الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بتحلقش دقنك ليه ؟ ( تحليل انثروبولوجي عن اللحية )

ماجد الحداد

2021 / 7 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


_ يعني انت قومت الدنيا على عمرو يوسف لما اتصور له افيش مسلسل الملك اعح_مس عشان مطول لحيته زي الحقاو_خا_سوت ( الهكسوس) ، وما ينفعش المصري القديم سواء ملك أو رجل من عامة الشعب أنه يربي دقنه كعرف اجتماعي مهم ، ومجتمع علم المصريات كله يومها قام انتفض على صناع المسلسل عشان التفصيلة الصغيرة دي ، و في الآخر نلاقيك انت سايب لحيتك طويلة كدة ؟
انت مش شايف ده عدم صدق مع النفس وشيزوفرينيا ؟

= يا سلاااام كان نفسي حد ينتبه اللموضوع ده يا صديقي هقول لك ليه ...
المصري القديم مولع بالنظافة بطريقة تصل لدرجة الوسوسة ، كان يكثر من الحموم _ و طبعا البحيرة المقدسة في اي بر_با ( بيت النفس ) _ على فكرة سبب التسمية كدة أن الچسر_چسر يعني قدس الأقداس لاي نتر بيعمل نفس وظيفة ( برج الحمام ) فكروني اشرح لكم لماذا .
المهم أن المصري كان بيحلق شعر دقنه و جسمه و شعر رأسه كمان ، و يقصره لو من عموم الشعب ، و يحلقه زلبطة على الزيرو لو كان _ وعب _ او عالِم ، أو ما يقال عنه كاهن ، زي الرهبان البوذيين كدة .
طب كانوا بيهتموا وبيبالغوا قوي كدة ليه ؟
المصري مكانش بس وسواس نظافة لمجرد أنه حامل جين الوسواس القهري ... المصري كان بيترعب من الأمراض عموما وخصوصا الجلدية ، طبعا تفوقه في الطب سامح له ، وكان بيقرف ويتجنب اي شخص عنده مرض جلدي لأنها امراض سهلة العدوى من قلة النظافة ، زي الجدري و البرص _ البهاق _ والجذام و القمل . و الاخير ده كان الشعر الغير نظيف اهم بيئة لتكاثره . عشان كدة بيحلقه .
اكبر مشكلة كانت بتقابل المصري صحيا هي الناس اللي بتعاني من الأمراض دي ...
ودول مين ياترى ؟
برافو عليك ... البدو .
البدوي قليل النظافة والحموم والعناية الشخصية لفقر بيئته من الماء ، وكان من الصعب عليه أنه يهتم بحلاقة لحيته لاحتياجات لادوات كمان ، ودي مش متوفرة عنده ولا تهمه . ده غير أنه قادر يتعايش مع الأمراض دي ، وخصوصا انها تناسب بيئته الجافة ، لأن القمل يختار الاماكن الجافة ليتكاثر ، فالشعر المبلل _ طبعا من الاستحمام وخلافه _ مكان غير مناسب للقمل . وصحيح أن الإصابة بالفعل يأتي غالبا بالعدوى وليس شرط ان الا تكون نظيفا ، لكن المصري كان بالتأكيد. مش هيعطي فرصة للعدوى من الأساس ، فبيحلق الشعر خالص عشان ما يبقاش فيه بيئة اساسا لعدوى أو تكاثر القمل .
البدو بشكل عام كانوا مرتبطين ذهنيا عند المصريين بالأمراض الجلدية زي ما قلنا ، وعشان كدة مثلا نلاقي السيد المسيح مشهور بعلاج مرض البرص عند العبرانيين ، وكمان نلاقي في القرآن لما تقوم معجزة بياض يد النبي موسى أنه ذكر وقال ( تخرج بيضاء من غير سوء ) يعني لأنه بداهة اول ما رائي للمعجزة من المصريين هيشوف بياض أيديه هيقولك له :
( طب وهي دي معجزة يا موسى ؟ ما كلكم كعابيرو _ عبرانيين _ مليانين امراض جلدية و طبيعي أنه يبقى عندك برص زي قومك ، امال احنا تطيرنا بكم وعاوزين نخرجكم من ارضنا ليه ؟ )
عشان كدة القرآن بيحاول ينفي التهمة دي عن موسى و قال إن أيده بيضاء بس من غير مرض .
و عشان كدة اشتهر في أوروبا أن أي ساحر أو حاوي بيلبس جوانتي ابيض وبيعمل سحره بعصاية ... اجترارا للحدث الديني في اللاوعي .
بناء على كل المعطيات دي ، بجانب معطيات تانية اهم ، وهي أن الحياة المعاصرة المدنية الحديثة اعطتنا فرصة لزيادة النظافة من توفر المياه طول السنة و في أي وقت وسهل الحصول عليها بمجرد ما تفتح الصنبور _ الحنفية يعني _ تلاقيها بكل يسر وسهولة .
و ماكينات الحلاقة ببلاش ، وتقنياتها ودقتها عالية ، و معاحين حلاقة ورغوة كتير ، وآخر دلع استهلاكي ... ومش بس كدة ، دي نظافة بيئية أن الحيوانات والحشرات الضارة بعدت عن جو المدينة والعمران ، وتقدم طب الجلدية وتوفر علاجات لكل امراض الجلدية اللي ممكن تيجي لك .
و كمان تم القضاء على مرض الجدري نهائيا في العالم خلاص _ خد بالك فيه فرق بين مرض الجدري وبين الجديري _ و بكدة انتهى السبب اللي عشانه كان المصري بيهتم بشكل موسوس أنه يحلق شعره أولهم لحيته مرورا برأسه وشعر جسمه .
لازم تعرف أن من الناحية الانثروبولوجية وكمان من ناحية مبحث القيم والأخلاق في الفلسفة أن دائما أي سلوك او عُرف يتفق عليه المجتمع و يهتم بتنفيذه بدقة ، ويراقبو بعض عليه .
مثلا :
انت ما حلقتش دقنك ليه ازاي سايب نفسك معفن كدة ؟ _ انا بقول أمثلة _ ازاي ما تنقطيش في سبوع بنت بثينة ؟ و هكذا .
كل السلوك الاجتماعي بدأ كضرورة معينة لأسباب في وقتها ، وبمنهحية العَقد الاجتماعي الضمني بين الناس يتفقوا أنه يكون قانون له احترامه ، ولا يمكن أن يُخترق ، والا اللي اخترقه لا يخاف على مصلحة الجماعة ، يبقى لازم يتعاقب بالزجر أو بالاجتناب أو بإستبعاده من القطيع . المجتمعات وسيكلوجية الجماهير غوغائية ولا تفكر ولا تعرف الرحمة الا بالتلاعب على منطقة التعاطف في الدماغ لديهم .
ده سلوك انساني_ حيواني يتميز به كل جنس الثدييات وخصوصا الرئيسيات . وده السبب الحقيقي لنشأة فكرة الضمير ، و الصح والغلط ، والخير والشر ، والحلال والحرام .
الاساس لظهور اي قانون أو شريعة هي النفعية الإنسانية والمجتمعية .
لكن لما تنتفي الأسباب اللي بتنفعنا من وضع قانون او عرف اجتماعي أو مدني أو ديني حتى يبقى استخدامنا للقوانين دي عبء علينا و حشو فارغ ولا له اي معنى . يبقى اسهل نتخفف منه ونفضي الأنا الأعلى _ الضمير _ منه و نِشْغِل مكانه الفاضي ده بتقديس قانون جديد نحترمه يناسب عصرنا و ظروفنا الحالية .
نجيب أمثلة بسيطة
زي مثلا فكرة النقطة* اللي بتتقدم في الافراح والطهور والسبوع والمناسبات المفرحة اللي فيها تكلفة _ و في الغالب دائما لنقطة ههتلاقيها في مناسبات اجتماعية مرتبطة بالجنس ما عدا النقطة بتاعة نجاح ابن طنط مديحة في الثانوية العامة دي جديدة _ كل ده طبعا نوع من التكافل عشان المصاريف اللي هيتكبدها العريس والعروس أو مصاريف المولود اللي لسة جاي جديد ، بس ده مش هدية يا حبيبي تأاخدها وتشكر ، ده دَين في رقبتك لازم ترده لي في مناسبة تانية .

