الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شبه الدولة غير وطنية 2

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2021 / 7 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


إن في مصطلح " شبه ـ الدولة " إيحاء ضمني بانها ليست دولة وطنية و إنما هي على النقيض من هذه الأخيرة التي هي في جوهرها دولة المواطنين ، كونها كيانا يمثلهم و أداة تعبير ثقافية ووجودية . بكلام أكثر وضوحا تمثل شبه الدولة شراكة إرادية أو توافقية ،بين المستعمِر و بين سلطة الحكم فيها إلى جانب شركاء كرها ، هم مواطنو البلاد .

من البديهي القول أن هذه الشراكة غير عادلة ، و ان حصص المتشاركين غير متساوية و الموازين غير صحيحة و الحسابات مغلوطة . أضف إلى أن سير الأمور خاضع لتقلبات الظروف بوجه عام و إلى إرادة الولايات المتحدة الأميركية على وجه الخصوص ، و تحديدا منذ أن أدعت هذه الأخيرة أحقيتها في السيادة على العالم تحت التهديد بالحرب الدامية و المدمرة ضد الطغيان والأرهاب ، و المعاقبة بواسطة الحصار التجويعي الذي لا يُسمح باختراقه كما هو معروف إلا لمنظمات المساعدة الإنسانية " غير الحكومية " . الولايات المتحدة تجوّع الناس ثم ترسل إليهم من يحمل إليهم بعض الطعام .

مجمل القول ، أن الولايات المتحدة الأميركية هي شريكة في شبه الدولة . ينبني عليه أن السلطة التي تدير هذه الأخيرة ممنوعة من أن تكون وطنية ، فهي ليست ممثلة شرعية للناس ، و ليست مستقلة أضف إلى أنها تضم دائما ، متعاونين مع الولايات المتحدة في عداد أعضائها أو بصفة مستشارين أو مراقبين أو مبعوثين .

من الطبيعي استنادا إلى هذا كله ، أن تنحو شبه الدولة ذاتيا ، نحو الإهتراء فيصير ضررها كبيرا إلى حد يصعب على الناس احتماله و تنتقص الحاجة لها إلى درجة الصفر . مرد ذلك إلى كون الشراكة بين السكان الأصليين من جهة و بين الولايات المتحدة من جهة ثانية غير منطقية ، و ليس لها أى مبرر أنساني أو أخلاقي .

يتمظهر إهتراء شبه الدولة تدريجيا توازيا مع حضور الولايات المتحدة الأميركية الواضح والفاضح ، أو الدولة الأوروبية الكبرى المرتبطة بها ، باضطرار أهل السلطة إلى الرجوع إليها فى كل صغيرة و كبيرة تتعلق بشؤون الناس ، فيتبدد الغموض وتتكشف الهوية الحقيقة للسلطة ، او الجهة التي تمتلك أكثرية الأسهم في شبة الدولة .

تحسن الإشارة في سياق هذا المسألة إلى أن مصالح الولايات المتحدة و الذين يماثلونها ،لاتتطابق مع مصالح الناس العاديين في البلاد الواقعة تحت سلطة شبه الدولة . فمن المعلوم أن مبتغى الولايات المتحدة هو الربح و السيطرة على مصادر الطاقة و الثروة بالإضافة إلى إقامة القاعدة العسكرية ، مخفر القتال او الحراسة . لا بد من التذكير هنا بما يجري عادة عندما تتخلى الولايات المتحدة عن شبه الدولة موقتا أو نهائيا . علما أنها لا تعطي شيئا مجانا و أنها لا تشتري و لا تبيع في أغلب الأحيان .

من نافلة القول أن المجال يضيق هنا عن أحتواء التفاصيل اللازمة لإيفاء هذا الموضوع حقّه ، فاقتصر البحث على أبراز الأخطار الحتمية ، التي تبطنها شبه الدولة . كون نشأتها تجري عادة بقبول المستعمر ، مقابل تنازلات قدمت له و اتفاقيات أبرمت لإرضائه .

و ختاما ، إن تجارب الربيع العربي المتلاحقة مند سنوت 1980 ، كشفت كما أظن ، عن معظم أوجه شبه السلطة في بلدان العرب التي مثلت طيلة مدة وجودها ، حارسة الهدنة التي ارادها المستعمر لكي يكمل دراسة المجتمعات في هذه البلدان بحثا عن الاساليب و الوسائل التي تمكنه من بلوغ أهدافه المتوخاة . يتبني عليه أن قبول شبه السلطة العربية كان في الأصل خطيئة كبرى ، مهدت لجميع الكوارث التي تتابعت منذ الحرب العالمية الأولى و ما زال الحبل على الجرار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير