الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب البعث ودوره في تغيب سلطة 14 تموز من خلال رفعه شعار (الوحدة الفورية الاندماجية):(2 -5)

عقيل الناصري

2021 / 7 / 30
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


يقول، من ناحية الممارسة للعملية السياسية والفكرية، يفغني بريماكوف: "... لم يكن تفكير القوميين الثوريين الذين جاءوا للسلطة في بعض الدولة العربية متشابه مؤيدا بشكل مطلق للوحدة العربية. وكان شعار (وطنية البلاد) في الممارسة فوق القومية العربية, ولم تكن هذه صفة مميزة لمصر وحدها فقط، بل لجميع الانظمة العربية البرجوازية الصغيرة. وبالرغم من التأكيدات على الاستعداد للذود عن وحدة العالم العربي وإعلان هذا الهدف شعاراً رئيساً، إلا التناقضات بين مختلف البلدان العربية التي تحررت من التبعية الاستعمارية قد أتسعت... "، وبصورة خاصة في السياسات الاقتصادية واختلاف البنى الارتكازية والاهداف المتبينة المرسوم تحقيقها وخلوها من الابعاد الاجتماعية في أغلب الاقطار العربية وبخاصة النفطية منها، وتبيان الإختلافات الناجمة عن التطور.
ومباشرةً بعد رفع شعار الوحدة الفورية الإندماجية بصورة مادية ومعنوية أنقسم المجتمع العراقي عمودياً وافقياً، وكانت البلاء السياسي والفكري والاجتماعي والتنظيمي، إذ اشتعل العنف بين هذه القوى الاجتماعية، والنتيجة التي آلت اليها في معظم الدول العربية التي تحكمها التيارات القومية بمختلف أجنحتها. إذ سبق وإن "... تعمقت الهوة في الدول التي تبنت القومية والوحدة ذاتها وابتعد الساسة ورجال الدولة عن أفكار ميشيل عفلق وصديقه منذ أيام الدراسة صلاح البيطار(1912-1980) اللذين أسسا معا حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا ورغم تحمل صلاح البيطار مسؤوليات كبيرة في الدولة وقيادة الحزب في سوريا في مرحلة الوحدة مع مصر، وبعدها فر ميشيل عفلق بأفكاره وقناعاته عن العروبة والإسلام والوحدة من سوريا إلى العراق. وفر صلاح البيطار الى لبنان ثم إلى أوروبا. وفشل بقية المنظرين للوحدة العروبيين والإسلاميين مثلما فشل دعاة، العالمية الاشتراكية وتم تكريس واقع الدولة الوطنية ... ".
ولو عدنا للتاريخ السياسي لفترة بعد نجاح ثورة 14 تموز، المقترن بالصعوبات الاجتماعية والاقتصادية بل وحتى الفكرية، والتهديد بالغزو الخارجي التي اعقبت ذلك، لأتضح لنا من المسؤول والسبب في هذا العنف من خلال الشعار الذي اقترحه {الوحدة الفورية الاندماجية مع العربية المتحدة } ميشيل عفلق؟ ونعود للسؤال!!
