الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة في الديانات الابراهيمية

أحمد راشد صالح

2021 / 8 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مما لاشك فيه فان الديانات الابراهيمية بشكل عام وضعت المرأة في خانة الدونية ، وتجمع الديانات الابراهيمة الكبرى (اليهودية والمسيحية والاسلام ) ، على اعتبار ان المرأة عورة ، ويمكن القول ان الرب الاله هو من اسس لهذه النضرة . فالمرأة وبحسب سفر التكوين، وجدت من اجل الرجل ، وكترسيخ لهاذا المفهوم ،فان الرب الاله لم يخلقها مثلما خلق ادم من طين وانما صنعها من ضلعته :
( 2: 21 فاوقع الرب الاله سباتا على ادم فنام فاخذ واحدة من اضلاعه و ملا مكانها لحما
2: 22 و بنى الرب الاله الضلع التي اخذها من ادم امراة و احضرها الى ادم
2: 23 فقال ادم هذه الان عظم من عظامي و لحم من لحمي هذه تدعى امراة لانها من امرء اخذت)
ويتكرر هذا الترسيخ في فعل الخطيئة ، والتي إتخذ منها الرب الاله كما يبدوا منفذا ليصب نار غضبه على المرأة ، على الرغم من ان المرأة لم تكن هي السبب الاول في الخطيئة ، وانما الحية التي كانت احيل كل الحيوانات ،بحسب سفر التكوين ، ليجعلها بالتالي خاضعة خضوعا تاما للرجل !
3 : 16 : " وَقَالَ لِلْمَرْاةِ : تَكْثِيرا اكَثِّرُ اتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ اوْلادا. وَالَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ ".
ومن هنا ، تم التأسيس على نبذ المرأة اجتماعيا ودينيا . وبمراجعة بسيطة للتعاليم والاعراف اليهودية ، وما تأسس من بعدها من اديان ، اكثرها انتشارا المسيحية والاسلام ، يتبين لنا الوضع المشين الذي وضعت فيه المرأة بإسم الرب الاله .
فالديانة اليهودية تؤكد على عدم احقية المرأة في المشاركة باغلب الصلوات العامة ، كما وتحرمها من التعليم الديني ، باعتبارها عاجزة عن فهم مضامين الشريعة ، كما ولا يحق لها قراءة كتب الانبياء او الشريعة ، كما ولم يكن لها الحق في الصلات مع زوجها ، فالزوج غالبا ما يصلي بمفرده ، وحتى النذور فان من حق الزوج او الاب الغائها ، وفيما يخص وجودها في الهيكل ، فانها لابد وان تكون في المقاعد الدونية .
ومن المقولات المتداولة لدى الحاخامات ((اشكرك يا ربّ لأنّك لَم تَخلُقني وثنيّاً ولا امرأةً ولا جاهلاً))
وهذه المقولة نراها متداولة عند المسلمين ايضا .مسالة اخرى نراها في سفر التثنية ، والذي يؤكد على امكانية توريث المرأة ، فاٍمرأة الاخ المتوفى ، يمكن ان تُوَرَث الى الاخ الثاني ،((سفر التثنية 25/ 5_6 "إذا سكن أخوة معا ومات واحد منهم وليس له ابن فلا تخرج زوجته لأجنبي، أخو زوجها يدخل بها ويتخذها زوجة له ويقوم بواجب أخى الزوج والبكر الذى تلده يحمل اسم أخيه المتوفى حتى لا يمحى اسمه من جماعة بنى إسرائيل")) وهذا مانراه ايظا بشكل او بآخر عند المسلمين .
كما ليس بمسموح في اليهودية للمراة بطلب الطلاق ، فحق الطلاق مشروط بالرجل وحده ،كما هو الحال في الاسلام ،ومع ان الاسلام قد اعطى الحق في الزواج من المطلقة ، فان اليهودية تؤكد على ان من تزوج من ارملة فانه قد زنى . وهذا المفهوم نراه في المسيحية ايضا .ويؤكد صراحتاً سفر ابن سيراخ ، على ان المرأة هي العورة التي منها نشأة الخطيئة ، 25ـ 24 (( من المرأة نشأت الخطيئة وبسببها نموت نحن )) وكذلك في 25 ـ 19 و 42 ـ 12(( ...لا تتفَرّس في جمالِ أيِّ إنسان ولا تجلِس بين النساء...خُبثُ الرَّجُلِ خيرٌ من عطفِ المرأة فالمرأة تجلُبُ الخِزيَ والفضيحة )).

