الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل من علاقة بين ( الماك ) جمهورية القبائل الجزائرية ، وقضية الصحراء الغربية ، والجمهورية الريفية

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2021 / 7 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


أولا لا بد من الإشارة الى ان اصل المشكل في هذه القضايا ،هو الاستعمار بكل مفاصله السياسية والأيديولوجية ، الذي يهدف من وراء مخططاته الى تصغير الصغير اكثر ، واضعاف الأكثر من ضعيف ، بتقسيم الدول ، والأراضي ، والشعوب ، لتصبح الدول القوية الكبرى دولة كنتونات ، مصيرها سيكون بيد الاستعمار ، للتحكم في شعوبها التي ستضعف اكثر من ضعفها البيّن ، وبسط اليد على ثرواتها ، لا غناء الاستعمار ، وتفقير ضحيا مشاريع " سايكس بيكو " ، الذين ما فرطوا في خطط الاستعمار ، الذي يجري لخدمة مخططاته ، وللأسف بيد شعوب هذه الدول المستهدفة ..
وحتى نكون موضوعيين للتاريخ ، وللحقيقة المغيبة ، وحتى نفضح ونعري على المتآمرين ، سواء التآمر الاستعماري البغيض ، او خيانة ( أبناء ) الوطن للوطن ، والانغماس ومن دون خجل ، في التطبيل والتصفيق للمخططات المؤامرة التي تحاك بالوطن .. نطرح السؤال : هل هناك من علاقة بين ( الماك ) جمهورية القبائل الجزائرية ، وقضية الصحراء الغربية المغربية ، وهل الدعوة الى ( الماك ) هي دعوة لإحياء الجمهورية الريفية ، التي فشل حراك الريف الأخير في الوصول الى إقرار انفصال الريف عن الوطن الام ...
ان التغني والدعوة لجمهورية القبائل الجزائرية ، قبل ان تكون مبادرة للنظام المغربي ، جاءت متأخرة عن وقتها ، فهي في الأصل من نتائج المشروع الفرنسي الصهيوني الغربي ، لتقسيم الجزائر على أساس النعرة والاثنية ، وهي نفس المؤامرة تم تجريبها في ثلاثينات القرن الماضي ، من قبل نفس الاستعمار الفرنسي ، عندما طرحوا ما سموه بالظهير الفرنسي ( البربري ) ، لتقسيم العرب عن البربر ، وفصل السهول عن الجبال، والتركيز على الأعراف والتقاليد البربرية ، لخلق مؤسسات بربرية ( محاكم / إدارات ... ) لتأكيد التجزئة ، خاصة وان المشروع هذا ، كان من اهم مراميه الخطيرة ، تنصير( النصرانية ) وتمسيح البربر ( المسيحية ) ، بما يسهل التفرقة ، والتجزئة التي تخدم الاستعمار في جميع مراحله واشواطه ، لإنجاح تنفيذ المشروع العام الذي هو تجزيئ وتقسيم المغرب على أساس عرقي ، طائفي ، وجغرافي ..
ان يقظة الشعب المغربي بالمخطط الاستعماري التجزيئي أفشلت الظهير الفرنسي ، وليس البربري ، لان ليس هؤلاء من اخرج الظهير الى الوجود . بل اخرجته فرنسا . والبرابرة الذين قرأوا اللطيف مع إخوانهم العرب ، وخرجوا في مسيرات منددة ورافضة للمؤامرة التي حشر انفه فيها الاستعمار الفرنسي ، تصدوا بصدورهم العارية الى قمع جحافل الجيش الفرنسي ، التي كانت تشتغل على برنامج سايكس بيكو جديد بالمنطقة .
لكن رغم فشل الظهير الفرنسي ( البربري ) في تجزئة المغرب الأرض ، والشعب ، وفشل في تمسيح البرابرة الأكثر تشبتا بالإسلام من العرب ، فالاستعمار الفرنسي لم يلقي سلاحه ، ولم يستلم . بل واصل المؤامرة من خلال الغزو الثقافي الفرنسي ، الذي اخد اشكالا متنوعة ومختلفة ، كالبعثات .. وأضحت فرنسا الى جانب سويسرة من اشد المناهضين للوحدة ، والمدافعين عن نصرة العرقية والاثنية ، من خلال استضافة الجمعيات البربرية ، والاعتراف بها حتى ولو كان عدد أعضائها لا يتجاوز ثلاثة أعضاء ، إضافة الى تخصيص معونات مالية لها ، وتقديم التغطية لكل البرامج والمشاريع العرقية والاثنية ، والتسويق والنفخ في الكرنفالات التي تقيمها هذه الحركات باسم الثقافة البربرية المفترى عليها ...
وفي هذا الخصوص . نشير الى ان الحملة التنصيرية والتمييزية ، لم تقتصر فقط على المغرب .. بل كانت تسير بشكل متوازي مع اختها الحملة في التراب الجزائري والتونسي .. وهنا نذكر بالفرنسي الصهيوني Jacques Benêt الذي يقف وراء ما يسمى بالعلم الامازيغي ، حيث تتوسطه ( مِدْرات ) المغزى من اللوگو إشارة الى تشتيت شعب شمال افريقيا .. ومنذ ها والحركات البربرية في المغرب ، والجزائر ، وتونس ، ترفع هذا العلم الصهيوني ، دون ادراكها بأصله ، معتقدة انه فعلا هو العلم البربري الذي يميز الامة البربرية ، بمختلف انتماءاتها ، السوسيولوجية ، والتاريخية ، والأيديولوجية ، والانتروبولوجية .. خاصة عندما يطرحون العنصر العربي كعنصر دخيل ، محتل ، ومستعمر مدمر همجي ، جاءت به الغزوات العربية ، باسم الإسلام الذي لا علاقة له بالممارسات العنصرية العربية ، التي كان البرابرة ، ونساءهم ، وثرواتهم ضحية لها ..
واذا كانت النعرة العرقية ، والاثنية المذكية للطائفية ، بمثابة سلاح غربي استعماري ، يستعمل الثقافة للغزو ، ولإذكاء صراع النعرات والقبائل .. فان ما يؤسف له ، هو سقوط العديد المنتمين للاثنيات ، لهذا المخطط الذي توليه إسرائيل الدولة الصهيونية ، أهمية استراتيجية كبرى ، كسلاح فعال لضرب الوحدة ، واسقاط الدول القومية ، الواحدية ، القوية ، لصالح خلق دويلات بحجم بعوضة ، وكنتونات سينتهي بها المطاف انْ تصبح لعبة في يد الاستعمار ، الذي دمر دولا كانت قوية في الشرق ، وأصبحت اليوم تحكمها مليشيات ، وقطاع طرق ، وخاضعة للجماعات الإرهابية المتأسلمة بمختلف روافدها العقائدية .
فالخطر يهدد المغرب ، كما يهدد الجزائر التي كانت تتغاضى عنه رغم انه موجود ، وذلك في اعتقادها انّ موته الحتمي مع الزمن ، سيعلن نهاية الفشل ، لصالح بقاء الدولة القومية الواحدية .. الى ان وصل الامر في النهاية الى تأسيس ( الماك ) الجمهورية الجزائرية القبائلية ، دون ذكر لفظ البربرية او الامازيغية ... ودون الإشارة الى الشاوية البربرية النقيض الأصلي لل ( ماك ) ..
اذن الخطر موجود ، وبدأ يفصح عن خططه المدفوعة من قبل الاستعمار الفرنسي ، والإسرائيلي الذي يستقبل ممثلين لهذا التيار الاستئصالي الانفصالي . ولا داعي للمزايدة او المتاجرة بين الأنظمة السياسية المتصارعة ، باستعمال النعرة العرقية والاثنية ، لتصفية الحسابات ، على حساب المشروع القومي للدولة القوية ، الواحدية ، بوحدة الأرض ، ووحدة الشعب ...
لكن هل ما قام به سفير النظام المغربي عمر هلال مؤخرا ، وقد خلق الحدث بأروقة الأمم المتحدة ضمن دول عدم الانحياز ، من شانه ان يخلق معادلة تقلب الموازين لصالح أطروحة مغربية الصحراء ؟
وهل هناك من أوجه التشابه والمماثلة ، بين دعوة سفير النظام المغربي السيد عمر هلال بنيويورك New York ، وضمن دول عدم الانحياز ، وبين دعوة النظام الجزائري ، من خلال وزير الخارجية لعمامرة ب New York الى تقرير المصير في الصحراء الغربية المغربية ..
أولا . ان القول بحركة عدم الانحياز التي جرى ضمنها كل هذا التدافع والتطاحن ، بين النظامين المغربي والجزائري ، اللذان يتصارعان الوجود قبل الحدود .. يثير استفهامات من قبيل المغزى من بقاء مجموعة دول ، تسمى بدول عدم الانحياز ، مع العلم ان حركة عدم الانحياز ، كان من المفروض ان تعلن نهايتها ، بانتهاء الحرب الباردة ، وبسقوط الاتحاد السوفياتي ، وسقوط المعسكر ( الاشتراكي ) ..
فقبل هذا السقوط ، ولتفادي التورط في حروب قد تشكل خطرا على الوجود ، وعلى الإنسانية من قبل المعسكرين المتعارضين ، فضلت مجموعة من الدول بالنأي بنفسها ، عن كل ما يجري من صراع دولي ، واعلانها عدم الانحياز ، وعدم الانخراط او التبعية ، الى جانب احد اطراف الصراع الدولي ..
لكن المؤسف له ، انّ دولا كانت منحازة الى احد المعسكرين ، وفي نفس الوقت هي عضوة ضمن حركة عدم الانحياز ، ككوبا ، والفتنام ، والمغرب ، والجزائر ... مما يستوجب معه طرح السؤال عن المغزى ، من بقاء حركة أصبحت جزءا من التاريخ ، وليس التاريخ كله ، بعد نهاية الحرب الباردة ... لذا فتمرير النظام الجزائري دعوة تقرير المصير في الصحراء ، وتمرير النظام المغربي لدعوة مناصرة تقرير المصير في القبائل الجزائرية ، كانت محاولات استهلاك من قبل النظامين المتصارعين ، اكثر منها دعوات وازنة ، لقلب موازين القوة بشمال افريقيا ... هذا من حيث المبدأ العام ..
عندما طرح سفير النظام المغربي ، ورقة جمهورية القبائل الجزائرية ، التي اعتبرها تخضع لأقدم استعمار غاشم ، ثار النظام الجزائري وولول ، وخبط أفخاذه ، وكأن دعوة سفير النظام المغربي ، لامست كل الكبد ، وليس فقط جزء منه .. وخوف النظام الجزائري من دعوة النظام المغربي ، التي اعتبرها غدرا ، وانقلابا ، وتجاوزا للمنطقة المحظورة ، وللخطوط الحمراء .. وكأن ما يقوم به النظام الجزائري ، ليس من قبيل الغدر ، والتنكر للتاريخ المشترك ، وتجاوز للخطوط الحمراء ، وللمنطقة المحظورة ، حين حشروا نفسهم في نزاع الصحراء الغربية ، لبتر المغرب ، وفصل جغرافيته وشعبه ، حالمين بالوصول الى مياه الأطلسي عقدتهم الوحيدة ... هو عمل مشروع ومقبول .. كما رفض النظام الجزائري من خلال مؤسساته ، وزارة الخارجية ، المقارنة بين قضية الصحراء التي هي بيد الأمم المتحدة ، وبين قضية القبائل التي تعتبر ارضا جزائرية .. والخطير عندما يهدد النظام الجزائري بالوعد والوعيد ، وبكون النظام الجزائري لن يغفر للنظام المغربي سقطته ، وتامره على وحدة الجزائر ، خاصة دعمه لمنظمة ( الماك ) يعتبرها النظام الجزائري منظمة إرهابية ، وهو اتهام تم ربطه سريعا بتهمة دعم النظام المغربي للإسلام السياسي الإرهابي المتطرف ، طيلة الحرب المدنية الجزائرية ، وبعدها ( عبدالحق لعيايدة ) ..
فهل أصاب سفير النظام المغربي ، بطرحه مشروعية تقرير مصير شعب القبائل الاقدم شعب في العالم ، الذي يخضع لأقدم استعمار غاشم في تاريخ استعمار البلدان والشعوب ؟
وهل من مشروعية لمعارضة النظام الجزائري الذي يتشبث بحل الاستفتاء ، وتقرير المصير في قضية نزاع الصحراء الغربية المفتعل ، لدعوة سفير النظام المغربي بالمماثلة ، مع دعوة النظام الجزائري للاستفتاء في الصحراء ..
