الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة في زمن المقاومة .. ‏‎هل يُصلح الكتائبيون ما أفسده الدعاة ؟

سلام عادل
كاتب وصحافي

(Salam Adel)

2021 / 8 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


ردد قياديو حزب الدعوة الإسلامية في العراق خلال السنوات الماضية كثيراً على مسامعنا عبارة (دينُنا سياسة، وسياستنُا دين) وهي المقولة الأشهر لقائد الثورة الإسلامية في ايران الإمام الخميني، إلا أن واقع الحال السيء، وما ترتب على حكم الدعاة من فساد لمدة 12 سنة، لم يكن متطابقاً مع نص وجوهر ما قاله مفجر الإسلام السياسي الشيعي في القرن العشرين، حيث لم تكن سياسة الدعاة مستمدة من (الدين) ولم يكن دينهم منزهاً عن (السياسة)، فقد كانت السلطة هدفهم المجرد من أي قيم دينية أو حضارية أو انسانية.

‏‎كان (الدعاة القياديون) يروجون هنا وهناك لنظرية تنسب لهم، يطلقون عليها (نظرية الدعوة)، باعتبارها إطاراً فكرياً وحركياً ذو مضامين اخلاقية، يسعون من خلالها لاستنهاض الأمة والسعي لبناء ركائز المجتمع الاخلاقي المثقف، الذي يتمتع بالرفاهية الاقتصادية والسلام وتسود بين سلطاته وافراده مفاهيم العدالة والمساواة، ولكن واقع الحال، وما انتهت له الامور بعد أربع دورات وزارية، ابتدأت من الجعفري، مروراً بالمالكي في دورتين، ووصولاً الى العبادي، لم تكن غير فترات ساد فيها التخبط في كل شيء، خصوصاً رواج (التخابر + التخادم) والاستسلام التام للسياسات التي فرضتها قوى الاحتلال في العراق الجديد، وهي مباني رسخت نفسها تحت عباءة الدعوة لتجعل من العراق مجرد بؤرة نزاعات تتصارع داخلها اجهزة المخابرات الدولية على اختلاف انواعها.

‏‎لقد كانت (المنطقة الخضراء)، وهي (المنطقة الدولية) بحسب التعبير السياسي والـ(Green zone) بحسب العنوان العسكري الامريكي، المنطقة التي حرص الدعاة على التواجد فيها والانتماء لها، باعتبارها (البيت) الذي يرعى العملية السياسية في العراق، ولطالما حرص الدعاة على الانتماء لهذه العملية السياسية ورعايتها، على الرغم من كونها من مخرجات غزو العراق، بل وهي أصلاً من بنات افكار (العقل السياسي الكوردي) الذي خطط على مدار سنوات مع المخابرات الدولية لاحتلال العراق واسقاط عاصمته تحت بساطيل الجنود (انجلو-امريكان)، لذلك يبدو الدعاة كـ(المحلل الشرعي) لكل ما فُرض على العراق من سياسات خارجية صاغتها المخابرات الدولية وكارتلات المال والطاقة، بدءاً من ملف الاقتصاد، الى ملف الامن، الى الثروة والموارد الطبيعية، وهي السياسات التي جعلت العراق مجرد بلد تائه بين العواصم والخرائط.

‏‎هذه الادوار، التي لعبها الدعاة القادة، جعلت منهم احد الادوات السياسية لدى الامريكان في خططهم لتقزيم العراق، وهو واقع الحال المسنود بأدلة وشواهد يكفي لاثباتها ركض الدعاة، مقابل توليهم السلطة، مع المارينز في عمليات مطاردة وملاحقة المقاومين العراقيين بحجة أنهم (خارجين على القانون)، مع العلم أن الجميع كان ولا يزال يعرف الفرق بين المقاومين والخارجين على القانون، ولم تكن عملية التفريق او التمييز صعبة، لا سابقاً ولا حالياً، ولعل اغلب قادة فصائل المقاومة اليوم يعرفون ويتذكرون تلك المرحلة التي كان فيها الدعاة حراساً مع الامريكان على السجون التي وضعوا فيها لسنوات.

‏‎ولذلك يبدو (الدعاة) بعد هذه المقدمة مجرد (حراس محليين) أو منفذين أمناء للسياسات التي صيغت في غرف لندن وواشنطن قبل 2003، وهي ليست مجرد مقدمة او توصيفات انفعالية يراد منها الإساءة للدعاة ولحزب الدعوة، بقدر ما هو الواقع الذي يؤكد لنا ان الانخراط في العملية السياسية إنما هو انزلاق في فخ سياسي عماده الاجندات الخارجية، التي لم يتردد الدعاة عن التماهي والتواطؤ معها تحت عناوين جميلة وجذابة، من قبيل بناء (الدولة + القانون) وهي نفس العناوين التي يركض تحتها كاظمي الغدر، هذه الأيام، مع الامريكان في اطار سعيهم لترسيخ سياسات الاحتلال اكثر واكثر في العراق الجديد.

‏‎ان الانخراط في سياسة المنطقة الخضراء مع المنخرطين سيؤدي في نهاية المطاف الى الانزلاق مع المنزلقين في لعبة (التخادم + التخابر)، ويكفي مجرد النظر لتجارب (مقاومين آخرين) سبق لهم الدخول للمنطقة الخضراء خلال دورات انتخابية سابقة، حيث بمجرد أن تذوقوا (عسل الخضراء) صاروا لا يستطيعون النوم بدون هذا العسل (الاسود)، وبقدر ما خسرتهم جبهة المقاومة بقدر انعدام أي فائدة لهم في السياسة او في تحسين أداء إدارة الدولة، وهو الواقع المرير، او التحدي الذي سيواجه (حركة حقوق) على سبيل المثال، وهي تجمع سياسي للكتائبيين يريد الدخول في (سيرك الانتخابات) القادمة، وهو سيرك مليء بالمشوّهين.

‏‎لست هنا من خلال هذه المقالة أدعوا للانعزال أو التشاؤم، ولكن اجد ان طرح الاسئلة الصعبة ضرورياً في هذا الزمن الذي نحتاج فيه الى (المقاومة) أكثر من (السياسة)، حتى لا يسقط آخر من تبقى من الاحرار في (دن العسل) وحتى لا يتحول فيه اخر المقاومين الى مجرد راقصين ولاعبين ومهرجين في السيرك الامريكي، لان ترك المقاومة لصالح السياسة إنما هي وصفة مجربة أو (فخ) سقط فيه (الدعاة) من قبل، و (الصادقين)، و (السائرين)، و (المرجعيين)، وآخرين معهم كانوا في المقاومة يوما ما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير