الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخطة الاخراجية

فاضل خليل

2021 / 7 / 25
الادب والفن


ومثل ما للبحث الادبي – الاطروحة او الرسالة – خطة يسير على هديها الباحث – طالب الدراسات العليا – ، كذلك لـ [ المخرج ] يجب ان تكون خطته الدقيقة الواضحة التي يسير على هديها عبر سلسلة من الافعال المتصلة والمتغلغلة وصولا الى [ الهدف الأعلى ] للعرض المسرحي. أو بصيغة اخرى من أجل ايصال أفكار العرض التي هي [فكر المسرح ] ونعني به : هي ما أراد المؤلف + المخرج + كامل فريق العمل = ايصاله الى الجمهور[فكر القاعة ] ، أملا في ان يلتقي الفكران .
الخطة الاخراجية ، اذن ، تبدأ منذ لحظة اكتشاف الافكار الهامة الاساسية ، والهامشية ايضا ، التي تلتقي مع تفكيره واهتماماته المستندة – بعضا – مع فكر النص [ المؤلف ] ، الواجب ايصالها الى الناس بشكل ملح – كونها هي افكار الافكار السائدة في المجتمع والتساؤلات الباحثة عن اسئلة والبحث في الخلاص عن المخاوف – وعندها يبدأ التفاعل بين الافكار حد الامتزاج والتماهي التام ، ليبدا بعدها ايجاد الوسائل التي من شأنها التوصيل . حيث تبدا المقترحات التي من شأنها ذلك ، وفي كل قراءة هناك مقترحات وهناك تطوير في الشكل لمرات عديدة ، تستقر بعدها لتتبلور الى الصيغة شبه النهائية ، لتكون الخاتمة المستقرة للافكار – شكلا ومضمونا – على خشبة المسرح امام الجمهور . وعندها يقف المخرج على اهمية ودقة قراءته عندما تجد صداها من الجمهور او لا تجده او عندما تتفاوت نسبة الاستقبال ، وفي مختلف انواع التقبل تكون الحالة صحية . يتمكن الخرج خلال ايام العرض من التعديل او التبديل وفق المتغيرات اليومية . ويستمر الحال بالتعديل والتبديل حتى اخر يوم من ايام العرض امام الجمهور . وهناك العديد من المؤلفين – المخرجين منهم على وجه الخصوص – يستقر لديه النص مع العرض الاخير فيقوم بطباعته ليكون نصا مسرحيا مجربا بحق.
وكما ان للبحث الادبي – كتابة الرسالة او الاطروحة – خطته التي يسير على هديها الباحث. كذلك فان للمخرج، يجب ان تكون له خطته التي يسير على هديها، تمكنه من السير بسلام ودقة ووضوح عبر سلسلة متشابكة ومتصلة من الخطوط المتعددة، هدفها تحقيق [ فكر المسرح ] للعرض المسرحي وايصاله الى الجمهور او كما نتعارف عليه بـ [ فكر القاعة ] وهو [ الهدف الأعلى ] الذي يسعى المخرج والعاملين الى الوصول اليه. وخطة المخرج، تبدأ منذ لحظة الكشف عن الافكار الهامة في النص التي تلتقي مع فكر المخرج وبقية العاملين في العرض. مع البحث عن السبل التي تعتبر الوسيلة الأمثل في ايصال العرض الى احسن حالاته.
الخطة الاخراجية –اذن– هي جهود طويلة الامد ، لابد من ان تدرس ويهيأ لها بعمق وعناية، لتنفذ على دفعات. فالخطة تمتلك – استراتيجيتها – و – تكتيكها – ولا يمكن لها ان تؤدي اغراضها بمعزل عن جهود كل فريق العمل التي من شأنها ايصال الافكار والتأثيرات الفنية والفكرية والجمالية والفلسفية الى الجمهور ، وفي هذا نجاح اكيد لعمل الخطة الاخراجية. ولكي نتعرف على مدى نجاح الخطة الاخراجية ، يتوجب علينا ان نطرح السؤال التالي :
• متى نبدأ بالتجسيد العملي للخطة ؟
