الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام السياسي و الديمقراطية ... طريقان لا يلتقيان ( 2 )

آدم الحسن

2021 / 8 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


حين يتمكن حزب أو حركة من الإسلام السياسي استلام السلطة في بلد ما بالانتخابات كما استطاعت حركة الإخوان المسلمين في مصر و ذلك من خلال فوز ممثلهم الراحل محمد مرسي بكرسي رئاسة الجمهورية , أو من خلال انتفاضة جماهيرية واسعة بالطريقة التي تمكن الولي الفقيه بواسطتها من استلام السلطة في ايران أو حتى بالكفاح الجهادي المسلح كما حصل و سيطرت طالبان على افغانستان سابقا و قد يحصل و تسيطر طالبان مرة أخرى على مقاليد السلطة في افغانستان , بأي وسيلة كانت لا يهم , عندها سيعمل الإسلام السياسي على التمسك بأي ثمن بالسلطة , لأن خط النهاية عند احزاب و حركات الإسلام السياسي هو مسك السلطة و بعدها لا يبقى لديهم أي معنى لشيء اسمه تداول السلطة ...!
مسك السلطة بالنسبة للإسلام السياسي هو أمر شرعي , لا يهم اسلوب مسك السلطة , بقوة السلاح بالترهيب بغسل الأدمغة , كل الوسائل مباحة و شرعية .
النظام الذي تُشَكِله حركة الإخوان المسلمين لا يختلف في شيء عن النظام الذي يبني هيكله الولي الفقيه , لا من ناحية المبدأ و لا من ناحية النهج , قد يكون الفرق في بعض الأمور النسبية سببها الظروف المحيطة بتجربتيهما و التكتيك الذي يفرض نفسه عليهما .
يشرع الإسلام السياسي بعد استلامه للسلطة بتفكيك أجهزة الدولة و إعادة بنائها من جديد بالشكل الذي ينهي أي أمكانية لإزاحته عن السلطة و يعمل على إجراء تغيرات في البناء الاجتماعي و الثقافي للمجتمع و إجراء تعديلات على الدستور و إن تطلب الأمر الغاء الدستور و كتابة دستور جديد , يعملون هذه الأمور و غيرها لغلق جميع المنافذ التي ممكن أن تأتي منها رياح التغيير ...!

بعض مراكز البحوث في دوائر المخابرات الغربية و خصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية وصلت الى استنتاج خطير هو أنه يمكن استخدام الإسلام السياسي المعتدل الذي هم حركة الإخوان المسلمين و بعض حركات الإسلام السياسي الشيعي في محاربة الإسلام الجهادي المتطرف , القاعدة , داعش , و اخواتهما ... ! هذا النهج الخطير الذي تسميه هذه المراكز بسياسة إيجاد ( الضد النوعي ) هو الذي دفع الأمريكان الى التفاوض مع حركة طالبان و الانسحاب من أفغانستان بعد أن قادتهم تحليلاتهم الى امكانية التعاون أو حتى الاعتماد على طالبان لمحاربة التنظيمات الأكثر تشددا منها و التي لها وجود متنامي في افغانستان .
و سياسة أيجاد الضد النوعي الذي أتبعته أمريكا هو الذي دعاها للتعاون مع حكومة الإخوان المسلمين في مصر ضنا منها أنه السبيل الضروري لمحاربة الحركات الجهادية التي أخذت تنشط و تنمو بعد سقوط حكومة حسني مبارك و ما تبعها من تداعيات أضعفت المؤسسة العسكرية و الأمنية المصرية ...! في الوقت ذاته تشكلت قناعة راسخة لدى بعض الحكومات العربية و خصوصا لدى دولة الإمارات العربية المتحدة مِنْ إنَ خطر الإسلام السياسي المعتدل لا يقل عن خطر الإسلام السياسي المتطرف ( الجهادي المسلح ) فكلاهما سيقودان المجتمع و الدولة في النهاية الى نفس النقطة .
الإدارة الأمريكية كادت تقبل ببقاء حركة الإخوان المسلمين في السلطة في مصر رغم أنها كانت ترى بكل وضوح كيف أن اذرع هذه الحركة كانت تلتف حول مؤسسات الدولة المصرية , حيث وضعت الحركة اهدافا لها تمكنها من مسك السلطة بشكل تام .... و للوصول لهذه الأهداف باشرت حركة الإخوان بما يلي :
أولا : إقالة أو طرد أو إحالة على التقاعد المبكر للعديد من الموظفين المدنيين و من منتسبي القوات المسلحة المصرية بحجة أنهم من الفلول ( أتباع النظام السابق ) .
ثانيا : اتخاذ خطوات تدريجية للسيطرة على المؤسسة العسكرية و الأمنية في مصر من خلال حصر التعينات الجديدة في هذه المؤسسة بشباب حركة الإخوان المسلمين و من أنصارهم أو من خلال أجراء تنقلات على نطاق واسع بما يخدم هيمنة الحركة على هذه المؤسسة التي هي صمام الأمان للدولة المصرية .
ثالثا : السيطرة على وسائل الأعلام المملوكة للدولة المصرية و توظيفها و جعلها في خدمة النهج الأيديولوجي لحركة الإخوان , و تضييق الخناق على وسائل الأعلام الأخرى .
رابعا : مد ذراع حركة الإخوان لتطال السلطة القضائية من خلال خارطة طريق يتم خلالها انحياز القضاء لإرادة مرشد الإخوان و إجراء تعديلات بأحكام القضاء لغرض إحداث تغيرات ثقافية و اجتماعية تتوافق مع نهج الحركة الإسلاموي .
خامسا : استخدام موارد الدولة لتعزيز أمكانيات الحركة المالية و لدعم فروع حركة الإخوان في البلدان الأخرى .
سادسا : التمهيد لأجراء تعديلات دستورية تتناسب مع أهداف الحركة البعيدة المدى .
سابعا : تشكيل ميليشيا مسلحة تابعة لحركة الإخوان و دعمها بالاعتماد على موارد الدولة المصرية لتكون مستقبلا القوة العسكرية العقائدية على غرار الحرس الثوري في إيران .

