الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوعي الكائن والوعي الممكن في (هذا العام نريده مختلفاً...) للشاعر حبيب السامر

طالب عمران المعموري

2021 / 7 / 20
الادب والفن


ما ان تقف عند عتبة القصيدة بدون ان تدري تسحبك الكلمات بعبق اثيري ينساب الى جنبات الروح.. مفردات لحظية وامضة عفوية شفافة تحضر بدون استدعاء فتفض بياض الورقة ..( هذا العام نريده مختلفا)...نص من مجموعته الشعرية (بابيون )1
فمن تلك العنونة عتبة النص ( العنوان المركب) 2 ، ذو الوظيفة الدلالية التي تكشف بعض دلالات النص وهو الاسلوب الذي وظفه الشاعر . نستشف ان دلالة العنوان يتكون من شقين هما" الوعي الكائن" و"الوعي الممكن"3 يتجلى في رغبة الشاعر بتجاوز التغير نحو الافضل أي تجاوز الوعي الكائن الى الوعي الممكن وهو نوع من انواع الوعي حيث انه يعي واقعه ويتجاوب معها منفتحا في الوقت نفسه على واقع الاخرين وبنظرة "رؤيا حياتية مستقبلية" وبشكل فطري يتجاوز من خلالها مآسيه وواقعه المرير (الوعي الفعلي) او القائم وهو الوعي السلبي بالحاضر ، الى نظرة تفاؤلية خيالية حالمة تتجاوز الواقع الى البديل الممكن الوعي اللحظي (الوعي الممكن) وعي جديد يعطي امكانية التغير(تغير الواقع السلبي).
. نرى ذلك جليا في استهلاله لنصه متفائلا ومستقبلا وهو يستعد قدوم عام جديد :
1
اقترح عليكِ، كي نستعد لاستقبال مطر اللحظات
القادمة
أزين زوايا البيت ببقايا أشجار السرو، وهدايا أعياد الميلاد
القديمة.
وفي نصه الذي يعبر عن الصورة المغايرة للواقع الخارجي السلبي نص رقم (5):
لا علاقة لنا بما يحصل الآن
خارج هذه الغرفة
هنا تتقافز الفراشات وهناك
تتطاير الشظايا
ما حدث
ان اختلطت ألوان الفراشات بشفرات الشظايا
وحزت الموسيقى
وعي المبدع ودوره البارز الذي يفرض سلطته على طريقة الكتابة اولا وفيما تطرح هذه الكتابة وثانيا على صعيد المضمون من رؤى وطروحات ومشاعر تحرك الشكل الخارجي للنص..
ومن خلال حواره على محاور رئيسة يقول "حالة الكتابة عندي لحظية جدا، بدون استدعاء.. الكتابة أحسبها عالمي وطقسي المتغلغل فيّ.. لا وقت للكتابة لديّ.. أكتب متى ما استدعتني اللحظة الوامضة فضّ بياض الورقة.. أمارس الكتابة على الورق لحد هذه اللحظة وأتركها أحيانا تنضج على نار الحياة ومراجل الصبر.. أدون أفكاري أحيانا .. أقرأ كثيرا.. أكتب قليلا.. لديّ مسودات بالجاف والحبر وقلم الرصاص.. أظل شاردا حين تداهمني لحظة الكتابة، أفرش روحي لها مائدة حين تومض وتطرق بابي، سعادتي تتجدد أثناء الكتابة وبعد الانتهاء منها، أجد نفسي محلقاً. الكتابة لحظة ولادة.. وكم من الأولاد لدينا نحن الذين نذرنا أنفسنا للورق."
محاولة مني كقارئ للنص الدخول في عالم الانا الشاعرة(حبيب السامر)والكشف عن مكنوناتها الثقافية والنفسية ،(أنا) أخلصت الرؤيا لحقيقة الشعر والشاعرية وأعطت الشعر الاولوية المطلقة المتحررة ،
ففي نظره "القصيدة عالم قدسي، حين تحضر القصيدة هو انك تكون لست انت لحظة التعامل معها.. مخلوق آخر يمسك بخيوط دخان يغزلها بحروف ضوئية لتكون القصيدة . وحين تفرغ شحنات النص تجد نفسك شكلا آخر يريد ان ينطلق في الهواء، يحلق ..يرسم عوالمه "
