الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاتحاد الأفريقي وتعزيز شرعية الكيان الصهيوني

محمود محمد ياسين
(Mahmoud Yassin)

2021 / 7 / 26
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


تم منح اسرائيل في 22 يوليو الجاري رسميا صفة عضو مراقب في الاتحاد الإفريقي، في خطوة أتت بعد نحو عقدين من فقد إسرائيل وضعها كمراقب في أعقاب حل منظمة الوحدة الأفريقية وإنشاء الاتحاد الأفريقي. وفى هذه الكلمة نلقى بعض الضوء على المخاوف التي تترتب على هذا القرار الصادم.

كان تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية في 1963 تتويجا لانتصار افريقيا في معركتها ضد السيطرة الاستعمارية المباشرة على بلدان القارة، بينما ظلت الشعوب الافريقية تتطلع أن تواصل المنظمة، التي تحولت للاتحاد الأفريقي في 2002، المعركة ضد تغلغل النفوذ الاستعماري غير المباشر في أفريقيا. وقد كان دافع الشعوب في التعلق بهذا الأمل الكلمات القوية التي وردت في ميثاق منظمة الوحدة الافريقية (1963) حول مواصلة مكافحة الاشكال الجديدة للاستعمار. ففي ديباجة ميثاق منظمة الوحدة الافريقية جاء اعلان الرؤساء الافارقة معلنا عن” تصميمهم المحافظة على الاستقلال وتدعيمه وصيانة سيادة الدول الافريقية“و” محاربة الاستعمار الجديد في اشكاله المختلفة“. وفى الفقرة الرابعة من مادته الثانية ذكر الميثاق” أن من اهداف المنظمة الافريقية إزالة كل اشكال الاستعمار الجديد في افريقيا“.

انطلاقاً من هدف مناهضة الاستعمار القاعدة التي مثلت ركنا أساس في ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية وتحت تأثير المشاعر المناهضة للاستعمار وسط شعوب القارة الافريقية في المرحلة المباشرة لإنهاء الاستعمار المباشر حرصت الدول الافريقية على دعم القضية الفلسطينية، كقضية تحررية. وكانت قضية فلسطين حاضرة على أجندة القمم الإفريقية منذ 1967. وبلغ العداء لإسرائيل قمته عندما تعرضت لمقاطعة جماعية من الدول الافريقية في 1973.

تغيرت الصورة تماما حيث تراجع الموقف الإفريقي تجاه اسرائيل منذ تسعينيات القرن الماضي؛ وتزامن هذا التقهقر بعد توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في 1979 واستكمال الجلاء الإسرائيلي من سيناء عام 1982، كما أن توقيع اتفاق أوسلو مع الفلسطينيين عام 1993 واتفاق السلام مع الأردن 1994 قد ساهما في تطبيع العلاقات بين أفريقيا وإسرائيل.

في 2002 تأسس الاتحاد الأفريقي ليحل محل منظمة الوحدة الافريقية الذي جاء قانونه التأسيسي يحمل أهدافا زعم القادة الرؤساء الافارقة انها تعبر عن التغييرات التي شهدها العالم منذ قيام المنظمة. فأهداف الاتحاد الأفريقي جرى التعبير عنها في ديباجة القانون التأسيسي ب ” تعزيز التنمية الاجتماعيـة والاقتصـادية فـي أفريقيا، والتصدي – بصورة أكثر فعالية - للتحديات التي تفرضها العولمة “والعزم على” تعزيز وحماية حقـوق الإنسـان والشـعوب الأفريقية ودعـم المؤسسات والثقافة الديمقراطية وكفالة الحكم الرشيد وسيادة القانون“. وأيضا من الأهداف ما جاء في المادة الثانية:” تعزيز التنمية المستدامة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافيـة وكذلك تكامل الاقتصاديات الأفريقية“.

و مبادئ الاتحاد تم التعبير عنها بشتى التعابير المجردة التي لخصتها المادة الرابعة من قانون الاتحاد الأفريقي في:” احترام المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون والحكم الرشيد“ و ” تعزيز العدالة الاجتماعية لضمان تنمية اقتصادية متوازنة”.

وهكذا اختفى تماما أي ذكر لقضايا محاربة تدخل الدول الكبرى في شئون البلدان الافريقية ومهام تحرير سيادتها التي تنتقصها تلك الدول من خلال العلاقات الاقتصادية والتجارية غير المتكافئة (في ظل التوازنات المتغيرة للقوى الدولية).

يجئ منح إسرائيل وضع المراقب في الاتحاد الأفريقي متزامنا مع التوجه الجديد للاتحاد الأفريقي وتطبيع العلاقات الرسمية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان كجزء من الاتفاقيات الإبراهيمية التي رعتها الولايات المتحدة. وكما ساهمت معاهدة السلام المصرية واتفاق أوسلو مع الفلسطينيين في انهاء حالة العداء الافريقية-الإسرائيلية في تسعينيات القرن الماضي، فان التراجع العربي الأخير وثق علاقة افريقيا مع الكيان الصهيوني الى أن توجت بحصول إسرائيل رسميا على صفة عضو مراقب في الاتحاد الأفريقي.

إن وضع المراقب لإسرائيل في الاتحاد الأفريقي يؤدى لمزيد من الشرعية لإسرائيل التي ظلت تمنحها لها بعض الدول العربية عبر السنين ويعزز وجود الصهيونية على أرض فلسطين ويطلق يدها في مواصلة تنفيذ مخططاتها لإسقاط الحقوق الفلسطينية؛ والقرار يتناقض مع إجراء سابق للاتحاد الأفريقي بمنح صفة المراقب في المنظمة لفلسطين في 2013 الذي اتخذ كموقف ضد احتلال إسرائيل لآراضي فلسطينية وضد العنصرية الصهيونية.

إن أفريقيا ما زالت تعاني من نير الاستعمار المتخفي في شتى الاشكال وقرار منح إسرائيل وضع المراقب في الاتحاد الأفريقي يسهل تغلغلها في القارة الافريقية ويجعلها أكثر مقدرة على لعب دورها كأداة من أدوات خدمة المصالح الاستعمارية وخاصة الأمريكية في المنطقة، فإسرائيل تمثل الرافعة التي ترفد أمريكا بالخدمات الاستخباراتية تسهيلا لهدفها الاستراتيجي الخاص بالتمدد والهيمنة على البلدان الأفريقية.

وهكذا فان معاداة إسرائيل ليست لدعم القضية الفلسطينية فحسب، بل لسلامة القارة الافريقية العظيمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.


.. القاهرة تتجاوز 30 درجة.. الا?رصاد الجوية تكشف حالة الطقس الي




.. صباح العربية | الثلاثاء 16 أبريل 2024