج نجد فيها صحراء مترامية الاطراف، حيث يخترقها بحر واحد هو البحر الاحمر وبعض احواض الانهار ، وسلاسل الجبال" ويضيف علي الوردي وبشكل اعمق من فالح عبدالجبار موضحا طبيعة المنطقة العربية التي افرزت البداوة وسببها" المعروف ان هذه المنطقة لم تكن صحراوية منذ بداية امرها ، انما كانت منطقة كثيرة المطر عامرة بانواع النبات والحيوان، ولم تبدأ الطبيعة الصحراوية تظهر فيها الا بعد انزياح الدور الجليدي الرابع نحو الشمال، وبهذا اخذ المطر يقل فيها وتزداد فيها القحولة تدريجيا" التي افرزت فيما بعد البداوة ، ويذهب كلا المفكرين الوردي وعبدالجبار في ان القبائل البدوية تعتمد على مساهمة الذكور الراشدين وتتميز عمليا باعلى نسبة من المساهمة الحربية من بين سائر الجماعات وهي بهذا المعنى تجمع حربي كما اسماه فالح عبدالجبار .
ويقول الوردي " ان الثقافة البدوية تقوم على اساس التغالب اي :الحرب والقتال، مركب اساسي فيها ولهذا كانت الحرب في البداوة دائما متصلة لا يخمد لها اوار ، فهي لا تتوقف فترة الا لتثور بعدئذ ، ان القيم البدوية بشتى مركباتها وخصالها تدور حول تمجيد الغزو والغلبة والفروسية والحمية المفرطة " ص77 ، علي الوردي، دراسة في طبيعة المجتمع العراقي ، بغداد، دار الحوراء، 2005م.
وكلاهما ينطلقان من رؤية ابن خلدون للبداوة "والبدو متنافسون في الرئاسة ، وقل ان يسلم واحد منهم الامر لغيره، ولو كان اباه او اخاه او كبير عشيرته الا في الاكل "(المقدمة) بمعنى ان التعصب واللاتسامح يسود في القبيلة البدوية حد القتال وهو الاساس في ذلك.
كذلك فان كلا المفكرين يذهبان الى ان الحضارة بمفرداتها الفنية هي التي غزت البداوة وغيرت من نمطها وهذا مما لم يلتفت اليه ابن خلدون ، يقول عبدالجبار" ان تعايش القبائل والمدن ظلّ مستمرا في العصر الزراعي في توازن مضطرب عجزت خلاله المدن عن السيطرة على البوادي اي :بقيت الغلبة للبدو ، وكان الثبات النسبي لهذه العلاقة مصدر الاعتقاد الخلدوني بأنه ازاء ظاهرة ازلية لافكاك منها ولاخروج، ان الدولة العثمانية كانت اول خرق في العصر الاسلامي /الزراعي للقانون الخلدوني خرق للقانون الاساسي لدولة الملك" اذ ان العثمانيين اندفعوا كقبائل بدوية ، رعوية ملتحمة بأواصر العصبية وفقا لكل مقتضيات ومتطلبات التحليل الخلدوني، واستولوا على الملك في الجيل الاول وقام الجيل الثاني كما في النموذج الخلدوني ولكن خلافا للحسابات الخلدونية دامت سلطة ال عثمان اربعة قرون بدلا من 120 عاما كان قد حددها ابن خلدون فلم تسقط خلافتهم على يد البوادي بل على يد قوة صناعية (اوربا) " هذا ما حلله عبدالجبار بأن البوادي لم تسقط القوة البدوية حسب رؤية ابن خلدون " ان البوادي والعصبيات والحروب هي التي تسقط البدو" ويتشارك علي الوردي في هذه الرؤية في قدرة الحضارة على اسقاط البداوة يقول الوردي وهو الاسبق في هذه الرؤية وقد يكون الدكتور فالح عبدالجبار قد اخذها روحا منه دون الاشارة اليه " ان المخترعات الحديثة من سيارات وطائرات ومدافع ورشاشات وغيرها جعلت في الامكان السيطرة على الامن في الصحراء والقضاء على الغزو ، والقتال فيها وقد اصبحت الحضارة الحديثة قادرة على التغلغل في اعماق الصحراء حيث اخذت تغري البدو على احتراف المهن الحضرية شيئا فشيئا" علي الوردي ، دراسة في طبيعة المجتمع العراقي ، م س ، ص 79
ويضيف الوردي "معنى هذا ان الثقافة البدوية سائرة في سبيل الاختفاء والزوال عاجلا او اجلا ، فهي لا تستطيع ان تصمد طويلا تجاه تيار الحضارة الطاغي " وهنا السؤال لماذا بقي العثمانيون كل هذه الفترة ، فالعثمانيون مثل غيرهم جاؤوا قبائل رعوية محاربة على غرار ما فعل العرب المسلمون الاوائل وكما فعل العباسيون ، من بعدهم او البويهيون ، فالسلاجقة ، وما ان استتب الملك وحصل الانفراد به حتى اصبح لزاما فصل الارستقراطية العسكرية عن القبيلة وعن نظام القرابة الذي يحيط بالسلطان ، اي : انشاء جهاز عسكري من العبيد ، بما في ذلك من غير المسلمين ، ان جهاز العنف هذا غريب عن قبيلة الحاكم ، وعن المجتمع وهو يدين بوجوده لشاريه.
سبق لمثل هذا الترتيب ان حصل في العهد العباسي ، انشاء جيش من الترك وفصله عن السكان بيد ان الدولة العباسية سقطت في يد الديلم بعد فترة كما يقول ابن لدون نفسه ولم يحصل الشيء ذاته للعثمانيين رغم ان البوادي والقبائل البوية استمرت في الوجود على سابق عهدها، والسبب هو "ان الدولة العثمانية ، دشنت عهد البارود ، لقد قلب المدفع العلاقة بين الحاضرة والبادية ، واوقف سير الدائرة الخلدونية ، ان المدفع غير العلاقة بين المدينة وقلاع النبلاء في اوربا " ويقرا عبدالجبار بصورة مغلوطة بأن مفهوم الوردي لتضاد الحضارة /البداوة لايشبه هذا التقابل القطبي الخلدوني، بل هو عسكه تماما ، ان البداوة عند الوردي هي نظم قيم واشكال تنظيم، تطغى على المجتمع وتنتقل الى المدن لا لتخل فيها بل لتدوم في صورة ثأر ،غزو ، دخالة ، غسل عار ، انغلاق في عصبية محلية ، وكلامه هذا صحيح بدليل قول الوردي " تنتشر قيم البداوة وتؤثر في المجتمع العراقي وتحاول التغلغل في مختلف فئاته وطبقاته" علي الوردي ، م س ، ص12.
لكن الوردي ورد لديه سيطرة الحضارة وقيمها، وترفها على البداوة كما مر لدينا في الاسطر السابقة .
ثم يرجع عبدالجبار ليؤكد ما نذهب اليه من ان "الوردي يعيد انتاج صراع البداوة الحضارة اللدوني، بصورة تناشز اجتماعي بين حضارة حديثة وحضارة تقليدية ، لكن هذا التناشز لم يعد حسب رايه هو نتاج انقسام المجتمع الى بدو وحضر " فالح عبدالجبار ، م س بل " يعاني الشعب صراعا اجتماعيا ونفسيا على توالي الاجيال فهو من ناحية لا يستطيع ان يطمئن الى قيمه الحضرية زمنا طويلا ، لان الصحراء تمده بين كل آونة واخرى بالموجات التي تقلق عليه طمأنينته الاجتماعية وهو من الناحية الاخرى لا يستطيع ان يكون بدويا كأبن الصحراء ،لان الحضارة المنبعثة من وفرة المياه وخصوبة الارض تضطره الى تغيير القيم البدوية الوافدة ، قد يجوز ان نصف الشعب العراقي شعب حائر، فقد انفتح امامه طريقان متعاكسان ، وهو مضطر ان يسير فيهما في آن واحد ، فهو يمشي في هذا الطريق حينا ثم يعود ليمشي في الطريق الآخر حينا آخر" ص12، م س ، علي الوردي .
ان المجتمع الخلدوني يقف في المركز ليس وراءه سوى التوحش السابق للعمران، وليس أمامه سوى صورته الذاتية .
اما المجتمع الذي يعيد انتاجه الوردي خلدونيا فيقف حائرا بين بدويته وحضارة جديدة ، تخترق الاسوار ، وهنا تكون قد وصلت الى نقطة صحيحة في دراستنا المقارنة, كما يعتبر عبدالجبار ان الوردي نسي استاذه الاول ابن خلدون وترك البداوة مضمرة ،فالبداوة لاشعور جمعي يستبطنه المجتمع رغم نشوء العصبية الجديدة . كما يشير عبدالجبار :ان عوامل الالتحام الحديثة ما تزال بعد واهنة فتزحف البداوة الخبيئة المضمرة زحفا وئيدا من زوايا اللاشعور الجماعي ويضيف: لو صحا ابن خلدون اليوم على واقع حالنا لهتف :ألم اقل لكم ان الرياسة في اهل العصبية ولقلنا نحن لعلي الوردي ولكنك لم تقل ان اللاشعور يطغى، وهنا فتح جديد يضعه عبدالجبار في قضية اللاشعور وهنا يعتبر د فالح بأننا ازاء النبتة الاولى لمثقف الكلمة الحديثة المطبوعة ، ولنمو سلطة المعرفة الدنيوية بموازاة سلطة المعرفة المتسامية الدينية ، ان اندماج الاثنتين سيخرق اسوار العزلة ، السرمدية للطوائف والقبائل وسيجد في دمته خطوط التلغراف انذاك وسكك الحديد والكلمة المطبوعة ، معتبرا ان الوردي يتحدث عن التفاعل الاجتماعي الجديد بين قبائل ومدن وقرى العراق ايام "ثورة العشرين" مركزا على فحواه :تكوين الهوية الجديدة العراقية دون ادواته :وسائل الاتصال الحديثة .
