الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(انتيجون – بروت مار) ... مسرحية كلاسيكية معاصرة

فاضل خليل

2021 / 7 / 28
الادب والفن


"الأعمال الكلاسيكية يمكن أن تكون ممتعة للمتفرج
المعاصر فقط، عندما تعالج بالإسقاط المعاصر"(1)
(تاييروف)

عند فرز ذلك الحيوي من الحياة والحفاظ عليه , وحتى في " الأعمال الكلاسيكية يمكن أن تكون ممتعة للمتفرج المعاصر , فقط عندما تتم عملية إسقاط الهم المعاصر عليها " ولكي نقف على صحة ذلك نأخذ. نستعرض انموذجا للعرض غاية في الحداثة هو عرض مسرحية (انتجون). و(انتيجون) المسرحية الكلاسيكية التي تناولتها المخرجة الليتوانية (بروت مار) وقد أسبغت عليها هماً معاصراً تعيشه أغلب البلدان المقهورة ومنها العراق، عندما ييييكون طموحا مابعده طموح ( دفن موت الحروب ). لكنها حافظت تماما على المعاني وما حملته المسرحية من خطاب واضح الى الجماهير في كل الازمان ومنذ ( سوفوكليس ) مؤلف النص الاول في العصر الاغريقي. ان العرض الجديد [عرض مسرح – فيديو , يعتمد على تراجيديا ( انتيجون – سوفوكليس ) مدة العرض : خمسون دقيقة , أداء وسيناريو وإخراج الليتوانية: بروت مار, إخراج فيديو: انريوس جاكوسبونس, الموسيقى: اناستاس كوسيندكاس, الملابس: جولانتار ريمكوت, الإنتاج: ادوار موليتي(2).
هذا العرض ( المونودراما ) كان من تمثيل المخرجة الليتوانية المتميزة ( بروت مار) - أيضا– التي أضافت أفلام الفيديو المصنوعة للعرض خصيصا كواحدة من الوسائل المعاصرة جدا في إيصال الكثير من الهموم والاسقاطات التي عاشتها انتجونا ومعاناتها الكبيرة في عدم السماح لها بدفن اخيها من قبل الحاكم الجائر (كريون – الملك الجديد لطيبة- خلفا لأبيها أوديب). و( انتيجون ) الابنة الأكبر(للملك أوديب) التي عاقبها ( كريون) بأن تدفن حية، بسبب دفنها لجثمان أخيها ( بولينيكوس ). هذا العرض استلهم من التراجيديا الإغريقية – اجتهدت المخرجة – الممثلة – فاكتشفت في النص ما يربط الماضي بالحاضر بصرياً وفكرياً فخلقت التضاد عبر الوسيط – الفيديو– فصورت الكورس بأحجام بشرية ضخمة تتضاءل أحيانا. وأخرى تتلاشى لتبقى ( انتيجون ) وحدها في الصورة وبأوضاع وأشكال تعبيرية مختلفة, فقد صورت الكثير من تعبيراتها المهمة والتي صاحبتها على شاشة سينمائية كبيرة طوال وجودها على خشبة المسرح, فشكلت لها في الكثير من الأحيان خلفية جميلة أدت أغراضها, يسندها الاستخدام المتقن والرائع للموسيقى والمؤثرات وملابس انتيجون وما حملته من تغيرات. وهذا ما اتفق مع حلمها الذي تجسد في قولها ( كان حلمي أن اصنع من انتيجون شيئاً ينعتق من إسار المسرح التقليدي )(3). وتسترسل كيف إنها (انطلقت من موسيقى اللغة والمونولوجات المتدفقة والمنهمرة كشلاّل يشابه المراثي الفلكلورية – المعاني مثل هذه لا تستوعب بالسمع فقط , أنها مثل الشعر)(4).
ولكي تؤكد (بروت مار) المعاصرة في عرضها الكبير(انتجون)، في كسرها للتقليد ووافكار الماضي ووسائله حين تقول: (اندفعت إلى المتناقضات بين الفيديو والأداء الحي المركز أمام النظارة)(5). ثم تقول للتختم كلامها بالتأكيد على أن (التضاد يخلق حالة جريمة انتيجون)(6). وبهذا فهي تتفق كما ستختلف مع السائد من المسرح الإغريقي حين تتفق مع ما تعنيه المحاكاة من ان ما يقوم به الممثل الأول ( بروتاجوينست Protagonist ) ماهو الا نوع من المحاكاة الجديدة-القريبة من خلال (التحاور مع الجوقة ليدفع ببداية ظهور الممثلين الذين يمثلون في حواراتهم اكثر الأشكال تركيباً لما هي الإنسان في مواجهة الآلهة والأساطير والأقدار والدولة والماضي والأوامر والنواهي الدينية)(7). لكنها تختلف في أسلوب ونوع الطرح والاستخدام للشاشة, وفي المحاكاة وتقمص اكثر من شخصية في آن واحد باختلاف تغير الملابس والصوت والصورة, كل هذا أحسسنا به حين أوصلته لنا الممثلة – المخرجة (بروت مار) التي أرادت أن تؤكد على أن اللغة التي نفهمها في العمل المسرحي تكمن في أسلوب المعالجة والتجسيد, لغة مفهومة أوصلت للقاعة كل الذي تريد إيصاله , كما أنها قامت بمهمة (المؤلف – سوفوكليس) الغائب لأنه (في حالة عدم وجود المؤلف المسرحي ,على المخرج بالضرورة , القيام بقسم من مهام المؤلف)(8). إذن نحن دائماً، في المسرح المعاصر، نحتاج إلى جسور في المعالجة للمسرحيات ذات الازمنة المغايرة أن نحسن الاختيار للاسباب التي تدعونا في تناولها اليوم، بتطويع افكارها ومواضيعها بما يخدم الحاشر ويجعله يرتبط بجسر متين مع الماضي .

الهوامش :
1. نديم محمد: ( تاييروف ومسرح الحجرة ) , مجلة الحياة المسرحية , العدد 1 صيف 1977, دمشق ,ص 45
2. عن فولدر مسرحية [ أنتجون ] الذي عرض في مهرجان الشارقة المسرحي في 16/3/2003م – دولة الامارات العربية المتحدة .
3. منهاج العرض.
4،5. المصدر السابق.
6. مصطلحات مسرحية ,ص 37.
7. هناء عبد الفتاح، أصول التجريب في المسرح المعاصر , مجلة فصول , المجلد 14 , العدد الأول , ربيع 1995 , ص 56 , 37.
8. نديم محمد: (تايروف ومسرح الحجرة) مجلة الحياة المسرحية, العدد 1, دمشق, صيف 1977, ص 117








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في