وهل هناك أدلة ما نسبْ إليه وهو ميشيل عفلق؟؟ لنتصفح بعض قادة حزب البعث وبالتحديد الأعضاء بالقيادة القطرية، ومن الذين حضروا اللقاء المعقود معه في فندق بغداد. بالإضافة من القوى الوكنية الأخرى:
*** يقول خالد على الصالح في كتابه في طريق النوايا الطيبة، حيث يذكر المصدر نفسه ويقول: "... أن المسبب الأرأس في رفع شعار (الوحدة الفورية الإندماجية) هو ميشيل عفلق عندما زار العراق بعد أسبوعين من قيام ثورة 14 تموز، ونزل في فندق بغداد وبعمله هذا إراد الاستجارة بحزب البعث في العراق ضد عبد الناصر، بالرغم من أعتراض بعض من القيادة القطرية وعلى رأسهم الأمين القطري فؤاد الركابي
*** ويعلق د. نوري عبد الحميد العاني، ويقول :" ... وعند اجتماعه مع قادة حزب البعث في بغداد دعاهم إلى العمل من أجل الوحدة الكاملة مع الجمهورية العربية المتحدة. وعندما عبر بعضهم عن مخاوفه من حل الحزب على غرار ما حدث في سوريا، أجاب بالقول: أظن أن الزعيم عبد الناصر يشترط لتحقيق الوحدة حل الأحزاب كما هو الحال في سوريا خصوصاً حزب البعث ولكن على افتراض أن توقيف نشاط الأحزاب بما فيها حزب البعث يعتبر ضروريا لهذه الوحدة. فأن الوحدة يجب أن تتم بصرف النظر عن أي اعتبار آخر... فعلق حل التنظيم في سوريا من دون يراجع الفروع وعاد بعد 14 تموز، مع طرح مسألة الوحدة في الشارع العراقي يستنجد بفرع العراق لإستخدامه في حل مشاكله مع عبد الناصر والضغط عليه به... لقد حضر عفلق إلى بغداد بعد تموز حيث نزل في فندق بغداد وكنتُ في عداد الحزبيين الذين زاروه، وكان كعادته في مثل هذه المناسبات مالكاً الدنيا وحالما بإمساك ناصية الرمح، وكان هو: شخصياً من طرح شعار الوحدة الفورية وألح عليه رغم تحفظ فؤاد الركابي وبعض الشخصيات القومية العراقية كصديق شنشل وعبد الرحمن البزاز.
والمهم في الأمر أن تصريحات ميشيل عفلق وتحركاته قد أثارت (واستفزت القوى الوطنية الأخرى - الناصري)عبد الكريم قاسم والشيوعيين العراقيين وأنصارهم الذين ردوا عليها بالدعوة إلى الاتحاد الفيدرالي مع الجمهورية العربية المتحدة وتقوية العلاقة مع المعسكر الإشتراكي ورفعوا شعار إتحاد فيدرالي صداقة سوفيتية، فيما عدَ البعثيون والقوميون وعلى رأسهم عبد السلام محمد عارف، ذلك تآمراً وإنحرافاً عن أهداف الثورة وأنقسم العراقيون إلى فريقين (وحدويون وإتحاديون)، فالشيوعيون والوطنيون الديمقراطيون وبعض الجماعات الكردية تمسكوا بالإتحاد ووجدوا في الزعيم الركن عبد الكريم قاسم خير سند لهم للحفاظ على إستقلال العراق ووحدته (وهم الأغلبية من الرأي العام العراقي كما يعترف عبد الستار الدوري ومحسن الشيخ راضي بهذه الإغلبية -الناصري)... في حين وجد البعثيون والقوميون الوحدويون في العقيد الركن عبد السلام ونائب رئيس الوزراء ووكيل وزارة الداخلية ومعاون القائد العام للقوات المسلحة سندا لهم لتحقيق الوحدة الفورية وكانوا يحضون أيضاً بدعم وتأييد جمال عبد الناصر... ووجدت كل من بريطانيا والاويات المتحدة الأمريكية في تلك الاوضاع وخاصة بعد تفكك دولة الوحدة وانفصال سوريا عن مصر مواتيه للتدخل وإزاحة عبد الكريم قاسم بمد الجسور ودعم القوى المعارضة لحكمه وهو ما تكشف عنه الوثائق التي هي موضوع هذا الكتب... ". ( التوكيد منا- الناصري).
*** ويكتب هاني الفكيكي يقول: "... مع قيام 14 تموز ومشاركة البعث بشخص فؤاد الركابي في الحكومة إزداد تأزم العلاقة مع مشيل عفلق كان محور الخلاف هو موضوع التناقض في الموقف من الوحدة وحل الحزب, فعفلق حل التنظيم في سوريا من دون أن يراجع الفروع، وعاد بعد 14 تموز مع طرح الوحدة في الشارع العراقي يستنجد بفرع العراق لإستخدامه في حل مشاكله مع عبد الناصر والضغط عليه به. وكان لهذا الاستخدام أن أزعج فؤاد الركابي الذي اتجه إلى تمتين علاقة الحزب في العراق بقيادة العربية المتحدة، فيما لعب صفاء محمد علي أحد القياديين الحزبيين يومذاك ومسؤول المهام السرية دور همزة الوصل. لقد حضر عفلق إلى بغداد بعد تموز، حيث نزل في (فندق بغداد) وكنت في عداد الحزبيين الذين زاروه. كان، كعادته في هذه المناسبات، مالكاً الدنيا وحالماً بإمساك ناصية الريح, وكان هو شخصياً من طرح شعار الوحدة الفورية، وألح عليه رغم تحفّظ فؤاد الركابي وبعض الشخصيات القومية العراقية كصديق شنشل وعبد الرحمن البزاز. هذا حتى لا نشير إلى ضعف الحزب والتيار القومي عموماً والاعتماد الكامل على ضباط الجيش... ".( التوكيد منا- الناصري).
*** ويقول محسن الشيخ راضي : "... أما قوى حزب البعث الحقيقية حتى ذلك التاريخ، فقد بقيت عددياً ضعيفة ومقتصرة على أوساط محدودة هي أوساط الطلاب والمثقفين... وبعد نجاح انقلاب 14 تموز عام 1958، والقضاء على الملكية وحكم نوري السعيد، كانت الجبهة الوطنيّة لا تزال قائمة ولكن وجودها كان اسمياً وهزيلاً... بل أكثر من ذلك، بعد هذا التاريخ، أخذ التناحر يدب فيها، والخلافات تزداد عمقاً، وكلّ فئة وحزب يريد أن يستأثر بالمكاسب السياسيّة ويوجه الانقلاب العسكري ضمن مخططه السياسي... البعث، تحت تأثير القيادة القوميّة وأمينها العام ميشال عفلق بالذات، أخذ يلحّ ويرفع شعار الوحدة الفورية مع الـ ج. ع. م.( الجمهورية العربية المتحدة- الناصري) وعندما أبدى القادة البعثيون العراقيون بعض المخاوف من هذه الوحدة الفورية، وأن يُحلّ الحزب كما جرى في سورية.
كان جواب ميشال عفلق على ذلك بإنه لا يعتقد أن عبد الناصر يضع شروطاً كما حصل في سوريا ويطلب حلّ الأحزاب وخصوصاً حزب البعث. وعلى فرض أن حل حزب البعث ضرورة لقيام الوحدة، فيجب أن تقدم الوحدة وتوضع فوق أيّ اعتبار. الحزب الشيوعي، بقواه الشعبية الواسعة وتنظيماته القومية والتقائه عملياً وسياسياً مع بعض رؤساء الانقلاب ... ".( التوكيد منا- الناصري)
*** ويكتب عبد الستار الدوري : "... وعلى مدى عدة شهور من قيام ثورة تموز من عام 1958، كانت قواعد حزبنا غارقة في خضم أمواج المطالبة بالوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة.. اليوم اليوم وليس غداً..! وإن تعليمات قيادتنا، كانت تؤكد، على ضرورة رفع هذا الشعار الاستراتجي في التجمعيات الجماهرية المهرجانية التي كانت تقام في مراكز المحافظات ... وبإنجازنا هذه المهمة الاستعراضية العابرة والمنهكة والمتعبة، كنا نشعر بغاية الرضى والتفاخر النفسي، بكوننا قد قطعنا شوطاً مقدساً على طريق نضالنا القومي والوحدوي ... وكان جل همومها واهتماماتها يدور في دوامة العمل الفكري والميداني، وحتى التآمري السري، للانضمام الفوري في خيمة عبد الناصر... لقد كنا حقاً غارقين حتى العظم في أمواج الحماسة العاطفية في الانشداد القوي صوب شعار الوحدة، وصوب قيادة عبد الناصر، ولم نستطع التخلص منها إلا بعد خراب البصرة!!!...