الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن وعقائدنا

عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي

2021 / 8 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


حين يتفتح وعينا نحصل على الإجابات عن أسئلتنا من الوالدين والأشقاء الأكبر سنا والأقارب، فنرث منهم عقائدهم ورؤيتهم للحياة والوجود، التي ورثوها هم بدورهم عن آبائهم وأجدادهم. ونبدأ في البحث عن ما يؤكد تلك العقائد والرؤى والتصورات، ونسعد عندما نعثر على ما يتفق معها، وننأي عن أي مسعى للتحقق منها، ونثور ونغضب وربما نبغض ما أو من يشكك فيها، ومرد ذلك هو الوهم الذي يتملكنا، دون وعي منّا، بأن قناعاتنا، موروثنا الفكري والعقائدي والقيمي، جزء لا يتجزأ منّا، وأي شك فيه هو تشكيك فينا، بترسيخه تتأكد ثقتنا بأنفسنا، وباهتزازه نشعر بخطر يحيق بذواتنا، وبهويتنا الجماعية الموروثة عبر أجيال، وبالهوية الفردية لكل شخص منّا، ولذلك يتعين لتلك القناعات والرؤى أن تكون موضع توقيرنا وتبجيلنا ولها علينا واجب والذود عنها إزاء كل ما يهدد مصداقيتها.

لقد عاشت أجيال منا وغادرت الحياة دون ان يتنبه أفرادها إلى أن ما كانوا يعتقدون أن الأفكاروالمعتقدات التي يحملوها هي أفكار ومعتقدات غيرهم، وأن كل ما قاموا به ليس أكثر من أنفاق للوقت والجهد والموارد لتأكيد صحتها، دون أي جهد لإعادة فحصها، فحصا محايدا. مع أننا نترنم ليل نهار بالحكمة المصاغة شعرا:
عين الرضا عن كل عيب كليلة
وعين السخط تبدي المساويا.

كل المشكلة هنا تتمثل في الربط اللا واعي، الذي نرفض أعادة النظر فيه، بين الفكرة والعقيدة، والذات الحاملة للعقيدة أو الفكرة. مع أن حقيقة بسيطة تدحض هذا الربط، وهي انه لو كان أي منا قد ولد في عائلة أو محيط تسود فيهما أفكار وعقائد مغايرة، وربما مناقضة لعقيدتنا، لكان لنا رأي آخر فيما نحمل من عقائد وأفكار، وربما أنحاز الى نفيها ومعاداتها.

ومع أن العقائد والأفكار، هي نتاج للعقل البشري، فانها ليست نتاجا لعقل محدد، بل لتراكم تأريخي، ولعوامل عديدة مؤثرة في الفكر والثقافة والحصيلة المعرفية للأفراد والجماعات ولعموم الأوضاع الاجتماعية، وهذا ما يمنحها وجودا مستقلا نسبيا عن الفرد، فعقائدنا وأفكارنا ليست جزءا منا، ولا نحن جزء منها، واقترابنا النسبي من الحقيقة يتناسب طردا مع المسافة التي نحافظ عليها، بيننا وبين العقيدة، فكلما اشتد إلتصاقنا بها، اتسعت المسافة بيننا وبين الحقيقة، وإمكانية تطوير الذات والمحيط، وكلما تحررنا من قيود العقيدة وتصلبها، رحبت أمامنا آفاق تطوير رؤانا وانفسنا ومحيطنا.

العقل هو مبدع العقائد وهو عدوها الذي يفندها لاحقا، فلنحترم عقولنا ونحررها من قيود الخشية من مراجعة عقائدنا، مهما بدت لنا تلك العقائد (( جامعة لشروط الكمال )).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف