الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تجري مفاوضات سرية بين النظام المغربي ، وبين الدولة الاسبانية ؟

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2021 / 7 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


أفادت العديد من المواقع الإعلامية الاسبانية ( El Mundo/ El Pais / El Espagnol ) ، ومواقع مغربية ناقلة عنها ، أخبارا ترُوج حول محادثات سرية ، تجري بين النظام المغربي ، وبين الدولة الاسبانية ، لرأب الصدع الذي أصاب العلاقات التقليدية / الانتهازية ، بين النظام المغربي ، وبين الحكومة الاسبانية بخصوص الملفات العالقة المثير للاختلاف .. وزادت هذه المواقع ، انّ الدولة الاسبانية مستعدة لمراجعة كل القضايا المُختلف حولها ، وعلى راسها قضية الصحراء الغربية ، وملف سبتة ومليلية والجزر الجعفرية ... وانّ إرادة الطرفين ، ستتغلب على نقط الاختلاف بما يرضي كلا اطراف الازمة ...
فهل حقا ان محادثات تجري في السرّ ، لإعادة العلاقات الى طبيعتها الأولى ، قبل تفجير الازمة التي ازّمت العلاقات بين الدولتين ؟
أولا ) ما يجب التنبيه له ، انّ الصحف والمواقع الاسبانية ، استعملت كلمة ( قدْ ) . و( قدْ ) لا تعني الجزم ، ولا تعني القطع . لكنها تعني الاحتمال الذي يبقى مجرد احتمال ، ما لم تكذبه مفاوضات حقيقية معلن عنها ، من قبل الجانبين بطريقة رسمية ، لا غموض ولا لبس فيها ..
ثانيا ) انّ المواقع المغربية حين نقلت الخبر عن الصحافة الاسبانية ، فهي لم تستعمل كلمة ( قد ) لنفي الاحتمال . بل روجت للخبر وكانه حقيقة منزلة . بل ولحقارتها اعتبرت هذه المفاوضات انتصارا للنظام المغربي على الدولة الاسبانية اوربية ، واعتبرته اذعانا وخضوعا للدولة الاسبانية لمطالب النظام المغربي ... وهذا يذكرنا بالانتصارات الوهمية العربية ، طيلة حروبها مع الدولة الصهيونية ..
ثالثا ) في خضم التجاذب بين الدولتين ، ومن خلال الضرب من تحت الحزام من خلال مؤشرات ، ومن خلال اتخاذ خطوات ، نكاد نجزم ان لا مفاوضات تجري بين الطرفين ، بشكل رسمي سري ، او علني .. بل ان الجمود والانتظار ، هو ما طبع العلاقات التي تزداد توثرا ، سواء من قبل النظام المغربي الذي يستعمل الاذن الصماء ، والظهور بعدم الاهتمام ، وانه غير مستعجل من امره ، وفي الحقيقية هو مصدوم من المواقف التي اتخذتها اسبانية ، وفرنسا ، والاتحاد الأوربي ، بخصوص معارضة مغربية الصحراء . لأنه لم يكن ينتظر تلك المعارضة جهرا وبوجه مكشوف وانياب مُكشّرة .. او من خلال الحكومة الاسبانية التي يعطي مسؤولوها تصريحات مطمئنة ، لكنهم في تصرفاتهم ، فالقرارات المتخذة هي ضد التصريحات المعبر عنها .. وهذا دليل ان الازمة تتعمق اكثر بين الطرفين المتنازعين ، وانّ الترويج للمحادثات ، وليس للمفاوضات ، خاصة عند استعمال المواقع الاسبانية لكلمة ( قد ) ، يعني ان الوضع لا يزال كما كان بعد رفض اسبانية ، ومعها دول الاتحاد الأوربي اعتراف Trump بمغربية الصحراء ..
المواقع الاسبانية ارجعت سبب تأزيم المأزم في العلاقات الثنائية بين الدولتين ، الى حلول إبراهيم غالي للاستشفاء بإسبانية ، التي ( رفضه ) النظام المغربي واحتج عليه .. لكن قضية إبراهيم غالي لم تكن هي سبب تأزيم العلاقات ، خاصة وان حلول غالي بإسبانية كان إنسانيا بدرجة أولى ..