طبعا كان يقبلنا في هذا المضمار المحموم، كل قوى التيار اليساري العراقي، من شيوعيين والليبراليين والوطنيين والماركسيين و الاشتراكيين والبارتيين الأكراد وهم في الحقيقة والواقع يمثلون غالبية الشعب العراقي ". ( التوكيد منا – الناصري)
*** ويناقش حسن العلوي، كأحد مردي لحزب البعث مسألة الوحدة الفورية الاندماجية آنذاك بإعتبارها: "... هدف مصيري يجب السعي لتحقيقها على مراحل، إلا إذا تعرض العراق إلى غزو خارجي يستهدف إعادة النظام الملكي، حيث يمكن المنادة في الوحدة الفورية مع الجمهورية العربية المتحدة. وهذه مفاجئة ثانية أشد وقعاً من مفاجئة الأعلان عن الاتفاق بين الضباط الأحرار، على سياسة (التقارب فقط) مع العربية المتحدة, ففي هذا الهدف أو الاتفاق اكتشاف خطير لكنه جاء متأخراً. لموضوع كان السبب المباشر لجميع المشكلات التي واجهت ثورة 14 تموز والقوى السياسية الوطنية والقومية، إن الحركة القومية بكل فصائلها رفعت شعار الوحدة الفورية كحد السيف وجعلت مطلبها الوحدوي مقياس صحة، أو انحراف الحكم الثوري الجديد، ولم تكن مستعدة لكي تستمع إلى رأي آخر. كالقبول بالوحدة في وقت آخر، أو الاتحاد الفيدرالي الذي طرحه الحزب الشيوعي، والذي أعتبرت الاوساط القومية تجاوزاً على المرحلة، وتطرف آخرون فوصفوه بالشعوبية. أنهم وضعوا الوحدة الفورية سكيناً على رقبة عبد الكريم لا بديل لها إلا المت الفوري له... ولو تسلح الضباط الأحرار القوميون بشيء من الموضوعية، لتعهدوا اعلان هذا الأتفاق، وحسموا الموقف كما تمليه الأمانة التاريخية، لكنهم وجدوا تبني الوحدة الفورية مكسباً جيداً يحقق لهم إحراج عبد الكريم قاسم، فضلاً عن ظهورهم بمظهر عقائدي لكسب الجمهورية العربية المتحدة، وهم الذين أعتبروا الوحدة مراحل ومنعوا المناداة بالوحدة الفورية ما دام العراق بخير... ".( التوكيد منا – الناصري).
*** يقول عزيز سباهي كأحد الباحثين الجادين والموضوعيين: "... لقد فجر ميشيل عفلق ومن ورائه جمال عبد الناصر ورجل مخابراته في سوريا عبد الحميد السراج، وأبواق دعايته الكبيرة، وضعاً خطيراً في البلاد والثورة لا تزال في اسابيعها الأولى، ورغم أن رئيس الحكومة عبد الكريم قاسم قد أشار بوضوح في 27 تموز 1958 إلى أن الوحدة العربية: (ليست شيئاً يقرره إنسان بمفرده بل يجب أن تقرره شعوب الدولة العربية), أضف إلى هذا، فإن البلاد كانت تفتقر إلى برلمان يحتكم إليه، وزاد في الأمر، أن الحكومة كهيئة رسمية، مسؤولة عن إدارة البلاد، لم تناقش هذه المسألة لهذا فقد دخل العراق في مأزق حقيقي كان في غنى عنه. وأنطلقت القوى السياسية في صراع حام لممارسة الضغط على الشارع السياسي وعلى الحكم، مستخدمة كل ما تملك من أدوات الدعاية والتحريض... ".
وبالتالي فإن الاستنتاج الأرأس يتمثل بمجموعة هي :
الاستنتاج الأول: من هذا الاستعراض هو أن ميشيل عفلق كان وراء رفع شعار الوحدة الفورية الاندماجية مع الجمهورية العربية المتحدة على لسان قادة حزب البعث بخلاف الاغلبية الساحقة من القيادة القطرية وبعض الشخصيات من التيار القومي؛
والاستنتاج الثاني: ربما مشيل عفلق كان متعمدا في طرح الوحدة الاندماجية الفورية بصورة مقصودة، بعد اتضاح التوجهات الجذرية لثورة 14 تموز، من خلال تركيبة الوزارة كإئتلاف من قبل أحزاب جبهة الاتحاد الوطني (ما عدا الحزب الشيوعي) بغية التخريب المتعمد والإنحراف المقصود في إنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية بأسسها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية، وإخضاعها الى رؤيته الذاتوية وأهوائه، لما يلعبه قوى اليسار العراقي في المجتمع؛ أو (وربما) مدفوع من القوى والمراكز الرأسمالية عندما قرأت الساحة السياسية في العراق في اعقاب ثورة 14 تموز تحت يافطة شعار محاربة الشيوعية السيء الصيت؛
والاستنتاج االثالث: ربما موحى إليه من قبل جهات متعددة داخلية، بغية القضاء على ثورة 14 تموز بعدما رأى سيطرة قوى اليسار في الشارع العراقي، ومشيل عفلق معروف في عداءه للقوى الماركسية والديمقراطية وبخاصة الشيوعية؛
والاستنتاج الرابع: بعد أصرار "... حكومة الجمهورية العربية المتحدة على الوحدة الفورية الاندماجية مع الجمهورية العراقية ومجمل سلوكها لتحقيق ذلك قد صدع هذه العلاقات منذ الأشهر الأولى من الثورة، كما ساهم في تصديع وحدة القوى الوطنية في العراق... ". وبخاصة بعد اكتشاف مؤامرة رشيد العالي الكيلاني في نهاية عام 1958. وكان جمال عبد الناصر في قمة انويته.
ويستنج د. عزيز الحاج عن التطاحن السياسي الذي عصف بثورة 14 تموز بعد رفع شعار الوحدة الاندماجية الفورية، بالقول: "... بدلا من التطاحن حول مسألة الوحدة الفورية، كان المطلوب تعزيز التضامن والعمل لدفع مسار الثورة إلى أمام لبناء دولة المؤسسات وسن الدستور الدائم والانتخابات بعدئذ وفي أجواء هادئة. وكان من المصلحة إقامة أفضل العلاقات مع الجمهورية العربية المتحدة بدلا من تفجير قنبلة الوحدة الفورية موضع اعتراض الأغلبية من القوى الوطنية والشعب، إن وحدة بلا ديمقراطية مصيرها الفشل بعد أن تدفع شعوب تلك الوحدة أن قامت، الثمن من حريتها وكرامة المواطن...
غير أن اخواننا القوميون أعتبروا النموذج المصري الشمولي للعروبة هو الأوحد والمثالي أي العروبة الأحادية اللاديمقراطية. وناكرين أن يكون الآخرون هم أيضاً عروبيين ولكن ليس من المدرسة الأحادية الكلاّنية الرافضة للآخر والقائمة على محو المواطن بإسم رفع شأن الأمة والنصر على الصهيونية وعلى إلغاء الدولة المؤسساتية لصلح دولة الفرد. ولم يؤد ذلك النهج بعثياً أو ناصرياً لغير الكوراث كما في 5 يونيو/ حزيران 1967، وفي غزو الكويت والمآسي التي نتجت عن "أم " الكوارث ... ".( التوكيدات منا- الناصري).
