الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل العلمانية ضرورية للمجتمع العراقي ؟

عادل عبد الزهرة شبيب

2021 / 7 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


فيما يتعلق بالعلمانية , هناك مفهومان من الضروري التعرف عليهما لفهم افضل للعلمانية وهما : " العلمانية"( بكسر السين ) و " العَلمانية " ( بفتح العين ) .
فالعلمانية ( بكسر العين ) من علم ( بكسر العين ) وتعني اتخاذ المعرفة العلمية الآتية من العلوم الطبيعية ( الرياضيات , الفيزياء , الكيمياء , البيولوجيا ... الخ ) مقياسا لتفسير كامل امور الحياة والكون والتاريخ وما قبل وما بعد الحياة , اي انها مثلا لا تقبل بأي تفسير غيبي لأي فكرة او موضوع , بل تصر على التفسير العلمي , كما انها تتبنى الفصل بين السلطة الزمنية والسلطة الدينية الذي يجب ان يتأسس على فصل تام بين الدين والسياسة من حيث اختلاف طبيعة المعرفة الدينية عن طبيعة المعرفة العلمية التي تحدد العلاقات المدنية للبشر فيما بينهم . وتؤكد العلمانية ( بكسر السين ) على ضرورة قياس النص على العقل لا قياس العقل على النص لذلك فهي تقول بضرورة قراءة النص الديني وربطه بالزمان والمكان والحالة الخاصين به .
أما " العَلمانية : ( بفتح العين ) فهي مشتقة من ( عالَم ) " بفتح اللام " , أي تختص بشكل أساسي بالعالم والوجود البشري فيه ولا علاقة لها بالغيبيات والماورائيات المطروحة دينيا . بل انها تقوم على دور الانسان بصفته كائنا معرفيا , واستقلالية للعقل الانساني ومرجعيته في كافة مجالات الحياة , ودراسة طبيعة المعرفة العملية وطبيعة المعرفة الدينية وعلاقتهما ببعض , فهي تتبنى الموقف العقلاني من طبيعة الدين وطبيعة القيم وطبيعة الانسان ومفهوم العلاقة من حيث طبيعة المعرفة بين الدين والقيم والدين والانسان والانسان والقيم .
وفيما يتعلق بالمجتمع العراقي فإنه يتشكل من طيف عريض من الديانات والطوائف والمذاهب الدينية المختلفة والمتعارضة احيانا والمتحاربة احيانا اخرى كما حصل في العراق في عامي 2006 و2007 . ان اعتماد الدولة دينا واحدا او طائفة او مذهب معين لإحدى فئات مواطنيها فإن باقي مواطنيها المستبعدين سيشعرون بالإحباط لأنهم لا يستطيعون التعرف على انفسهم وعلى هويتهم في دين الدولة او طائفتها او مذهبها وسيبقون خارج المواطنة الكاملة . ولذلك فإن العلمانية ضرورية جدا للمجتمع العراقي الذي يتميز بالتنوع من اجل العيش معا في وئام وسلام بين جميع مكونات المجتمع العراقي . فعلمانية الدولة في العراق هي المخرج من مأزق الحرب الدينية او الطائفية او تهميش الطوائف الاخرى , حيث ان في الدولة العلمانية فإن رابطة المواطنة لا تقوم على الدين او الطائفة او المذهب وانما تقوم على العقد الاجتماعي , اي العقل البشري ومصلحة المواطنين المفهومة فهما صحيحا . وهكذا فالدولة العلمانية تستمد شرعيتها من العقد الاجتماعي لتنظيم حياة المجتمع وتحقيق السلام الداخلي بين دياناته وثقافاته المختلفة . فالعلمانية اذن هي مفتاح الحداثة السياسية لأنها المبدأ الذي يفصل بين المؤمن والمواطن , فأيمان المؤمن لنفسه مقتصر على ضميره الفردي , لا علاقة له بحقوقه وواجباته كمواطن . فالمؤمن يمارس ايمانه الفردي في جامع او حسينية او كنيسة او كنيس , فيما المواطن يمارس مواطنته حقوقا وواجبات في حدود الوطن كله , لأن المواطنة حق مشاع لجميع المواطنين دون استثناء , ولذلك فالمطلوب اليوم في العراق التخلص من الدولة الطائفية والعمل وفق مبدأ المواطنة .
والعلمانية بدون ادنى شك تمثل قطيعة مع جذور التخلف وهي شرط لازم من شروط التحديث , ولا يمكن وصف اي منظومة او مجموعة تقاليد تجافي او تعارض او ترفض حقوق الانسان وترفض قيم الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية الا بالتخلف .
وبهذا الصدد فقد اكد الحزب الشيوعي العراقي في برنامجه على توطيد واستكمال البناء الديمقراطي وترسيخه في العراق بما يضمن اقامة دولة القانون والمؤسسات الدستورية والفصل بين السلطات وتفعيل مبدأ المواطنة بما يضمن اقامة دولة القانون والمؤسسات الدستورية والفصل بين السلطات وتفعيل مبدأ المواطنة ومساواة المواطنين امام القانون وضمان تمتعهم بحقوقهم وحرياتهم العامة والشخصية كما نص عليها الدستور ولائحة حقوق الانسان الدولية . مؤكدا على تصفية مظاهر التمييز والنزعات الشوفينية والتعصب القومي والديني والمذهبي التي افرزها النظام الدكتاتوري وحروبه وفاقمتها سياسة الاحتلال وقوى الارهاب والسياسات الخاطئة التي انتهجتها القوى المتنفذة في بناء مؤسسات الدولة والعمل على الخلاص من نهج المحاصصات والتوظيف السياسي للدين وانهاء مظاهر الاستقطاب الطائفي والاثني وتكريس الوحدة الوطنية مع احترام الشعائر الدينية ودور العبادة للأديان والطوائف كافة , وتأكيده على بناء الدولة المدنية الديمقراطية , دولة القانون والمواطنة والعدالة الاجتماعية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الصين يحمل تحذيرات لبكين؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. زيارة سابعة مرتقبة لوزير الخارجية الأميركي إلى الشرق الأوسط




.. حرب حزب الله وإسرائيل.. اغتيالات وتوسيع جبهات | #ملف_اليوم


.. الاستخبارات الأوكرانية تعلن استهداف حقلي نفط روسيين بطائرات




.. تزايد المؤشرات السياسية والعسكرية على اقتراب عملية عسكرية إس