لكن انّ السبب الرئيسي في الازمة بين البلدين ، يعود الى الموقف الصلب للحكومة الاسبانية من قضية الصحراء ، عندما ناصبتها العداء العلني بعد اعتراف Trump الشخصي المقلب بمغربية الصحراء ، وهو الاعتراف الذي جمده John Biden ، وافرغه من محتواه بالفن .. فالقرارات والتصريحات المختلفة للساسة الامريكان بخصوص نزاع الصحراء ، كلها تحيل الى الحل الاممي ، والى مجلس الامن .. مع العلم كانَ من المفروض ، انه بمجرد اعتراف Trump بمغربية الصحراء ، يجب ان يتوقف المسلسل الأمريكي في الخوض في نزاع ، كان المفروض انه تم حسمه بالاعتراف . والحال ان ما يجري من ممارسات بالسطح ، وبالعلن ، يفيد التخلي عن اعتراف Trump بمغربية الصحراء .. والسؤال . ماذا يعني تأكيد الساسة الامريكان ، على الزامية ، وضرورة التسريع بتعيين مبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة بنزاع الصحراء ، اذا كانت أمريكا قد حسمت موقفها من النزاع ، عندما اعترفت بمغربية الصحراء ..
فالموقف الاسباني والاوربي من نزاع الصحراء ، الذي يتخندق ضد مغربيتها ، هو سبب الازمة التي كانت خامدة ، وتفجرت بعد رفضهم اعتراف Trump بمغربية الصحراء .. والنظام المصاب بحساسية الصحراء ، وبفوبيا الصحراء ، يعرف انه عند ضياعها ، سيضيع عرشه ، وربما سيضيع كل دولته لصالح دويلات ، او لصالح نظام اخر ضمن نفس الدولة ، او ينتهي المطاف ببناء دولة جديدة على انقاض الدولة العلوية .. أي دولة جمهورية ليس لها من الجمهورية غير الاسم ، لأنها ستكون على غرار الجمهوريات العربية دكتاتورية ، ترفل في عشّ الاستعمار ، وفي حضن الامبريالية والصهيونية ، كما نراه اليوم بالنسبة لجميع الأنظمة السياسية العربية ، جمهورية كانت او ملكية ..
فالاتحاد الأوربي ، ومن ضمنه اسبانية وامريكا ، التي افرغت اعتراف Trump من مضامينه ، رغم انهم يعرفون ان ذهاب الصحراء يعني سقوط النظام ، فهم متمسكون بعدم مغربيتها ، ويتجهون الى حل الاستفتاء ، الذي نتيجته الانفصال / الاستقلال عن أراضي ما قبل 1975 ... وهذا يعني ، وقد فطن له النظام المغربي ، انّ النظام اضحى غير مرغوب فيه .. وبالعزلة التي يعشها ، فقد تكون هناك مخططات تنسج على نار هادئة ، لتجاوزه ، وتغييره ، لضمان استمرارية الدولة بنظام اخر مزْهُوٍّ مع اللبرالية ، ولو المشوهة.. وبالقطع مع التقاليد البالية ، والطقوس القروسطوية المرفوضة في الثقافة والمدنية الحديثة للدول الديمقراطية ..
فالموقف الأوربي من الصحراء هو اصل المشكل .. اما قضية إبراهيم غالي ، فتستعمل للاستهلاك ، والتنفيس ، ولإبعاد الصراع الحقيقي انْ يكون على رأس جدول الاعمال ، ولإخفاء الحقيقة الخطيرة ، التي هي موقف الاتحاد الأوربي ، وعلى رأسه اسبانية وفرنسا من مغربية الصحراء .. وهنا لن يكون موقفهم الحقيقي ، غير انتظار نضوج الزمن والمعطيات ، للذهاب بعيدا في نسج علاقات مع الجمهورية الصحراوية ، والنظام الجزائري على حساب الوحدة الترابية للمغرب ..
ان القول بجريان مفاوضات ، بين طرفي النزاع المغربي الاسباني ، ليس له بصيص حقيقة . لان المواقف جد متباعدة . بل انها مع مرور الأيام ، وظهور المعطيات ، ومستجدات ، تتباعد اكثر بما يجعل العودة الطبيعية / اللاّطبيعية السابقة ، امرا جد معقد .. لان المرجعية التي يستند لها كل طرف ، هي مرجعية مبدئية ، او مرجعية مبادئ .. فالإسبان ولأسباب ذاتية متناقضة مع التاريخ ، سيظلون يرفضون مغربية الصحراء ، وسيظلون من داخل الاتحاد الأوربي يعملون لفصل الصحراء عن المغرب ، املا في إعادة السيطرة عليها ، عندما يتم بناء جمهورية هجينة ، لا مقومات الدولة لها . لأنها ستعيش في كنف الاستعمار ، بكل اشكاله المتكالبة على الدول والشعوب .. والدولة المغربية التي تعرف ان بقاءها من عدمه ، هو مرتبط ببقاء او عدم بقاء الصحراء تحت سيطرتها ، تعتبر أيّ ردة فعل لمحو وانهاء نفوذها في الصحراء ، هو ضربة لوجودها المهدد على اكثر من درجة وصعيد ...
