الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصين و أمريكا في ميزان المقارنة ( 5 )

آدم الحسن

2021 / 7 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


قبل حوالي عشرين سنة بدأت بعض المؤشرات تؤكد على تَشَكُلْ حلف غير معلن للتعاون بين روسيا و الصين في مجال العلوم و التكنولوجية .
اذ لا شك أن الصين كانت و لازالت بحاجة الى بعض المفاصل المهمة في تكنولوجيا الفضاء و قد وجدتها لدى روسيا كذلك حاجة الصين كبيرة للتكنولوجية العسكرية الروسية و كانت روسيا على اتم الاستعداد لمساعدة الصين في الإسراع بتعزيز قدرات الصين الدفاعية التي تتحقق ليس فقط من خلال وسائل دفاع متطورة و قوية و انما من خلال تنمية و تطوير قوتها الهجومية الرادعة ايضا و قد وجدتها لدى روسيا .... و روسيا بحاجة الى مفاصل مهمة في تكنولوجية المعلوماتية و الاتصالات الرقمية عبر الكوابل الضوئية و الصناعات الكترونية و البرمجيات المتطورة و تطبيقاتها على شبكة الأنترنيت و قد وجدتها لدى الصين .
لقد أخذ التحالف العلمي و التكنولوجي الروسي الصيني يتطور بسرعة و أصبح له مردود اقتصادي كبيرة للدولتين و يعزز من قدراتهما العسكرية الدفاعية ايضا .
بعد قوة العلوم و التكنولوجية كأهم ركن من اركان قوة الدولة الحديثة تأتي القوة الاقتصادية للدولة
القوة الاقتصادية لأمريكا و الصين في ميزان المقارنة :
الأسلوب المعمول به حاليا من قبل صندق النقد الدولي و البنك الدولي و مؤسسات اقتصادية أخرى أو من قبل مراكز بحوث عديدة في العالم لتحديد قوة اقتصاد كل دولة يتم من خلال احتساب اجمالي الناتج المحلي لكل دولة و يسمى ايضا بإجمالي الدخل القومي مقاسا بالقيمة التبادلية للسلع و الخدمات المنتجة محليا في الدولة المعنية و على هذا الأساس توصلوا الى استنتاج هو أن الناتج الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية لسنة 2020 يُشَكِلْ حوالي 24% من الناتج الإجمالي العالمي أما الناتج الإجمالي للصين لنفس السنة فحوالي 17% من الناتج الإجمالي العالمي .
السؤال : لماذا تتم الحسابات لدى المؤسسات الاقتصادية الدولية و معظم مراكز البحوث العالمية إن لم نقل جميعها للوصول الى حجم الناتج المحلي معتمدين على اساس القيمة التبادلية للسلع و الخدمات المنتجة محليا رغم أن القيمة التبادلية هي قيمة افتراضية و ليست حقيقة و أن القيمة الحقيقية للسلع و الخدمات هي القيمة الاستعمالية لها .... ؟

السبب الأول هو أن ليس هنالك اسس واضحة و معترف بها و متفق عليها لكيفية احتساب القيمة الاستعمالية , لذلك يختصرون المسافة و يلجؤون الى الوسيلة السهلة المتاحة و هي القيم التبادلية , رغم ما تحمله القيمة التبادلية من تناقضات كبيرة و متغيرات غير منطقية .
و هنالك سبب آخر في اللجوء الى استخدام القيمة التبادلية هو أن المدرسة السائدة حاليا في علم الاقتصاد هي المدرسة المنبثقة عن اقتصاد السوق الحر و قوانينه المرتبطة بشكل وثيق بالقيمة التبادلية المتحققة من خلال العرض و الطلب .
و لتوضيح التناقضات الكبيرة و المتغيرات غير المنطقية في اعتماد القيمة التبادلية و التي قد تقودنا الى استنتاجات غير واقعية يمكن تناول الأمثلة البسيطة التالية :
** لنفترض أن لسلعة ما قيمة استعمالية معينة و باعتماد و سائل دعاية ناجحة تزداد قيمتها التبادلية و كلما كانت وسائل الدعاية اكثر نجاحا كلما زادت قدرة هذه السلعة التنافسية في السوق , اي كلما زادت الدعاية قد تزداد معها قيمتها التبادلية ايضا رغم بقاء قيمتها الاستعمالية ثابتة دون تغيير ... !
** الصين تعمل على إبقاء عملتها الوان الصيني منخفضة كي تكون القيمة التبادلية للسلع الصينية المصدرة الى الأسواق الخارجية منخفضة لأغراض تنافسية , فهل يقابل هذا التخفيض في العملة الصينية تخفيض في القيمة الاستعمالية للسلع الصينية المُصَدَرة للخارج .... ؟
الجواب : بالتأكيد لا .
** بسبب انخفاض قيمة الأجور تكون كلفة الخدمات منخفضة فهل هذا يعني أن القيمة الحقيقية للخدمات منخفضة اذا كانت الأجور منخفضة ....؟! بالطبع لا .
و هنالك أمثلة عديدة أخرى تؤكد أن القيمة التبادلية هي قيمة افتراضية لأغراض اتمام عملية التبادل فقط و في كثير من الأحيان تكون غير منصفة و خصوصا بالنسبة للدول الفقيرة .
و على هذا الأساس نستنج أن القيمة التبادلية لا يمكن لها أن تعطي صورة حقيقية للواقع الاقتصادي و لا عن القيمة الحقيقية لأجمالي الناتج المحلي من السلع و الخدمات .

و بالتالي فأن استخدام القيم التبادلية لأغراض المقارنة بين قوة الاقتصاد الصيني و قوة الاقتصاد الأمريكي سيعطي نتائج غير حقيقية .
فباعتماد القيمة التبادلية ستكون قوة الاقتصاد الأمريكي في المرتبة الأولى عالميا و قوة الاقتصاد الصيني في المرتبة الثانية ... اما باستخدام القيم الاستعمالية فقد يكون الاقتصاد الصيني ليس فقط في المرتبة الأولى و انما قد يعادل عدة اضعاف قوة الاقتصاد الأمريكي ...!

الإدارة الصينية للاقتصاد لا تهتم لهذه الاعتبارات فأن تم اعتبار الاقتصاد الصيني في المرتبة الثانية أو المرتبة الأولى فهذا لا يعنيهم في شيء فهذه الأمور بالنسبة لهم هي مجرد أمور شكلية ليس لها أي دلالة .
للصين سياستها النقدية ذات الخصائص التي تتوافق مع النهج العام للدولة المتمثل بالتعامل مع الدول و الكتل الاقتصادية بعملاتها المحلية و سيحققون ذلك و على نطاق واسع , هذا شيء مؤكد لكن بشكل تدريجي , عندها ستتغير معايير كثيرة و سيكون الدولار عملة محلية امريكية مثلما الين عملة محلية يابانية و اليورو عملة محلية اوربية و الوان عملة محلية صينية ...و هكذا .

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإنفاق العسكري العالمي يصل لأعلى مستوياته! | الأخبار


.. لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م




.. ألفارو غونزاليس يعبر عن انبهاره بالأمان بعد استعادته لمحفظته


.. إجراءات إسرائيلية استعدادا لاجتياح رفح رغم التحذيرات




.. توسيع العقوبات الأوروبية على إيران