ان هذه الحقيقة من تاريخ العراق تشهد التمايز كما يعبر عن ذلك كما يعبر عن ذلك د فالح بين المقدس واللامقدس في علاقة جديدة .
• اما نظرة الدكتور الوردي للدولة الظالمة وتشكلاتها وفق الرؤية الخلدونية فيتوقف الوردي عن اراء ابن خلدون في ضرورة زوال الدولة الظالمة عند توفر القدرة على ذلك مجتمعيا ، يقول الوردي منتصرا لابن خلدون في نظرة اخرى تؤسس لدولة العدالة الاجتماعية " مهما يكن الحال فنحن نستطيع ان نستنتج ان الخروج على السلطان الظالم كان امرا مقبولا الى حد ما في صدر الاسلام، ولهذا وجدنا ذلك العهد يعج بالثورات والدعوات المختلفة لكن هذه الثورات اخذت تقل شيئا فشيئا بمرور الزمن حتى وصل الحال بالفقهاء اخيرا الى ما يشبه الاجماع على تحريم الثورة ، وعلى وجوب طاعة ولي الامر مهما كان ظالما او فاسقا" . ( منطق ابن خلدون ، علي الوردي ، منشورات سعيد بن جبير ، ايران ، 2005، ص 93).
بالتالي: اشار الوردي الى اهم الثورات التي كانت آنذاك مثلا ثورة الحسين ضد يزيد ، ثورات العلويين التي تلتها بداية العصر العباسي وفي اواسطه سيما ثورة الزنج والقرامطة .
ويسلط الوردي الضوء على راي ابن خلدون في هذه الثورات بعيدا عن تجريم وجواز هذه الثورات وقراءتها دينيا فأبن خلدون حسب الوردي يرى ان المسالة ليست مسالة تحريم او جواز من الوجهة النظرية المجردة بل هي مسألة واقعية اجتماعية تتصل بالعصبية ،فمن كانت لديه العصبية الكافية التي تمكنه من الثورة والتغلب على السلطان جاز له الخروج عليه، اما من كان ضعيفا من الناحية الاجتماعية وليس له عصبية كافية تدعمه في خروجه ،فالاولى به الجلوس في بيته وتجنب اثارة الثورة حسب رايه، بالتالي يضع ابن خلدون الشرط في الثورة في القدرة عليها، والا بلا يقول " ومن هذا الباب احوال الثورا القائمين بتغيير المنكر من العامة والفقهاء، فان كثيرا من المنتحلين للعبادة وسلوك طرق الدين يذهبون الى القيام على اهل الجور من الامراء داعين الى تغيير المنكر والنهي عنه، والامر بالمعروف، رجاء في الثواب عليه من الله، فيكثر اتباعهم والمتشبثون بهم من الغوغاء والدهماء ، ويعرضون انفسهم في ذلك للمهالك واكثرهم يهلكون في ذلك السبيل مأزورين غير مأجورين، لان الله سبحانه لم يكتب ذلك عليهم وانما امر به حيث تكون القدرة عليه قال الرسول" من راى منكم منكرا فليغيره بيده، فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه" واحوال الملوك والدول راسخة قوية لايزحزحها ويهدم بناءها الا المطالبة القوية التي من ورائها عصبية القبيائل والعشائر " (منطق ابن خلدون ، علي الوردي ، نقلا عن المقدمة ، م س ، ص 93) فابن خلدون بالضد من الثورات الضعيفة بل يضع شرط القوة لقيامها والوردي قبل ان يستند على رؤية ابن خلدون في الثورة فهو يرفض رؤية الفقهاء الذين اجمعوا على وجوب طاعة السلطان وعلى تحريم الخروج عليه وان كان فاسقا ، ويؤيد من ذهب منهم بضرورة تغييره عند ظلمه، وهذا راي بعض ائمة الاسلام في العصر الاول اذ لم يلتزموا بهذه الاحاديث التزاما حرفيا فكان منهم من يرى الثورة على السلطان الظالم استنادا لقول الرسول لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ويضرب مثلا في الامام ابي حنيفة انه كان من اولئك الذين يرن الثورة على السلطان الظالم ويروى انه اثناء ثورة زيد بن علي على هشام بن عبدالملك ، قال عنه" ضاهى خروجه خروج رسول الله يوم بدر..." بالتالي : يستند الوردي على هذه الروايات الى اهمية الخروج على الظلمة ، وتقويض دولتهم والمطالبة بالعدالة الاجتماعية ويؤكد رؤية ابن خلدون في اهمية العصبية التي هي في نظره شرطا اساسيا لتأسيس الدولة ويعتقد ان استخدام العصبية في مكانها لتاسيس دولة وتقويض دولة استبداد انما هي عصبية محمودة وليست مذمومة .