في جدلية العلاقة بين الأنا وذاتها وكذلك الانا والاخر عاطفياً (المرأة وعالم الحب) في نصه(هذا العام نريده مختلفا...)
وهذا يكسب أناه الشعرية اختلافا بيناً عن (الأنا) بمفهومها الضيق وتداعياتها السلبية في اطار النرجسية وحب الذات.
نرى ذات الشاعرة أنا حاضرة4 في نص (السامر)وهو نص حداثي بامتياز يكمن اهميته في اشتباكه المركب مع الواقع واللغة والوجود والعالم فهو بطبيعة الحال لا يعني فصل الانا الشعرية عن ابعادها واشتباكاتها الاخرى في مجالاتها الاجتماعية والثقافية والنفسية بما يحمل النص الشعري من قيمة جمالية، نراه جليا من خلال توظيف الافعال الظاهرة :
أقترح/أزين/ وددت/أدخر/ أكون/ أبخل/أقابلك/ أحاول/أرمم/أعدك/ أريد/أمرر/أكورها/أردد/
والتحولات التي طرأت على بنية الأنا في الشعر فنيا وموضوعيا من الانا الفردية الى الانا الاخر او انا الجماعة كما في المفردات :
عليك/ قدومك/ اقابلك/ أعدك/
نستعد/صباحنا/دعينا/ نكتبه / نستعد /نألفها
يتبين من الانا الساردة العلاقة القائمة بين هذين النصين رقم (1) الذي تتجلى فيها الرؤيا التفاؤلية والذات المشرقة، الجمال ، والحب ، البياض، النقاء ،الابتسامة ينظر الى العالم من نافذة مشرقة، تشع بمفرداتها :
هدايا اعياد الميلاد، الضوء ،عطري، بقلب ابيض ،الورد، موسيقى موزارت الهادئة، النغم المنساب ،وانزياحاتها وخروجا عن المألوف مبتعدا عن التقريرية واللغة المباشرة:
مطر اللحظات/ تراقص النوارس / رحيق الكلمات/ ادخر حباً/ موسيقى الروح
النص رقم (5) بمفرداتها التي تمثل الواقع السلبي بمدلولاتها السوداوية ، تتطاير الشظايا/ شفرات الشظايا/ حزت الموسيقى ، علاقة تنافر وتباعد وتضاد بين تصور الوعي الكائن والوعي الممكن
ان النص في مجمله جاء متماسكاً ومنسجماً بحيث كانت للروابط اللفظية والمعنوية وظيفة تنظيمية ودلالية ودوراً هاماً في هذا التناسق والانسجام
هذا العام نريده مختلفا...
1
اقترح عليكِ، كي نستعد لاستقبال مطر اللحظات
القادمة
أزين زوايا البيت ببقايا أشجار السرو، وهدايا أعياد الميلاد
القديمة.
فقط وددت أن أدخر قليلا من الضوء لقدومك
وأكون صريحا جدا هذه المرة
لن ابخل عليك بعطري،
أقابلك بقلب ابيض
وابتسامة لم نألفها من قبل
أحاول أن ارمم التأريخ الميلادي بيننا، بقليل من الموسيقى
أعدك ان قيثارتي ستسكب موسيقى موزارت هادئة هذه المرة
تراقص النوارس
لن ادخر حبا لقدومك
2
لا أريد لصباحنا أن يتكرر
دعينا نبتكر تقويم لحظاتنا
ونكتبه برحيق الكلمات
3
أمرر يدي على حافات الورد
أكورها على دخان شموع تذوي
فيما تتعاقب موسيقى الروح
تنتقل بين الحضور
قلبي أوشك على الطيران
4
رغم ضجة المكان
كنت أردد اسمك يختلط مع النغم المنساب
كانت الاغنية
اسمك فقط!!
5
لا علاقة لنا بما يحصل الآن
خارج هذه الغرفة
هنا تتقافز الفراشات وهناك
تتطاير الشظايا
ما حدث
ان اختلطت ألوان الفراشات بشفرات الشظايا
وحزت الموسيقى
لكن اللحن ظل ينساب حزينا
حتى آخر الحاضرين
وهو يكرر: أحبك!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا


.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما




.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في