طب دلوقتي لو انا مثلا غني مش محتاج ليه تنقطني بفلوس بدل هدية عينية وليه تجبرني اني اردها لك لو محتاج فلوس مثلا وانت جاي تساعدني بس ظروفي صعبة مش هقدر تردها لك ... ادي سلوك اجتماعي لم يعد له قيمة وانتهى في مدن وبعض الطبقات لانتفاء اسبابه .
مثل تاني شهير بتاع عمر ابن الخطاب لما لغى مصرف المؤلفة قلوبهم في الزكاة وهو مذكور في القرآن ، لأن السبب انتهى ومابقاش له لأزمة أن رؤساء القبائل يفضلوا ياخدوا رشوة من الزكاة عشان يدخلوا هم وقبائلهم الاسلام ، مادام الدولة كبرت وكله بقى تحت السيطرة يبقى نوفرها للحرب و الجيش وباقي مصاريف الدولة .
مثل تالت لما السيد المسيح جابوا له اليهود الزانية الشهيرة عشان يخرجون ويطبقوا عليها حد الرجم وهم متحمسين قوي ... فإن حتي رد عليهم ببساطة ( من كام منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر) يعني بدل العنطزة والشمللة وعاملين نفسكم حراس فضيلة ، و كأنه بيقول روحوا ارجموا انفسكم على البلاوي اللي عملتوها في السر قبل ما تفكروا تحكموا على حد وتعاقبوه .
كدة ضمنيا هيخليك نحط شرط لتطبيق الحدود انك تطبقها عل نفسك الاول ، ولما يبقى ده صعب مش هتعرف تدين حد الا لما تبقى انت نظيف الاول .
هنا الرجم سقط !!!
نفس القصة شبيهة مع الرسول محمد لما جاله مرة شخص اسمه ماعز ، ومرة امرأة غامدية من قبيلة الغامدي _ ودول ستاتهم حلوين بالمناسبة ، والغوامدية بيتركزوا في مدينة جدة في السعودية إحدى المدن العشتارية .
حاول النبي هنا في القصتين _ وبإمكانكم البحث عنههما _ يتنصل من إقامة الحد اليهودي قدر المستطاع عشان مايدينهمش .
وفيه قصة طريفة لنسخ آية الرجم في القرآن مع النبي و عمر وكاتب الوحي واقعية جدا وتناسب سلوك وظروف العرب والقدماء جدا .
معلش خد مني احنا ناس بتوع تاريخ مش بتوع تجميل .
اللي ذكرناه نقطة في بحر في علم الاخلاق و مصادره وتغيراته السلوكية والاجتماعية و الانثروبولوجية اللي بتغير السبب النفعي عن الإنسان ، لكن يرجع الإنسان بستنى القانون يبقى عقد اجتماعي ويقدسه ويحاسب عليه ، وبعدين ينسى هو اصلا القصة ابتدأ ازاي ، و ليه قدسنا العرف أو القانون ده ، وبنخاسب بعض وبتعيب بعض ويبنمدح بعض حسب الملتزم بيه أو الغير مكترث بيه ، رغم أنه ممكن يكون ما بيؤذيش حد لعدم اكتراثه الا اخافير نفسية قديمة رسخت في لاوعي المجتمع وهو لا يفقه شئ عنها ؟

