الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجربة في الحركة الشيوعية العالمية، بمناسبة الذكرى الأربعين لحزب العمل الشيوعي : مساهمة من أجل تقييم نقدي ومتفائل (ترجمة)

مرتضى العبيدي

2021 / 8 / 11
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


1.
هذا اليوبيل لتأسيس حزبنا هو لحظة مناسبة لإلقاء نظرة عامة بأثر رجعي تسمح لنا بتقييم نجاحات المنظمة وأخطائها طوال هذه الفترة. فمن وجهة نظر تنظيمية، تم تشكيل حزب العمل الشيوعي في صلب "الحركة الشعبية الدومينيكية" القديمة، وهي منظمة ثورية ذات ماض بطولي وكفاحي طغت عليها أخطاء جسيمة في التوجه السياسي والتشظي المتكرر لهياكلها، مما أعطى الانطباع أن الانقسامات داخلها لن تنتهي أبدًا.
برز حزب العمل الشيوعي كحزب ماركسي لينيني قام بمراجعة عميقة للتجربة الثورية السابقة وتبنى النظرية الماركسية، كأداة لا غنى عنها لتطوير أسس سياسية وأيديولوجية واضحة. في هذه العملية، كان من الأساسي الاطلاع على تجارب الأحزاب الشقيقة الأخرى، التي لها تاريخ طويل في النضال ضد التحريفية وبقية التيارات الانتهازية وفي صلابة عودها التنظيمي، والتي أحاطتنا برعاية كبيرة وأطلعتنا على خبراتها الخاصة. من بين هؤلاء تجربة الحزب الشيوعي الماركسي اللينيني في الإكوادور (PCMLE) والحزب الشيوعي الماركسي اللينيني الإسباني (PCE-ML) والحزب الشيوعي الماركسي اللينيني في كولومبيا (PCC - ML).
كما أن مساهمتنا في رحلة دولية لمحاولة إنقاذ حياة الشاب "إردال إرين" من تركيا، المحكوم عليه بالإعدام من قبل ديكتاتورية هذا البلد، جعلتنا نكتشف أنه في ظل ظروف صعبة للغاية في هذا البلد، كانت مجموعة من الشيوعيين تقوم أيضًا ببناء الحزب، و قد ساعد هذا المثال كثيرًا في تقوية عزيمتنا في العمل الثوري وفي بناء الفصيل الكفاحي والمنظم للطبقة العاملة في جمهورية الدومينيكان. فمنذ البداية، حمل حزبنا بصمة الأممية البروليتارية في الممارسة العملية.
2
فتضافر تلك الظروف والمبدئية التي ميّزت مناضليه وقادته جعلت هذا الصرح، بعد 40 عاما، ما زال قائما يلوح بالرايات التي ولد من أجلها. إلا أن العديد من الذين ساهموا في بناء هذا الصرح لم يعودوا معنا اليوم، فالبعض غادر في الوقت الخطأ، والبعض الآخر سقط في ميدان النضال، والبعض الآخر غادر لأسباب ظرفية، والبعض الآخر قد هجر النضال والبعض الآخر خان القضية؛ لكن لحسن الحظ، تحتفظ المنظمة في هيكلتها بنواة ذات قيمة من مناضلي تلك الأوقات الأولى. إن نقاط القوة هذه والخبرة التي يحملها هؤلاء، بالإضافة إلى حكمة جيل الشباب، شكلت الضمانة للمثابرة على المسار الذي تم اختياره في 20 يونيو 1980. خلال هذه السنوات، ارتكب الحزب أخطاءً وحقق أيضًا نجاحات مهمة يجب أن تكون حاضرة في أذهاننا من أجل التعلم منها باستمرار.
من خلال تسليط الضوء على الأخطاء والعيوب، فإنه من المفيد الإشارة إلى نزوع العديد من أبناء شعبنا إلى اعتبار أنفسهم مجرّد مناضلين أو نشطاء اجتماعيين على حساب هويتهم كمناضلين سياسيين، الأمر الذي ينتج عنه ضعف حضورهم السياسي في الظروف التي يكون فيها النضال السياسي هو الطريقة الوحيدة لإعادة صياغة وتعزيز الأهداف المتوسطة والطويلة المدى والتي تمنح مشروعنا مبرّر وجوده. وهو ما أعاق تقدمنا بعض الشيء خلال هذه السنوات. كما أن مسألة أخرى أثرت على الحزب طوال هذه الفترة ألا وهي عدم استقرار قيادته المركزية الذي ساد لسنوات، وقد وقع التغلب عليه الآن، مما أثر على إقرار وتنفيذ الخطط طويلة المدى.
كما أن خطأ إضافيا حصل في مرحلة ما وتمثل في النزوع نحو بناء حزب شيوعي جماهيري بالمعنى الملموس للكلمة (أي تأثير متعدد ومتنوع وواسع في المجتمع)، في الوقت الذي كنا لا نزال نفتقر إلى قيادة موحدة (مركزيا وجهويا) تكون قادرة على الاستجابة لمتطلبات هذا التوجه. خطأ سياسي آخر تمثل في التأخير في استثمار النضال الانتخابي كمورد ثمين في ظل الظروف التي نشأت في البلاد قبل عام 1990 بفترة طويلة، عندما اتخذنا هذه الخطوة الجريئة. لكن تاريخ تلك السنوات من حياة الحزب يزخر بنجاحات ومساهمات للحزب في الحركة الثورية والتقدمية في البلاد.
كان مسار بناء حزبنا كمنظمة ثورية مسارًا صحيحًا بشكل عام، باعتبار عدم ركونه للاستكانة في أي ظرف من الظروف بل إنه قدّم دوما مبادرات وبدائل سياسية لأوضاع البلاد. وحافظ على استقراره إلى درجة أنه يُعتبر القوة السياسية الوحيدة التي لم يطلها التقسيم في جمهورية الدومينيكان. ووفاءً لهويته الطبقية، حرص الحزب منذ تأسيسه على تجسيد طابعه البروليتاري من خلال التركيبة الاجتماعية لمناضليه إضافة إلى توجهه الأيديولوجي. وقد نفّذ مناضلوه عديد الحملات المبتكرة لضمّ العمال إلى الحزب، أولاها حملت شعار "من أجل انضمام ألف عامل للحزب" وقد حققت نتائج جيدة للغاية. كل ذلك بفضل تفاني المناضلين في النضالات العمالية وحرصهم على بناء النقابات الطبقية.
واليوم، يتميز حزب العمل الشيوعي بكونه الحزب اليساري الوحيد في البلاد الذي يؤمن بالدور الطليعي للطبقة العاملة، وبالتالي فهو يطوّر مبادرات مثل "المؤتمرات المفتوحة للنضال ومن أجل النقابات العمالية الطبقية"، التي أقيمت منها تسع دورات، ويجري حاليا إعداد النسخة العاشرة، والتي من المقرر أن تبدأ في نوفمبر من هذا العام (2020) وتنتهي في فبراير من العام المقبل. إن الجهود المكرسة لنشر الأدب والأفكار الماركسية اللينينية ولتثقيف العمال هي بلا شك أحد النجاحات الرئيسية التي تحققت في سنوات النضال والعمل هذه. حتى الآن، تم نشر 42 عنوانًا من الأدب الماركسي اللينيني من قبل منشورات "النصر للشيوعية" Ediciones Triunfo Comunista ، بما في ذلك عدة إصدارات من البيان الشيوعي، أسس اللينينية، وطبعتان من نصوص ماركس مجمّعة، إنجلز، لينين وستالين.
خلال هذه الفترة، كان النجاح الآخر للحزب هو المساهمات البارزة في النضالات الشعبية وتنظيمها، ورعاية وتشجيع أشكال التنظيم والنضال الجديدة التي تعمل على دمج الجماهير الشعبية، وتُحدث تأثيرا واسعا على المجتمع. كان حزبنا حاضرا في تشكيل "لجنة النضال الشعبي" و"مجالس الوحدة الشعبية" في الثمانينيات، وفي تنظيم "إضرابات الأحياء المتدرّجة" و "الإضراب المدني الوطني"، كأشكال جديدة للنضال في البلاد؛ وكذلك في اقتراح العمل على تبوّء المناصب العامة (في هيئات الصناعة والتجارة وفي الكونغرس الوطني). كما طوّر الحزب أشكال التنظيم والنضال لدى الطلاب والشباب المعبر عنها في شعارات "من أجل نوعية جديدة للحركة الطلابية" و "من أجل حركة طلابية وشبيبية موحدة"، وفي إنجاز وتطوير دورات للدروس غير النظامية التي بدأت لأول مرة في أوائل الثمانينيات من قبل منظمة كلية الهندسة؛ وتبنّي النضال ضد العلامة الحمراء في الملف النهائي بهدف مساواة خريجي الجامعة العمومية مع خريجي الجامعات الخاصة؛ وفي اقتراح ثلاث سداسيات دراسية في العام الواحد (اثنتان عاديتان وثالثة خاصة)، في تنظيم المعارض العلمية والثقافية، وفي كرنفال الجامعة، وورشة عمل المسرح الوطني ومخيمات الشباب الكاريبي، وغيرها من المبادرات.
وتجدر الإشارة إلى عنصر آخر في ممارساتنا ألا وهو المرونة التكتيكية لحزب العمل الشيوعي، وهي علامة على نضجه كمنظمة سياسية تعمل في انسجام مع مسار العملية السياسية الوطنية. فبالإضافة إلى أيام النضال والاحتجاج الشعبي التي التزمنا بها، يجب الإشارة إلى تشكيل حركات سياسية مستقلة على المستوى المحلي (البلدية والكونغرس) عام 1990. وقد برز حزبنا باقتراحه إدراج المشاركة في أجهزة الدولة ضمن مطالب الحركة الاجتماعية والسياسية التقدمية وبإجراء إصلاحات سياسية عن طريق مجلس تأسيسي يتم انتخابه بالاقتراع العام. كما شاركنا بصفة نشطة في المحطات الانتخابية دون الكف عن التنديد بطابعها المزيّف وتوظيفها لدعم نظام سياسي غير ديمقراطي وإقصائي
لطالما دافع حزبنا على فكرة الجبهة السياسية كأداة ضرورية من منظور مراكمة القوى في سيرورة النضال من أجل التحرر الوطني في ظل الظروف التاريخية الحالية، حيث تحتل القضية الوطنية موقعا أساسيا للتقدم نحو النظام المنشود القائم على الديمقراطية والتقدم الاجتماعي للأغلبية الوطنية. بهذا المعنى، خلال هذه السنوات، وضع حزبنا جزءًا كبيرًا من مبادراته وموارده في خدمة سياسة الوحدة من أجل تعبئة قوى اليسار التقدمي والديمقراطي حول أهداف مشتركة، ومن أجل المساهمة في تعافيه والدفع به من أجل تغيير المسار في البلاد. تجمع هذه السياسة بطريقة ما الخبرات التي جمعتها منظمتنا، مما سمح لنا باقتراح مفهوم للوحدة يتجاوز الحيّز الخاص لكل منظمة ويمنح الأولوية للقوة اليسارية الموحّدة التي ظلت، لأسباب مختلفة، خارج النشاط المنظم.
عندما سقطت "الجدران"، تمسّك حزب العمل الشيوعي في وقت مبكر، كما فعل من قبل، بالدفاع عن الماركسية وراهنيتها، وقدم مساهمات نظرية متواضعة للحركة التي واجهت، من مختلف مواقعها، عاصفة "البيريسترويكا". إن الوضوح والحزم هما العاملان اللذان مكنا الحزب من الاستمرار في الوقوف والنضال اليوم، حيث كشفت التناقضات المستعصية للنظام الرأسمالي والصراع الطبقي هذه الخيانة وفتحت آفاقًا جديدة للنضال الثوري في سياق يتميز بالتحديات النظرية والسياسية غير المسبوقة. طوال هذا الوقت، كسبنا العديد من الأصدقاء وقمنا بتنمية صداقتهم واحترامها كرصيد ثمين، وكثقة لن نخيّبها أبدًا. كما واجهنا العداء والتشويهات والضربات الذكية من الأعداء السياسيين والأيديولوجيين، الذين واجهونا دائمًا وجهاً لوجه و "عند قدم المدفع".
كانت هذه سنوات من العمل الجاد والنضال والتضحيات المعمّدة بعرق ودماء أبطال وشهداء الحزب والشعب، ومن بينهم نذكر الشهيدين الأول والأخير للحزب، الرفيقان نيكولاس فاليريو ومارينو بايز، و نحيّي من خلالهما جميع الرفاق الذين ماتوا في الوقت الخطأ، بينما نجدّد التزامنا بالقضية التي تم تبنيها في 20 يونيو 1980، لتغيير مسار البلاد ، من أجل التحرر الوطني والاشتراكية .

حزب العمل الشيوعي (PCT) لجمهورية الدومينيكان سبتمبر 2020
صدر بمجلة "وحدة ونضال" العدد 41، أكتوبر 2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح عمر باعزيز و تقديم ربيعة مرباح عضوي المكتب السياسي لحز


.. طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز




.. يوم الأرض بين الاحتفال بالإنجازات ومخاوف تغير المناخ


.. في يوم الأرض.. ما المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على ا




.. الجزائر: هل ستنضمّ جبهة البوليساريو للتكتل المغاربي الجديد؟