الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إجبارية التصويت دلالة على إنسداد آفاق النظام الكولونيالي

كوسلا ابشن

2021 / 8 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


نظام "الانتخابات" في المورك المعاصر, شكل معاصر لطقوس البيعة التي مارسها النظام العلوي الكولونيالي في عملية ضمان ولاء الأعيان و شيوخ الزوايا الصوفية, العملية التي سادت في القرون الماضية واستمرت حتى الستينات من القرن الماضي. بنصيحة المستشارين الفرنسيين, إضطر النظام العلوي الأخذ بقشور النظام "الدمقراطي" الغربي لتبييض الاستبداد وإظهار للعالم نموذج الدمقراطية الحسنية, التي روجت لها الزوايا السياسية بصيغات الجزر والمد بين الدمقراطية الحقة والمسلسل الدمقراطي والبصيص الدمقراطي وهلم جرا. اللعبة الكولونيالية التي بدأت بالتزكية لعملاء النظام من خلال تحكم السلطة المباشر في العملية "الإنتخابية" الى ما بعد التصويت وإعلان نتائج صنادق الاقتراع, بإكتساحها من طرف زوايا (الكوكوت- مينوت),مثل "جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية" الذي أسسه أحمد رضا أجديرة وزير الداخلية في مارس 1963 قبل "الانتخابات" بشهرين, ومن بعده, تم تأسيس "حزب التجمع الوطني للأحرار" بعد الانتخابات التشريعية 1977 من أغلبية النواب, من طرف الوزير الأول وصهر الحسن الثاني, أحمد عصمان. وقبل إنتخابات 1984, سيقوم الوزير الاول المعطي بوعبيد بتأسيس الاتحاد الدستوري ليكتسح الانتخابات. زوايا (الكوكوت- مينوت) تكتسح صنادق الاقتراع على مقاس النظام العلوي الاستبدادي, الذي يقوم بدوره في عملية البيعة المعاصرة "الانتخابات", نيابة عن الاموات والأحياء الذين يتركهم أحرار في مزاولة أشغالهم اليومية بحثا عن قوتهم اليومي و تجنيبهم معانات التنقلات الى مراكز الاقتراع وتدويخهم بكثرة ألوان الأوراق و التسميات. وتنتهي اللعبة "الإنتخابية بالمشاركة المطلقة من المسجلين في اللوائح "الانتخابية" الاحياء منهم والأموات, وتكون النتائج لصالح أعوان القصر.
إدراك النظام الكولونيالي في فشله الطبيعي في إخضاع الشعب تحت طاعته من خلال نهجه الاستبدادي, أجبرته على بعض الترقيعات في "الدستور" الكولونيالي الممنوح, بإجراءاته و إعداده وتنفيذه, محاولة منه في إيجاد مخرجا لفشله هذا وذلك بنهج سياسة الانصهار و الإحتواء التي بدأها اليوسفي بما عرف بتجربة "التناوب التوافقي" بهدف أولا التصالح مع كل أطراف الكتلة الكولونيالية, وثانيا البحث عن الشرعية الشعبية بالتشجيع عن إقحام الشعب في المشاركة "الانتخابية" بالتصويت المباشر على الأعوان النظام, لخلق على الأقل كتلة شعبية إنتخابية.
مشروع خلق الكتلة الشعبية الانتخابية و من خلالها تهيئة الشرعنة الكولونيالية, باء المشروع بالفشل الذريع, بالمقاطعة الشعبية ل "الانتخابات" الصورية, والتي لم تصل نسبة المشاركة فيها 20%, ولم تتغير نسبة المشاركة عن سابقاتها, والذي أدل بكل وضوح بإتساع الهوة بين النظام السياسي الإصطناعي والجماهير الشعبية المدركة جيدا لطبيعة "البرلمان" ومهامه الصورية, وإدراك الجماهير الشعبية الواعية أن "البرلمان" العلوي, لا يمكن أن يقدم أي بديل لواقعهم المر و معاناتهم اليومية, والجديد في هذه العملية الإستثمارية هي تضخيم الأرقام في الحسابات البنكية ل"النواب" و موظفي القصر (الحكومة) وكلا الطرفين لا حول ولا قوة لهما, لأن الحاكم الحقيقي والمطلق و الوحيد هو المستبد العلوي.
المقاطعة كانت و ما زالت الرسالة الواضحة للنظام الكولونيالي, بأنه غير مرغوب فيه رغم سياسة التلميع و الشعارات الهزلية "ملك الفقراء" وهو من أكبر أغنياء العالم وأكبر ناهب لأملاك الفقراء, "دولة الحق والقانون" وهو من ينتهك حقوق الشعب الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والسياسية. القصر ما زال يتعامل مع الشعب بسياسة "الراعي والرعية", القطيع الذي يوجهه الراعي العلوي, حتى لا يرتكب الأخطاء ويضيع هو و معه يضيع الراعي و يضيع البلاد.
فقدان المصداقية والشرعية الشعبية, دفعت بالدكتاتوري شخصيا, قبل البيعة المعاصرة "الانتخابات" السابقة, بالتدخل عبر خطاب موجه الى الشعب يأمره بالمشاركة "الانتخابية", والخطاب كان عبارة عن تهديد غير مباشر لعواقب المقاطعة ودعم التصويت, ورغم ذلك رفضت الجماهير الشعبية الواعية لأوامر القصر, وإستمرت على نهج مقاطعة المهزلة "الانتخابية", رغم التهديد ورغم أساليب التهريج الشعبوي, وأساليب التضليل للزوايا السياسية من دون إستثناء, (كلها تابعة للقصر وتستنير بمرجعيته الاديولوجية والسياسية), كلها تطبل من أجل إخفاء جوهرالنظام الكولونيالي وسياسته العرقية والاستبدادية. أثبتت تجربة أن العملية " الانتخابية" قد فشلت في إحتواء الجماهير الشعبية وتسييرها مثل القطيع, بفضل إدرك الشعب عدم الجدوى من مؤسسة تخدم فقط مصالح القصر و لا تخدم مصالح الشعب المقهور والمستعبد, بل تزيد في سحقه وإستعباده وتفقيره. المؤسسة الصورية مهمتها التصويت على قرارات السلطة الفعلية, والتي يملكها الحاكم الفردي المقدس, الآمر والناهي في البلاد.
مهزلة البيعة المعاصرة على الأبواب, وبهذا بدأ الصراع بين الديكة للحصول على حصتها من أموال الشعب المنهوبة, وخوفا من تأثير المقاطعة الشعبية على حصة بعض العملاء, إقترحت بعض الزوايا منها الزاوية الفاسية و الزاوية البعثية العرقيتين لمقترح إجبارية التصويت و تغريم المتخلفين عن مكاتيب الإقتراع وعدم التصويت. هكذا تصنع الزوايا الكولونيالية سياسة الإستبداد, لتصبح "الانتخابات" أداة خاصة من أدواة القمع والقهر الشعبي في إفراز الطاعة و المشاركة الزائفة في ظاهرة البعية المعاصرة والنهب اللاشرعي لأموال الشعب. الإنتخابات كان من البديهي أن تكون مطلب دمقراطي وحق شعبي و شكل من أشكال السيادة الشعبية من خلالها تمارس الحقوق والواجبات وفق المبدأ التشاركي و بالخيار الحر في ممارسته, وليس نظم عنفي يقيد حرية الانسان بإجراءات إجبارية و قهرية لصناعة الإمتثال تجنبا للمعاقبة, وهذا المقترح الغريب بلا شك دلالة على فشل وإنسداد آفاق النظام الكولونيالي.
"الانتخابات" الصورية تكتيك كولونيالي, الهدف منه شرعنة الاستبداد و التحكم في رقاب الشعب بوهمية "الديمقراطية" الصورية, لتكريس استراتيجية ديمومة الكولونيالية وايجاد شرعية شعبية لها من خلال برامج وهمية و شعارات رنانة لتزيين وتلميع صورة النظام الكولونيالي العنصري بإقناع العالم بالدمقراطية العلوية النموذجية, للحيلولة دون التضامن الدولي مع النضال التحرري الشعبي والتصدي لانتشار الافكار الثورية التحررية وسط الشعب, ولذا فهي تسعى الى إنجاح مشروعها اللاشعبي بكل الوسائل الوسخة لخلق ارضية مزيفة لإقناع الشعب بمصداقية النظام وتحفيزه بالمشاركة في مسرحياته التهريجية و الموافقة على مؤسساته اللاشرعية, المشرعنة للنظام الكولونيالي وتزكية سياسة الإضطهاد الاجتماعي والقومي, و إبعاد الشعب عن موقعه الحقيقي ومطالبه الاساسية وإلهائه في مسائل صورية غير نفعية في فترة النضال التحرري.
مقاطعة طقوس البيعة المعاصرة وعدم المشاركة حق شرعي, ما دامت العملية القهرية لا تغير شيْ في سياسة تفقير الشعب و إستعباده وقمعه, و نتائجها واضحة فهي في صالح السلطة المسيطرة اقتصاديا وسياسيا, وفي صالح المافيا الإجرامية الباحثة عن الحماية "القانونية" المتمثلة في عضوية المؤسسة "البرلمانية" الصورية.
مقاطعة عملية البيعة المعاصرة " الانتخابات" والمؤسسة الصورية " البرلمان", يشكل نوع من انواع النضال السلمي الهادف لاظهار عدم مصداقية النظام القائم و تبيان بالملموس حقيقة حجم وزن الكتلة الكولونيالية بين أوساط الجماهير الشعبية المهمشة والمضطهدة, هذه الحقيقة التي تسعى الزوايا السياسية إصدار قوانين جزرية للحيلولة دون مقاطعة طقوس البيعة وبالوسائل القمعية الإجبارية لمنع الشعب عن ممارسته حقه الطبيعي والشرعي في الإختيار بين المشاركة وبين عدم المشاركة و عدم التصويت على سياسة الإضطهاد والتفقير الشعبي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبة على العقوبات.. إجراءات بجعبة أوروبا تنتظر إيران بعد ال


.. أوروبا تسعى لشراء أسلحة لأوكرانيا من خارج القارة.. فهل استنز




.. عقوبات أوروبية مرتقبة على إيران.. وتساؤلات حول جدواها وتأثير


.. خوفا من تهديدات إيران.. أميركا تلجأ لـ-النسور- لاستخدامها في




.. عملية مركبة.. 18 جريحًا إسرائيليًا بهجوم لـ-حزب الله- في عرب