الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أثر السُكر والتخدير في المسؤولية الجزائية
ماجد احمد الزاملي
باحث حر -الدنمارك
(Majid Ahmad Alzamli)
2021 / 7 / 22
دراسات وابحاث قانونية
الجريمة إذا أخلَّت بأمن المجتمع ونظامه ، تجعل من المجتمع وحده ممثلا بالسلطة التشريعية الجهة المختصة لتحديد الأفعال المحرَّمَة و المحظورة ليُجرِّمها و يحدد العقوبة المناسبة لها ، فمهما قيل من تبرير لإدانة الجاني في حالة تناوله للمُسَكِّر في المكان المخصص له دون نص صريح من المشرع يقضي بإفراد نص خاص لتجريم ذلك الفعل والعقاب عليه ، كما فعلت معظم التشريعات الحديثة و منها التشريعين السوري و اللبناني ، فلا مجال أمام العاملين في الحقل القانوني ، إلاّ أن يتوصلوا لذات النتيجة التي توصلنا إليها بأن السكران في حالة سكره بإختياره سيَفلتُ من العقاب ، لأنه لا مجال للأخذ بالخطأ الذي يعتبر المسلك الذهني المنطوي على عدم توقع الجاني للنتيجة الإجرامية سواءً أكانت عن إهمالٍ أو عدم إحتراز ، كون أن الخطأ يباشر من الفاعل بنشاط صادر عنه بوعي وإرادة دون أن يقصد حصول النتيجة ، فإذا كان النشاط الصادر إبتداءً لم يكن عن وعيٍ و إرادةٍ ، فكيف يمكن القول أنه كان يجب أن يتوقع أو أن يتم القياس بمفهوم المخالفة ,و في الوقت ذاته تنبهت العديد من التشريعات لهذه المسألة بأن نصَّت صراحة على الخطأ المفترض بنصوص صريحة لإدانة السكران بقواعد صريحة أو إستثتاء من الأصل بل وشددت في العقوبة لمن يتناول المسكِّر ولو في المكان المخصص له وأدى ذلك لإرتكاب جريمة وإن لم يكن يدرك الفاعل لكنه ذلك الفعل المجرم نتيجة الغيبوبة لما تناوله. تتحقق المسؤولية الجنائية إذا توفرت شروطها الواجبة الوجود من وعي وأراء وحرية واختيار والتمييز فحيث تنتفي هذه الشروط تنعدم معها المسؤولية الجنائية. ونطاق توافر شروط المسؤولية الجنائية: إذا سلمنا أن الإنسان هو وحده الذي يتمتع بالإدراك والإرادة،وهو الذي يستفيد من نتائج الأفعال وهو المخوَّل لتلك الأفعال إلى حقائق مادية أمكننا بتلك حصر نطاق المسؤولية الجنائية في الإنسان الطبيعي دون غيره من المخلوقات،لأنها ما هي إلا حلقات لا ترتبط،ولا يكتب لها البقاء بانتظام إلا إذا تدخل الإنسان بفكره ليعيِّنها على عدم الإضرار بمصالحها أو يقوم بتفكيره على القضاء عليها.
أما الإسناد الموضوعي, فالمقصود بهذه المسؤولية الأحوال التي يسأل فيها الجاني استنادا إلى رابطة السببية المادية دون توفر الركن المعنوي في الجريمة حيث بمجرد ما يتحقق السلوك والنتيجة المرتبطة به تتوافر الجريمة قانونا دون حاجة إلى ركن معنوي متمثلا في القصد أو الخطأ أعني قيام الجريمة على ركنين الشرعي والمادي وهذا النوع من المسؤولية يعتبر خروجا عن القاعدة العامة في الإسناد الجنائي فهو لا يتقرر إلا بنص صريح وتستلزم المسؤولية الموضوعية أن يكون سلوك الجاني صادراً وهو في حالة وعي وتمييز حتى يمكن الاعتداد به قانوناً وتشمل المسؤولية الموضوعية.
وقد نصت المادة (60) من قانون العقوبات العراقي (لا يسأل جزائيا من كان وقت ارتكاب الجريمة فاقد الادراك او الارادة لجنون او عاهة في العقل او بسبب كونه في حالة سكر او تخدير نتجت عن مواد مسكرة او مخدرة اعطيت له قصراً او على غير علم منه....) وواضح ان فقد الادراك والارادة كمانع من موانع المسؤولية وفق هذا النص ينشأ عن حالة جنون او عاهة في العقل او بسبب تناول المسكر او المخدر قصرا او على غير علم من الفاعل بها. ولو ان الغالب هو ينشأ عن الجنون او العاهة العقلية فقداً للادراك والارادة الا ان الاصابة بالمرض ليست دليلا بذاتها على الفقد بل يجب اثبات ان الفاعل كان غير متمتع بقواه العقلية ما نجم عنه عدم قدرته على تمييز ما هي بالفعل الذي قام به وحيلولة ارادته دون وقوع الجريمة، واذا ثبت ان الفاعل وقت ارتكاب الجريمة كان غير متمتع بقواه العقلية بسبب المرض العقلي تحكم المحكمة بعدم مسؤوليته عن الجريمة، ويقصد بالمواد المسكرة او المخدرة تلك المواد التي يؤدي تعاطيها الى فقد الوعي. ان فقدان الادراك والارادة كمانع من موانع المسؤولية ينشأ عن حالة جنون او عاهة في العقل او بسبب تناول المسكر او المخدر قصرا او على غير علم من الفاعل بها. ولو ان الغالب هو ينشأ عن الجنون او العاهة العقلية فقداً للادراك والارادة الا ان الاصابة بالمرض ليست دليلا بذاتها على الفقد بل يجب اثبات ان الفاعل كان غير متمتع بقواه العقلية ما نجم عنه عدم قدرته على تمييز ما هي بالفعل الذي قام به وحيلولة ارادته دون وقوع الجريمة، واذا ثبت ان الفاعل وقت ارتكاب الجريمة كان غير متمتع بقواه العقلية بسبب المرض العقلي تحكم المحكمة بعدم مسؤوليته عن الجريمة، ويقصد بالمواد المُسكرة او المخدرة تلك المواد التي يؤدي تعاطيها الى فقدان الوعي والادراك الذي تحدثه ولا عبرة بنوعها. ونصت المادة 235 من قانون العقوبات اللبناني والتي يقابلها المادة 234 من قانون العقوبات السوري "يعفى من العقوبة من كان حين اقتراف الفعل بسبب طاريء أو قوة قاهرة في حالة التسمم ناتجة عن الكحول أو المخدرات أفقده الوعي أو الإرادة ، وإذا نتجت حالة التسمم عن خطأ الفاعل كان مسؤولاً عن كل جريمة غير مقصودة إرتكبها ويكون مسؤولاً عن الجريمة المقصودة إذا توقع حين أوجد نفسه في تلك الحالة بسبب خطئه إمكان اقترافه افعالاً جرمية وإذا أوجد نفسه في تلك الحالة قصداً بغية ارتكاب جريمة شددت عقوبته ..."
والكثير من التشريعات التي نصت صراحة على عقاب من يتناول المُسكر أو المخدر بمحض إرادته كما هو الحال في القانونين السوري و اللبناني ، كنتيجة لفقدان الوعي متسبباً في ارتكاب جرم ما ، مؤسسة أحكامها على أساس الخطأ الغير مجرد ، والعلة في ذلك هو قبول الجاني للمخاطرة و استمراره للتحدي ، و هو ما يطلق عليه بالسكر الإختياري ، بمعنى أن المشرَّع في تلك التشريعات أخذ بالخطأ كأساس للخروج على مبدأ اتيان الفعل عن وعي وإرادة ، مقارنة بالتشريعات التي عالجت قوانينها حالة تناول المسكر أو المخدر لأسباب خارجة عن إرادة الفاعل دون تناول أحكامها للسكر الإختياري ، كما هو الحال في القانونين المصري و الأردني.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. القوات الإسرائيلية تُطلق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين عند
.. لمنحهم بطاقات مسبقة الدفع.. إيلون ماسك ينتقد سياسة نيويورك ف
.. تقرير للأمم المتحدة: أكثر من 783 مليون شخص يعانون من الجوع ح
.. ثلثا مستشفيات غزة خارج نطاق الخدمة وفقا لتقرير الأمم المتحدة
.. ماذا تفعل سلطنة عمان لحماية عاملات المنازل الأجنبيات وضحايا