لو لم تتحرك المؤسسة العسكرية بقيادة السيسي لصار اليوم مرشد الإخوان في مصر كالولي الفقيه في إيران ماسكا بكل اركان السلطة و الدولة المصرية و لأصبحت كل منافذ التغيير في مصر مغلقة .
استراتيجية و تكتيك الولايات المتحدة الأمريكية و خلفها بريطانيا هو الذي جلب الخراب و الدمار للكثير من البلدان فمن أجل محاربة المد الشيوعي في زمن الحرب الباردة تحالفت أمريكا مع كل من يقف ضد الشيوعية من احزاب و حركات الإسلام السياسي .
ففي تلك الحرب الباردة حاكت المخابرات المركزية الأمريكية المؤامرات , دفعت الأموال , خططت , فعلت كل شيء لمحاربة الاتحاد السوفيتي السابق و حلفائه ... حتى وصل بهم الأمر لتقديم كل الدعم بالمال و بالسلاح و السند المخابراتي لتنظيم القاعدة الذي شكله بن لادن تحت أنظارها و رعايتها و موافقتها و أمتد هذا الدعم و الأسناد لكل التنظيمات و الحركات الجهادية الإسلاموية في أفغانستان و من بين هذه الحركات حركة طالبان , كل ذلك تم تحت شعار محاربة الاحتلال السوفيتي لأفغانستان .

أما اسلوب تعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع الانتفاضة الشعبية ضد نظام الشاه في أيران التي أدت الى استلام رجال الدين للسلطة في ايران بقيادة الزعيم الديني الخميني فكان اسلوبا ممنهجا بطريقة بدا و كأن سقوط نظام الشاه و صعود التيار الديني للحكم في أيران سيخلق مشكلة إضافية للاتحاد السوفيتي السابق حيث سيكون المد الإسلاموي في إيران و المجاهدين في أفغانستان في مواجهة المد الشيوعي , و كأن أمريكا كانت تخطط لمحاصرة الاتحاد السوفيتي السابق بجدار إسلاموي من الجنوب و قد يمتد و يتوغل الى داخل جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق ذات الغالبية المسلمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مداخلة
عبد الفادي ( 2021 / 8 / 1 - 14:02 )
انا اعتقد بأن الإسلام السياسي والديمقراطية يلتقيان عندما يريد الإسلام السياسي الفوز بالسلطة في البداية ، وأعني استغلال الديمقراطية لأستلام الحكم ، ثم يفترقان بخطين متوازيين لفترة قد تطول كما حدث في إيران ، وقد يلتقيان مرة اخرى عندما تستيقظ الشعوب وتسيطر على مقاليد الحكم كما يحدث في تونس الآن فيبقى الإسلام السياسي كخلايا نائمة ينتظر الفرصة مرة اخرى للألتقاء مع الديمقراطية ، وهكذا فالنظام الديمقراطي يمكن إستغلاله دائما من قبل الإسلام السياسي والألتقاء به بقصد الأفتراق عنه لا الألتقاء ، وهنا يمكن تشخيص المشكلة وهي ان النظام الديمقراطي مخترق ومستغل من قبل الإسلام السياسي ، فالديمقراطية هي الطريق الوحيد امام الإسلام السياسي لأستلام السلطة عندما يكون الجيش على رأس السلطة ، لذلك نستنتج بأن النظام الديمقراطي لا ينجح في الدول ذات الأغلبية مسلمة التي فيها احزاب إسلامية كالعراق مثلا، فالنظام الديمقراطي مصمم لينجح في الدول الغربية ولا يمكن تطبيقه في الدول الإسلامية ما لم يسبقه فصل الدين عن الدولة ، تحياتي استاذ آدم

اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل