الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقل المغاربي

سعيد هادف
(Said Hadef)

2021 / 7 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


العقل هو قدرة الإنسان على الوصول إلى المعرفة، وإصدار الأحكام، والتصرف وفقًا لمبادئه، وتنظيم علاقاته مع الواقع. إنه يتعارض مع الغريزة، وخاصة غريزة الحيوان.
يُعتبر العقل عمومًا مَلَكَةَ خاصًة بالروح البشرية، حيث يمكن للكائن البشري، باستخدامه للعقل، أن يبتكر مقاييس للحقيقة والخطأ وأن يصل إلى مقاصده. يعتمد العقل على المقدرة التي يتخذ الكائن البشري من خلالها اختيارات بناءً على ذكائه ونظرته إلى المستقبل وذاكرته مع تجريد وتحييد تحيزاته أو مشاعره أو دوافعه. ولهذه المَلَكَة (faculté) استخدامات عديدة: معرفيا، أخلاقيا وتقنيا. والحديث عن العقل يفضي إلى الحديث عن الفكر، الروح، الفهم، الذهن، المنطق، الدماغ وعن الذكاء.
فما الذي يمنع العقل المغاربي من الاشتغال بشكل خلاق؟ ومتى يشتغل بشكل براغماتي وإنساني؟ أطرح هذا السؤال، في ضوء تجربتي الشخصية: ما عشته في وسطي الاجتماعي، في الأسرة، والوسط المهني، والجمعوي والثقافي، على المستوى الوجداني، النفسي والمعرفي، وكيف تغيرت نظرتي إلى نفسي وإلى العالم، التحولات التي طرأت على تمثلاتي وعلى هويتي.
وأنا أحاول أن أفهم ما يحدث في العالم أعود إلى نفسي وأطرح عليها جملة من الأسئلة، من منطلق: هل من حقي أن أناقش هذا الحدث وأن أبدي رأيي فيه؟ وهل من الضرورة أن يكون لي موقف منه؟ وهل لدي المعطيات الكافية حوله؟ وهل أنا ملزم أم غير ملزم؟ وما الذي يلزمني؟ وهل رأيي سيساهم إيجابيا أم سيترك أثرا سلبيا على هذا الطرف أو ذاك؟ وهل ما أقوله يشكل قيمة مضافة؟ وما هو الأسلوب المناسب في هذا المقام؟ أن يكون استفزازيا وصادما؟ أم أن يكون لبقا ومعتدلا؟ أن يكتسي مظهرا جديا أم هزليا؟
ويحدث أن أضطلع على عدد من الآراء والمواقف حتى أشكل صورة متكاملة عما يحدث، ولا أعبّر عن رأيي إلا في حدود ما أراه ضرورة، أو ما يفرضه علي موقعي كمثقف أو كإعلامي أو كفاعل حقوقي.
أتساءل في كثير من الأحيان إن كان الكم الهائل من التحاليل التي تصل المتلقي ينطوي على أفكار مهمة وصادقة وعميقة، أم مجرد سفاسف ومغالطات؟ وهل يجب الرد عليها بطريقة مباشرة؟ أم بطريقة غير مباشرة؟
العقل المغاربي، فهل هناك ما يمكن تسميته بالعقل المغاربي؟ وهل هذا العقل الجمعي يتسم بالنضج؟ وهل هناك سياسة رشيدة في كل بلد مغاربي تفكر في إنضاج مواطنيها عبر تطوير نسقها التربوي والإعلامي وخطابها السياسي؟ أم هذه السياسات ذاتها تفتقر إلى النضج وإلى الكفاءة؟
أسئلة كثيرة تحتاج إلى مقاربات عميقة، كما نحتاج إلى صياغة أسئلة جديدة، من زوايا مختلفة ربما ساهمنا في إنضاج عقل مغاربي متطابق مع مبادئ عصره.
العقل النائم يلد الوحوش، وفق تعبير فرانسيسكو دي غويا، وبلا شك فإن العقل المغاربي الجمعي يغط في نومه، فتكاثرت الوحوش في كل مجال: وحوش في الوسط السياسي لا يحسنون سوى التسلط والقمع، وفي الوسط الإعلامي لا يحسنون سوى الكذب والتضليل، وفي الوسط الصحي، والمالي والتربوي وعالم المال والأعمال.
هذا السبات الذي يغرق فيه العقل المغاربي لم ينجب الوحوش فقط، بل أنجب نوعا من الكائنات المشوهة تتحدث في الغالب من مواقع ليست مواقعها، كأن تجد مواطنا عاديا يعاني من كل المشاكل ويتبنى خطاب وزير الخارجية مثلا أو وزير الدفاع أو مدرب كرة القدم...، وهو يقحم نفسه في أمور لا تعنيه وقد يدخل في شجار مع أقرب الناس إليه دفاعا عن شيء لا ناقة له فيه ولا جمل.
صحيح أن المواطن من حقه ومن واجبه أن يكون قوة اقتراحية؛ سواء كان مواطنا بسيطا بلا مؤهلات علمية أو كان مثقفا أو إعلاميا أو فاعلا جمعويا أو مناضلا حزبيا أو أكاديميا، سواء كان شابا في مقتبل العمر أو مسنا راكم ما يكفي من التجارب والخبرات؛ لكن في غياب معايير حرية التعبير تنفلت الأمور ويصبح كل من هب ودب يحشر أنفه في كل شيء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة


.. قوات الاحتلال تعتقل شابا خلال اقتحامها مخيم شعفاط في القدس ا




.. تصاعد الاحتجاجات الطلابية بالجامعات الأمريكية ضد حرب إسرائيل


.. واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل وتحذر من عملية




.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را