وداخل الحزب البعث تعرضت بنيته التنظيمة إلى:"... ثلاثة تطورات متوازية وذات صله لحزب البعث في الفترة بين 14 تموز 1958 وشباط 1963 حيث توافد كثيرون على حزب البعث ومن خلفيات متباينه إجتماعيا وفكريا يجمعهم العداء لحكومة الزعيم قاسم وحلفائه الشيوعيين، في نفس الوقت تغيرت بنية الحزب تبعا لذلك فأصبح جبهة أكثر منه حزب مبتعدا عمليا عن مرافئه النظرية وشعاراته، أما التطور الثالث الموازي فقد تمثل بإزدهار الممارسة العملية على حساب النظرية والفكرة وهو ما إنعكس بشكل مباشر على نوعية الكادر البعثي المتقدم الذي لم يعد مهما أن يتصف بالولاء لمبادىء وأهداف الحزب المعلنه ولا أن يكون منظرا لها وإنما أن يملك صفات شخصية قيادية في توجيه وتحشيد طاقات الحزب بإتجاه الوصول للسلطة كهدف أوحد وبأي إسلوب..صحيح أن ذلك لم يحدث دفعة واحدة... لكن توجه الحزب في طريق التحول الى منظمة سرية إرهابية مضى بدون توقف ليتوج بإنقلاب شباط 1963 والذي أثبتت الاحداث التي أعقبته من ممارسات عنيفة وغير مسبوقة بعيدة كليا عن أهداف الحزب النظرية وشعاراته تحوله إلى منظمة ذات طبيعةإرهابية ".
الهوامش:
1- يفغني بريماكوف، الشرق الأوسط المخفي والمعلوم، ص. 57، دمشق، دار اسكندرون 2006.
2-هشام جعيط:الإسلاميون لم يقدموا بديلا للدولة الوطنية، والمنشور في 1/3/ 2020، https://arabi21.com.
3 - د. نوري عبد الحميد العاني، الأيام الاخيرة من حكم عبد الكريم في الوثائق البريطانية، إعداد وتقديم، بيت الحكمة، بغداد 2013، ص.7-9، 11.
4 -هاني الفكيكي، أوكار الهزيمة، تجربتي في حزب البعث العراقي، ص.97 -98، دار رياض الريس، لندن 1993.
5 - محسن الشيخ راضي، مقابلة مع د. مصطفى دندشلي، جرت في لبنان 30 من تموز عام 1965.
6 - عبد الستار الدوري، أوراق عتيقة من دفاتر، ج. 3، ص. 231، مصدر سابق.
7- حسن العلوي، عبد الكريم قاسم رؤية بعد العشرين، ص. 137، دار الزوراء 1983، لندن.
8- عزيز سباهي، عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي،ج.2، ص. 344.
9 - د. سعاد خيري، ثورة 14 تموز، ص. 115، مصدر سابق، والشيء بالشيء يذكر إذ أقامت الجمهورية العراقية مع العربية المتحدة خاصة في الأشهر الأولى أوثق الصلات وعقدت الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية والثقافية إلى حين تم الكشف عن مؤامرة رشيد عالي الكيلاني في آواخر سنة 1958.
10- د. عزيز الحاج، ثورة 14 تموز 1958 ضحية الصراعات السياسية، محاضرة القيت في ندوة 9 شباط 2001، ص.22 .
11- فوزي عبد الرحيم، خلاصات سياسية،الحلقة 22، تاريخ النشر في الفيسبوك 20/2/2021.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من الحرس الثوري الإيراني في حال هاجمت اسرائيل مراكزها


.. الاعتراف بفلسطين كدولة... ما المزايا، وهل سيرى النور؟




.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟


.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟




.. طهران تواصل حملتها الدعائية والتحريضية ضد عمّان..هل بات الأر