الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام السياسي و الديمقراطية ... طريقان لا يلتقيان ( 1 )

آدم الحسن

2021 / 7 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


قد يكون من الضروري تذكير الإسلام السياسي أن الديمقراطية كلمة ليست عربية و هي مشتقة من اللغة الإغريقية و معناها ( حكم الشعب ) , و حكم الشعب هو ما يختاره الشعب لنفسه من حكم , أي حكم الشعب لنفسه بنفسه .
كذلك من الضروري أن يعلم الإسلام السياسي أن الديمقراطية هي ليست ديكتاتورية الأكثرية الفائزة في الانتخابات , لأن الانتخابات و نتائجها هي ليست الهدف من النظام الديمقراطي بل الهدف هو الوصول لأفضل تمثيل ممكن للشعب كي يحكم نفسه بنفسه و أن يبقى القرار دائما للشعب كي يغير حكامه كيفما يشاء , فمن يفوز في الانتخابات في مرحلة ما قد لا يستطيع اثبات جدارته في الاستمرار في الحكم , و من هنا أتى مبدأ التداول السلمي للسلطة .

في البلدان التي نشط فيها الإسلام السياسي و منها بلداننا ساد نهج جديد لبعض أحزاب و حركات الإسلام السياسي , يعتمد هذا النهج على المسار السلمي للوصول الى السلطة من خلال الانتخابات و بعد الحصول على الأغلبية التي تمكنهم من الجلوس على كرسي الحكم يبدؤون بفرض أيديولوجيتهم و ممارسة ديكتاتورية الأكثرية لأنهم يعتبرون أن الانتخابات الديمقراطية هي مجرد طريق للوصول الى كرسي الحكم و ليست ممارسة يجب أن تستمر حتى بعد استلامهم للسلطة لضمان استمرارية التبادل السلمي للسلطة .
فما فعلته حركة الإخوان المسلمين في مصر حين تمكن مرشحهم الرئيس الراحل محمد مرسي في الفوز في الانتخابات هو السيطرة ليس على الحكومة فحسب بل على هيئات الدولة ايضا فمن خلال السلطة التي اكتسبتها حركة الإخوان المسلمين بفوز مرشحهم للجلوس على كرسي رئاسة الجمهورية في مصر باشروا بالعمل على بسط سيطرتهم على مؤسسات الدولة التي يفترض وفق النظام الديمقراطي أن لا تكون تحت سلطة الحزب الحاكم , لكن الإسلام السياسي لا يميز بين الدولة و الحكومة .
تجربة حركة الإخوان المسلمين في مصر اثبتت أن لإسلام السياسي لا يمكن أن يؤمن بمبدأ اساسي للنظام الديمقراطي و هو الفصل بين السلطات التنفيذية و التشريعية و القضائية فقد أمتد نفوذ الإخوان المسلمين في زمن حكم محمد مرسي ليس فقط للسيطرة على السلطات الثلاث بل ذهبوا أبعد من ذلك و شرعوا بالسيطرة على السلطة الرابعة , الإعلام , من خلال تكميم الأفواه و الترهيب و السيطرة على وسائل الأعلام التابعة للدولة و جعلوها ادوات تابعة لهم و لأيديولوجيتهم , فصار الأعلام المختلف عن اسلوب تفكيرهم و نهجهم هو إعلام معادي للإسلام و ليس لهم كحركة سياسية .
الذي أنقذ مصر هو تحرك المؤسسة العسكرية المصرية بقيادة السيسي لإنقاذ الدولة المصرية من السقوط في شباك حركة الإخوان المسلمين التي كادت أن تنجح في إبقاء الدولة المصرية اسيرة في شباكها ربما لعقود طويلة قادمة ...!

في الضفة الأخرى من الإسلام السياسي حيث تمكن اصحاب نهج ولاية الفقيه من السيطرة على السلطة , ليس من خلال الانتخابات بل من خلال ثورة شعبية عارمة على نظام الشاه الاستبدادي في إيران فباشر الولي الفقيه بالسيطرة على مقاليد الحكم في إيران و من خلال ذلك و بشكل تدريجي تمت السيطرة على كل مؤسسات الدولة الإيرانية , فأصبحت السلطات الثلاث في ايران , التنفيذية و التشريعية و التنفيذية و القضائية و معها كل وسائل الأعلام تحت سلطة الولي الفقيه ...!
لقد وضع الولي الفقيه في ايران دستورا محكما و مغلقا من جميع الجهات , حيث اصبح صعود أي مخالف لأيديولوجية ولاية الفقيه في أي انتخابات و على كل المستويات أمرا مستحيلا .
أي شخص لا يؤمن بشكل علني بولاية الفقيه لا يحق له المشاركة في أي انتخابات خصوصا الانتخابات النيابية الخاصة ببرلمان الجمهورية الإسلامية الإيرانية الذي اعطوه اسم مجلس الشورى الإسلامي , و حسب الدستور الإيراني الذي كتبه الولي الفقيه يتشكل مجلس آخر له سلطة اعلى من سلطة و صلاحية مجلس الشورى اسمه مجلس صيانة الدستور , في الحقيقة , إن مجلس صيانة الدستور هو صمام الأمان لحكم ولاية الفقيه , يتشكل هذا المجلس من 12 عضو , ستة منهم يعينهم الولي الفقيه و ستة ينتخبهم مجلس الشورى الذي أعضائه كلهم من الذين تمت الموافقة على اشتراكهم بالانتخابات من قبل مجلس صيانة الدستور الذي سبقه , و صلاحيات مجلس صيانة الدستور في أيران مطلقة , فأي قانون يصدر من مجلس الشورى لا يعتبر نافذا إلا بعد مصادقة مجلس صيانة الدستور بالأغلبية , كيف تتحقق الأغلبية و نصفهم يتم تعينهم من قبل الولي الفقيه و النصف الآخر موالي بدرجات مختلفة للولي الفقيه ... أي ديمقراطية هذه ...؟!
لذا يمكن القول أن جميع الأبواب مغلقة أمام المخالف لنهج ولاية الفقيه في إيران , فهذا المخالف محاصر ليس من اربع جهات فقط و انما من ستة جهات , من الأعلى و الأسفل ايضا .
من أجل تفادي الانفجار نتيجة شدة الكبت و الاختناق و تكميم الأفواه الذي يعاني منه الشعب الإيراني سمح نظام ولاية الفقيه بهامش بسيط من الحرية في اختيار الحكومة و أوجد جناحين , جناح موالي بالمطلق للولي الفقيه و جناح موالي للولي الفقيه لكنه يستطيع التحرك ضمن الهامش الذي سمح به الولي الفقيه .... إنها حقا دائرة مغلقة ...!

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وإن إلتقيا فلا حول ولا قوة إلا بالله
حميد فكري ( 2021 / 7 / 31 - 00:27 )
تحية للسيد الكاتب آدم الحسن
) الإسلام السياسي و الديمقراطية ... طريقان لا يلتقيان( ​-;-
ذكرني هذا العنوان الجميل بعبارة مضحكة إشتهر بها أصحاب ودعاة الإسلام السياسي نفسه,حين كانوا يقولون :
خطان متوازيان لايلتقيان إلا بإذن الله ,وإن إلتقيا فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وقس على هذه العبارة عنوان مقالك الجميل

اخر الافلام

.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة


.. قوات الاحتلال تعتقل شابا خلال اقتحامها مخيم شعفاط في القدس ا




.. تصاعد الاحتجاجات الطلابية بالجامعات الأمريكية ضد حرب إسرائيل


.. واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل وتحذر من عملية




.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را