الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيادة الحق الإلهي في الإسلام

محمد رضوان

2021 / 7 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


هل توجد نظرية سياسية للحكم في الإسلام؟
هل يمكننا أن نسمي العلاقة بين الحاكم والمحكوم في ظل الدولة المسلمة بموجب " دستور" بأنها علاقة تعاقد في حين ان فكرة العقد الإجتماعي قائمة علي أن القانون والنظام السياسي العام ليسا طبيعيين وانما هما من إختراع البشر؟
هل يمكن أن تنشأ علاقة تعاقدية " اختراع بشري" تقوم علي إستمداد السيادة من الحق الإلهي؟
في الواقع لا يمكن نظريا او عمليا تحقيق ذلك الإندماج بين مصدرين للسيادة في جسد سياسي واحد، لا يمكن أن تقوم رابطة تفاعلية بنفس الجسد السياسي ما بين ( الشعب صاحب السيادة، إن الحكم الا لله) لا يمكن لأحدهما أن يقوم علي الآخر كما لا يمكن التسليم بوجوب إندماجهما لكون النظرية الأساسية والوحيدة التي نشأت عبر التاريخ للحكم في الإسلام قائمة علي العهد وليس التعاقد، فمثلا التعهد بدفع الضرائب هو إمتداد للتعهد بدفع الجزية، لم يسبق ولم يكن ممكنا ان تُدفع الجزية بالإتفاق الحر المتبادل وانما بتعهد المهزوم الضعيف بالإلتزام ما تم الإتفاق عليه مسبقا وإقراره، لا يمكن أن تسمي تلك الحالة ( حالة تعاقد).
ولما كان التعاقد ينبع من إقرار بتنازل الطرفين لتحقيق الإتفاق كان ذلك غائبا تماما في حالة التعهد الذي نشأ من إقرار بتنازل طرف واحد لحساب الطرف الآخر، بجانب ان التعهد الناشيء بموجب الحق الإلهي يتعارض كليا مع التعهد الناشيء بموجب الإتفاق فيما يتعلق بحفظ الذات، ففي حالة التعاقد يمكن إعادة النظر في الوعود الباطلة كالوعد بعدم الدفاع عن النفس بالقوة ضد القوة وهو الأمر غير الممكن في حالة التعهد ويمكن إستنتاج أن القوة الناشئة من الحق الإلهي في الإسلام تُنقل بإستمرار في صورتها الأساسية علي هيئة تعهد سابق وليس إتفاق حر سابق ولذلك لا يمكن في ظل القانون المدني في الإسلام أن يُستمد شرعية من أي إتفاقيات لاحقة علي التعهدات التي قامت عليها تلك القوة في الأساس، ولما كانت تلك القوة هي نفسها ناشئة بتعهد يبطله حالة القانون المدني دائما أصبح كل محاولة لدمج مصدر السيادتين أمر مستحيل، فلا يمكن إنتقال حق في حالة القانون المدني/ التعاقد اذا ما كان باطلا.
إن كل إقرار بسيادة الحق الإلهي هو إقرار بنقض كل سيادة اخري تخالفه والعكس، فاذا امكننا التأكد والتسليم من قبول الله لعهدنا معه أصبح ذلك العهد حق قابل للإنتقال فور الإلتزام به وبالتالي تقف سيادة القانون الوضعي/ المدني عند حد التعارض والنفي، فسيادة القانون الوضعي بوصفها تفويض متبادل للحقوق لا يمكنها ان تقوم علي تعهد مع الله او وكلاءه وانما علي عقد صريح متبادل، الأمر الثاني الذي يؤكد إنفصال وتضاد السيادتين هو ان حين لا يكون تفويض الحق متبادلا وانما منتقل فإن هذا لا يكون عقدا بل عطاء مجاني، وبالتالي فكل قانون يستند علي العطاء المجاني لا يمكن ان يستمد او يُمد من/ الي قانون يستند علي تفويض متبادل للحقوق وإلا اصبح لدينا جسد مشوه يتغذي علي نفسه في مسار مستمر نحو الإضمحلال التام .
إن العهد القائم علي الخوف ملزم بالضرورة، هذا أمر ممكن فهمه والتسليم به في نطاق الحق الإلهي لكن ما لا يمكن فهمه هو محاولة إقرار ذلك الأمر ضمن قانون مدني يجعل من الإلتزام بتنفيذ العهد مستحيل لأنه لا يمكن في حالة القانون المدني الا أن يكون هذا التعهد باطلا دائما، لأن في كل حالة ظهور سبب او واقع جديد لإرادة عدم إنجاز التعهد يبطل التعهد من تلقاء نفسه بقوة القانون المدني لكنه يظل قيد التفعيل بقوة الحق الإلهي دائما وابدا، كيف يمكن دمج السيادتين؟
إن تعهد الحكم لله يتطلب بنفس القدر تعهد بنفي قوة الكلمات المشتقة من التفسير البشري لكلام الله، فلا يمكن لتلك الكلمات ان تتمتع بنفس سيادة كلام الله والا أصبح كل إلتزام بعهد بين البشر هو نفسه إلتزام بالتعهد مع الله وهو الأمر الذي لا يمكن التأكد منه الا بنفي سيادة التفسير البشري بأكمله، وحيث يكون هناك خوف من عدم إنجاز التعهد بالحق الإلهي المنقول تصبح كل ثقة متبادلة قائمة علي عقد إجتماعي يستمد قوته من التفسير البشري باطل وبالتالي اذا سلمنا بتطابق او تساوي الكلمات البشرية المفسرة لكلام الله مع كلام الله ذاته فإننا نذهب بالقول أن كل تعهد مع الله قائم علي التفسير البشري ( القانون الوضعي) هو باطل بسيادة الحق الإلهي دائما .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام 


.. انفجارات وإصابات جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب




.. مسعفون في طولكرم: جنود الاحتلال هاجمونا ومنعونا من مساعدة ال


.. القيادة الوسطى الأمريكية: لم تقم الولايات المتحدة اليوم بشن




.. اعتصام في مدينة يوتبوري السويدية ضد شركة صناعات عسكرية نصرة