عندما وصف سفير النظام المغربي ، السيد عمر هلال مبدا تقرير المصير، ليس مبداً ولا حلا مزاجيا ، يرتبط فقط بالأهواء ، والرغبات ، والنزوات الشبقية الطائشة للنظام الجزائري وانّ هذا الحل الذي يدعو اليه النظام الجزائري ، يجب ان يكون عاما ، ولا يخضع للنزوة ... فهو كان محقا وصائبا في ذلك .. لكن مشكلته ، انّ دعوته ، وهي دعوة النظام المغربي ، جاءت متأخرة ، ولم تأت في وقتها . خاصة وان النظام الجزائري ، كان يشتغل على حراك الريف ، املا ان ينتهي الحراك بالانفصال عن المغرب ، وتأسيس الجمهورية الريفية الثانية ، التي عاشت من 1921 الى 1926 .. لان نجاح الحراك الريفي في الانفصال عن المغرب ، وهو الحراك الذي بدء نقابيا اجتماعيا ، وليتحول بقدرة قادر الى مطلب انفصالي ، لإحياء تاريخ الجمهورية الريفية ، كان سيكون فيما لو نجح بعد تدخل حركة 18 شتنبر الجمهورية ( سعيد شباعتو ) ، مدخلا سهلا لا علان انفصال الصحراء عن المغرب ، ومنها انفصال كل المغرب الى جمهوريات ، في سوس ، الاطلس المتوسط ، فاس ... لخ
وقد دلل على هذا المخطط الذي اشتغل عليه جنرالات الجيش الجزائري ، وأجهزة المخابرات الجزائرية ، والنظام الجزائري سراً ، ما اصبح يداع جهرا من قبل وسائل الاعلام المخابراتية للنظام الجزائري ، عندما شرعوا يروجون لتاريخ الريف ، ولتاريخ الجمهورية الريفية ، وبذؤا بوجه مكشوف ، يروجون لاستقلال الريف ، وللجمهورية الريفية ...
وهنا نطرح السؤال .. عندما قال سفير النظام المغربي ب New York ضمن مجموعة حركة عدم الانحياز " .. ان لعمامرة ( وزير خارجية الجزائر ) ، وقف كمدافع قوي عن حق تقرير مصير الشعب الصحراوي ، وينكر هذا الحق نفسه لشعب القبائل ، احد اقدم الشعوب في افريقيا ، والذي يعاني من طول احتلال اجنبي .. " مضيفا " .. ان تقرير المصير ليس مبدئً مزاجيا ، ولهذا السبب يستحق شعب القبائل الشجاع ، اكثر من أي شعب آخر ، التمتع الكامل بحق تقرير المصير .. " ..
هل هناك من مماثلة وتشابه ، بين الحق في تقرير المصير في الصحراء ، والحق في تقرير المصير لشعب القبائل الاقدم شعب في التاريخ ، يخضع لاستعمار عروبي غاشم .. ؟
أولا ان فقدان النظام الجزائري لصوابه ، واصابته بالسعار من دعوة النظام المغربي لتقرير مصير شعب القبائل ، ليس بسبب كون الواقف وراء هكذا دعوة ، هو النظام المغربي .. بل ان النظام الجزائري ، اعتبر ان الواقف وراء النظام المغربي في اثارت دعوة تقرير المصير في القبائل ، هي قوى خارجية تتربص بالنظام الجزائري ، وبوحدة الجزائر .. وطبعا فان المعني بالأمر فرنسا .. لذا فخوف النظام الجزائري ، كان من فرنسا ، ومن الغرب ، ومن إسرائيل بالأساس ، قبل ان يكون من النظام المغربي الذي قد يكون يتصرف بالوكالة ...
وقد اعتبر النظام الجزائري انّ من شجع النظام المغربي على هذه الخرجة الجد متقنة ، والمتقونة ، واختيار الظرف والزمن المناسبين ، هي اخراج علاقاته مع الدولة الصهيونية الى العلن ، رغم تبخر سلام ابراهام ، وفراغ صندوق ابراهام ... والاّ من منع النظام المغربي ، من طرح الدعوة لتقرير مصير الشعب القبائلي في السابق ، رغم ان النظام الجزائري منذ سنة 1975 ، وهو يقف وراء الدعوة لتقرير المصير في الصحراء ..
ثانيا . هل مطلب تقرير المصير جائز وحلال في نزاع الصحراء الغربية المغربية ، وغير جائز ، وحرام في حال الشعب القبائلي الذي أسس الجمهورية الجزائرية القبائلية ، جمهورية المنفى في فرنسا الحاضنة ...
وهل النظام الجزائري في دعوته لتقرير مصير الشعب الصحراوي ، هو فعلا يناضل من اجل اثبات هذا الحق ، المعترف به من قبل ميثاق الأمم المتحدة ، بالنسبة للشعوب التي يستعمرها احتلال اجنبي ، وليس حقا للدعوة الى تقسيم الدول باسم شعوب تحكمها دولة ، هي دولة اصل ، وليست دولة احتلال ..
فوضع الصحراء اثناء الاحتلال الاسباني ، كان حله هو تقرير المصير ، لأنه استعمار اجنبي ..لكن بعد عودة الصحراء الى المغرب ، بعد استرجاعها من الاحتلال الأجنبي ، اصبح كل دعوة للاستفتاء بمثابة حق يراد به باطل .. لان الصحراء تخلصت من الاستعمار الأجنبي ، وعادت مجددا الى المغرب ..
ان موقف النظام الجزائري من قضية الصحراء ، بالدعوة لتقرير المصير ، هو موقف يجانب الصواب ، وهو موقف حقاُ ، ومن زمن ، تعدى الخطوط الحمراء ، وتجاوز المنطقة المحظورة .. وتبقى الدعوة سياسية . لذلك تبقى نشازا خارجا عن المغزى الحقيقي من تقرير المصير في القانون الدولي ..
والنظام الجزائري الذي أصيب بالسعار من دعوة النظام المغربي مؤخرا ، خاصة تشبثه بالاستفتاء في الصحراء ، استغل خطأ استراتيجيا فادحا ، سقط فيه نظام الحسن الثاني عندما رفض تعريب نزاع الصحراء ( الجامعة العربية ) ، لأنه كما قال الحسن لا يريد ازعاج وارهاق الأنظمة العربية ، ورمى بها الى مقصلة ، ومسلخة ، ومجزرة الأمم المتحدة للقضايا العادلة للشعوب ..
وبما ان السياسة الدولية تقوم على الاخضاع ، والتمطيط ، والتلاعب ، للتحكم في فرقاء النزاع ، والتحكم في الخيرات ، وتعطيل التنمية الشعبية للشعوب .. فكان لمطلب الاستفتاء صداً جاوز حده ، واصبح نزاع الصحراء يخضع للشد والجذب ، الذي كانت تعرب عنه قرارات مجلس الامن ، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، التي تضم ديباجة ومعنى للقرارات ، تحمل طيات استحالة تطبيقها ..
بل حتى قرار محكمة العدل الدولية في 16 أكتوبر 1976 ، كان قرارا ارضائيا لأطراف النزاع ، ولم يكن قرارا قانونيا ..وظهر هذا في التقاطبات داخل الاتحاد الافريقي ، وعند اجراء لقاء بين هذا الاتحاد ، وغيره من الاتحادات الدولية ..
ولنا ان نسائل هنا . كيف للنظام الجزائري ان يكون نزواتياً ، سكيزوفرينيا ، حين يرفض الاستفتاء في منطقة الشعب القبائلي ، وهو شعب له لغته الخاصة به التي ليست هي لغة الحكام ، ويركز على الاستفتاء في نزاع الصحراء الغربية المفتعل ، بسبب تدويل النزاع بدل تعريبه ؟
وعندما يركز ويتشبث النظام الجزائري بتقرير المصير ، كما نصت على ذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة ، في قراراها الشهير 1514 ، وهو حق كان وراءه المغرب ، وليس طرفا اخرا ، لان النزاع كان ثنائيا بين دولة مستعمرة ، وبين دولة تدعو الى عودة الصحراء الى اصلها .. والسؤال الذي كان سيطرح على الاستفتاء : هل تريدون البقاء ضمن السيادة الاسبانية ، ام تريدون العدوة الى المغرب ، ولم يكن هناك في السؤال حل ثالث ، لان النزاع كان ثنائيا ، ولم يكن ثلاثيا ، ولا رباعيا ، كما اصبح عليه الامر منذ سنة 1975 ، عندما استغل النظام الجزائري التدويل والحرب الباردة ، لرمي كل بيضه في مقامرة الصراع ، والنزاع للسيطرة على المنطقة ..
اذا كان المغرب وراء القرار 1514 للأمم المتحدة ، وتقرير المصير هنا كان حلا ديمقراطيا ، لأنه حل مغربي ..
-- فاين كانت الجزائر في سنة 1960 التي صدر فيها القرار 1514 ؟
-- لماذا لم يكن ليطرح على الاستفتاء حل الانفصال ، واقتصر الحل على مطلبين هما البقاء مع اسبانية ، او العودة الى المغرب ..
الجزائر التي جاءت بعد سنة 1960 ، كانت لا تزال تحت السيطرة الفرنسية ، ولم تستقل ، ولم تعرف الدولة في تاريخها لأول مرة حتى سنة 1962 .. تاريخ استقلالها ، واحتلالها من قبل ( الافلاين ) FLN الى الان ..
وعند دعوة النظام الجزائري للاستفتاء ، الذي من المفروض ان يكون تجاوزه الزمن ، عندما أسس الجمهورية الصحراوية في سنة 1976 ، والقرار الداعي الى الاستفتاء وتقرير المصير ، صدر سنة 1960 .. اين كانت جبهة البوليساريو التي تأسست في سنة 1973 ؟
ان النظام الجزائري الذي يتمسك بحق تقرير المصير ، الذي وقف وراءه النظام المغربي في سنة 1960 ( القرار 1514 ) ، لا يعنيه في شيء . لأنه اكبر منه .. فالجزائر لم تستقل وتعرف لأول مرة الدولة ، الاّ في سنة 1962 .. ومن ثم ، فاستغلال خطأ تدويل نزاع الصحراء ، بدل تعريبه ، لا يعني ان ما بني على باطل لم يعد باطلا .. لان خطأ المجتمع الدولي ، لا يمكن ان يستمر الى ما لا نهاية .. ولا بد من العودة الى فهم وتفسير نصوص القرار الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في 16 أكتوبر 1975 ، وفهم وتفسير مضمون قرارات مجلس الامن ، والجمعية العامة للأمم المتحدة .. لأنه ما بني على باطل يظل باطلا .. والدعاوى رغم استنفاذها لجميع طرق الطعن المتاحة في قانون المسطرة المدنية ، وحتى عندما يحوز الحكم على قوة الشيء المقضي به ، بعد استنفاد جميع مراحل التقاضي .. فالاجتهاد القضائي ، وطبقا لمعيار المحاكمة العادلة ، يتراجع عن الاحكام المحصنة ، عندما يظهر جديدا كحجة ، تؤكد خطأ في الاحكام ، حتى عندما تكون استنفدت درجة التقاضي الأخيرة ..
ومن جهتنا ، فحل الاستفتاء وتقرير المصير مرفوض في حالة القبائل الجزائرية ، ومرفوض في حالة الصحراء المغربية ، لان تقرير المصير اعترف به ميثاق الأمم المتحدة للشعوب التي تخضع لاستعمار اجنبي ، وليس حقا للأقليات والاثنيات لتقسيم شعوبها ودولها ، لتصبح كنتونات صغيرة ، يتلاعب بها الاستعمار كيف شاء ..
ان استمرار لعب النظام الجزائري على الحبلين ، حبل تدعيم الانفصال في الصحراء ، وحبل تدعيم الانفصال في الريف الذي اصبح بالعلن وجهرا ، هو لعب بالنار ... ومن كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجر .. وكما تدين تدان ، وليس حلال عليكم وحرام علينا ....
ان استمرار ابواق اعلام المخابرات الجزائرية ، في الدعوة لتقسيم الصحراء منذ سنة 1975 بسبب خطئ التدويل .. والاستمرار في تدعيم الانفصال بالريف ، كما كان سرا اثناء الحراك ، واضحى علنا .. والاستمرار في الدعوة الى الجمهورية الريفية .. هي استمرار في الإعلان الحرب على الشعب المغربي ..
لقد اشتغلت المخابرات الجزائرية على حراك الريف ، الذي انتقل من المطالب الاجتماعية ، الى المطالب الانفصالية ، بعد دخول حركة 18 شتنبر الجمهورية على الخط ، متعقدة ان نجاح انفصال الريف ، سيسهل عملية انفصال الصحراء عن المغرب ، وسيضعف المغرب ، وليس النظام الذي سيفقد عرشه انْ أضاع الصحراء .. لكن وحدة الشعب المغربي اليقظ ، الذي اتخذ موقفا تقدميا من المرمى الانفصالي للحراك ، الذي بعنصريته المقيتة ، خنق نفسه بنفسه ، وانتهى به الامر الى الفشل ، والى الانتقال الى التخوين الذي عم كل الريفيين ، وليس المعارضين السطحيين لحركة 18 شتنبر ... افشل مخطط الصورة الثانية للجمهورية الريفية .. وانجح مشروع الحفاظ على وحدة المغرب الكبير ، ارضا وشعبا ...
ان توزيع ملايين رايات الجمهورية الريفية على الحراكيين ، كان دعوة للانفصال ، ودعوة للجمهورية الريفية في صورتها الثانية . وان توزيع رايات الصهيوني الفرنسي Jacques Benêt التي صنعها من الجزائر سنة 1971 ، وتحمل لوگو ( المدْرة ) الذي يعني تشتيت شمل سكان شمال افريقيا ، ورفع شعارات عنصرية .. كانت دعوة الى حرب أهلية مفتوحة ، بين العرب ، وبين البرابرة الذين ينحدرون من ثلاثة اثنيات ، تقاليدها ، ولهجاتها مختلفة : تشلحيت ( سوس ) الذين يحتقرهم الريفيون .. تمزيغت ( الاطلس المتوسط ) الذين يذمهم الريفيون .. وتريفيت ( لغة الريف ) ..
لقد فشل حراك الريف ، عندما اصبح انفصاليا ، وتقوقع في عنصريته المقيتة ، وخنق نفسه عندما قطع الجدور مع امتداده الطبيعي ، الذي هو الشعب المغربي ، والمغرب الموحد الكبير .. وفشل مشروع الانفصال في الصحراء ، بسبب تضارب المصالح الدولية .. وبسبب تمسك وارتباط الشعب ، بالوحدة الترابية للمغرب ...
واكيد سيفشل مشروع تقرير المصير في القبائل الجزائرية ، لان الذي يقف وراءه ، ليس النظام المغربي الذي تحرك معطلا منذ سنة 1975 . بل هو الاستعمار الفرنسي ، وإسرائيل ، والغرب الذين يقفون ضد اية وحدة كالصحراء والريف ، ويناصرون الجمهورية القبائلية الجزائرية ..
والسؤال : امام الخطر المحدق بوحدة دول المنطقة . الم يحن الوقت للوحدة ضد مخططات التقسيم والتجزئة .. اليس هناك حكماء يضعون المشكل والخطر في اطاره الصحيح .. وعوض ضياع الوقت في العبث ، يجب النظر الى الامام بما يخدم وحدة الدول ، ووحدة الشعوب ..
والسؤال : الى اين نحن سائرون ، وماذا ينتظرنا اذا لم نفتح اعيننا ، لتجنب الفخ الذي سقطت فيه دول وشعوب الشرق الأوسط .. دول واحدية قوية ، أصبحت تحكمها المليشيات ، وقطاع الطرق .. وحتى الأنظمة العربية التي ساهمت في المؤامرة التي تعرضت لها تلك الدول ( ليبيا .. اليمن .. سورية .. العراق .. السودان .. مصر وسد النهضة ..) ، كالسعودية والامارات ، استفاقت من غفلتها عندما وجدت نفسها مهددة بنفس الخطر الذي دمر دولا ، وافقر شعوبا ..
الصحراء مغربية .. الريف مغربي .. والقبائل جزائرية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخبز يعيد بارقة الأمل الى سكان غزة | الأخبار


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يضع دول المنطقة أمام تحديات سياس




.. العاهل الأردني: الأردن لن يكون ساحة معركة لأي جهة وأمنه فوق


.. هل على الدول الخليجية الانحياز في المواجهة بين إيران وإسرائي




.. شهداء وجرحى جراء قصف قوات الاحتلال سوق مخيم المغازي وسط قطاع