فاذا كانت المواقع الاسبانية قد استعملت ( قد ) ، لعدم الجزم بحقيقة المفاوضات ، التي تبقى مجرد احتمال من بين الاحتمالات التي قد لا يفكر فيها حتى .. فان إتقان غُرْزة المفاوضات بين الدولتين الاسبانية والمغربية ، وبين الدولة المغربية والاتحاد الأوربي الذي تضامن مع اسبانية في ازمتها مع النظام المغربي ، خاصة موقف الدولة الفرنسية من فضيحة Pegasus ، يخضع لمنطق القوة .. وينبئ بعلاقات مستقبلية اكثر تشنجا بين الدولة المغربية ، وبين اسبانية ، وفرنسا ، والاتحاد الأوربي ..
بل ان اسبانية ومن خلال عدة خرجات ، ومن خلال عدة قرارات ، ذهبت بعيدا في التضييق ، وفي اقلاق النظام المغربي .. وهذا لوحده دليل بان لا مفاوضات سرية تجري بين الطرفين ، و لا مباحثات ، ولا مفاوضات ، ولو بالوساطة . لان الوسيط الفرنسي التقليدي ، اعرب من خلال وزير الخارجية Jean-Yves le Drian ، عن التأييد التام لإسبانية ضد المغرب ، وقد زادته فضيحة Pegasus ذريعة ، في الاصطفاف مع اسبانية ضد النظام المغربي ، الذي اصبح يعيش عزلة دولية قاتلة ، وعزلة داخلية تسبب فيها جهاز بوليسه القمعي ضد الشعب ، وتسببت فيها سياسته الاقتصادية ، والاجتماعية ، والسياسية التي اعترف بها الملك شخصيا امام الشعب ..
فاذا كانت من مفاوضات تجري سرا بين الطرفين . هل كان للمحكمة الوطنية الاسبانية مثل المحاكم الفرنسية ، رفض الدعاوى المقامة ضد خصوم النظام المغربي ...
ومثلما رفضت المحاكم الفرنسية دعوى النظام المغربي بحجة التشهير .. فان قاضي المحكمة الوطنية الاسبانية " سانتياگو بيدرات " رفض كل الدعاوى المرفوعة ضد إبراهيم غالي من قبل " الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الانسان " / " ASADEH " منذ سنة 2008 ، ضد ثلاثة عشر عسكريا من جبهة البوليساريو .. أي الدعاوى المرفوعة ضد جرائم ( قد ) تكون وقعت ما بين 1975 و 1990 ...
وبالرجوع الى نص القرار الذي خرج به القاضي " سانتياگو بيدرات " ، لإبطال ورفض الدعاوى المرفوعة ضد إبراهيم غالي ، سنجد انه كان قرارا سياسيا ، ولم يكن قرارا قانونيا قضائيا ، ولو اتخذ له وجه القضاء ، لطمس الدعوى ، واغلاق الملف طبقا لقضاء التوجيهات ، كما يجري به العمل في المغرب .. ففي فرنسا واسبانية كدول اوربية ، نجد كذلك حكومة الظل ، اوالحكومة العميقة التي يرتبط القضاء بتوجيهاتها ، عندما يكون النزاع سياسيا بين دولتين ، خاصة اذا كانت الدولة التي تتقاضى مع الدولة الاسبانية ، دولة جنوبية كالمغرب ...
وحتى نذلل على القرار السياسي الذي اعتمده القاض الاسباني ، بدل القرار القانوني القضائي .. سنجد القاضي يبرر كل خطوة للهروب الى الامام ، ولإغلاق الملف الذي احد اطرافه ، ذاك الذي خير ناصر بوريطة اسبانية بينهم وبين المغرب ، فاختارت الدولة الاسبانية وليس Arancha Gonzalez Laya التي كانت تتصرف ضمن الحكومة ، جبهة البوليساريو ، والنظام الجزائري ، ولم تختر النظام المغربي الذي بقي مشدوها فاتحا فمه كالأبله من الاختيار الاسباني ..
1 ) فيما يتعلق بدعوى الإبادة الجماعية ، والاختطاف ، والتعذيب التي ( قد ) تكون ارتكبت بين سنة 1975 و 1990 . اعتبر القاضي " سانتياگو بيدرات " انّ الدعوى مرفوضة ، لارتكازها على مجرد اقوال ، وليس أفعال .. واعتبرها مرفوضة ، لانعدام الحجة ودليل الإدانة ..