عبد الرزاق مسلم الماجد يشابه الوردي في ضرورة الخروج على الدولة الظالمة وانهاء حكمها ...

نزع القدسية عن الدولة لدى الماجد مستندا على ابن خلدون...
كما ان للدولة حضورها في تعريفات الماجد وهو حضور مكثف ومهم ويستعير من ابن خلدون الفكرة حول الدولة اذ ان الدولة لديه هي ظاهرة انسانية لا الهية ولا تكتسب اية قدسية وان كان يراسها النبي نفسه، بمعنى انها ليست كيان مقدس وحدد ابن خلدون مهمة الدولة بالقهر وفرق بين نوعين من السلطة لدى الدولة سلطة رئيس العشيرة القائمة على الاحترام الطوعي وسلطة الملك القائمة على القسر ، يقول ابن خلدون: "ثم يقولون – اي : الفلاسفة، وذلك الحكم يكون بشرع مفروض من عند الله يأتي به واحد من البشر ، وانه لا بد ان يكون متميزا عنهم بما يودع الله فيه من خواص هدايته وهذه القضية للحكماء غير برهانية كما تراه اذ الوجود وحياة البشر قد تتم من دون ذلك بما يفرضه الحاكم نفسه، او بالعصبية التي يقتدر بها على قهرهم وحملهم على جادته" (ابن خلدون، المقدمة)
لقد اشار الماجد الى اهمية فلسفة ابن خلدون في بناء الدولة ونزع قدسيتها فالماجد يضع حدا فاصلا بين الدولة والاله ويعتبر ان السلطة واستمداداتها بشرية تماما. ويثير ايضا قول ابن خلدون" قدمنا ان الادميين بالطبيعة الانسانية يحتاجون في كل اجتماع الى وازع وحاكم يزع بعضهم عن بعض فلا بد ان يكون متغلبا عليهم بتلك العصبية والالم، تتم قدرته على ذلك، وهذا التغلب هو الملك وهو امر زائد على الرئاسة سؤدد وصاحبها متبوع وليس له عليهم قهر في احكامه واما الملك فهو التغلب والحكم بالقهر" (المقدمة ص)126.
كما وينتقد شكل الدولة الراسمالية التي تسبب بنظره الاحتكارات وطواغيت المال وغياب العدالة الاجتماعية .
كذلك يقارن الماجد ابن خلدون مع المفكر الايطالي فيكو(1668-1744م) اذ ان فيكو يذهب الى ان "المجتمع الانساني يمر اثناء تطوره بثلاث مراحل هي: الطفولة والشباب والكهولة، اذ ان مؤرحلة الطفولة تمثل المرحلة البدائية والثانية العصر البطولي/الارستقراطي، والثالثة بالعصر الانساني /البرجوازي وتنتهي الدورة بانهيار المجتمع فيعود الى المرحلة الاولى ويعتبر الماجد ان ابن خلدون كان قد سبق فيكو الى فكرة الدورات التاريخية في مقدمته الشهيرة ، حيث اعتقد بان اجيال البدو هم في رايه القوة المحركة في التاريخ الرامية الى الخروج من حياة الشظف الى حياة الترف تغزو البلدان وتقيم الدويلات وتشيد الحضارة ولكنها ما ان تعتاد على حياة المدن حتى تفقد بطولتها وعصبيتها فيخرج جيل قوي جديد من البادية يزيل الدولة القديمة ويبني على انقاضها دولة جديدة وهكذا يتجدد التاريخ. "بالتالي ان كلا النظريتين تؤمنان بفكرة حتمية التطور التاريخي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية التركي: يجب على العالم أن يتحرك لمنح الفلسطيني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي عيتا الشعب وكفر كلا جنوبي لبنان




.. بلومبيرغ: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائف


.. التفجير الذي استهدف قاعدة -كالسو- التابعة للحشد تسبب في تدمي




.. رجل يضرم النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترمب في نيويورك