المرأة والقيادة الدينية
تجمع المذاهب الابراهيمية الثلاث ، على حرمان المرأة من القيادة الدينية ، ومع ان الديانة اليهودية ، تمتلك العذر الفقهي ، في ادانتها للمرأة ، على اعتبارها سبب اغواء آدم ، من خلال دفعه للاكل من شجرة المعرفة ، وبالتالي الدفع باتجاه ارتكاب المعصية ، فان المسيحية في ادانتها للمراة تكون قد كسرت القاعدة الاساسية التي تستند عليها في تبرير وجودها كدين ناسخ لليهودية ، ذلك ان الدين المسيحي قائم على اساس مسح خطيئة الاكل من ثمرة معرفة الخير والشر ، والتي بسببها تم طرد ادم وحواء من الجنة ، وكذلك معاقبة حواء بألم الولادة اضافة الى وضع العداوة بينها وبين الحية . وبالتالي ، وبصرف النضر عن عقوبة الم الولادة ، والعداوة مع الحية ، كونهما تقعان خارج نطاق المنطق ، فقد كان من المفترض ، على اقل تقدير ان يُسمح للمرأة بان تتساوى مع الرجل في القضايا الدينية والمدنية ،سبيلا في تعزبز تبرير نسخها لليهودية ! الا ان ارض الواقع يؤكد على ان لاشيء قد تغير ، بل على العكس من ذلك ، فقد رسخت المسيحية النضرة الدونية للمراة ، فاذا ما حصلت استثناءات في اليهودية ، من خلال وصول بعض من النساء الى مرتبة النبوة ، كحنة النبية ، فان المسيحية وبتاريخها الطويل ، لم يشهد لها بوصول اي إمرأة الى مرتبة دينية . وفيما يخص الاسلام ، ومع انه لم يتقيد بمسالة الخطيئة كمبرر وجود مثلما هو الحال في المسيحية ، الا انه لم يستطع التحرر من عقدة نقص المرأة لسببين ، الاول نابع من البيئة الصحراوية التي نشأ فيها ، والثاني بسبب تأثر نبي المسلمين بالديانتين المسيحية واليهودية . وهكذا وبدلا من ان تُخفَف القيود على المرأة ، فقد ضاعف المسلمين من تلك القيود ، فسورة النساء 34 تؤكد على ان الرجال قوامون على النساء
(( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم )).
كما وجعل القرآن شهادة الرجل بشهادة إمراتين كما في سورة البقرة 282(( واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى))
مما سبق نستنتج ، من ان بروز الديانات الابراهيمية الى الوجود ، يمثل مرحلة انحطاط فكري ، لوضعها المرأة في خانة الذنب والخطيئة ، والمبنية اساسا على خرافة اكل حواء لثمرة الجنة ، والتي جعلت منها مسخا اكثر من كونها انسان ، ومع ان الديانات القديمة السابقة للديانات الابراهيمية نظرت الى المرأة نظرة مختلفة تماما واولتها مسؤليات دينية واجتماعية كبرى الا ان انزواء من بقي منها على قيد الحياة تحت راية الديانات الابراهيمية فرض عليها التنازل عن الكثير من القيم الدينية والمجتمعية التي تخص مكانة المرأة، ففي الوقت الذي نرى فيه الموروثات الدينية القديمة للديانة المندائية (على سبيل المثال) باعتبارها ديانة سابقة للديانات الابراهيمية ، تؤكد على مكانة المرأة باعتبارها عضو فاعل في كل من السلك الكهنوتي والمجتمعي الا اننا نرى ان تلك الموروثات استبدلت بمفاهيم الاستبداد والنظرة الدونية، ففي الوقت الذي تذكر لنا النصوص المندائية الى ان الكثير من النساء وصلن الى درجة ريش امي (رئيسة امة) كمرياي التي قادت ثورة على الموروثات اليهودية ابان انهيار الدولة الحشمونية التي انتهجت سياسة التهويد القسري ضد المندائيين لفترة 81 عاما وتمكنت من احياء المندائية والتأسيس لدارة قوامها 360 تلميذ ومع ان ثورتها سرعان ما انهارت بسبب عودة الحشمونيين الى الحكم باسناد مباشر من الامبراطورية الفرثية الا انها كانت في عملها ذاك قد اسست قاعدة صلبة انطلق منها النبي يحيى فيما بعد لاعادة الحياة مرة اخرى الى المندائية ابان انهيار حكم اليهود ووصول الحاكم هيرودس الكبير، وكذلك الحال مع الناسخة هيونا بث تهوي والتي وصلت الى درجة ريش اما اضافة الى ما يقرب من ثلاثون امرأة وصلن الى درجة كنزبري، ناهيك عن ورود اسماء لكائنات نورانية انثوية كسيمات هيي وازلات رفتي وانانا اد نهورا واللاتي يعتبرن الاسس التي منها خرجت الحيوات، اما اليوم وبسبب تغلغل المفاهيم الابراهيمية فاننا نرى ثقافة العورة آخذة في التجذر، فلم نرى يوما ان امرأة دخلت السلك الكهنوتي ولوا في ابسط درجات ذلك السلّم كالشاهد (اشكندا) او انها قامت ولوا بطقوس صغيرة، كطعام الغفران او ذبح حيوان ! وهذا ما يؤكد على ان المفاهيم الدونية للديانة الابراهيمية لم تقتصر على اتباعها وانما اثرت وبقوة على الديانات الاخرى، وبرأيي فان النظرة الدونية للمرأة ستبقى على ما هي عليه ما لم يتم الثورة على تلك المفاهيم وقلعها من الجذور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س