بل ان القاضي سيسقط في تناقض صارخ ، يبين ان قراراه كان قرارا سياسيا ، ولم يكن قرارا قانونيا ، حين اعتبر ان الوقائع المقدمة تم تفنيدها ، وان ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية لم يثبت .. وان إفادات الشهود تتعارض مع مضمون الشكوى .
2 ) ارتكز القاضي على اتخاذه قرار رفض الدعوى ، واغلاق جميع الدعاوى المقامة ضد إبراهيم غالي ، بكون الدعوة خالية من المستندات ، وبكون جريمة القتل الجماعي ، والتعذيب ، والاحتجاز غير القانوني ، ارتكبت بين 1975 و 1990 .. أي بعد مرور ثلاثين سنة . مما يجعل تلك الجرائم تفقد زخمها بسبب التقادم .... وهنا نلاحظ ان القاضي تكلم عن جرائم حصلت خلال مدة معينة ، وهذا إقرار بالجرائم .. ولو لم يكن هذا إقرار ، لاستعمل القاضي عبارة ( قد ) . أي جرائم قد تكون ارتكبت بين 1975 و 1990 ..
اليس هذا اعتراف من القاضي ، على ان قرار رفض الدعاوى المرفوعة ، ارتكز على السياسي ، ولم يرتكز على القانوني .. فما معنى ان يقول القاضي .. جرائم انتهت بالأقدمية .. وهذا اعتراف صريح بحصول الجرائم .. ولماذا لم يقل ( قد ) تكن ارتكبت .. لأبعاد التهمة التي تفتقر الى الدليل ..
3 ) حين يرفض القاضي مواصلة الدعوى بدعوى التقادم .. وهنا إقرار بجرائم حصلت ، لكنه اغلقها بسبب فوات الوقت الذي هو اكثر من ثلاثين سنة .. لكنه يناقض نفسه مرة أخرى حين يقول ، " بانتفاء الآثار" ، الامر الذي جعلها دعوى من اجل الدعوى ، ومن دون سند لتبنى عليه الاحكام .. وحتى يهرب بعيدا ، اعتبر ان الهدف من الدعوى سياسي ، والمحكمة الوطنية الاسبانية غير مختصة بالنظر في الدعاوى السياسية . فهي تختص فقط بالنظر في الأفعال المثبتة بالحجة والدليل ، وهذا منعدم في الدعوى المرفوعة ضد ابراهيم غالي .. وهنا ما هو المعيار الذي بنى عليه القاضي قراراه ، حتى يعتبر اصل الدعوى سياسي او غير ساسي .. حتى يهرب بكل سهولة الى اغلاق الملف نهائيا ..
كما انّ القول بتناقضات اقوال الشهود ، سيجعل الدعوى لا غية من اصلها ، ومرفوضة من قبل المحكمة .. أي انتصار المحكمة مثل الحكومة الاسبانية ، عندما خيرها بوريطة بين النظام المغربي ، وبين إبراهيم غالي ، وجبهة البوليساريو ، والنظام الجزائري ، فاختارت الحكومة إبراهيم غالي الذي اغلق القاضي جميع الدعاوى المرفوعة ضده ..
فحين يرفض القضاء الفرنسي دعاوى التشهير التي رفعها النظام المغربي ضد خصومه من المغاربة ، وحين يغلق القضاء الاسباني اية متابعة في حق ابراهيم غالي ، وهو اغلاق مقصود .. فعنْ اية مفاوضات سرية يجري الحديث ، بين الدولة الاسبانية ، والدولة المغربي ...
ومرة أخرى اشم شيئا يتم التحضير له ضد النظام ، وقد زادت من يقينيته فضيحة Pegasus ، وانقلاب فرنسا على النظام في قضية الصحراء ، وتصاعد الهجوم الاسباني ، والاوربي ضد النظام كنظام ، وضد وحدة المغرب ، ووحدة الشعب ...
ليست هناك مباحثات ، ولا مفاوضات سرية بين النظام المغربي ، وبين الحكومة الاسبانية .. ولا تراجع في المواقف الاسبانية ، ولا الاوربية ، وحتى إسرائيل من نزاع الصحراء ، ومن الوضع القانوني لسبتة ومليلية ، والجزر الجعفرية ...
القادم أسوأ ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: حماس تمارس إبادة جماعية ورفضت جميع المقترحات المتعل


.. الدكتور مصطفى البرغوثي: ما حدث في غزة كشف عورة النظام العالم




.. الزعيم كيم يشرف على مناورة تحاكي -هجوماً نووياً مضاداً-


.. إيطاليا تعتزم توظيف عمال مهاجرين من كوت ديفوار وإثيوبيا ولبن




.. مشاهد جديدة وثقتها كاميرات المراقبة للحظة وقوع زلزال تايوان