ويكون الجواب في : عندما تبدأ المسرحية بالحركة في الاذهان المنفذة بعد قراءتها ، وعندما تبدأ في شحذ فكر المخرج وتحفيز خياله الذي من خلاله يبدأ الانطلاق نحو التجسيد. فبدون الخيال لايمكن ان يكون ثمة ابداع لا في الحياة ولا في الفن . عندها سيتمكن المخرج من رؤية الذي يريده في النص. الامر الذي يمكنه بعدها من معرفة النتائج التي يستطيع بعدها معرفة حتى النتائج التي ستؤول اليها افكاره في المسرحية وما سيوصله اليه خياله كي يستقرأ نتائج العرض أو ما نطلق عليه اصطلاحا [ مستقبل العرض ] .
ان الوصول الى التجسيد الفاعل والدقيق، انما يتم بفعل الدراسة الطويلة الهادفة لاجل ايجاد صورة العمل الذي احتلت خيال المخرج والتي بدونها يستحيل الابداع. ان الكشف عن دواخل النص بعد قراءته اخراجيا قد تثير مشاكل الى المخرجين عليهم الخروج منهاباكتشاف ملامحها في المضمون والشكل والايقاع. وعندما ينتهي المخرج الى هذا الوضوح يبدأ بالعل على خلق الصور بايقاعاتها المختلفة، التي ستنساب بشكل منتظم ووفقا لاشكال متغيرة ومتوازنه تنظم الصراعات. فيبدأ المخرج بالتوجيه والتنظيم للصراعات : مهونا حينا، مقويا، محطما، وخالقا بالتالي الصورة التي يكمن فيها المضمون والشكل اللذان يوصلان خطاب المسرح الى الجمهور.
• الحقائق الثلاثة التي يستند عليها عمل المخرج .
ان عمل المخرج يكمن في امتلاك الحقائق التالية:
أ‌- التفكير ، في توحيد الجهود ضمن وحدة فنية واسلوبية وعضوية واحدة في تنفيذ مكونات العرض المسرحي.
ب‌- قيادة الفريق المسرحي، وعموم العاملين على تكوين العرض المسرحي.
ت‌- تنظيم عمل الفريق، وفق خطة ابداعية موحدة لجهود العاملين.
ان توحيد تلك العناصر، متعددة الايقاعات والعمل على ان تكون منسجمة في مكوناتها الموضوعية وترتيبها، املا في الوصول الى التكامل الفني. على ان نعرف بأن العرض الذي يفتقد الى الانسجام [الهارموني] في المضمون والشكل، يعتبر العرض هابطا لا محالة.
ان التميز في الاسلوب بين مخرج وآخر مسألة لابد منها، وان المخرجون متنوعون كما الممثلين متنوعين، وان مهمة المخرج تكمن في الكشف عن الجوهر الابداعي الذي أسس له النص حين اعطاها الكثير من الافكار والاحداث المهمة منها والهامشية. وترك المهمة الاساس على عاتق المخرج ، وهو الي يفرز منها الحيوي المتفق في موازينه ليعمل على تطويره والنهوض لايصال افكاره الى الجمهور – الذي يعيش وسط التأثيرات الكبيرة والكثيرة وسط الاحداث التي تمر امامه فتسرع من ايقاعه او تبطئ حسب الحالة المطلوبة، ولأن الحياة اصبحت معقدة، اصبح معها ضرورة الاختصار بالخطاب المسرحي. اذ اصبح من المستحيل معها ان تكون المسرحية من خمسة فصول كما كانت عليها المسرحيات في السابق. ان التغيير في الايقاعات بين مسرحيات اليوم والامس، هو بسبب التغيير في ايقاعات العصروما يفرضه هذا الايقاع على كل مجريات العصر ومنها المسرح. وبما ان المخرج هو (مرءآة الممثل) الذي من خلاله يصل العصر الى محاكاة الواقع والمجتمع. وبما ان الممثل هو (المؤلف لقرارات المخرج) وليس منفذا او ناقلا غير ابداعي له عليه ان يكون امينا في التوصيل وان يكون لبصمته سماتها مثلما للمؤلف والمخرج لهم بصمتهم الواضحة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا