الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموارد البشرية في العراق ثروة مهدورة ..... مع مراجعة للتجربة الالمانية والهندية

ياسر جاسم قاسم
(Yaser Jasem Qasem)

2021 / 8 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


تحتاج عديد من الدول كي تنهض موارد بشرية كبيرة في سن الشباب ، ويعد المورد البشري هو الاهم في البناء والاستثمار واعمار البلاد، فوجود الاموال والاقتصاد القوي دون وجود موارد بشرية لن يكون هنالك تقدم واضح، وهكذا يكون للشباب الدور الاكبر في بناء المجتمعات وفي تحريك عجلة الاقتصاد والتقدم وتصنف دول في العالم على انها دول فتية او شابة واخرى كهلة والاخيرة مع غناها تعاني في سوق العمل نتيجة قلة الموارد البشرية لديها، لذلك تلجأ لفتح باب اللجوء ومنها بل على رأسها ألمانيا، كي تستثمر بالقوى العاملة الداخلة اليها، وتجعلهم يشتغلون في جميع ابواب العمل الشاغرة والمتاحة كي تحرك بهم عجلة الاقتصاد ،ففي المانيا كمثال عانت هذه الدولة بما سمي ب(انكماش اليد العاملة الماهرة وغير الماهرة ) على حد سواء، فمن بين 1,2 مليون لاجئ سعوا لطلب اللجوء في المانيا 2015-2016وهو اكبر عدد من اللاجئين يصل المانيا بقي مليون لاجئ منهم في البلاد ومع اندماجهم خلال خمس سنوات ماضية اذ شهد الاقتصاد الالماني طفرة وازداد حجم مخزونه من الاحتياط، النقدي ، لقد تراجعت نسبة البطالة في المانيا 3%خلال عام واحد ، اذن نستشف من ذلك ان هذه الثروة البشرية الواصلة لالمانيا شاركت في ازدهارها اذ كان عدد اللاجئين في السلك الوظيفي الذين اتقنوا اللغة الالمانية او المندرجين في التعليم الحكومي اذ يزيد وبشكل كبير وذكرنا لهذه الارقام كي نبين وبشكل علمي وعملي تطبيقي اثر الزيادة السكانية اذا تم توظيفها بشكل صحيح في ازدهار البلاد ، يسمي (ديتريش ترانهاردت ) الخبير بشؤون الهجرة بجامعة مونستر لاجئي (2015-2016) ب(النجاح المتصاعد) في مقارنة ايجابية بين مسار الفوج الحالي وبين موجات سابقة من اللجوء والهجرة الحالي وبين موجات سابقة من اللجوء والهجرة ، (تصريحه نقلا عن مقال منشور في شبكة الجزيرة بتاريخ 1/4/2020، بقلم فرح عصام ،هكذا ساهم اللاجئون السوريون في حماية الاقتصاد الالماني ) ولنفس المقال نجد الاحصائيات التالية التي ترسخ المفهوم العلمي الذي ننشده في تقدم الامم اذا استمرت الثروة البشرية بشكل واقعي وملموس وصحيح، فلاجئي 2012-2016 ،49% منهم يعملون بوظائف دوام كامل او جزئي ، 55% منهم عمالة مهارة و44% منهم غير ذلك.
بالرجوع للواقع العراقي نجد اضعاف هذه الاعداد ولاتضيف لكون هذه العمالات ماهرة او لا، والسبب في ذلك عدم وجود احصائيات دقيقة تقوم بها الجهات المسؤولة وعلى رأسها وزارة التخطيط لزج هذا المورد البشري الكبير في سوق العمل، وهذا لن يتم الا عبر استراتيجية وطنية تتبنى الاستثمار كمنهج عمل وطني والا فان دوائر الدولة والوزارات غير قادرة على ان تضم كل هذه الاعداد في سوق عملها المترهل اصلا، اننا امام رؤية وطنية ينبغي الوقوف عندها بسرعة دون هوادة والا فان هذه الاعداد ، من البشر واغلبهم من الشباب دون ايجاد فرص عمل لهم سيكونوا قنبلة موقوتة ترهق المجتمع والدولة عموما، اذا اخذنا بنظر الاعتبار الزيادة المطردة باعداد الشباب سنويا بسبب الزيادة السكانية الكبيرة التي يشهدها العراق دون تحديد نسل في البلد، لان مثل هكذا تحديد سيوفر فرصا للعمل اكبر ويوفر امكانيات اكبر في استغلال الموارد في ذا المجال.
وسن الشباب والاعداد السكانية الكببيرة ينظر لها كعامل رخاء وقوة اذا استمرت بشكل واضح فالهند مثلا بحجمها الضخم، وتركيبتها السكانية الشابة تقدم امكانيات للنمو الاقتتصادي الهائل ، ووفقا لتقديرات الامم المتحدة ، ((فان الهند سوف تفوق الصين بوصفها اكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان في العام 2024وذلك مع سكان اكثر شبابا بدرجة كبيرة والعدد الكبير من السكان في سن العمل في الهند سوف يستمر في النمو حتى عام 2050 بينما تشيخ الصين واليابان واوربا الغربية ، ويتوقع وقتئذ ان يكون متوسط العمر في اليابان 53 عاما وفي الصين 50 عاما وفي اوربا الغربية 47 عاما ومتوسط العمر في الهند سوف يكون 37 عاما فقط ))، وهنا يتبين لنا الدور السكاني الكبير الذي تمثله ازدياد الاعداد الشابة لى مستوى التقدم والتطور ، الهند انموذجا ، ومن هذه الرؤية ينبغي ان تتعلم الدولة العراقية كيف تستطيع توظيف هذه الاعداد لتقبلها وبناء الدولة من خلالها عبر مشاريع استثمارية كبرى واستغلال امثل للموارد ومنها استغلال الموارد البشرية ، ونبقى في الهند لنتعرف على تجارب خلقت فرص عمل لكسب الشباب ومنها برنامج (صنّع في الهند) الذي اطلقه ر وزراء الهند (ناريداد دامودار مودي) Narendra Damodar Modi سنة 2014 ويهدف هذا المشروع :اصنع في الهند وبع المنتجات في ارجاء العالم، والاهداف لهذه الحملة تتضمن التالي:
1- التنمية الماهرة .
2- خلق الوظائف(وهذا ما نبحث عنه في العراق).
3- حشد قوة الشباب وزيادة ابتكاراتهم وبحوثهم وتصاميمهم وفتح قطاعات جديدة اما الاهداف المستقبلية الكبرى فتتضمن التالي :
اذ تهدف هذه المبادرة الى زيادة سهولة القيام بالاعمال في الهند، وفي قيامها بذلك، تهدف الى تسهيل عمليات الاستثمار والتبشير بالابتكار وحماية حقوق الملكية الفكرية ، وانشاء بنية اساسية صناعية على مستوى عالمي ، من خلالها سيصبح البلد جزءا من منظومة سلسلة العرض العالمية ، بالاضافة الى ذلك ،((على مدى العقد القادم "صنع في الهند" يهدف الى توليد 100 مليون وظيفة ، ورفع نسبة التصنيع الى 25% تقريبا من الناتج المحلي الاجمالي للبلد، في خطابه في سان بطرسبوورغ ،قدم السيد مودي تقريرا عن 1100 يوم من حكمه، حيث اكد الارادة السياسية لحكومته في تحقيق اصلاحات، وان حكومته تعمل في اتجاه الانجازات على المدى الطويل، وليس لتحقيق مكاسب على المدى القصير ، حيث ان حكومته الغت بالفعل 1200 سياسة وتشريع متقادم، وادخلت 7 الاف اصلاح على مستوى الحكومة الفدرالية فقط، مع هذه الاصلاحات وفي فترة زمنية قصيرة جدا اصبحت الهند اول مقصد للاستثمار الاجنبي المباشر في العالم. )) وهنالك احصائيات مهمة في الهند نفتتقر لها في العراق تبين الفئات العمرية IRIS knowledge Foundation بالتعاون مع UN – Habitat يقول انه في العام 2011 ارتفع عدد السكان الذين يقعون في الفئة العمرية من 15-34 الى 430 مليون نسمة من 353 في 2001 ( ذكرنا لهذه الاحصائيات المتغيرة في الاساس لكي ندلل على اهمية الارقام في تحديد النسب للمعوقات والمشاكل والايجابيات لايجاد الحلول) فنمو الشباب دلالة ايجابية اذا استغلت بشكل صحيح والعكس اذا تم اهمالها . ومن المقدر حسب التقرير انف الذكر ، ان يرتفع هذا العدد من الشباب الى 464 مليون سنة 2021 وهكذا فنحن امام 46% من سكان الهند في الفئة العمرية العاملة هذا كان سنة 2020 ويقول السيد مودي ر الوزراء الهندي " في الهند نحن ننمي نظاما بيئيا يصير الشباب فيه خالقي وظائف لاباحثين عن وظائف" والسؤال متى يبحث القائمون على السياسة في العراق ان يحولوا الوضع بالشكل الذي وصفه بان تقوم الحكومة ببرامج تدفع الشباب لخلق الوظائف بفعل الاستثمار لا البحث عن الوظائف في دوائر الدولة المتخمة اصلا والمترهلة ... ان النهضة بالشباب هي واقع كبير يجب استثماره.
• التصدع العائلي ونتائجه على تطور الموارد البشرية ...
يقول فرانسيس فوكوياما: " لقد كان لتصدع العائلة في الغرب نتائج سلبية بعيدة المدى ، على رأس المال الاجتماعي مما كان له اثر وعلاقة بزيادة معدلات الفقر بالنسبة لاولئك الذين هم في اسفل الهرم الاجتماعي ووفي زيادة معدلات الجريمة وفي انخفاض الثقة" وهذا يؤدي حسب فرانسيس الى انخفاض راس المال الاجتماعي في العوائل والى تناقض الثروة البشرية السكانية في الاجيال التالية
وهنا يستعين فوكوياما ب(تقرير كولمان) coleman report 1966 الذي قدمته دائرة الرعاية والتعليم والصحة الامريكية ، كان عبارة عن دراسة ضخمة ترمي الى التعرف على مصادر الاداء الثقافي العلمي ، ولقد وجدت الدراسة حسب فوكوياما ان : العائلة والرفقة لهما الاثر الاكبر على الاداء الثقافي، اكثر بكثير من أثر السياسة العامة التي تنتهجها الحكومة ، مثل رواتب المعلمين والمدرسين وحجم قاعات وصفوف الدراسة والانفاق على الخدمات الاخرى ، ومنذ ذلك الحين اجريت العديد من البحوث والدراسات التي تدعم وتعزز النتائج والحقائق التي اثبتها تقرير كولمان.
وهنا يأتي فوكوياما ليحدد كيف يتصدع راس المال البشري ،بالتالي يتصدع هذا المورد العظيم الذي بتنا اليوم في مجتمعاتنا نعاني من تصدعه وببشكل كبير بفعل حالات الطلاق الكثيرة والتي زادت بفعل الزواج المبكر ،بالتالي تشتت الاطفال ونشأتهم نشأة سيئة في الغالب والنتائج وخيمة في باب التصدع البشري الهائل اليوم. " ان المسؤول الاول عن الانخفاض الرهيب في النتائج في الامتحانات والذي شهدته الولايات المتحدة خلال فترة التصدع العظيم، هو العوائل التي كانت متصدعة ، مشتتة ، تعاني الفقر والحاجة ، او غير قادرة على نقل خبرتها ومهاراتها الى ابنائها وعلى العكس من ذلك فان الاداء الجيد والمتميز للعديد من الاطفال الامريكان من اصل اسيوي، يعكس هيكلا عائليا متماسكا وتقاليد عائلية سائدة لتلك المجموعة " ص132. هكذا نجد وبشكل كبير ان هذه العوامل في التصدع الاسيوي تحصلل عندنا اليوم وبشكل واضح، فتوجه بعض الفتيات للدعارة والمخدرات وكذلك بالنسبة للشباب عندما ترجع الى اسبابه العائلية تجد ان هنالك تصدع وتشتت بالعائلة ايا كان نوعه ليس بالضرورة ، ان يكون طلاق ولو ان هذا الغالب ولكن انواع التصدع كبيرة جدا، في العائلة ونراها بوضوح ونتائجه وخيمة على الاطفال الذين هم المورد البشري القادم في المجتمع الذي نود اصلاحه، يقول فوكوياما ( منذ صدور تقرير موينيهان Moynihan Report عام 1965 حيث اجريت العديد من الدراسات والبحوث المستفيضة حول الطلاق والاطفال، المولودين خارج نطاق الزوجية ، والعوائل الاحادية الوالدين، واثارها على صحة الاطفال الذين ينشأون في مثل هذه الظروف البيئية ، ان ذلك التقرير الذي كتب حين كان موينهان يعمل في قسم العمال اثناء ادارة جونسون يطرح فكرة ان الهيكل العائلي كان المتغير المتوسط الذي يفسر انتشار الفقر بين الامريكان السود ، وقد اثار التقرير نقاشات كثيرة وخطيرةة ، حيث راى معارضو التقرير ان موهينيها كان يضع اللوم على الضحية ، او ينادي بفرض قيم الطبقة المتوسطة البيضاء على اقلية ذات هياكل عائلية مختلفة لكنها ليست بالضرورة أدنى في بنائها" فوكوياما ، م س ، ص 133هكذا نصل مع فرانسيس الى خلاصة مفادها انه من الافضل للطفل ان يعيش ويكبر في عائلة تقليدية مكونة من الابوين، من ان يعيش في عائلة احادية الوالدين ، او عديمة الوالدين ، ومن دون العائلة الواحدة المتفاهمة ستكون لدينا عائلة محطمة او احادية الوالدين غالبا ، فان هكذا عائلة تكون مرتبطة بعدد كبير من الامراض الاجتماعية الاخرى ، ابتداء بالفقر ، وما يلحق ذلك من مدارس سيئة وصحبة خطيرة ، وتفش المخدرات ولكن اذا كان هنالك مورد جيد لاحد الوالدين ، ومستواهما الثقافي هذا سيقلل الى حد كبير من تاثير الطلاق على وضع الاطفال (المورد البشري المستقبلي) .
بعبارة اخرى ان توفر المال يمكن جدا ان يقلل الكثير من النقص في راس المال البشري، والاجتماعي الذي يسببه التصدع العائلي وهنا تأتي عدة عوامل تقلل من اثر التصدع العائلي على الاطفال ومن الممكن ان يكون هؤلاء الاطفال ناجحين مستقبلا ان توفرت وهي :
1- المدرسون الجيدون.
2- المدارس الجيدة .
3- الاصدقاء المناسبين.
هذه العوامل لاتترك للظروف البيئية السيئة التي نتجت من تفكك العائلة الا اثرا ضئيلا وقد يكون ايجابيا من خلال صقل اخلاقهم فيما بعد والابتعاد عما وقعت به العائلة .
وهنالك ثلاثة مشاكل في وجهة النظر هذه،
اولا: عدم توفر النقود ، اذ ليس بالامكان تخفيف اثار تحطم العائلة لدى الطبقة الفقيرة، الا من خلال تدخل ومساعدة الدولة التي تأخذ دور الاب ويعتبر فوكوياما انه ورغم ان الدولة تستطيع الى حد ما االتخفيف من المشكلة التي تعاني منها العوائل الفقيرة الاحادية الوالدين ، فان تحقيق ذلك باهظ الثمن فضلا عن انه يخلق مخاطر اخلاقية من خلال تشجيع السلوكيات نفسها التي كانت تعتزم تحسينها الى الافضل .
ثانيا : ان انهيار العائلة نفسها هو السبب للفقر ، لقد اثبتت العديد من الدراسات ان العوائل الاحادية الوالدين تفقد جانبا اقتصاديا مهما ، حيث انها ستعتمد على مورد وراس مال اجتماعي واحد بالمقارنة مع العوائل الثنائية للوالدين ، وفي الوقت ذاته فانها تخسر فوائد تقسيم العمل بين الوالدين ويضيف فوكوياما" لقد اثبتت الدراسات بان العوائل التي تنفصل بالطلاق يعاني اطفالها من هبوط حاد واساسي في الدخل ، بصرف النظر عن الوضع الاجتماعي /الاقتصادي للوالدين، قبل الطلاق وفي جميع الحالات تقريبا تكون النساء الضحية " .
ثالثا : هي ان الدراسات الاحصائية غالبا ما تفشل في تحديد العناصر النوعية المهمة ، الخاصة بثقافة الاطفال وتنشئتهم الاجتماعية ، وبشكل خاص ما يخص دور الاب في تنشئة الاطفال، ويعتبر فوكوياما ان دور الاب يتم عبر المجتمع اكثر بكثير من دور الام ويتراوح حسب المجتمعات والافراد من مجرد دوره في الاخصاب وتوفير الدخل الى كونه ابا مسؤولا يأخذ قيادة الاسرة وتنشئة الاطفال وتعليمهم على عاتقه. كما يعتبر فوكوياما بان (الاعتقاد ان دور الاب يقتصر على توفير الدخل المادي للاسرة هذا أمر يخالف المنطق تماما، ان الاباء يشكلون قدوة لابنائهم من الذكور ، ان العنف الذكوري يصبح قضية للشباب حين يمارسه الرجال الاكبر سنا، كذلك بالنسبة للبنات فان الاب يلعب دورا هاما في رسم وبناء توقعات الفتاة حول الرجال بطرق متعددة ، فان كان الزوج او الشريك لايحترم الام ، فان ابنتها لن تتوقع الكثير من الشريك الذي ستختاره في المستقبل) هكذا فان اي انهيار عائلي سيشكل خسارات وليست خسارة واحدة في راس المال الاجتماعي ومتبنيات راس المال البشري، الحضارية ، المدنية ، السشلوكية ، التطبيقية ، الاخلاقية ، وعلى مجريات بناء المجتمعات عموما ، لكن هذه ليست قاعدة عامة ،(فان هذا الانهيار نفسه يمكن ان يقود بعض افراد العائلة نحو مستويات اوسع من العلاقات مع الاخرين ، والمنظمات خارج العائلة ، فيما اذا كانوا من الاصدقاء او الجماعات المساندة ، او منظمات حقوقية فكما تلعب العلاقات العائلية المتماسكة في الصين او في امريكا الجنوبية دورا فعالا في التقليل من الثقة بالغرباء ، فمن الممكن ان تؤدي العلاقات العائلية الضعيفة وغير المتماسكة بين العوائل الغربية المعاصرة الى زيادة وتقوية الاواصر خارج العائلة ) ص135 ، م س . ان تركيز فوكو على العلاقات الحقيقية المتبادلة مهم جدا ، لرأب الصدع في العلاقات الانسانية سواء كانت داخل العائلة او خارجها والرأب هذا يقود الى تقوية راس المال الاجتماعي لذلك يشير الى تاثير ما اسماه شبكات الكومبيوتر اذ لم تتح له انذاك ان يتعرف على وسائل التواصل الاجتماعي لعدم وجودها بعد اذ انه اصدر كتابه عام 1992 حيث لا وسائل تواصل حتى انذاك . يقول " في هذا العصر الذي انتشرت فيه شبكات الكومبيوتر ، فان الشخص الذي تقدم به العمر لديه دائرة واسعة جدا من الاصدقاء والعلاقات المحلية وفي اقطار بعيدة ، حيث يمكنه الاتصال مع اشخاص في كل مكان، وبخصوص قضايا مهمة وتافهة ، من السياسة والدين الى الحدائق والطبخ، لكننا نجد ان هذا العامل الذي جعل من الاتصالات الحديثة وسيلة جذابة من خلال الغائها للمسافات واختراقها للحدود الثقافية والسياسية يتحول الى عامل سلبي، فبعد الانتقال الى المصح او دار الرعاية ، فان هذا الشخص المسن سيجد نفسه فجأة محاط بغرباء، اما اولئك الاصدقاء والمعارف الذين كان على اتصال بهم عبر الشبكة ، فانهم بعيدون عنه، وقد يعربون له عن التعاطف والاهتمام، لكنهم لن يتجشموا عناء السفر لزيارته، لقد فقدت الحياة الكثير من طقوسها ، وأصبح الانتقال من مرحلة عمرية الى اخرى خاليا من تلك العادات والطقوس المتعارف عليها، والتي تربط الفرد مع الاجيال السابقة ، والاجيال القادمة، وتصبح تلك القدرة على الابداع والتي كانت تبدو للمرء من اروع ميزات المراحل المبكرة من الحياة ، عاملا يؤدي به الى وحدة قياسية ، وحين تأتي النهاية ،فانه يواجهها وحيدا تماما" ص137 م س . وهذا الوصف الذي نقرأه يشابه تماما ما نعيشه اليوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، كأنما فوكوياما كان يصف حالنا اليوم ، الا انه يقصد التطور البرمجي وبداياته انذاك والشبكات التي كانت تشتغل عبر الكومبيوتر كأنما تحاكي تقنيات اليوم اي التقنيات المستقبلية في وقت كتابته لهذه الكلمات . ولانعرف ماذا ستكون عليه التقنيات مستقبلا الا ان الثاب انها ستكون متطورة جدا وبالنتيجة تستمر هذه الرؤية التواصلية الكبرى وبوتيرة اكبر عبر العالم.

• قضايا الجندر وأثرها على التفكك الأسري وضعف أداء رأس المال الاجتماعي:/
وهنا يشير فوكوياما الى ان التغيرات الهائلة في ادوار النساء والرجال – الجندر- لم تكن دائما مكاسب حقيقية كما تتظاهر بعض المتحمسات للقضايا النسوية ، لقد كانت هناك خسائر رافقت المكاسب وقد تحمل الاطفال وطأتها بشكل اساسي ويجب الا يثير ذلك الدهشة ، لدى اي شخص ، حيث ان الدور الاساسي للمرأة كان يتركز حول الانجاب وتنشئة الاطفال لذا فمن غير المعقول الا تترك حركة النساء وعملهن خارج البيت اثارا مهمة على العائلة .
فضلا عن ذلك، غالبا ما كانت النساء انفسهن من الخاسرات في هذه الصفقة ، ففي السبعينيات والثمانينيات، شغلت النساء القطاع الادنى من الاعمال وليس القطاع المتقدم ، والى جانب الدخل المتواضع الذي حققه ذلك النوع من العمل للمرأة فان العديد من النساء واجهن مصير تخلي ازواجهن عنهن واندفاعهم وراء نساء شابات كزوجات او صديقات، ولأسباب بايلوجية (حيث يحتفظ الرجال بجاذبيتهم الجنسية مع تقدمهم في السن اكثر بكثير من النساء) تتضاءل فرص النساء في الزواج مرة ثانية ثم ان اتساع الفجوة بين الاغنياء والفقراء كان هناك ما يقابلها بين النساء ايضا ، فمع ان النساء اللواتي يتمتعن بالذكاء والثقافة والطموح استطعن تحطيم الحواجز واثبتن قدرتهن وجدارتهن في تولي اعمال الرجال، وحققن مدخولات عالية ، الا ان الكثير منهن على راي فوكوياما الاقل طموحا وثقافة وذكاء، واجهن مصاعب لا حدود لها في تنشئة الاطفال والعمل في اعمال متدنية الاجور ، ان عدم ادراك هذه الحقائق نابع " من حقيقة ان الناشطات في الحركات النسوية ، اللواتي يتحدثن ويكتبن المقالات في الصحف ويدخلن في حوارات حول قضايا ادوار المرأة والرجل ، جميعهن ينتمين الى الفئة الاولى ، الفئة .. الفئة التي تتمتع بالذكاء والثقافة والطموح. وعلى العكس من ذلك فان الرجال بشكل عام حققوا مكاسب من هذه الصفقة ، فعلى الرغم من ان عددا كبيرا منهم واجه خسارة في المركز وفي الدخل ، فهناك البعض وفي بعض الاحيان يكونون نفس الافراد، الذين يشعرون بالسعادة بسبب تحررهم من مسؤولياتهم الثقيلة تجاه الزوجة والاطفال، ان هيو هيفنر لم يخترع اسلوب حياة شخصية ، (البلاي بوي play boy) الشاب المستهتر المنغمس في اللذات، في الخمسينيات ، والحقيقة فان الاستمتاع بعدد من النساء كان حكرا على الرجال الاقوياء ذوي النفوذ والمال والمركز ، خلال التاريخ، وكان ذلك هو الدافع الاساسي للحصول على الثروة والمركز والنفوذ، فالذي تغير بعد الخمسينيات هو ان الفرصة اصبحت مهيأة للكثير من الرجال، الاعتياديين ، لممارسة حياة اللذائذ حسب مذهب المتعة القائل بأن اللذة هي الخير ، الاوحد او الرئيس في الحياة وتعدد العلاقات ، هذه الحياة التي كانت في الماضي ، حكرا على مجموعة صغيرة جدا ، من الرجال في قمة المجتمع، ان احدى اكبر الاكاذيب التي انتشرت خلال التصدع العظيم، هي فكرة الثورة الجنسية الحيادية ، التي فتحت افاقا متساوية للرجال والنساء، وانها بشكل ما لها علاقة بالثورة النسوية ، اما الحقيقة فهي ان الثورة الجنسية خدمت مصالح الرؤجال وفي النهاية ، فانها وضعت حدا صارما على انواع المكاسب التي كان يمكن للنساء جنيها من حركة تحريرهن من ادوارهن التقليدية " ص 139 ، م س . وهكذا نجد اهمية ان يكون للمرأة الدور الرئيس عند اعطائها مكانتها المجتمعية ، هكذا ستتحقق الرؤية الانسانية الكفيلة في راس مال بشري رائع تكون فيه المرأة هي الرائدة كذلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أوروبية جديدة على إيران.. ما مدى فاعليتها؟| المسائية


.. اختيار أعضاء هيئة المحلفين الـ12 في محاكمة ترامب الجنائية في




.. قبل ساعات من هجوم أصفهان.. ماذا قال وزير خارجية إيران عن تصع


.. شد وجذب بين أميركا وإسرائيل بسبب ملف اجتياح رفح




.. معضلة #رفح وكيف ستخرج #إسرائيل منها؟ #وثائقيات_سكاي