وبكدة يا صاحبي لما انتفضنا كلنا دفاعا عن لحية الملك اعح_مس الحليقة ، لأنه كان ساوك مرتبط بزمانه ومرتبط بهوية مقابل هوية عدوة للمصريين بتربي لحاها ، زي كدة الحديث النبوي _ السياسي _ الشهير عشان أزمة الهوية المقابلة للعرب :
( أوفوا اللحى ، وحفوا الشوارب ، خالفوا المشركين )
واخد بالك من خالفوا المشركين ... موضوع سياسي في قالب ديني بحت ، ودلوقتي كثير مما يعتبرهم الاسلام مشركين وافيين الآخر ومقصرين الشارب عادي ... مش بس كدة من سخرية القدر أن ملامح الشيخ برهامي ولحيته تقريبا نسخته الشكلية بلحيته ونفس نظرة العين للبابا تواضروس وافتح الصورتين وقارن بنفسك !!!
يبقى مين فيهم بيخالف المشركين ؟
انتفى السبب السياسي خلاص يا مسلم يا سلفي للفكرة دي وما اصبحش أمر ممكن أن يتبعه أحد وبذلك سقطت قيمته الأخلاقية وتقديسه
انا عارف ممكن يكون كلامي صعب اوثفيل على بعض العقول صعبة الفهم لكن عشان كدة بحاول اكتب بالعامية وببساطة شديدة
طب بالنسبة لك انت يا صديقي بعد كل اللي قلته ده لسة عاوزني اشي شعر دقني واسيب الشياكة والأناقة والفخامة و الهدوء و الرقي اللي بيديه انطباع شعر اللحية لما يكون مهذب ومضبوط على دقنك كدة ، والسباب اللي كانت خلت جدي بيحلق دقنه انتهت خلاص .
والا لو عملنا كل حاحة بيعملها اجدادنا نبقى كدة بنستعبط وعملنا زي السلفيين ، اللي متمسكين بحاجات لا هي تناسب عصرنا ولا ظروفنا ولا حياتنا خلاص ، وانتم كدة بتعملوا للناس حرج في بحياتها وبتصعبوها عليها
والا اللي بيطالب بالكلام ده ياريت يروح يلبس نميس فوق دماغه ، أو يفضل محافظ على قفطان أجداده المصريين القصير اللي تحت الركبة بشوية صغيرة عشان طينة الغيط ، واللي برضو الاسلام أخذه على أساس أنه تواضع ونسي الأسباب البيئة اللي ادت أن المصري يقصر ثوبه .
احب اقول لك انت لحد دلوقتي مش عارف ليه بتروح صلاة الجمعة بقفطان تبيض ... و ل أأنت عارف اساسا السبب الحقيقي اللي خلى المسيح يقول لك اشرب دمي وكل جسدي .
لكن طبعا الانثروبولوجي بيبقى عارف كويس جدا كمان كل الأسباب دي
اللي هيقولك لي نقلد اجدادنا في كل حاحة واشوفه لابس جينز ومش لابس قفطان فلاحي هو حر .

*النقطة : مصطلح مصري مستخرج من التنقيط اي رمي المال على الراقصة أو العريس ، وهو مسمى حديث لكن أسبابه اقدم في الحقيقة هو عبارة عن مبلغ من المال يدفعه كل معارف الشخص المراد مجاملته في مناسبته السعيدة بدلا من شراء هدية إعطاؤه مبلغا من المال كنوع من التكافل الاجتماعي ((( الاجباري ))) _ النصر يكل شئ عنده اجباري ودائما يجمل عاتق المسؤولية المصريين اصحاب آلية التزغيط _ ويكتب صاحب المناسبة السعيدة تلك المبالغ في دفتر باسماؤهم لأنها دَيْنٌ عليه يجب رده والا الناس تاكل وشه ... وهو مصطلح مجازي دليل على اللوم و خجل المقصر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية: نرحب بأي قوة عربية أو إسلامية في غزة لتقديم المساعدة ل


.. تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل




.. العقيدة النووية الإيرانية… فتوى خامنئي تفصل بين التحريم والت


.. العالم الليلة | ليست نيتساح يهودا وحدها.. عقوبات أميركية تلا




.. شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