الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إدارة بايدن وحكومة بينيت – لابيد : الاستفادة من رحيل نتنياهو (2)

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2021 / 8 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


الترحيب الحار بالحكومة الإسرائيلية الجديدة، فُهم لدى كثير من المراقبين بأنه تعبير عن احتفاء الإدارة الأميركية الديمقراطية بأفول حكم نتنياهو الذي تميّز عن جميع رؤساء وزراء إسرائيل الذين سبقوه، بأنه الوحيد الذي خرق الأعراف والتقاليد السياسية والدبلوماسية بما في ذلك أعراف العلاقات الخاصة والمميزة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فأعلن انحيازه السافر والصريح للرئيس السابق دونالد ترامب، واصطدم بإدارة الرئيس أوباما، حين كان بايدن نفسه نائبا للرئيس، في محطات متعددة أبرزها الموقف من الاتفاق النووي مع إيران، ولجوء نتنياهو إلى تحريض قوى الضغط الأميركية على الاتفاق، وتمادى في الأمر إلى درجة إلقاء خطاب أمام الكونغرس في آذار 2015 دون أدنى تنسيق مع إدارة الرئيس اوباما.
بايدن ونتيناهو: جفاء متبادل
ومن الوقائع ذات الدلالة الرمزية على الأزمة التي يجدر إيرادها في هذا السياق أن الرئيس بايدن وبعد تنصيبه الرسمي، تأخر في الاتصال بنتنياهو لأكثر من ثلاثة أسابيع، وقد ارجأ هذا الاتصال البروتوكولي إلى ما بعد أكثر من عشرة زعماء آخرين من أصدقاء الولايات المتحدة وخصومها على السواء بمن فيهم رؤساء روسيا والصين والمكسيك، على غير عادة الرؤساء الأميركيين الذين يسارعون فور تنصيبهم للاتصال برئيس الوزراء الإسرائيلي الذي لم يتحمس هو الآخر لتهنئة بايدن اثر تنصيبه، وتأخر في الأمر أكثر من 12 ساعة عن إعلان بايدن حسم النتيجة، خلافا لزعماء الدول الصديقة والمهتمة بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة، بينما سبق نتنياهو في التهنئة وزير الأمن بيني غانتس. كما تأخرت الإدانة الإسرائيلية لأحداث الشغب والفوضى التي رافقت اقتحام أنصار ترامب للكونغرس الأميركي في الوقت الذي سارع قادة العالم لإدانة هذه الأحداث.
ومهما كانت توقعات الإدارة الأميركية بشأن بقاء حكومة بينيت- لابيد أو فرص انهيارها السريع، وهو أمر يعود بالطبع للتفاعلات والتطورات الداخلية الإسرائيلية، فإن مجرد نجاح هذه الحكومة في امتحان الثقة، حتى لو كان ذلك لفترة وجيزة جدا، يحمل مجموعة من الدلالات المهمة ومن بينها أنه يوجد في إسرائيل بدائل لنتنياهو يمكن التعاطي معها بسلاسة من دون أن تتاثر العلاقات المميزة بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأن السياسات الاميركية تحددها القيادة الأميركية بناء على مصالح الولايات المتحدة وحساباتها الكونية وليس بناء على مصالح إسرائيل أو أي طرف آخر، كما أن مرحلة ترامب التي شهدت تماهيا مطلقا بين مواقف الولايات المتحدة وإسرائيل، من خلال تبني ترامب لمواقف اليمين الإسرائيلي الحرفية والتفصيلية، ليست سوى مرحلة استثنائية وعابرة في تاريخ العلاقات بين البلدين.
قضايا الاحتكاك مؤجلة
ولعل من الأسباب التي قد تؤدي إلى قلة الاحتكاك، وبالتالي التعايش والتفاهم بين إدارة بايدن وحكومة بينيت، هو أن الاهتمامات الداخلية تقف على رأس أولويات كل من الطرفين، فإدارة بايدن معنية أولا بترميم وإصلاح ما خربه ترامب سواء عبر بث وتعميم أجواء الكراهية والعنصرية التي غذّتها إدارته بين مكونات المجتمع الأميركي، أو في علاقات الولايات المتحدة مع جيرانها وأصدقائها وخصومها. وبالمثل فإن حكومة بينيت- لابيد معنية بالحفاظ على تماسكها ووحدتها أولا، وإصلاح الأضرار التي لحقت بمؤسسات الدولة، والعلاقات بين الحكومة والسلطة القضائية والإعلام وأجهزة الأمن، فضلا عما لحق ببعض القطاعات والشرائح من أضرار بسبب غياب الموازنة العامة، لكل ذلك لا تحتل المبادرات السياسية الخارجية تجاه قضية الشرق الأوسط تحديدا أولوية تذكر لدى الطرفين، ولعل اختيار إدارة بايدن موظفا بمستوى هادي عمرو (نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الفلسطينية والإسرائيلية، بينما في عهد إدارة أوباما تولى إدارة الملف بنفسه وزير الخارجية جون كيري معززا بفريق من المختصين والخبراء) لمتابعة ملف الشرق الأوسط يدل على تراجع أهمية هذا الملف في نظر الإدارة، حاليا على الأقل. وهكذا لا توجد في الأفق أية دلائل على نية الإدارة الأميركية طرح مبادرات جديدة، أو الانغماس العميق في الملف، ومن المرجح أن يقتصر دور الإدارة على كسر الجمود وتحريك المفاوضات ليس إلا، مع ما يتطلبه ذلك من ضرورات إطفاء الحرائق عند اندلاعها، ونزع الفتائل ما أمكن، كما جرى خلال المواجهات الأخيرة والحرب الرابعة على غزة.
من الطبيعي ألا تتأثر العلاقات الأميركية الإسرائيلية المتميزة بحالة جفاء بين زعيمي الدولتين اللتين لا تتسم علاقاتهما بأنها علاقات صداقة متينة وتحالف وثيق وحسب، بل يصفها كثيرون بأنها علاقة عضوية تتسم بتشابك المصالح وتداخلها وتكامل الأدوار والعلاقات والدور الوظيفي الخاص الذي تضطلع به إسرائيل في خدمة المصالح الأميركية. كما أنها علاقات تقوم بين مؤسسات الدولتين السياسية والعسكرية والاقتصادية، وبالتالي فهي تمضي وفق مصالح البلدين العميقة بصرف النظر عمّن يجلس على سدة الحكم. وعلى الرغم من جميع الظروف والتقلبات التي مرت بها العلاقات الأميركية الإسرائيلية في ظل قيادتي اوباما ونتنياهو، ظلت العلاقات بين مؤسسات الدولتين على حالها بما في ذلك حجم المساعدات المالية والعسكرية وخاصة الأخيرة التي تصل إلى نحو ثلاثة مليارات ونصف المليار دولار في العام، واستمر التعاون والتشاور في كافة المجالات السياسية والدبلوماسية والأمنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اكيانات وظيفية
ابراهيم الثلجي ( 2021 / 8 / 3 - 08:40 )
اخي نهاد كل كيانات الشرق الاوسط هي وظيفية في خدمة استدامة النهب الاستعماري الاوروبي الامريكي وكله حسب مؤامرات واتفاقيات ووثائق هنري كامبل بنرمان في 1906 وما يتبعها من اتفاقيات واحداث تبعا لها حيث صيغت لاستدامة الوجود والنهب الاستعماري من ثروات المنطقة ولهذا الهدف شكلوا دويلات وظيفية من اسرائيل لباقي شلة المشايخ والحكام التي ادارتها وزارة المستعمرات البريطانية قبل ان يستلم الدور وزارة الخارجية الامريكية
وعليه اي تصرفات من المكون الشكلي للسلطات والحكومات فهو تبع مخططات السياسة والمصالح الامريكية
ظهر خلال تلك الفترة متمردين على النموذج هذا فمنهم من شنق ومنهم من طعن بخنجر على كرسيه ومنهم بالسم فالاطقم مصفوفة بشكل ان النظام يصلح نفسه بالاتجاه الامريكي باختصار لانه تبع له تمويلا وقدرات عسكرية ومنظمات مجتمع مدني متغلغلة بالجمهور وتقوده
نتنياهو وكما بيغن من قبل نسي حجمه وصار له طموحات وطنية تتعارض مع المصلحة الامريكية فطار
تماما كما يحصل في العراق الامريكي عملية تقليم اظافر مستمرة منذ الاحتلال
وسر عزلة المفاوض الفلسطيني وعدم اهتمام امريكا بصناعة وتشكيل ديمقراطيته لان لادور وظيفي له عندها

اخر الافلام

.. رئاسيات موريتانيا: ما هي حظوظ الرئيس في الفوز بولاية ثانية؟


.. ليبيا: خطوة إلى الوراء بعد اجتماع تونس الثلاثي المغاربي؟




.. تونس: ما دواعي قرار منع تغطية قضية أمن الدولة؟


.. بيرام الداه اعبيد: ترشّح الغزواني لرئاسيات موريتانيا -ترشّح




.. بعد هدوء استمر لأيام.. الحوثيون يعودون لاستهداف خطوط الملاحة