الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أخلاقيات العمل في الأوقات العصيبة

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)

2021 / 8 / 12
العولمة وتطورات العالم المعاصر


تؤثر أخلاقيات العمل في الانتاجية تأثيرا كبيرا وهي مصدر الطاقة الايجابية والطاقة السلبية وهي مثار جدل كبير لدى الكثير من المفكرين في علم النفس والإدارة . يعتقد البعض أن أخلاقيات العمل شيء يولد مع المرء ويستمر معه ، ويقول أخرون بل هي مجموعة سلوكيات يتم تنميتها ورعايتها من خلال الثقافة والأسرة والمجتمع ويشعر أخرون بأنهم تعلموها من خلال الدورات التدريبية والتعامل اليومي مع الأقران . هناك شركات تدون أخلاقيات العمل الخاصة بها في مدونة توزعها على العاملين تحت اسم "مدونة سلوك" وتطلب من الجميع الالتزام بها حرفيا . أيا يكن الأمر ، تؤثر أخلاقيات العمل على أداء الموظفين وأداء العمل في الشركة بشكل عام.
تحاول الشركات العالمية بناء مخزون من أخلاقيات العمل يساعدها ويساعد موظفيها في أوقات الشدة الاقتصادية والسياسية .
هل أخلاقيات العمل فطرية ؟
إن أخلاقيات العمل تستقى من البيئة التي ينتمي إليها العامل فإذا كانت عائلته من شريحة الموظفين فإنه يمتلك أخلاقيات عمل محددة أخذها من الوالدين وتأثر بهما وبتجربتهما في العمل ، وإن كان ينتمي لعائلة مختلفة ، فإنه لن يمتلك أخلاقيات عمل ، وحيث أن الشركات ترغب في التقدم والنجاح ، وجب عليها أن تقوم بصك دليل عمل يلخص قواعد السلوك وأخلاقيات العمل في جميع الأوقات وعلى الجميع التقيد بها بغض النظر عن الانتماء وفي حال خرق هذه القواعد يتعين فرض العقوبة المناسبة بحق العامل.
من جانب آخر ، ترغب المؤسسات بضمان مستوى معين من الجودة عند تقديم الخدمات بما يحقق الاعتراف بها وبجهودها والاستحواذ على ثقة المتعاملين بما يحقق عائد ربحية مقبول ، وبالتالي فإنها تميل إلى فرض مجموعة من الأخلاقيات أوقات السلم وأوقات الأزمات وتعمل على رعايتها بما يحقق المردود الجيد منها في كل الأوقات والظروف.
تدخل استراتيجيات مختلفة في هذا السيناريو، فالمؤسسات تستجيب لغياب الموظف الهام بطريقة تختلف عن استجابتها لغياب الموظف العادي . وقد وجدت دراسة هامة أجريت على 237 من خبراء الموارد البشرية تبين من خلالها أن ثلث الغائبين يعزون سبب غيابهم لأسباب صحية طارئة ، وقد توزع الباقي على مجموعة من الأسباب منها : قضايا الأسرة 22% ، الاحتياجات الشخصية 18% عقلية الاستحقاق 13% ، التعب والاجهاد 13% . لقد بينت الدراسات أن الغياب يؤثر سلبا على الانتاجية ، ويبدو أ، العمال يعلمون هذه الحقيقة لهذا يعزون غيابهم لأسباب خارجة عن أرادتهم .
تحاول المؤسسات وخاصة البنوك التغلب على المشكلة عن طريق فرض إجازة على العامل مدفوعة الأخر ، ولكن هذه الطريقة لم تحد من المشكلة فعمدت إلى فرض إجراءات تأديبية وبرامج تقدير وعروض لمن لا يتغيب بهدف تحقيق نوع من التوازن بين بين العمل والحياة وضغوط العمل .
السؤال الهام : إلى درجة يؤثر الغياب على أخلاقيات العمل وهل من أخلاقيات العمل التغيب غير المبرر أو التغيب لأسباب تتعلق بضغوط العمل أو عدم الرضا الوظيفي ؟
الجواب يأتينا سريعا بأن كل تصرف لا ينسجم والعقد النفسي بين العامل والإدارة يعتبر مناقضا لأخلاقيات العمل ويجب تصحيحه بأية وسيلة تراها الإدارة ضرورية .
هل أخلاقيات العمل فطرية وهل يمكن تعلمها ؟
هذا السؤال مهم . لا تتجزأ الأخلاق بين البيت والعمل فما يرضاه العامل لنفسه يجب أن يرضاه لغيره والعكس صحيح وفي هذا السياق ، يمكن النظر للموضوع من وجهة نظر أخرى ، فمن الناحية القانونية والأخلاقية ، إذا رضيت بعمل ما ووقعت عقدا عليك أن تتمه حتى انتهاء العقد . وفي حال عدم التقيد بالانضباط والأخلاقيات المنصوص عليها في العقد ، ينطبق على المخالف شرط الاخلال بالعقد وبالتالي عليه أن يتوقع رد فعل مناسب من قبل الإدارة يتناسب مع الخلل الحاصل بغض النظر عن العمر والمركز والعرق واللون .
تحرض المؤسسات الكبيرة والعريقة على تعليم عامليها أخلاقيات العمل من اليوم الأول لالتحاقهم بالوظيفة وتعلمهم مبادئ وقواعد السلوك الواجب القيام بها وتفرض عليهم مستوى معينا من السلوك ممارسة ونطقا وكتابة وكل خلل في قواعد السلوك يعتبر خروجا عن القاعدة السلوكية المعمول بها في المؤسسة وخرقا لمدونة السلوك الي تحرص الادارات على تطبيقها ليل نهار .
من جانب آخر تحرص المؤسسات على تغيير سلوك الموظفين وتعليمهم عادات جديدة من خلال التدريب ومراقبة تنفيذ التدريب بحيث يتم الابتعاد عن السلوكيات والتصرفات السلبية . إن التدريب من دون مراقبة تطبيق ما تم تعليمه للموظفين يعد حبرا على ورق ولا فائدة ترتجى منه .
تهدف الدورات التدريبية في المؤسسات والشركات إلى تطوير مهارات العاملين وتذكيرهم بما تعلموه سابقا وصقل مهاراتهم وخبراتهم والتقيد بما يستجد بخصوص مدونة السلوك ويجب أن ترعى السلطات المباشرة في المؤسسات تطبيق نتائج التدريب والقبول بها على أرض الواقع ومراعاة تطبيق ثقافة الانجاز .
هناك من يلوم التدريب في منظورات عديدة لأسباب متعددة هدفها المعلن نبيل بينما هدفها المبطن أشياء أخرى . هناك من يرغب في الدورات الخارجية لأسباب خاصة معظمها غير علمي وإنما لقضاء حوائج وأغراض خاصة ، وهناك من يرغب بالدورات الداخلية بمدربين خارجيين لا علاقة لهم بالمؤسسة وثقافتها وبالتالي يقدمون محتوى علمي مغاير لثقافة المؤسسة وتطلعاتها لخدمة العملية الانتاجية . وهناك من يرفض التدريب بحجة أنه مشغول في عمله ولا يمتلك الوقت الكافي لحضور الدورات التدريبية في حين أنه يقضي معظم وقته في الثرثرة مع الزملاء حتى أثناء قيام التدورة التدريبية وفي مكان مجاور لها . وهناك من يعتقد أنه أكبر من التدريب وأنه يمتلك علوم الأولين والآخرين وأنه ليس بحاجة لأي نوع من التدريب . في الحقيقة إن قيام المؤسسات بفرض تدريب إلزامي للجميع يعد خطوة في الاتجاه الصحيح في المجتمعات التي تعاني من انسحاب قهري من الواجب تجاه التدريب.

المراجع
• Anderson, L. (2007, September). Taking stock of Scottrade s efforts to reward and recognize workers. HRO Today, 45–46.
• BNA. (2008, June 23). Absence rates near historic lows despite increase from first quarter of 2007. Human Resources Report, 26(25), 697.
• CCH Inc. (2007, October 10). CCH survey finds most employees call in "sick" for reasons other than illness.
• "Champions" share common character traits - and keep them. (2008, March 1). Best Practices in HR, 856, 1–2.
• Sirota Survey Intelligence. (2008, January 30). Bored employees are more disgruntled than overworked ones, research finds.
• Wolters Kluwer Law & Business. (2007). Reasons for unscheduled absences. 2007 CCH Unscheduled Absence Survey.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء